(08-24-2010, 02:47 PM)فلسطيني كنعاني كتب: عودة لإكمال الحوار مع الزميلة وردة القمر ...
أختلف معك في هذه النقطة لسببين ...
أولا ، المفاهيم الاخلاقية تتطور باستمرار ، و السبب أن إدراكنا لمصالحنا يتطور باستمرار .....
مثال للتوضيح :-
لم يكن البشر مثل يدركون مخاطر الغازات الدفيئة مثل ثاني اكسيد الكربون و ال CFCs ( كلورو فلورو كاربونز ) ، و اثرها البيئي المدمر سواء على ارتفاع درجات حرارة الارض ( Global Warming ) أو ما يعرف باللغة العربية الاحتباس الحراري ، و لم يعرف اثر CFCs على تدمير طبقة الاوزون التي تقلل من نسبة الاشعة البنفسجية التي تصل الغلاف الحيوي للارض.
من يدرك هذه الامور سيعلم أن الاستمرار في رفع نسب هذه الغازات هو عمل غير اخلاقي ، لأنه ضد مصلحة البشرية ومعظم اشكال الحياة على الارض . حتى لو كان مفيدا من ناحية اقتصادية مرحلية لبعض الدول. لكن من لا يدرك هذه الامور سيستمر في الانتاج الصناعي الذي ينتج هذه الغازات دون ان يرى اي إشكال أخلاقي ...
ثانيا ، العمل الاخلاقي يوازي بين مصالح الفرد و مصالح المجتمع ، و حين اقول المجتمع فإني لا اقصد الدولة او الشعب بل من الممكن ان تكون الافراد المحيطين او العائلة أو الجيران أو زملاء العمل إلخ و من الممكن أيضا نوسعه ليشمل البشر كلهم أو حتى البيئة و هذا المدى يضيق و يتسع حسب علاقة المجتمع بمحيطه !!
و ذكرت لك مثلا عن فعل القتل ، حيث انه جريمة في حال ارتكب ضد أبرياء ، و شرف و بطولة إن كان ضد الاعداء ... و هذه نسبية واضحة و هذا ما قصدناه بالنسبية في تصنيف الافعال إن كانت اخلاقية ام غير اخلاقية.
ما ذكرته حول تطور الأخلاق ، هو ليس تطورا فيها حقيقة ، بل هو تطور في المعرفة وليس في الأخلاق ذاتها ، لأن الخلق هنا هو كف الأذى والضرر ، وهذا لم يتطور ، فقط اتسع مجاله ليشمل ضرراً كان في السابق خفياً ، مثلها مثل مادة الدي دي تي التي كانت تستعمل بدافع النفع للناس والبيئة والزراعة ، وعندما تم اكتشاف انها ضارة على البيئة ، مُنعت من التداول ، وأصبح استعمالها غير أخلاقي ، فهل هذا تطور أخلاقي ؟
كذلك مثل التدخين السلبي ، فلم يكن الناس يعرفون أنه مضر في السابق إلا على المدخن ذاته ، وكان المدخن لا يرى سوءاً أخلاقياً عندما كان يدخن في مكان مغلق ، أما الآن فيجد نفسه في حرج أخلاقي عندما يدخن في ذات المكان . المعرفة تطورت ليس إلا .
هذا تطور في معرفة الضرر ، وليس تطوراً في الأخلاق نفسها . إذاً لم تُثبت حتى الآن أن الأخلاق تتطوّر ، واثبتّ أن المعرفة هي التي تتطور ، وهذا شيء نتفق عليه بدهيّاً . إذاً هذه الفكرة الغربية خاطئة .
يا عزيزي ، الأخلاق ليس لها ارتباط بالافعال ، مثل أنها ليس لها ارتباط بالاشياء ، فمثلا السكين : تستعمل للأكل وقد تستعمل في القتل ، فهل تكون السكين أخلاقية في الاول وغير أخلاقية في الثاني ؟ ففعل القتل وفعل عدم القتل لا يوصفان بأنهما أخلاقيان أو غير أخلاقيان ، لأن الأفعال عبارة عن ظواهر مادية خارجية ، بينما الأخلاق نوايا ودوافع داخلية معنوية ، تماماً مثل التعاون ، فلا تستطيع أن تسميه أخلاقياً أو غير أخلاقي ، لأنه من الممكن التعاون على جمع تبرعات ، أو التعاون على سرقة خزانة . وكذلك الصدق وبقية الأخلاق . فربما صدقك يسبب ضرراً لغيرك لا نفع فيه ، فتكون وقعت في سوء الأخلاق بسبب صدقك .
