ألف وجه لألف عام - «الملك لير» لشكسبير: مأساة الإنسانية في مرآة فجائعية
إبراهيم العريس الحياة - 11/03/06//
موريس كارنوفسكي يؤدي «الملك لير» عام 1965
لا يماري أحد، بالطبع، في أن «هاملت» هي الأشهر بين مسرحيات شكسبير جميعاً، والأكثر اجتذاباً لجمهور المتفرجين حين تقدم، أو لجمهرة الدارسين والباحثين حين تكون ثمة حاجة الى البحث في علاقة الأدب بالتحليل النفسي. ونعرف أن فرويد أوصل ذلك التوجه في البحث الى غاياته، حين أعاد تفسير مسرحية شكسبير الشهيرة هذه على ضوء بحثه في أسطورة أوديب وعلاقتها بجوانية الإنسان. ومع هذا ثمة من بين النقاد والباحثين الشكسبيريين من يفضل على هاملت، عملاً آخر لشكسبير هو «الملك لير». ومن بين هؤلاء الباحث البولندي يان كوت، الذي يظل كتابه «شكسبير معاصرنا» المرجع الأفضل لقراءة مسرح شكسبير على ضوء إنسانية الفكر ودرامية التاريخ. وليان كوت هذا قول لافت يبدأ به الفصل الذي كرسه لـ «الملك لير» في كتابه المذكور إذ يكتب: «... لا ريب أن «الملك لير» ما زالت تعتبر رائعة، ازاءها تبدو حتى «ماكبث» أو «هاملت» أليفة عادية. وتشبّه «الملك لير» بـ «القداس» لباخ، أو السيمفونيتين الخامسة والتاسعة لبيتهوفن، أو «بارسيفال» لفاغنر، أو «يوم الدينونة» لمايكل أنجلو، أو «المطهر» أو «الجحيم» لدانتي... إلا أن «الملك لير» في الوقت نفسه توحي للمرء بأنها جبل شامخ يعجب به الجميع، ولكن ما من أحد يتمنى تسلقه...». والحقيقة ان كثراً يشاركون كوت رأيه هذا، حتى وإن بدت لهم المسرحية شديدة التعقيد في أحداثها، وتبدلات تلك الأحداث، شديدة الالتباس في استنتاجها الأخلاقي... وهو أمر لا يقرّ به كوت... ولكن يجمع عليه شكسبيريون آخرون.
> منذ البداية لا بد هنا من الإشارة الى أن «الملك لير» التي تبدو في معظم جوانبها، وكأنها حكاية من حكايات الأخوة غريم ذات الهدف الوعظي الاخلاقي، والمقتربة جداً – مثلاً – من حكاية «سندريلا» الخرافية، هي في الأصل حكاية حقيقية، حدث ما يشبهها تماماً، في انكلترا العصور القديمة. وشكسبير لم يبتدع أحداثها، ولا القسم الأساس من شخصياتها. ربما يكون قد جمع شخصيات لم تجتمع حقاً في التاريخ، وربما يكون ضافر أحداثاً مع أحداث أخرى، لكن الأساس حقيقي، مثلما هي الحال بالنسبة الى معظم كما كتب شاعر الانكليز الكبير. وفي العادة، يحصي الباحثون عشرات المراجع والكتب، التاريخية والخيالية، التي يمكن القارئ أن يعثر فيها على أصول تلك الحكاية. بل انهم يذكرون أيضاً مسرحية تحمل الاسم نفسه «فاجعة الملك لير» لمؤلف مجهول طبعت أيام شكسبير وقرأها. ولكن لا بد من القول هنا وفوراً، إن الحكاية الأصلية تحولت على يدي شكسبير الى شيء آخر تماماً... وحسب المرء أن يقارن بين نص شكسبير، وبين نصين، على الأقل، للحكاية نفسها يمكن العثور عليهما في «ديكاميرون» بوكاشيو أو في كتاب «ملك الجن» لإدموند سبنسر، ليكتشف ليس «سر الصنعة» لدى شكسبير، بل سر الأدب ككل... وكيف يمكن هذا الأدب أن يستولي على نص سابق ليشتغل اليه محولاً إياه الى مأثرة فكرية وإبداعية نادرة.
