مقتطفات من كتاب ( إغتيال الحريري – أدلة مخفية ) للباحث في علم الجنايات بجامعة هومبولت في برلين : "يورغن كاين كولبل"
الحلقة 1 من 3
بديل عن الخاتمة :
تسير لجان التحقيق الدولية لكشف جريمة إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ، بتناغم مع أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان ، وبشكل صارم وثابت نحو إثبات " الأثر الذي يقود إلى سوريا " في هذه الجريمة . وتكون التحقيقات عادة في مثل هذه الحالات الجرمية شاملة لكل الإحتمالات التي يمكن أن تقود إلى المجرمين . وقد حاولنا في هذا الكتاب قدر إستطاعتنا ، أن نخوض في إتجاهات أخرى غير التي سلكتها التحقيقات الدولية الرسمية ، ونستجمع المادة اللازمة على شكل وقائع وأدلة ، دون أن نعطي تقويمآ نهائيآ ، وهذا نتركه للقارئ الكريم .
ورغم كل شيئ فإننا سنقدم نتيجة مختصرة لذلك الإحتمال الذي سعى وراءه المؤلف . فبعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية في أواخر الثمانينات ، تشكل في الخارج ما يسمى ( المقاومة ) والتي كانت تتألف بشكل أساسي من مسيحيين موارنة ، وعملت في الولايات المتحدة على شكل " جماعات ضغط " – لوبي – مع الكونغرس الأمريكي لتحصل على دعم افدارة الأمريكية من أجل " تحرير لبنان من السيطرة السورية " ومن أجل " تغيير قسري للنظام " في سورية .
وتبين " التحقيقات " المذكورة في أية " شبكة " لاتزال هذه ( المقاومة ) تتحرك وهي التي تمتلك طاقة هجومية بلا ريب . إن إتصالات هذه ( المقاومة ) تصل إلى أعلى المناصب السياسية في كل الولايات المتحدة الأمريكية ، وإسرائيل ، وتدخل عميقآ في ذلك الجو المبهم والمريب لأجهزة الإستخبارات ، وكذلك تتلاقى إلى حد كبير مع الإهتمامات الإقتصادية العالمية ، وبالتالي مع إهتمامات المحافظين الجدد .
لذلك نرى أنه لايجوز لمحقق يلتزم بكشف الحقيقة ، أن يُخرج من دائرة الإحتمالات في تحقيقه ، إمكانية أن تكون جريمة الإغتيال بحق السياسي ورجل الأعمال الحريري ، قد خطط لها ونفذت من قبل بعض " الأشخاص ذوي اليد الطولى " في هذا الخليط من الأشخاص والشركات وأجهزة الإستخبارات . كما تتلاقى المصالح السياسية للإدارة الأمريكية الحالية في الشرقين الأدنى والأوسط فيما يخص " بناء الأمة بالدمقرطة " بلا ريب مع المصالح السياسية لتلك ( المقاومة ) اللبنانية المقيمة في المهجر ، وكذلك الحال ، دون أدنى شك ، مع الأهداف الإقتصادية .
كما لا أعتقد أن هذه الدوائر عاجزة عن تجنيد بعض الأشخاص المجرمين ، سواء كان ذلك من ( المقاومة ) نفسها ، أو من أجواء أخرى ، ودعمها بالتخطيط وكل الإمدادات اللازمة لتنفيذ هذه الجريمة ، عن طريق الصلات الوثيقة مع المراكز السياسية العليا وأجهزة الإستخبارات . مع ذلك أريد أن أترك للقارئ المهتم أن يصل إلى مثل هذه الإستنتاجات ولكنني أتحمل مسؤولية كل التفسيرات الخاطئة والأخطاء الموضوعية ، إن وجدت في هذا الكتاب .
يورغن كاين كولبل
رفيق الحريري / نبذة :
1944 ولد في مدينة صيدا / لبنان . في عائلة متواضعة : والدان وشقيقان : شفيق ، وبهية .