الأخلاق هي "نيّة الخير" ، وبأي أسلوب ظهر ، حتى لو كان ظاهر هذا الاسلوب أنه شر كما فعل الخضر مع موسى ، الذي قدم له درساً في الأخلاق ، وأنها غير مرتبطة بالظواهر الخارجية ، وبالتالي نستنتج أنه لا توجد أعمال أخلاقية 100% ولا توجد أعمال غير أخلاقية 100% ، وبالتالي لم تقدم دليلا على أن الأخلاق نسبية . وبهذا تسقط هذه الفكرة الغربية أيضاً .
والعمل الأخلاقي ليس له شأن بالمصالح الفردية والجماعية لكي يوازي بينها ، هذه الموازاة التي تقصدها هي عمل عقلي ، منصبٌ في بحيرة المصالح وليس الأخلاق . الأخلاق قد تكون ضد مصلحة الفرد والمجتمع المادية الآنيّة ، وهل المجتمع مرتبط بالأخلاق لكي نعتبره مصدرا تشريعيا ومرجعاً للأخلاق كما تزعمون بأن الأخلاق وصلت للفرد عبر المجتمع ؟ أنظر إلى أمثال الشعوب لترى أن أكثرها مضاد للأخلاق. (إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب ) ، (من لا يظلم الناس يظلم ) ، (إن كان لك حاجة عند الكلب قله يا سيدي) ، (اللي اختشوا ماتوا ) ، وهلمّ جراً . الأمثال هي صوت المجتمع . وهنا تسقط فكرة أن المجتمع مصدر الأخلاق التي يرددها الغربيون .
وبنظرة إلى المظاهرات التي تجري في العالم الغربي الحر لصالح قضية أخلاقية ، تستطيع أن تعد الأفراد المشاركين في تلك المظاهرة بسهولة ، من بين مئات الملايين من الأحرار .
اقتباس:ساجيبك ، هو غير اخلاقي لأنه لم يضع مصلحة الفلسطيني في عين الاعتبار ، إذا كنا نسعى لمجتمع دولي افضل فعلى الناس ان تعتبر مصالح بعضها .....
ما مصلحة الجندي الإسرائيلي في إعتبار مصلحة الفلسطيني ؟ أرايت أن المصلحة لا تؤدي إلى الأخلاق ؟
اقتباس:اليهود لم ياتوا منذ اللحظة الاولى بتاشيرات زيارة ، بل جاءت غالبيتهم الساحقة بالقوة و الاكراه تحت حماية الانتداب البريطاني الذي لم ياخذ ايضا مصالح الفلسطينيين بل و حتى رايهم حين اصدر وعد بلفور الذي هو طبعا أحد قمم انعدام الاخلاق .
لكن بريطانيا حسّبت مصالحها عندما أصدرت وعد بلفور ، ولم ينتظروا الفلسطينيين لكي يخبروهم عن مكامن مصالح بريطانيا أين هي . عندما تُذكر المصلحة في مجال الأخلاق ، سيكون الرد هيناً ، فـ"أنا أدرى بمصلحة نفسي من غيري على كل حال" ، هذا ما سيقوله الكل. وتستطيع بريطانيا ان تتصور العالم الجميل بشكل مخالف لتصور الفلسطيني عن ذلك العالم . فبريطانيا تملك تصوراً مختلفا عن تصورك للمصلحة العامة ، تصورٌ لعالمٍ يسوده السلام لأن علمها يرفرف على ذلك العالم التي تتواجد فيه دولة اسرائيل التي تلم شتات شعب مضطهد مسكين على تراب أجداده ووعد توراته ، ليعيش بسلام وتعاون مع مواطني هذا البلد تحت الرعاية الغربية .
وسيقولون لك : هذه هي مصلحة العالم ، ومن مصلحة الفلسطينيين أن يخضعوا لقضاء بريطانيا وقدرها ، لينعموا بعالمها الجميل ، الذي يشمل مصالح كل البشر . وهذا ليس سخرية ، بل يردده السياسيون الغربيون ليل نهار : "على الفلسطينيين أن يقبلوا بوجود إسرائيل" ، "على فلسطين أن يلقوا السلاح لينعم الشرق الأوسط والعالم بالسلام ، وأن يكونوا بموجب المصالح العالمية أخلاقيين " !!
هذه هي حسبة المصالح ، لا يتفق إثنان على حسبتها تماما وبشكل متطابق . لأنه لا توجد مصلحة مشتركة بين إثنين بشكل متطابق ، لأن كل إنسان أناني ، والأنانية تنفي وجود كل شيء غير الأنا . وهنا تضيع الأخلاق تحت شعار المصالح .
