هكذا استهجن محدثي ما كتبته قبل يومين حول احتمال دخول الجيش السوري. إذا توغلت إسرائيل في الأراضي اللبنانية، و اعتبر أن هذا الدخول ليس في صالح سوريا وأن سوريا ستخسر الرأي العام اللبناني المتخوف من عودة الجيش السوري، كما أن أمريكا أعلنت مراراً وتكراراً أنه ممنوع على سوريا العودة إلى لبنان.. فكيف ستتجاهل سوريا رد فعل الرأي العام اللبناني ؟؟؟ و كيف يمكن لسوريا ألا تحسب حساب التخدير الأمريكي و ما ينتج عنه عسكرياً و سياسياً؟؟؟




إن الأخطاء التي ارتكبها بعض السوريين واللبنانيين في المرحلة الماضية وفرت مادة للإعلام اللبناني المضاد لسوريا ليجد بعض القبول لدى الرأي العام اللبناني، كما أن كثافة القصف الإعلامي المهاجم لسوريا كانت كبيرة لدرجة غيبت أية حقيقة إستراتيجية في العلاقة مع سوريا ، و لا ننسى الهجوم الدولي الذي جيشته الإدارة الأمريكية ضد سوريا واستخدمت فيه مجلس الأمن و الأمم المتحدة و و ..... إلخ كل ذلك ولد رأي عام مسكون بحكايات و شعوذات و خرافات ضد سوريا .... و لكن ما إن بدأت إسرائيل تدميرها الهمجي للحياة في لبنان ، حتى وجد الرأي العام اللبناني أن سوريا فتحت بيوتها و مدارسها و مؤسساتها وحتى الآن استوعبت حوالي 200 ألف لبناني شقيق ( ولا أقول مهجر ) و حتى الآن قدمت لهم المأوى في عدد من المحافظات السورية ، ونظمت إعاشتهم وما يلزمهم من مواد تموينية و معيشية وطبية ...... لذلك فإن الرأي العام اللبناني ، وبحس شعبي عفوي انتبه إلى أن سوريا لم تشغل نفسها بالرد على من يتهمها أو يشن الحملات الإعلامية ضدها ، بل انشغلت بمساعدة الأشقاء اللبنانيين اللذين هجرتهم إسرائيل من بيوتهم وأخرجتهم من حياتهم ، ودمرت البنية التحتية لعيشهم ،و هكذا فأنا لا أعتقد أن الرأي العام اللبناني سيترك الحقيقة والواقع في السياسية السورية ، ويستمع إلى إعلام مصاب بالحقد السياسي والعمى الوطني .... إن لبنان وشعب لبنان الذي يعاني من التهديد الإسرائيلي لن يستمع لمن فتح الطريق للإدارة الأمريكية كي تطلق آلة الحرب الإسرائيلية ضد لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان و كرامة لبنان.




لبنان اليوم لن يعود إلى الساحات التي صُنعت بالمال السياسي الفاسد و لن يستمع لصرخات أصدقاء إسرائيل لأن المصيبة أقوى من أي كلام ، ولأن الدمار الإسرائيلي الأمريكي الذي أصاب أهلنا و بيوتنا و حياتنا في لبنان هو الحجة في وجه كل من يريد أن يروج للكلام الأمريكي الإسرائيلي ضد سوريا ولبنان نعم الرأي العام اللبناني يعرف ويعي أن دخول الجيش السوري لمواجهة الأخطار الإسرائيلية هو في مصلحة سوريا ولبنان و في مصلحة الحياة ... ولا اعتقد أبداً أن هناك وطني لبناني يقف ضد مصلحة سوريا ولبنان وضد الحياة ...




