ترحيل المرضى ( الزبائن ) من المشافي العامة إلى الخاصة...( إسعاف المواساة نموذجاً)

لسنا بصدد تقييم وتقويم الاداء الطبي في المشافي العامة او الخاصة ولكننا نقول ان خدماتنا الطبية التي تقدمها الدولة مجانا ربما لا يوجد لها مثيل في العالم وهذا ما نلمسه على ارض الواقع كمواطنين حيث نرى الآلاف يقصدون المشافي العامة من اجل المعالجة الامر الذي يجعل هذه المشافي عرضة لضغط شديد ويجعل العبء عليها كبيرا وعلى الكادر الطبي والتمريضي والعاملين فيها.

هذا العبء الكبير والمسؤولية الجمة الملقاة على عاتق القائمين على هذه المشافي قد تشوهها بعض الاخطاء التي يقع بها البعض عن قصد او غير قصد,‏

ماذا يقول الشاكيان‏

موضوعنا اليوم من مشفى المواساة هذا المشفى الذي يقدم خدمات جليلة وكبيرة على مدار الاربع والعشرين ساعة دون توقف ولكن بعض الاخطاء قد تؤثر احيانا على آلية العمل ولا بد من معالجتها للحؤول دون وقوعها ثانية. مفاد الشكوى التي تقدم بها الينا المواطنان مازن علي مشينش و محمد علي مشينش انه تم ابلاغهم صباح يوم الخميس 28/4/2005 بواسطة الهاتف عن اصابة والدهم باحتشاء قلبي حيث يعمل ونقله الى مشفى المواساة من قبل العاملين في مدينة الباسل الجامعية وفور وصولهما مع افراد الاسرة كان والدهم يئن من الالم وقد تم انعاشه بالادوية وبواسطة جهاز تنفس يدوي وقد علما من خلال الطبيب المقيم (ح.س) ان والدهما بخير لكنه بحاجة الى منفسة وقد تم الاتصال بمشفى يونس الجراحي الكائن في اقصى الحجر الاسود وسيارة الاسعاف على الطريق.‏

تساءل الشاكيان لماذا مشفى يونس? ورفضا النقل فقال الطبيب انه لا يوجد في مشفى المواساة منفسة شاغرة وهي غير متوفرة الا في مشفى يونس.‏

وفعلا وصلت السيارة وتبين انها غير مجهزة لنقل المرضى فكيف بالحالات الخاصة ?!‏

تضم سريرا حديديا اكل عليه الدهر وشرب واكسجيناً يدوياً.‏

وخلال عملية النقل لم يتم ارسال احد من مشفى المواساة مع المريض بل رافقه الطبيب فقط الى السيارة وخلال نقله سقط خرطوم التنفس الاصطناعي مرتين وكل مرة كان احد مرافقي المريض يعيد تثبيته وعند وصولهم الى مشفى يونس فقد المريض الوعي تماما وتضاءلت نسبة الشفاء لان عملية النقل لم تكن عادية فالمشفى المذكور يبعد عن مشفى المواساة حوالي 30 كم ونقل مريض مصاب باحتشاء قلبي مسافة كهذه حكما سيعرضه للخطر .‏

وفي مشفى يونس بقي المريض ثلاثة ايام دفع خلالها ذووه مبلغ 50 خمسين الف ليرة سورية حسب فاتورة المشفى حاملة الرقم 766 تاريخ 22/5/2005/20,000 عناية مشفى 6000 استشارات طبية 5000 فحوص مخبرية 1500 اجرة سيارة الاسعاف وهنا لا بد من الاشارة والتساؤل لماذا هذه الاسعار الفلكية في المشافي الخاصة ومن المسؤول عن ضبطها?‏