1965 بدأ دراسة المحاسبة في الجامعة العربية وكان عضوآ نشيطآ في حركة القوميين العرب . وترك الدراسة في العام نفسه لعدم قدرته على دفع نفقاتها . وذهب إلى السعودية ، وعمل مدرسآ للرياضيات ، ثم في شركة هندسية .
1969 أسس شركة توريد سماها / سيكونست / وخلال بداية أعوام السبعينات ، تطورت إلى مؤسسة كبيرة : عروض بناء خاصة وحكومية .
1977 اخترق كل الحواجز وأصبح [ يكسب ذهبآ ] وبنى قصر للقمة الإسلامية في الطائف خلال ستة أشهر .
1978 منحه " الأمير فهد " الجنسية السعودية تقديرآ على إنجازه .
1979 إشترى شركة البناء الفرنسية العملاقة / أوجيه / وأسس شركة / أوجيه الدولية / ومركزها باريس .
1980 صنف ضمن 100 أغنى رجل في العالم . وتوسعت " إمبراطوريته " وأنشأ : شبكة المصارف في لبنان والسعودية ، شركات تأمين ، شركات صناعية .
أعوام الثمانينات : عمل مبعوث شخصي " للملك فهد " في لبنان وإمتد نشاطه إلى سورية .
1986 عمل كل مافي جهده ، من أجل عودة / إلياس حبيقة / قائد القوات اللبنانية إلى لبنان . قبل أن يفر ثانية إلى باريس لصدامه مع : وليد جنبلاط ، الجميل ، نبيه بري .
1987 عرض الحريري " لإنهاء الحرب اللبنانية " والخروج من المأزق السياسي ، 30 مليون دولار على الرئيس اللبناني / الجميل / ليتنازل عن الرئاسة قبل إنتهاء ولايته بستة أشهر ، ومبلغ 500 مليون دولار في نفس الوقت على السوريين ، مقابل أن يوافقوا على تنصيب / جوني عبدو / رئيس الإستخبارات اللبنانية كرئيس .
1989 كان الوسيط " السعودي " داعيآ جميع الأطراف إلى مدينة " الطائف " وأقنعهم بتوقيع إتفاقية سلام .
1992 كان مخطط إعادة إعمار بيروت المهدمة جاهزآ للتنفيذ بقدرة قادر . وقام الرئيس / الهراوي / بتسمية الحريري رئيسآ لوزراء لبنان . وبذل الحريري فورآ 12 مليون دولار لضحايا الحرب الأهلية وإزالة الركام من شوارع بيروت ، وأهدى للرئيس الهراوي قصرآ رائعآ . حيث شكره الهراوي على ذلك ، بالموافقة على قروض حكومية ، ومرر القانون في البرلمان ليقضي بضمان " إستملاك العقارات " لصالح شركات الحريري . ثم أصبح رئيسآ لهيئة إعمار العاصمة بيروت – على حساب الدولة -.
1992-1993 بدأ تولي شركاؤه من رجال الأعمال مناصب رفيعة في حكومته الجديدة :
فؤاد السنيورة : المسؤول المالي الأعلى في إمبراطورية الحريري - أصبح وزيرآ للمالية .
بهيج طبارة : أحد أهم محامي شركات الحريري - وزير دولة .
فريد مكاري : نائب رئيس مجلس إدارة أوجيه / السعودية - وزير إعلام .
رياض سلامة : الصديق الحميم . - حاكم المصرف المركزي .
1993 بدأت شركته / سوليدير / بإستملاك معظم الملكيات في وسط بيروت التجارية ، وصرفت للمالكين الأساسيين ، مبالغ زهيدة .
