الظروف التاريخية التي عشنا بها مع اليهود منذ خلافهم مع النبي محمد حتى مشكلة فلسطين جعلتنا ننظر دائماً إلى أولئك الناس نظرة شك و ريبة وكره كنت صغيراً وسالت أمي لماذا سميتني إياد فقالت
على اسم الدكتور إياد الشطي وهو أحد الذين عالجوني وحكت لي عن أمراض معينة أصابتني وأنا طفل وكيف في أحد المرات أخذتني في حالة إسعافية إلى أحد الأطباء الذي أنقذ حياتي وكانت المفاجأ ة لي عندماقالت أن الطبيب كان يهودياً . الحقيقة صدمت صدمة كبيرة إذ لم أكن أتخيل أنه يوجد يهود في دمشق بل كان في ذهني أن اليهود يعيشون فقط في تلك الدولة المعادية وكانت الصدمة مضاعفة لأن ذلك الطبيب كان يهودياً فلم أستطع أن أتخيل أن يكون هنالك طبيب و يهودي , وهنا أخذت أعاتب أمي : كيف تفعلين ذلك ألم تخافي أن يسممني !! طبعاً والدتي بادرت إلى تصحيح الصورة شرحت لي كم كان هذا الطبيب إنسانياً وكيف أنقذ حياتي وأن غير مصدق لدرجة كدت أعتبر والدتي خائنة للوطن والقضية . فحسب الصورة النمطية المغروسة في عقولنا هم مجموعة من القتلة المغتصبين , شذاذي الأفاق , أعداء العروبة والإسلام

لم تتكون هذه الصورة من فراغ فمنذ صغرنا عشنا ونحن نسمع عن إسرائيل و فلسطين وفي المدارس درسنا الكثير عن هذا الصراع وفي دروس الديانة
كنا نقرأ عن اليهود و كيدهم للرسول في يثرب ( رغم أن يثرب كانت موطنهم هم ). وعن تلك المرأة اليهودية التي حاولت رمي صخرة على رأس النبي وكيف أنقذه الله وفرحنا كثيراً عندما سمعنا كيف أن
النبي ذبحهم و هجرهم من يهود بني قريظة و غيرهم وخيبر وباقي الوقائع .
عندما كنت أقرأ مجلة أطفال وكانت في سوريا مجلة أسامة هي الشائعة كنا نرى صوراً لليهودي ذو الأنف الطويل المعقوف صاحب النظرة الخبيثة الشريرة الذي قتل الأطفال .
ومرة قرأت " فطير لدم صهيون " للعماد مصطفى طلاس وتروي قصة حدثت في القرن الثامن عشر في دمشق عن ذبح اليهود لأحد رجال الدين المسيحيين لصنع فطير ياق ل أنه يستخدم في عيد الفصح اليهودي . وغرست في تلك الرواية فكرة أن اليهودي كائناً من كان طفلاً صغيراً أو كبيراً امرأة أو رجلا
هو عبارة عن دراكولا لا يلتذ إلا بسفك الدماء .و ساهم الانتماء إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي في تعزيز تلك النظرة إذ يوجد قول صريح للزعيم أنطون سعادة يقول في أنه " ليس لنا عدو يقاتلنا
في ديننا ووطننا إلا اليهود " . ولم يقل الإسرائيليين مثلاً
وفي ومضات وعي قليلة عندما كنت أتساءل : هل كل اليهود أعدائنا هل اليهودي الذي اخترع كذا وكاذ والذي اكتشف كذا وكذا هو عدونا فكان الجواب الحاسم نعم .
بعد سنوات الطفولة وغياب طويل عدت إلى دمشق وكان همي الأوحد أن أتمشى في حي اليهود ولم أعرف أصلاً إن كنت قد دخلته فلم أجرؤ أن أسأل عنه بشكل مباشر

