اقتباس:لغتنا العربية تعطلت منذ 14 قرنا و نيف, لأنها ثابتة لا تتحرك كما هي آيات القرآن. و الثبات هنا يعني التوقف عن التطوير, فأباحت للغات الأجنبية التحرك الى مواقع عدة في أركان الثقافة العالمية كالطب و الكيمياء و الفيزياء و التاريخ ..و الفلسفة. وأفرزت مصطلحات أجنبية يستحيل ترجمتها اليوم الى اللغة العربية لأنها متراكمة accumulative كما هو حال أي عملية حسابية بدأت منذ قرون بمعطيات مختلفة و ستنتهي فعلا الى نتيجة مختلفة يصعب العودة إلى أساسه لتصحيحه..

اللغة العربية لم تشارك المجتمع الدولي في أي مضمار علمي, لذا فهي تعد لغة منبوذة. و المثقف العربي يميل بثقافته الى لغة الجهل أو بالأحر ما قبل العلم و تحديدا ما قبل الفلسفة الحديثة التي بدأت منذ ديكارت العظيم. ووجوده اليوم بين أقرانه المثقفين في العالم أشبه بالجاهل بين متعلمين و أشبه بطفل في صالون بين رجال العلم..

منين جايب "هالحكي" يا "حسام"؟

العربية لم تتعطل منذ 14 قرناً، والإسهام القرآني كان "إيجابياً وليس سلبياً".

العربية استوعبت ثقافات الشرق القديم بكاملها واكتسبت الكثير من المرادفات والأساليب وكانت لغة العلم والعلوم والمعرفة والعارفين خلال سنوات كثيرة طويلة.

بالنسبة لي، وسوف أعود لهذا بالتفصيل، "العربية" اليوم من أكثر لغات العالم تطوراً من الناحية الداخلية والخارجية، من ناحية المعنى والمبنى والدقة في التعابير والأبعاد التي تستطيع الكلمات منحها للمتحدث بها. عدا عن الجرس والرنين والموسيقى. هذا مع قابليتها المستمرة لأن تستوعب كل أشكال العلوم والمعارف وقدرتها الدائمة على التجدد و"تعريب" الألفاظ الحديثة والتعويل عليها بدون مشكلة.

عندي أخيراً، أن لغتنا العربية هي أفضل ما أنتج العرب على مر تاريخهم، وما يستطيعون أن يفاخروا به كافة الأمم. وبصدق، وسوف أعود لهذا أيضاً، العربية لغة تبذ الانجليزية والفرنسية بالكثير، وهي قابلة دائماً أن تكون وعاء لعلوم ومعارف شتى معاصرة أو غير معاصرة.

واسلم لي
العلماني

الزملاء المحترمون – حسام راغب .(f)
كل تقدير .
موضوع متسع دفعته التعليقات إلى تشعبات جديدة ، هناك تعريف المثقف و دوره عالميا و محليا ، هناك اللغة و علاقتها بالثقافة و معضلة الدلالات المعحمية لألفاظ اللغة و تحريكها ، هناك مستقبل الثقافة في مجتمع العولمة ، الأهم أن هذا الموضوع يمسنا جميعا كمثقفين افتراضيين بشكل أو آخر .
اسمحوا لي أن أتطفل عليكم بمجموعة من الملاحظات و الانطباعات السريعة و التي سيكون موضوعها المثقف العربي المعاصر بعيدا عن اللغة التي لن يكون لناقديها فرصة كبيرة طالما ينبري للدفاع عنها أخي العلماني وهو العاشق المستهام بلغة الضاد .
1- فقط أريد أن يكون واضحا أن نقد المثقفين ليس صلبا لهم ، فلا أعرف مثقفا حقيقيا سواء في العالم أو بين العرب لم ينقد المثقفين أنفسهم ، و إلا كنا كمن يدعوا إلى الديمقراطية بأساليب دكتاتورية تأبى النقد! ، أرى أن النقد يمتد لأبعد من ذلك ، نعم هناك مأزق حقيقي فمفهوم الثقافة هو دائما مفهوم زئبقي لا يمكنك الإحاطة به حتى ينفلت منك ، فالمفكر نفسه هو جزء من عناصر تشكيل المفهوم ، ودور المثقف التاريخي في حياتنا تكتنفه الظلال ، فمن النادر أن تفرز مجتمعانا ذلك المثقف المستقل و تحميه ،و هكذا تتحول الثقافة إلى مسمى بديل للدعاية ، هذه الحقيقة يجب أن تصدمنا و يتدفعنا أيضا إلى مزيد من التقدير للمثقفين المستقلين الذي بذلوا تضحيات حقيقية و بالغة من أجل الدفاع عن مواقفهم التنويرية مثل سلامه موسى و فرج فوده و سيد القمني و نصر حامد أبو زيد ، فمثل هؤلاء المفكرين تحركهم قيم إنسانية مطلقة كالحرية و العدل و الجمال .
2- إن ما يقدمه مفكرونا في مجموعهم و باستثناء نادر مجرد انطباعات سريعة على هامش قراءاتهم للجدل الغربي ولا تمثل إجتهادا ذاتيا أصيلا ، إن مفاهيما مثل العولمة و الحداثة و ما بعد الحداثة ، التي يصرون على نقلها حرفيا إلى مناخنا الفكري ، هي مفاهيم ذات مفاتيح و مرجعيات غربية تخص التاريخ الاجتماعي و الاقتصادي لأوروبا الغربية و أمريكا .
3- عندما نراجع الخطاب و الأدبيات الفكرية لمثقفينا سنجد أننا غالبا أمام مجموعة من اللاهثين الذين يقدمون مزيجا من الخطاب الحماسي و الكتابات الصحفية ممزوجة بلغة أكاديمية ، و هي غالبا منقولة مباشرة عن كتابات غربية بما في ذلك كتاب الإعجاز العلمي القرآني . و ليس أدل على تهافت هذا الفكر الذي يقدمه مثقفونا الأكاديميون في أغلبه الأعم ، مما نجده عندما يقتبس هذا أو ذاك أقول مثل توماس فريدمان ، وهو صحفي لا علاقة له بالكتابات الأكاديمية !. إن معظم الأفكار التي يقدمها لنا هؤلاء الأكاديميون و المفكرون الشيوخ هي أفكار منقولة إلى اللغة العربية و يجري تسويقها كنتاج ذهني لمواجهات و مداخلات محلية حول مفاهيم مثل الحداثة و ما بعد الحداثة و العولمة . إن مفكرينا لا ينتجون المعرفة بل فقط هم مستهلكون لها و لكن باللغة الإنجليزية أو الفرنسية ، وفي النهاية يترجمونها بشكل سريع و مبتسر .إن هؤلاء المفكرين أشبه بتجار الشنطة المعرفية ، لا يستهويهم شيء إلا لو عرضت في بوتيكات الغرب ، وهم غالبا لا ينسبون تلك المعرفة لمصادرها بل يعرضونها كنتاج محلي .
4- هناك ملاحظة أساسية حول المفكرين والكتاب العرب الكبار ، فهم مثل الساسة و مديري المجتمع و .... .يتميزون بصفتين :
أولا : سيطرة الشيوخ على كل شيء .بحيث يصبح الأحدث سنا ( ولا أقول الشباب ) مجرد متلقين .
ثانيا : الجميع يتجهون إلى الاتفاق و ليس التنوع و الاختلاف .
في نادرة حقيقية و معبرة ، نشرت كاتبة هي نهاد جاد مسرحية من فصل واحد ، ترجمتها الهيئة المصرية العامة للكتاب إلى الإنجليزية كمنوذج للأدب المصري الحديث ليظهر بعد ذلك أنها نسخة حرفية من مسرحية اونيل ( ما بعد الإفطار ) و كانت فضيحة سرعان ما ابتعلتها آلية الضرمخة !.
و اسلموا لود