> ومن هنا فإن أي تلخيص لـ «الملك لير» الشكسبيرية، لن يكون من شأنه إلا أن يقربها من النصوص السابقة عليها... لأن السر هنا في التفاصيل لا في الأحداث، في الكيفية التي ينعكس بها كل حدث من الأحداث على المشاركين فيه. علماً أن الأحداث هنا بالغة التعقيد وتتجاوز ذلك الوصف الذي توصف به، عادة، المسرحية من أنها حكاية أب وبناته الثلاث، حكاية الجمود والتواضع، الظلم والأسى... وسقوط الانسان من شاهق في شكل مجاني. ان كل هذا موجود في «الملك لير» ولكن ليس على مثل هذا الوضوح، ولا في مثل هذه البساطة. ولعل في إمكان يان كوت هنا ان يوضح لنا بعض الأمور ولكن ليس من خلال «لير» أو بناته، أو منافسيه أو أصهرته أو حتى مأساته، بل من خلال «البهلول» تلك الشخصية التي إذ تكون أساسية في الفصلين الأولين، تختفي في الثالث، وذلك بكل بساطة، لأن الملك نفسه في عز مأساته صار بهلولاً، ولا تحتاج المسرحية لبهلولين ومفتاح هذا – كما يقول كوت – ان «البهلول الذي اعترف بأنه بهلول، ورضي بأنه مجرد مضحك في خدمة الأمير، يبطل ان يكون مهرجاً. غير ان فلسفة المهرج مبنية على فرضية ان كل امرئ في الدنيا بهلول، وأعظم البهاليل هو ذاك الذي لا يعلم انه بهلول: انه السيد نفسه هنا».
> تبدأ مسرحية «الملك لير» بملك بريطانيا العظمى، في زمن غير محدد، وقد أضحى عجوزاً غير متماسك محاطاً ببناته الثلاث غونيريا دوقة آلباني، ريغان دوقة كونواي وكورديليا التي يتقدم الى خطبتها كل من ملك فرنسا ودوق بورغونيا. ذات يوم يقرر الأب ان يوزع مملكته بين بناته، فيستدعيهن ويطرح عليهن سؤالاً واحداً تكون حصة كل واحدة منهن من الأرض، متناسبة مع حسن جوابها عليه. والسؤال بسيط: كم مقدار الحب الذي تكنه كل واحدة منهن لأبيها؟ تحتج هنا الابنتان غونيريا وريغان... هل يجوز طرح مثل هذا السؤال؟ ان حب كل واحدة منهن لأبيها يتجاوز كل الحدود. فتنال كل واحدة منهن ثلث المملكة. أما كورديليا، الأكثر بساطة وتواضعاً فتجيب أنها تحب أباها حين تدعو الحاجة الى ذلك. ويغضب الأب، حارماً كورديليا من الأرض الباقية التي يوزعها على غونيريا وريغان... وتكون نتيجة ذلك أن ينسحب دوق بورغوني من طلب يد الأميرة الحسناء... أما ملك فرنسا فيقبل بها شرط أن يأخذها من دون مهر. وعلى هذا النحو يبدأ رحلة سقوط كورديليا من جراء موقفها البسيط الواضح. لكن السقوط الأكبر سيكون سقوط الملك لير، الذي – حين أقدم على ما فعل – لم يكن مدركاً أنه سيصبح ملكاً بالاسم وان ابنتيه المكافأتين ستضنان عليه حتى بالفرسان المئة الذين كان طلب من كل منهن تزويده بهم في مقابل حصتها من المملكة...