1993 بدأ يرشو الموظفين السوريين الكبار وعائلاتهم ، وخاصة العاملين في لبنان من ضباط الإستخبارات ، ويشركهم في أعماله في لبنان والسعودية . وصرف 3 مليار فرنك فرنسي على الحملات السياسية في فرنسا للرئيس الفرنسي / جاك شيراك / .
( أعداؤه ) قالوا : أنه باع البلد للسوريين وخرب الإقتصاد حيث إرتفعت ديون لبنان الخارجية إلى 18 مليار دولار ، نتيجة إنسياب المال من بين يديّ الحريري بسهولة ، ولأن الفساد كان منتشرآ في الحكومة بدون ضوابط ، مع إنخفاض النمو الإقتصادي من 8% عام 1994 إلى مادون 2% سنة 1998 ، عام مغادرته رئاسة الوزراء .
1998 اتهمه " جهاز الرقابة المالية " بالرشوة ، وإتهمه رئيس الجمهورية لحود بقوله : [ ان الحريري يهمل الفقراء بينما يمنح في الوقت نفسه كرئيس للوزراء : إعفاءآ من الضريبة لمدة عشر سنوات لشركته الإنشائية ،التي تحتكر أعمال البناء في بيروت والتي تدر المبالغ الطائلة ] .
2000– 2004 عاد رئيسآ للوزراء . وكان اللبنانيون قد إنقسموا إلى :
من يعتبره مواطنآ صالحآ يفيد الناس بأمواله ، ومهندسآ للبنان الجديد .
ومن إعتبره فاسدآ جشعآ عمل على زيادة ثروته الشخصية ، ويحملونه مسؤولية التسارع في زيادة ديون الدولة ، أو سياسة الضرائب الجائة ، والإنهيار الإقتصادي للبلد .
الحقيقة : أن " الحريري " قد أدار الحكومة في لبنان ، والبلد بأسره ، كشركة خاصة به ، وبنى إمبراطورية خاصة عن طريق شركاته . وأنه : كان له تأثير إيجابي على السوريين أكثر من أي زعيم آخر في لبنان .
المطار الأمريكي في لبنان :
ذكر الصحفي والمعلق السياسي الأمريكي / واين مادسن / أحد مؤلفي كتاب ( الكابوس الأمريكي : رئاسة جورج بوش الثاني ) ، ذكر بتاريخ 11/3/2005 أن إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري قد تم إقراره بموافقة " إدارة بوش " وحكومة " شارون "الليكودية ".
كان الحريري معروفآ بمعارضته ومقاومته لبناء "قاعدة جوية أمريكية " كبيرة في شمال لبنان . وأرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تخرج القوات السورية بالكامل من لبنان ، قبل أن تبدأ بتنفيذ بناء هذه القاعدة . وقد تعاقد البنتاغون مع / شركة جاكوب الهندسية / مجموعة باسادينا ، لإنشاء هذا المطار الحربي ، على أن تقوم / شركة بكتل/بتقديم المساعدات في البناء أيضآ ، وهي احدى الشركات المستفيدة من حرب العراق.
من المفروض أن يستخدم هذا المطار ، كقاعدة للعبور والإمداد لصالح القوات الأمريكية في العراق ، وكمكان لقضاء العطل والإستجمام لكل القوات الأمريكية في المنطقة ، ولحماية خطوط نقل النفط في المنطقة ( باكو- تفليس – جيحان والموصل – جيحان ) ، ولزعزعة نظام الأسد في سوريا.
أكدت مصادر إستخباراتية ، أن إغتيال الشخصيات الأجنبية كالحريري وحبيقة ، هو في النهاية قرار يتخذه مسؤولان لهما موقعان حساسان في البيت الأبيض ، هما : معاون رئيس موظفي البيت الأبيض / كارل روف / ومعاون مستشار الأمن الوطني / إليوت أبرامز / . ويعتبر " أبرامز " حلقة الوصل الرئيسية والأساسية بين البيض الأبيض ، ومكتب " شارون " للعمليات الإستخباراتية وقسم الإغتيالات السياسية.