عزيزي العلماني..(البعض يسميك العلكاني..أنا لست منهم)..

كالعادة, قدمت لنا طبقا فاخرا من الطماطم الأمريكي و البقدونس الهولندي و الزعتر اللبناني والحامض السوري و البرغل المصري, لنكتشف أنه "تبولة"..!!

اذا كانت عقولنا قد امتلأت بجزء عم و السيرة العطرة و تاريخ السلاطين العرب واسماء سبايهم و مقولاتهم المقدسة باللغة العربية. ثم وضعنا كل ذك التصور في أركان العقل لدينا, وقسمنا ما نسمعه بعد (افاقتنا) كل تلك الكلمات و تلك الصور داخل تلك الحجرات, فكيف سيكون ذلك "الاسكان"..؟؟

بالتاكيد سيكون ذلك طبقا لمكان واتساع ولون و رائحة تلك الغرف. وان نقص شيئا منه أكملناه بشيء من الغرف الفاضية حتى (يسكن) ثم نعربه..

حسنا دعني آتيك بمثال سريع..

مصطلح "ديموقراطية"

يعني حكم الشعب..

فكيف يستطيع العربي أن (يسكن) هذا المصطلح في عقله, وفي عقله حجرة واحدة اسمها (الحاكم-الملك-رئيس الجمهورية)

ولذا نجد أن المواطنين بمن فيهم المثقفين, يشتمون ليل نهار بوش رئيس أمريكا, مهما حاولنا اقناعهم بأن بوش يخضع خضوعا تاما للكونجرس, وان الكونجرس يخضع للأمريكان..

لكن هيهات أن يستجيب العقل العربي, لأن عقولنا تتجه للذاكرة التي تحتوي فردا واحدا أحدا حاكما مهيمنا مسيطرا..

والأمثلة كثيرة..

في اعتقادي, أن اللغة العربية تلعب دورا كبيرا في مضامير حياتنا الشتى. فهناك مصطلح عربي اسمه "الشرف", "النجس", "الرذيلة" و ..و. وكلها ايحاءات عربية ليس أكثر. لأن العربي لم يسمع عن تلك المصطلحات الافي قضايا البغاء التي عرفت تعريفا عربيا شاذا بيئيا بالاضافة الى المارون جلاسيه ..القرآني..!!

ولو كنسنا كل اللغة العربية من عقولنا و عفول أبنائنا, وبدأنا بالتعريف الواقعي للشرف و العفة وخلافه, لبدأنا في التطور..

دول أمريكا اللاتينية تعتبر "عالم ثالث متطور" أو Developed لأنها تخلصت كثيرا من الغطاء الديني, في الوقت نفسه نجد أن دولة مسلمة كاندونيسيا تعداد سكانها 250 مليون انسان لم يقدموا شيئا, والفايتناميين, والصينيين, والنيباليين, والبنجلاديشيين, والملازيين الى عهد قريب. في المقابل نجد أن الفلبينيين و السنغافوريين مختلفين, لأن الأخيرتين تبنتا لغة عالمية كلغة أساسية و طردت اللغة ما قبل ذلك..

عزيزي بهجت..

سأجيبك لاحقا..

وشكرا لمرورك..

راغب..