انطلاقاً من هنا تتعقد الأحداث، وتتقاطع الشخصيات، تسود المعارك وضروب التنافس، ولا يجد الملك إذ أضحى ضريراً، فقيراً، شريداً بائساً، سوى كورديليا تأخذ بيده وتؤويه... هو الذي سرعان ما يصبح بؤسه صورة لبؤس الإنسانية كلها وكناية عن العبارة التي نسمعها من إدغار (ابن دوق غلوسستر المصاب بدوره بالجحود والفاقد هو الآخر كل كينونته ومكانه، بالتوازي مع حال الملك لير) مخاطباً إياه: «ان على البشر أن يعانوا خلال رحيلهم عن هذه الحياة الدنيا بقدر ما عانوا خلال مجيئهم اليها: والمهم هو أن يكونوا دوماً مستعدين لهذا». و «ويل للذين يغدر بهم الزمن من دون أن يكونوا مستعدين!». يبدو شكسبير وكأنه يقول لنا هذا، بوصفه الحكمة الحقيقية الوحيدة التي نخلص بها من هذه المسرحية التي تبدأ بمملكة واقتسامها، لتنتهي بأربعة متشردين هائمين على وجوههم في أرض جرداء وسط عواصف الداخل والخارج. هذه العواصف التي ليست في حقيقة أمرها سوى صورة حقيقية لـ «عالمنا الحزين»، إذ تعصف آخذة الملك لير وحياته وكرامته في طريقنا، فتجد الإنسانية كلها نفسها أمام مرآة حقيقية تصنعها لها، بقسوة ومرارة، عبارات الملك لير المعبرة عن مأساته.
> تنتمي «الملك لير» الى مرحلة ذروة النضج في مسار ويليام شكسبير (1564 – 1616) المهني، مع ان ليس في وسع أحد أن يحدد ما إذا كانت كتبت قبل «ماكبث» أو بعدها... علماً أن العملين يتكاملان. مهما يكن فإن أكثر الترجيحات تميل الى أن شكسبير كتبها بين العامين 1605 – 1606، وانها قدمت للمرة الأولى في 1606 ثم كانت طباعتها للمرة الأولى في العام 1608... ولقد أثارت «الملك لير» دائماً إعجاباً وسجالاً كبيرين، ووضعت في مكانة متقدمة بين «تراجيديات شكسبير الكبرى» مثل «هاملت» و «عطيل» و «ماكبث» و «تيمون الاثيني».
ألف وجه لألف عام - «الملك لير» لشكسبير: مأساة الإنسانية في مرآة فجائعية
إبراهيم العريس الحياة - 11/03/06//
|
موريس كارنوفسكي يؤدي «الملك لير» عام 1965 |
لا يماري أحد، بالطبع، في أن «هاملت» هي الأشهر بين مسرحيات شكسبير جميعاً، والأكثر اجتذاباً لجمهور المتفرجين حين تقدم، أو لجمهرة الدارسين والباحثين حين تكون ثمة حاجة الى البحث في علاقة الأدب بالتحليل النفسي. ونعرف أن فرويد أوصل ذلك التوجه في البحث الى غاياته، حين أعاد تفسير مسرحية شكسبير الشهيرة هذه على ضوء بحثه في أسطورة أوديب وعلاقتها بجوانية الإنسان. ومع هذا ثمة من بين النقاد والباحثين الشكسبيريين من يفضل على هاملت، عملاً آخر لشكسبير هو «الملك لير». ومن بين هؤلاء الباحث البولندي يان كوت، الذي يظل كتابه «شكسبير معاصرنا» المرجع الأفضل لقراءة مسرح شكسبير على ضوء إنسانية الفكر ودرامية التاريخ. وليان كوت هذا قول لافت يبدأ به الفصل الذي كرسه لـ «الملك لير» في كتابه المذكور إذ يكتب: «... لا ريب أن «الملك لير» ما زالت تعتبر رائعة، ازاءها تبدو حتى «ماكبث» أو «هاملت» أليفة عادية. وتشبّه «الملك لير» بـ «القداس» لباخ، أو السيمفونيتين الخامسة والتاسعة لبيتهوفن، أو «بارسيفال» لفاغنر، أو «يوم الدينونة» لمايكل أنجلو، أو «المطهر» أو «الجحيم» لدانتي... إلا أن «الملك لير» في الوقت نفسه توحي للمرء بأنها جبل شامخ يعجب به الجميع، ولكن ما من أحد يتمنى تسلقه...». والحقيقة ان كثراً يشاركون كوت رأيه هذا، حتى وإن بدت لهم المسرحية شديدة التعقيد في أحداثها، وتبدلات تلك الأحداث، شديدة الالتباس في استنتاجها الأخلاقي... وهو أمر لا يقرّ به كوت... ولكن يجمع عليه شكسبيريون آخرون.