هنا احتد محدثي، و انتقل إلى أمريكا وإسرائيل: ".... كيف ستتجاهل سوريا تحذيرات إسرائيل وأمريكا، وكيف ستتحمل ردهما العسكري و السياسي؟؟؟"




وبعيداً عن تهويل الإعلام والسياسيين ، ذكّرت محدثي ، أن المقاومة اللبنانية حتى الآن منعت إسرائيل من تحقيق أهدافها ، وأدخلت الهلع والرعب إلى مدنها ، وهكذا الجيش الإسرائيلي المدجج بالأسلحة الحاقدة و الخبيثة ( وليست الذكية فقط) يعجز عن تحقيق النصر على المقاومة اللبنانية التي لا يمكن أن تقارن قوتها بقوة الجيش الإسرائيلي ،




فكيف بجيش منظم ومدرب كالجيش السوري و إذا كانت المقاومة اللبنانية التي تسلحها سوريا ( حسب الإعلام الإسرائيلي الأمريكي) قد تصدت لإسرائيل ، فإن الأحرى أن يستطيع مصدر القوة المسلحة (سوريا) أن يتصدى لها ، إذا كان من نساعده يصمد ، فكيف لا نصمد نحن ... خاصة و أن القوة الصاروخية السورية للمقاومة التي أرعبت العدو الصهيوني لا تشكل أكثر من جزء من القوة الصاروخية السورية ، وهناك من الباحثين الاستراتيجيين من يقول أن لدى سوريا قوة صاروخية غير تقليدية و قادرة على الوصول إلى كل نقطة في إسرائيل ، و قوة صاروخية تتخطى ما لدى المقاومة بكثير ...




الأمر الأهم أن سوريا لن تترك الفرصة للجيش الإسرائيلي كي يتمكن من نقاط إستراتيجية في البر اللبناني و ستسبقه إلى المفاصل الرئيسية التي تشكل المراكز العصبية في توازن السيطرة الإستراتيجية على لبنان ، وبذلك تحمي لبنان من الوقوع تحت الأعلام و الدبابات الإسرائيلية ، وتحمي سوريا من استهداف قد يفتح الطريق أمام سقوط الأمة برمتها إن هزمت دمشق أو استهانت أو خدعت بالمشاريع المسمومة التي تقدم لها .




وحسب مصادر مطلعة فإن سوريا قد جهزت نفسها لحرب طويلة مع إسرائيل ، والتجهيز لا يعني التسليح والجيش فقط، بل يعني تأمين كل مستلزمات صمود المجتمع تجاه العدوان الإسرائيلي . هكذا فقد جهزت سوريا وخزنت كل المواد التموينية و الإعاشية اللازمة للصمود ، ووزعتها على المحافظات بشكل يجعل خريطة الحياة متصلة و متواصلة، وبشكل يؤمن مستلزمات الحياة والصمود لكل أفراد الشعب أينما كانوا ، و حسب المصادر هذه فإن القيادة درست أيضاً كل ما يمكن أن تقوم به إسرائيل و تجهزت لمعالجة كل خلل،كما علمنا فإن هناك مؤسسات جهزت الجسور المعدنية البديلة في حال قصفت الجسور . وجهزت الطرق البديلة وما يلزم لفتحها واعتمادها في حال ضربت بعض الطرق ... و هكذا فإن سوريا تعي تماماً معنى التحذيرات الأمريكية الإسرائيلية . وتتحضر لكل طارئ، وتتجهز لكل مواجهة، ويبدو أن القيادة في سوريا ترى أنه ليس أمام الأمة إلا أحد طريقين:




- إما الاستسلام لأوامر و توبيخات كونداليزا رايس ، والعمل بالتالي وفق الأجندة الإسرائيلية التي ستجعلنا طوائف متقاتلة ، وأسواقنا لتصريف بضاعتهم الفاسدة .




- أما الطريق الآخر، فهو طريق وعي الحقيقة وجوهر ما يجري و التصدي له ، لتبقى الأمة في حدها الأدنى (على الأقل ) من الحضور و الوجود و التماسك ، والكرامة .




الأعمى والمجنون و الأهبل هو من ينسى أن إسرائيل و أمريكا تريد تفتيتنا و بعثرتنا وهدر قيمتنا و كرامتنا...




و العاقل والحي هو من يعي الخطر و يتحضر له ، ويبادر لاستباق العدو و قطع الطريق عليه ....




باختصار يا صديقي _قلت لمحدثي _ سوريا ستدخل بجيشها إلى لبنان لكسر مخططات إسرائيل و أمريكا . سوريا ستدخل إلى لبنان و هي تعي المخاطر ، وقد تحضرت لكل شيء ، وعلى الجميع أن يتحضر لأن إسرائيل موجودة، ولأن أمريكا تدعمها .



شام برس د فؤاد شربجي