ولكن المؤكد أنني رأيت بعض ( الارمات ) لأطباء ومغيرهم تشير بلا لبس لأن صاحبها يهودي فأحدهم اسمه مائير مثلاً
وراودتني خواطر كثيرة أن أدعي المرض لأدخل وأتفرس في وجه هذا الطبيب , ولأرى إن كان شكله يشبهنا وهل حقاً له أنف طويل معقوف . ولم أدخل إلى أن رأيت على باب أحد المحلات ورقة تقول أن
عطلة المحل يوم السبت . فسررت لأنني وجدت ضالتي . أخيراً أستطيع أن أرى يهودي وجهاً لوجه ووقفت على باب ذاك المحل أتفرس فيه حتى راود صاحب المحل الشك مني ومن نظراتي .
و المرة الأخرى التي أتيح لي أن أرى فيها يهودياً سورياً عندما رأيت شاباً بصحبة أحد تجار الألبسة عندنا , وعندما
شاهد ذلك التاجر أحد القوميين السوريين قال له ليستثيره لي هذا من أحبائك اليهود فرد ذلك الرجل . يلعن أختك لأخته لو مانك يهودي أكتر منو ما بتتعامل معو ؟؟ فما كان من الشاب اليهودي إلا أن ابتسم
على تلك ( النكتة ) الظريفة

الآن و في عصر الفضائيات و الإنترنت أظن الفكرة قد تغيرت فأصبحنا نعرف مثلاً أن راشيل كوري يهودية
ولكن بعد ماذا ؟؟ بعد أن طرد وهجر وهاجر أغلب اليهود العرب

اعتناق اليهود للصهيونية العالمية حولهم من بشر إلى وحوش ...

السبب في معاداة اليهود هم اليهود الصهاينة انفسهم.

مكرر

رشيل كوري كاثوليكية ....

بامكانك ان تقرا الادب الصهيوني لترى كيف يصورون الانسان العربي.

لم يبق في حي اليهود الدمشقي يهودي واحد، هاجر الجميع بعد أن سمح الراحل حافظ الأسد لهم بحرية البقاء أو الهجرة. يوجد بعض اليهود هنا وهناك، بعضهم تاجر وآخر طبيب، هناك تاجر أقمشة في حي الشعلان يهودي عتيق ما زال يمارس مهنته.

الصورة السيئة عن اليهودي ليست محصورة في العرب والمسلمين فحسب، بل إن صورتهم في أوروبا كانت أكثر بشاعة، فاليهودي دائماً هو ذلك التاجر الجشع بدون إنسانية، والذي يهتم بقرشه أكثر من اهتمامه بولده. خير مثال على ذلك ما كتبه شكسبير عنهم، وما كتبه وِل ديورانت عن ملك اسبانيا الذي أجبرهم على الرحيل فقام الجنود ببقر بطونهم لإخراج المجوهرات التي ابتلعوها قبل رحيلهم، وهذان مثالان يحضراني الآن وليسا حصراً. وفي العصر الحديث كان ذكر اليهودي في كتب أجاثا كريستي مثلاً لا يقل بشاعة عن ذلك.

أما في الولايات المتحدة فقد ترواح الأمر بين اعتبارين متناقضين، فالبعض - يهودي أو متأثر باليهود - أنصفهم، والبقية من الكاثوليكيين المتعصبين حتى الآن لا يطيقون اليهودي.

إذن، ليس الأمر محصوراً في العرب والمسلمين. بل هي شهرة عالمية ... :D

وأعتقد أن اعتبار العرب واليهود طرفان نقيضان هو خطأ فاحش والسبب ببساطة هو أن اليهودية دين وليست عرقاً، واليهود القدامى هاجروا كما غيرهم من الجزيرة العربية، وكانوا متواجدين فيها بتواجد العرب.

أما تصنيف اليهود بحسب دينهم أو عرقهم بين الطيبة والخبث فهذا عنصرية بحتة ممقوتة. القوميون العرب والمسلمون المعاصرون كرهوا الصهيونية وليس اليهودية. هذا ما يمكن أن يقال خجلاً يعني ... :saint: لأن الواقع يدل على عكس ذلك.

وكما تم تصويرهم ببشاعة في الآداب العالمية (والعربية)، فرد الفعل العادي في أدبهم أن يصوروا أعداءهم ببشاعة، أين الخطأ؟ يقول المثل العامي (وين مارحت فيه المليح وفيه القبيح)، هذا المثل خير دليل على أن العرب يعتمدون مبدأ معاكساً للعنصرية.
قال يعني ...

(f)

ايبلا ... (f)

أوجزت فأنصفت

(f)