> منذ البداية لا بد هنا من الإشارة الى أن «الملك لير» التي تبدو في معظم جوانبها، وكأنها حكاية من حكايات الأخوة غريم ذات الهدف الوعظي الاخلاقي، والمقتربة جداً – مثلاً – من حكاية «سندريلا» الخرافية، هي في الأصل حكاية حقيقية، حدث ما يشبهها تماماً، في انكلترا العصور القديمة. وشكسبير لم يبتدع أحداثها، ولا القسم الأساس من شخصياتها. ربما يكون قد جمع شخصيات لم تجتمع حقاً في التاريخ، وربما يكون ضافر أحداثاً مع أحداث أخرى، لكن الأساس حقيقي، مثلما هي الحال بالنسبة الى معظم كما كتب شاعر الانكليز الكبير. وفي العادة، يحصي الباحثون عشرات المراجع والكتب، التاريخية والخيالية، التي يمكن القارئ أن يعثر فيها على أصول تلك الحكاية. بل انهم يذكرون أيضاً مسرحية تحمل الاسم نفسه «فاجعة الملك لير» لمؤلف مجهول طبعت أيام شكسبير وقرأها. ولكن لا بد من القول هنا وفوراً، إن الحكاية الأصلية تحولت على يدي شكسبير الى شيء آخر تماماً... وحسب المرء أن يقارن بين نص شكسبير، وبين نصين، على الأقل، للحكاية نفسها يمكن العثور عليهما في «ديكاميرون» بوكاشيو أو في كتاب «ملك الجن» لإدموند سبنسر، ليكتشف ليس «سر الصنعة» لدى شكسبير، بل سر الأدب ككل... وكيف يمكن هذا الأدب أن يستولي على نص سابق ليشتغل اليه محولاً إياه الى مأثرة فكرية وإبداعية نادرة.
> ومن هنا فإن أي تلخيص لـ «الملك لير» الشكسبيرية، لن يكون من شأنه إلا أن يقربها من النصوص السابقة عليها... لأن السر هنا في التفاصيل لا في الأحداث، في الكيفية التي ينعكس بها كل حدث من الأحداث على المشاركين فيه. علماً أن الأحداث هنا بالغة التعقيد وتتجاوز ذلك الوصف الذي توصف به، عادة، المسرحية من أنها حكاية أب وبناته الثلاث، حكاية الجمود والتواضع، الظلم والأسى... وسقوط الانسان من شاهق في شكل مجاني. ان كل هذا موجود في «الملك لير» ولكن ليس على مثل هذا الوضوح، ولا في مثل هذه البساطة. ولعل في إمكان يان كوت هنا ان يوضح لنا بعض الأمور ولكن ليس من خلال «لير» أو بناته، أو منافسيه أو أصهرته أو حتى مأساته، بل من خلال «البهلول» تلك الشخصية التي إذ تكون أساسية في الفصلين الأولين، تختفي في الثالث، وذلك بكل بساطة، لأن الملك نفسه في عز مأساته صار بهلولاً، ولا تحتاج المسرحية لبهلولين ومفتاح هذا – كما يقول كوت – ان «البهلول الذي اعترف بأنه بهلول، ورضي بأنه مجرد مضحك في خدمة الأمير، يبطل ان يكون مهرجاً. غير ان فلسفة المهرج مبنية على فرضية ان كل امرئ في الدنيا بهلول، وأعظم البهاليل هو ذاك الذي لا يعلم انه بهلول: انه السيد نفسه هنا».