اقتباس:و ما زلنا نرى من قبلهم إمعانا في الخطيئة ..... و لم نسمع منهم حتى مجرد اعتذار ، و لذلك و بصفتنا الضحايا يحق لنا بالمقابل عدم الاكتراث بمصالحهم .
بريطانيا والغرب هم اصحاب هذه الفكرة التي ترددها ، وأنت بالتالي ضحية لهذه الفكرة المسماة بأخلاقية المصالح . أليس هذا دليلاً على فشلها ؟
اقتباس:لا يا عزيزتي ...
طبعا السارق عادة خسيس ، و فعل السرقة عادة فعل غير اخلاقي ، و و نحن في منطقة الشرق الاوسط اكثر من يعلم ذلك حيث أن معظم المسؤولين لصوص و يستغلون مناصبهم في تحقيق مكاسب مادية على حساب شعوبهم ....
لكن هناك في التاريخ الانجليزي مثلا اللص روبن هود ، و هو بالمناسبة و رغم انه لص إلا ان التاريخ يعتبره بطلا ، و السبب أنه كان يسرق اموال الإقطاعيين الذين كانوا يستغلون الفلاحين ، ثم يقوم بتوزيعها على الفقراء ، فهذا مثال على سارق تذكره الناس بالخير بل و يعتبر من الابطال.
تخيلي معي هذا السيناريو ، أم لديها طفل على وشك الموت ، المجتمع لا يكترث بها و بطفلها و لذلك لم تجد من يساعدها، و تحتاج لشراء دواء مكلف لانقاذ حياة طفلها ....
شخصيا لن الوم هذه المرأة مطلقا لو سرقت الدواء .... في بعض الحالات تتحمل الدولة او المجتمع المسؤولية اكثر من الافراد الذين يرتكبون هذا الفعل.
تكلمت حول هذا الموضوع أعلى الرد ، فارجع إليه .
اقتباس:الموازنة بين مصلحتي كفرد و مصلحة من حولي هو الوضع الصحي..... إذا قدمت مصلحتي على مصلحتهم فسأكون انانيا ، و اذا فضلت مصلحتهم على مصلحتي فساكون قد قدمت تضحية .
القوانين توضع و تشرع و تدرس و تناقش لهذا الهدف ، أن يكون الجميع مستفيدا و تتحقق الفائدة و العدالة لجميع الاطراف.
في مثال الطابور ، على الجميع احترام دوره في الطابور .... هذا يضمن مصلحة الجميع ، و يبقى افضل من التدافع الاناني.
حتى الوقوف في الطابور بحد ذاته ينتهك المصلحة الخاصة ، أليس الناس في تنافس في كل شيء ؟ في الدراسة وجمع المال والمكانة الاجتماعية ..إلخ ؟ التنافس يعني : الفرد مقابل المجتمع ، فكيف ستلتقي مصلحة الفرد مع مصالح المجتمع المختلفة ؟ فالوقوف في الطابور عبارة عن تنافس ، والتجارة تنافس ، والدراسة تنافس ، والوظيفة تنافس ، والمكان القريب من الشاطئ أو شاشة السينما تنافس ،والشارع تنافس .
في الحقيقة أن الفرد لا يراعي مصلحة المجتمع لأنه ينافس المجتمع في كل شيء ويحب أن يكون كل شيء حسن له هو ، ولا يترك شيئا للمجتمع لو أمكنه ذلك ، فمكرهٌ أخاك لا بطل ، وقوفه في الطابور ليس بدافع الاخلاق المصلحية بل بدافع الخوف على مصالحه الخاصة ، فلربما أهين أو ضُرب أو أوذي ، فأين الأخلاق هنا ؟
الفرد الذي يهتم بالأماكن العامة للمجتمع ، هو ينظر إليها على أنها مصلحة بعيدة له هو ، بدليل أنه لا يضحي ولو بمرة في التنافسات المصلحية القريبة مع المجتمع ، كأن تعطي غيرك دورك في الطابور . وإذا أتلف الغربي المصالح العامة فهو يعلم أن إصلاحات ما أتلف مأخوذ من ضرائبه ، ومشاريع أخرى كانت ستفيده ربما تعطلت ، فإذاً لا زلنا في إطار المصلحة الخاصة ، ولم تراعى مصلحة المجتمع ، لأن الأخلاق غير خاضعة لقوانين وأنظمة ، بل المصالح هي ما تحتاج إلى قوانين وأنظمة .
