اقتباس:وكل ما أعدنا إلى التاريخ نستلهم منه العبر، فلا نجد دما مسفوكا مع استحلال دم القتيل من المسلمين قبل عثمان، فما خرج دم علي من غرته ليصبغ لحيته الشريفة إلا لخروج دم عثمان، وما سفك دم الحسين وآل بيته وخاصة صحبه إلا بسفك دم عثمان، وما أخذ الأمر من أهل حقه، ونوزع المسلمون سلطانهم حتى غصب منهم إلا بدم عثمان.
رحمك الله يا عثمان، ليتك عشت فينا طويلا، وليت من حاصرك قد عرف ماذا جنى على الأمة بسنه استحلاله الدم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام.
لهفي عليك يا أبا الحسن، كم كنت حكيما حين ضربت لنفسك المثل، ورايت بعين الحكمة ما الذي سيجري على الأمة وأهل التقى يها من بعدك.
"ألا إني قد أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ألا إني قد أهنت يوم قتل عثمان"
هذه حوادث عمرها 1300 سنة، ولها أسباب تاريخية كثير منها غامض وآخر مختلف عليه, ولعل عنايتنا بها اليوم تأتي نتيجة تشكل الفرق الاسلامية الأساسية (سنة وشيعة) على أساسها من ناحية، وهذا العنت الذي يمارسه المسلمون في إسقاط هذه الحوادث على عالمهم.
طيب، أريد أن أكتب وجهة نظري بجمل أربع، سوف أعود إليها بعد سويعات:
1) قُتل "عثمان" لأنه كان الرجل الخطأ في المكان الخطأ. لم يعرف هذا "الأشمط" كيف يدبر امبراطورية متعاظمة، ولم يعرف كيف "يلعب سياسة". فعثمان كان تقياً ورعاً ضعيف الشخصية، وضعوه في لعبة أكبر من طاقاته وامكانياته وكفاءاته. فتعب بالحمل وتعب الحمل به، حتى انقلب عليه وقتله تحته وهو يقرأ القرآن على وقع صهيل الخيل وسليل السيوف حوله.
2) هل كان ملك معاوية صحيحاً؟ وهل كان ملك يزيد بعده كذلك؟
هذا سؤال خطأ، فليس هناك في "إسلام" ذلك الوقت من تشريعات واضحة بهذا الخصوص "والدنيا لمن غلبا". وكان معاوية الرجل المناسب في المكان المناسب، عرف كيف يأخذ بناصية الحكم ويحكم قبضته على الامبراطورية. هنا، لا مجال لأن نتحدث عن حق وحقوق، خصوصاً أن الأحداث أصبحت قديمة جداً.
3) أنا، حقاً، لا أفهم تغميط "يزيد" حقه، ولا أفهم - موضوعياً - الحملة. فيزيد كان ملكاً حازماً وشاعراً مرهفاً، تلقى الحكم بعد أبيه، ووجد أمامه من يطعن بسلطته فلم ينكص ولم يجبن ولم يهرب، بل أعد للأمر ما استطاع من إعدادات والتقى جيشه بجيش الحسين وهزمه وقتل رجاله سبط الرسول واحتزوا رأسه بدم بارد.
طبعاً، مع "كربلاء" أصبح الأمر مأساوياً جداً، ولكن هل يلام يزيد على فعلته من هذا المنطلق؟ ولماذا؟
هل كان على يزيد أن ينزل عن سرير الملك ويسلم مقاليد الحكم للحسين بن علي؟
4) باعتقادي أن "ثورة الحسين" على النظام الأموي لم تكن "ثورة على الظلم" حينها، فأنا لا أرى أي ظلم في تسلم "يزيد" مقاليد الحكم إلا ما نستطيع بناءه على حديث "خم"، وهو حديث مختلف عليه. ثورة الإمام الحسين ثورة عادية جداً من اجل انتزاع الحكم والثأر لأبيه، كتب لها الفشل لعدم نضجها من ناحية، ولأن يزيد وأبيه قبله عرفوا كيف يوطدوا لحكمهم ويرسخونه.
صحيح بأنه من المؤسف أن يموت رجل رائع روعة الحسين بن علي في مثل هذه الظروف الصعبة. ولكن الحسين رام أمراً كبيراً وخاطر بحياته مقابل نيله، والجود بالنفس هو الثمن المنطقي لمثل هذا الأمر. من ناحية أخرى فإن خلافة "يزيد" و"آل مروان" بعده لم تكن شيئاً قبيحاً بمقاييس تلك الأيام، بل لعل العصر الأموي - على علاته - هو بداية التمهيد لفجر الحضارة العربية الاسلامية في الشرق.
لو سألنا الآن، ماذا لو حدث العكس وانتصر "الحسين بن علي" وقُتل "يزيد"؟ هل كان التاريخ سوف يسير بشكل مغاير؟ ..حزر، فزر ...
برسم العودة ...
واسلموا لي
العلماني