> تبدأ مسرحية «الملك لير» بملك بريطانيا العظمى، في زمن غير محدد، وقد أضحى عجوزاً غير متماسك محاطاً ببناته الثلاث غونيريا دوقة آلباني، ريغان دوقة كونواي وكورديليا التي يتقدم الى خطبتها كل من ملك فرنسا ودوق بورغونيا. ذات يوم يقرر الأب ان يوزع مملكته بين بناته، فيستدعيهن ويطرح عليهن سؤالاً واحداً تكون حصة كل واحدة منهن من الأرض، متناسبة مع حسن جوابها عليه. والسؤال بسيط: كم مقدار الحب الذي تكنه كل واحدة منهن لأبيها؟ تحتج هنا الابنتان غونيريا وريغان... هل يجوز طرح مثل هذا السؤال؟ ان حب كل واحدة منهن لأبيها يتجاوز كل الحدود. فتنال كل واحدة منهن ثلث المملكة. أما كورديليا، الأكثر بساطة وتواضعاً فتجيب أنها تحب أباها حين تدعو الحاجة الى ذلك. ويغضب الأب، حارماً كورديليا من الأرض الباقية التي يوزعها على غونيريا وريغان... وتكون نتيجة ذلك أن ينسحب دوق بورغوني من طلب يد الأميرة الحسناء... أما ملك فرنسا فيقبل بها شرط أن يأخذها من دون مهر. وعلى هذا النحو يبدأ رحلة سقوط كورديليا من جراء موقفها البسيط الواضح. لكن السقوط الأكبر سيكون سقوط الملك لير، الذي – حين أقدم على ما فعل – لم يكن مدركاً أنه سيصبح ملكاً بالاسم وان ابنتيه المكافأتين ستضنان عليه حتى بالفرسان المئة الذين كان طلب من كل منهن تزويده بهم في مقابل حصتها من المملكة...انطلاقاً من هنا تتعقد الأحداث، وتتقاطع الشخصيات، تسود المعارك وضروب التنافس، ولا يجد الملك إذ أضحى ضريراً، فقيراً، شريداً بائساً، سوى كورديليا تأخذ بيده وتؤويه... هو الذي سرعان ما يصبح بؤسه صورة لبؤس الإنسانية كلها وكناية عن العبارة التي نسمعها من إدغار (ابن دوق غلوسستر المصاب بدوره بالجحود والفاقد هو الآخر كل كينونته ومكانه، بالتوازي مع حال الملك لير) مخاطباً إياه: «ان على البشر أن يعانوا خلال رحيلهم عن هذه الحياة الدنيا بقدر ما عانوا خلال مجيئهم اليها: والمهم هو أن يكونوا دوماً مستعدين لهذا». و «ويل للذين يغدر بهم الزمن من دون أن يكونوا مستعدين!». يبدو شكسبير وكأنه يقول لنا هذا، بوصفه الحكمة الحقيقية الوحيدة التي نخلص بها من هذه المسرحية التي تبدأ بمملكة واقتسامها، لتنتهي بأربعة متشردين هائمين على وجوههم في أرض جرداء وسط عواصف الداخل والخارج. هذه العواصف التي ليست في حقيقة أمرها سوى صورة حقيقية لـ «عالمنا الحزين»، إذ تعصف آخذة الملك لير وحياته وكرامته في طريقنا، فتجد الإنسانية كلها نفسها أمام مرآة حقيقية تصنعها لها، بقسوة ومرارة، عبارات الملك لير المعبرة عن مأساته.
> تنتمي «الملك لير» الى مرحلة ذروة النضج في مسار ويليام شكسبير (1564 – 1616) المهني، مع ان ليس في وسع أحد أن يحدد ما إذا كانت كتبت قبل «ماكبث» أو بعدها... علماً أن العملين يتكاملان. مهما يكن فإن أكثر الترجيحات تميل الى أن شكسبير كتبها بين العامين 1605 – 1606، وانها قدمت للمرة الأولى في 1606 ثم كانت طباعتها للمرة الأولى في العام 1608... ولقد أثارت «الملك لير» دائماً إعجاباً وسجالاً كبيرين، ووضعت في مكانة متقدمة بين «تراجيديات شكسبير الكبرى» مثل «هاملت» و «عطيل» و «ماكبث» و «تيمون الاثيني».