كيف يحب فرد ما مصلحة المجتمع ، بينما هو يتمنى أن يحوز جيبه جميع أموال المجتمع ؟ ولو أمكنه ذلك لما رفض ! لو سرت مع أي شخص في المجتمع ، لرأيته يسب ويشتم ويشتكي من المجتمع !! وفي ازدحام السيارات الكل يشتم السيارات المزدحمة ويتمنى زوالهم ، أي كل المجتمع يشتم كل المجتمع ! أين مكان المحبة هنا ؟
لماذا الكل في المجتمع يريد الناس ولا يريدهم .
هل التاجر يضع في حسبانه إبقاء قليلٍ من أموال المجتمع في جيوبهم لأولادهم ؟ هل عند التاجر حد أعلى للمكاسب ، ويقف عند ذاك الحد مراعاةً للمصلحة العامة ؟
مثلا شخص يسب ويشتم صاحب سيارة مسرعة تجاوزته ، ثم يقف عنده وقد انقلبت السيارة واحترقت ، ينظر إليه بشفقة . فكان بدافع المصلحة يشتمه ، والآن بدافع الأخلاق يرحمه ويتمنى إنقاذه . ذلك ما تقدمه المصالح وهذا ما تقدمه الأخلاق . المصلحة تتراوح في مستويات الشر ، والأخلاق تتراوح في مستويات الخير .
وهنا نرى كيف سقطت هذه الفكرة الغربية .
اقتباس:لا استطيع إجبارك على القراءة ..... هذه حريتك الشخصية ، انا اشرت لباحث عالمي معروف في هذا المجال المتعلق بفهم اصل المشاعر البشرية ( الخوف ، الالم ، الحزن ، الايثار ، الحب ، الغيرة ... إلخ ) و من اين جاءت .... ؟؟ و ما فائدتها في صراع البقاء ؟؟
أراك لخّصت الكتاب وأعفيتني من القراءة ، فالمشاعر الإنسانية دوافعها تصب في صراع البقاء ، وقانونكم البقاء للأنسب ، ومن الأنسب في الصراع ؟ أليس الأقوى ؟ إذاً هل يخطئ من يقول أنكم تقولون البقاء للاقوى ؟
اقتباس:أنت اشرت في حديثك عن العقل المعنوي و المادي إلى العواطف و المشاعر ... أنا ارى أن هذه العواطف و المشاعر لها اساس مادي ايضا.
هذا تحقير للمشاعر وليس تكريما لها وبلا دليل ، ولا حتى قنينة واحدة . مما يثبت فساد هذا المنهج المادي واحتقاره للانسان ، فهو قرد صدفي مادي ، ومشاعره افرازات مادية ، وسيتحول إلى كومة تراب آخر الأمر ، هذا هو الإنسان .
اقتباس:بالنسبة للبديل ، فلا نريد أكثر من العلمانية و احترام حرية التعبير و عدم معارضة العلم باستخدام نصوص دينية ، هذا اكثر من كافي بالنسبة لي.
نحن نتحدث عن فلسفة وليس عن تنظيمات ادارية ، نريد البديل الفلسفي الفكري الأخلاقي الذي يحل مكان الدين ، ويقدم أفضل مما يقدمه الدين .
اقتباس:قبل ان توجهي لي كملحد تهم عدم الاحترام ......
هل هناك من يحترم الملحدين في منتدياتكم او في مشاركاتكم ؟؟ إبحثي عن كلمة ملحد في جوجل ....... كل المنتديات الاسلامية تشترك في خاصية التكالب مثل الكلاب المسعورة على الملحدين ..... الكل يريد إظهار الملحد كانه كائن غير بشري و شرير ، غير ان حريتنا في التعبير مصادرة.
كما انني على الصعيد الشخصي لا أسيء لشخوص المسلمين ، انا انتقد الديانات بشكل عام و الديانات الابراهيمية بشكل خاص لاني اعرف اكثر عنها بصفتي مسلم سابق، فاهلي مسلمين و هم أغلى من احب ، و غالبية اصدقائي مسلمين ايضا و غالبية ابناء بلدي مؤمنين سواء مسلمين او مسيحيين و مصلحتهم تهمني.
أما الفكر الاسلامي و الرموز الاسلامية و النصوص الاسلامية و حتى غير الاسلامية من الديانات الاخرى ، فليست فوق النقد عندي كملحد ، فهي لا تحمل اي قداسة .......على المسلمين ان ياخذوا ذلك في عين الاعتبار إن ارادوا محاورة الملحدين في الدين . من لا يحتمل ذلك النقد فلا يكتب مواضيعا موجهة لنا و ليبقى بعيدا عنا ، و بذلك يكون كل قوم بما لديهم فرحون ، و يا دار ما دخلك شر.