أجاب / واين مدسن / في 14/5/2005 على سؤال حول مصادر معلوماته ، بالقول : كل ما أستطيع قوله أن هذه مصادر فرنسية وبلجيكية ولبنانية . أما التصريح بالأسماء فيعني وضع هؤلاء الأشخاص في دائرة الخطر الكبير في أوروبا ولبنان.
المافيا :
/ نوربرت ماتيس / ، إضافة ل " محلل رفيع في مدينة لندن " ربط بين فضيحة تبييض الأموال التي كشفت في إسرائيل بداية آذار / 2005 ، وبين أكبر جريمة في تاريخ لبنان – إغتيال رفيق الحريري – قال :
"ما يحصل في إسرائيل ولبنان ليس له بعد جيوسياسي فقط ، وإنما له أيضآ بعد مالي . إذ أنه بعد إنضمام قبرص إلى الإتحاد الأوروبي في أيار 2004 ، فإنها قد أصبحت مضطرة إلى التخلي عن وضعها كمركز مالي للجريمة المنظمة ، ولتجارة المخدرات ، وتبييض الأموال خاصة من مصدرها الروسي . وهكذا تظهر كل من بيروت وتل أبيب كبدائل جذابة . وهذا مايفسر الحوادث التي حصلت حديثآ في كل من المدينتين؟"
وتقول صحيفة / معاريف – 18/ 3/ 2005 بعنوان : أزمة الشرق الأوسط : فضيحة تبييض الأموال الإسرائيلية : "أن الإغتيال لم يعرقل حلآ سلميآ للأزمة السورية اللبنانية فقط ، وغنما قضى نهائيآ على طموحات الحريري بأن يجعل من بيروت مركزآ كبيرآ لرؤوس الأموال الأوروبية وجنوب غرب آسيا . وقد زار الحريري قبل موته ، روسيا وإقترح عليها أن تنشئ مصرفآ للتجارة الخارجية في بيروت ، بالإضافة لشراكة عمل شاملة في مشاريع مصافي النفط والغاز والإستثمارات العقارية".
المحافظون الجدد : آتون من خارج الأرض :
ما الأمر مع أولئك المحافظين الجدد الأمريكيين الذين يراهنون على تخريب الإستقرار في المنطقة ؟ ..
بما بدا هذا السؤال للبعض مستحيلآ أو مخالفآ للواقع . ولكن بالتأكيد ليس للجميع . وكديل مزعوم على أن المحافظين الجدد " قد أعطوا السماح بإغتيال الحريري " ، تشير بعض المواقع اليسارية إلى مانشره الموقع الإلكتروني (للجنة الولايات المتحدة من أجل لبنان حر) حيث يجلس في قيادة هذه الهيئة المحافظة ، المفكر اليميني المتطرف / ريتشارد بيرل / ، والمحافظ المتشدد المعلق السياسي / دانيال بايبس / . ونجد على موقع هذه اللجنة
www.Freelebanon.org ، إلى جانب صور الإرهابيين العالميين : أسامة بن لادن ، فيديل كاسترو .. الخ وصلة في الموقع للعملاء السوريين الكبار في لبنان من اللبنانيين. وبالإعتماد على ورق اللعب الذي إستخدمه الأمريكيون في العراق للبعثيين المطلوبين ، فقد أشار هذا " الوصل الإلكتروني " أيضآ إلى مجموعة من ورق اللعب في لبنان. وعلى رأس هذه المجموعة، كان " آس الكبا " بإسم / رفيق الحريري / ،وكتب إلى جانب صورته أنه الأكثر طلبآ. تبعه الماروني السياسي / الياس حبيقة / مع شطب صورته لأن إغتياله قد تم سنة 2002. ونذكر هنا أن هذا الوصل الإلكتروني لم يعد اليوم مفعلآ .
يتبع الحلقة 2 من 3 ..