ملاحظة اخيرة ... ما تسميه موقف مليار مسلم من القضية الفلسطينية ، هو مخزي جدا ، فحتى من الناحية المادية ملياردير يهودي واحد ( موسكوفيتش ) يقدم لإسرائيل اكثر مما قدم كل المسلمين للقدس ... !! ما فائدة المواقف إن كانت مجرد ادعية و عواطف لا تقدم و لا تحرك شيئا على الارض ..... و الاسوا من كل ذلك انه يتبعها من " تحميل جمايل". من جهة اخرى كل الدول الإسلامية تقريبا تقيم علاقات مع إسرائيل سواء مباشرة او غير مباشرة ، ربما الاستثناء الوحيد هو إيران . و من جهة ثالثة إن افترضنا صحة هذه المواقف المزعومة فذلك لا يلزمني كملحد بشيء ..... و لا داعي لخلط الدين بالسياسة.
الملحدون هم دائما من يبدأ بالتهجم على الدين ، وما تسميه نقداً هو في الواقع سخرية ، والنقد العلمي والسخرية شيئان بعيدان عن بعضهما ، وهذا بطبيعة الإلحاد اصلاً أن ينتقد الدين ، وماذا ينتقد إن لم ينتقد الدين ؟ لأنه كائن طفيلي على الأديان ، ولا أحد يصادر حرية الملحد بأن ينتقد الدين ، لكن الخطأ هو في الاستهتار والتعالي والتبجح بافكار معيبة في اساسها ، وليتكم أنتم من ابتكرها !! فأن يأتي مجرد ناقل ويسخر من مشاعر مليار من الناس ، لا أرى في ذلك شيئاً من البطولة ، لو كان فيلسوفاً ومفكرا لاحترمنا مجهوده العقلي على الاقل ، والفيلسوف والمفكر عادة يترفع عن السخرية والتطاول .
وبالنسبة للدول العربية و الاسلامية ممن اعترفوا بإسرائيل ، فلم تذكر من بينها ياسر عرفات واتفاقات اوسلو ، فما أجمل هذه الأخلاق الموضوعية ! هل من الأخلاقي أن تلوم الناس ان يفعلوا ما فعلت أنت ؟ وإذا كفرت بكل ما قدمه العرب والمسلمون من قتلى وأموال ومشاعر لأجل فلسطين ، فليس ذلك بالغريب على الملحد ، فهو كفر بالله الذي قدم له كل النعم قبل ذلك . وتقول أنك لست ملزما بشيء تجاههم ، وهل من عادة الملحد ان يلتزم بشيء غير المصلحة ؟ أنت تمثل الإلحاد ولا تمثل فلسطين وشعبها الطيب الذي يشكر كل من آزره بما يستطيع .
أنت تنطق بأخلاق الملحد لا بأخلاق الفلسطيني . هذا هو العقل النصفي الذي يقدمه الالحاد ، أنت لا تعترف بالمشاعر وتعترف بالأموال، وهذا خير مثال يشرح النصفية التي تعاني منها . هل هذا الرد يصلح أن يقدم لايتام مات اباؤهم على اسوار فلسطين يا صاحب الاخلاق الالحادية ؟
إذاً أنت لا تعترف بأي مشاعر تقدم تجاهك ، بل تنظر مباشرة إلى المصلحة أو المال الذي يقدم لك فقط ، كما لا نراك تلوم الشعوب الغربية الحرة التي وافقت على تسليم فلسطين ولا تزال تجمع التبرعات علناً لجيش اسرائيل ، وتلوم الجهة الوحيدة التي ناصرت قضيتك وهم العرب والمسلمون ، فما أعدل أحكامك ! لم تراعي ضعف الشعوب العربية والاسلامية وفقرهم ، وكونهم مغلوبين على أمرهم ، حتى حكوماتهم مغلوب على امرها بضغط أمريكا والغرب لصالح إسرائيل ، أنت مثل من يضحك على تبرعات الفقراء ، فما أجمل أخلاقك !
شكرا لهذا النموذج والاخلاق التي تقدمها ، ومن يعجبه أن يكون مثلك فليلحد . ستنتصر فلسطين بالأخلاقيين وليس بالماديين ، ولا داعي لأن تتعب اصابعك . فلن تستفيد منها فلسطين شيئاً قدر ما تستفيد إسرائيل .