وهل يتوجب على المريض ان يخرج منكوبا صحيا وماديا ?!‏

اخيرا اخبر مشفى يونس ذوي المريض بضرورة نقله الى مشفى حكومي كي لا يتم صرف نقود بلا طائل حيث تم نقله الى مشفى المجتهد وحسب تقرير المشفى رقم395152 تاريخ 19/5/2005 ان المريض مشينش وصل من مشفى خاص وهو بحالة احتشاء عضلة قلبية امامي واسع مع توقف قلب وتنفس وانعاش قلبي رئوي مجدٍ مع اذية دماغية تالية لنقص اكسجة وبتاريخ 4/5/2005 تطور لدى المريض تباطؤ قلب اعطي اتروبين مرتين الى ان توقف القلب وحدثت الوفاة‏

الحالة نفسها تكررت‏

وخلال وجود المريض وذويه في مشفى المواساة تواجد في الغرفة نفسها مريض اخر يدعى عدنان حسين والحالة نفسها تكررت مع هذا المريض وهذا ما اكدته لنا ابنته الاء حسين التي قالت ان والدها اصيب بنزف دماغي فتم نقله الى مشفى المواساة حيث بقي اقل من نصف يوم حوّل بعدها الى مشفى يونس الجراحي بسبب عدم وجود منفسة ومن ثم الى مشفى المجتهد وتوفي بعدها ولكن ابنته لا تعلم من حوله وكيف والتاريخ المحدد بعدم وجود اخوة لديها تابعوا الموضوع.‏

وعودة الى موضوعنا يضيف الشاكيان انه وبعد وفاة والدهما طلبا من مشفى المواساة تقريراً عن حالته الصحية فقيل لهما ان المريض لم يدخل المشفى وليس لديه اضبارة فتقدما بشكوى الى الاستاذ الدكتور وزير التعليم العالي تم تحويلها الى معاون وزير الصحة ومن ثم الى مدير مشفى المواساة للتحقيق بالموضوع حملت الرقم 5739/ وتاريخ 24/5/.2005‏

الجولة الميدانية‏

بدورنا للوقوف على حقيقة الموضوع وللحيلولة دون ان يقع ظلم او تحيز لطرف على حساب الاخر توجهنا الى مشفى المواساة والتقينا بداية الدكتور محمد المبارك مدير الشؤون الطبية وباحصائية سريعة وافانا بها يقدر القارىء الضغط الكبير الواقع على الكادر الطبي والتمريض في المشفى اذ يراجع قسم الاسعاف شهريا بحدود 9000 تسعة الاف مريض بمعدل وسطي 300 ثلاثمئة مريض يوميا.‏

عدد العمليات الاسعافية المختلفة كبيرة وصغيرة 1000 الف عملية شهريا بمعدل 35 عملية جراحية يوميا . عدد الصور الشعاعية التي تجري بالشهر بحدود 2500 صورة شعاعية بمعدل 850 صورة شعاعية يوميا وهناك 100 مئة صورة تخطيط قلب كهربائي.‏

عدد الاسرة بشكل اجمالي في المشفى 800 ثمانمئة سرير وهناك 200 مئتا سرير في قسم الاسعاف .‏

يعمل قسم الاسعاف بطاقة كبيرة وهو يستقبل كل الحالات من المشافي الجامعية وغير الجامعية والخاصة والحالات الطارئة يعمل في المشفى 800 ممرض وممرضة ومئة طالب دراسات قسم داخلية والف طالب دراسات عليا بكافة الاختصاصات.‏

وعدد الاطباء 200 طبيب وعدد اعضاء الهيئة التدريسية 150 مئة وخمسون ( مدرس ومساعد مدرس).‏

رأي الطبيب المسعف‏

وبالعودة الى موضوع الشكوى حضر كل من الاطباء (ح.س)و(ح.أ)و(م.ح).‏

الطبيب (ح.س) قال : صباح يوم الخميس الواقع في 28/4/2005 حوالي الساعة الثامنة صباحا وصل الى الاسعاف المركزي في المشفى المريض علي مشينش وهو بحالة توقف قلب وتنفس مع حدقات متوسعة غير متفاعلة.‏

تم اجراء انعاش قلبي رئوي له استمر حوالي ربع ساعة حيث عاد النظم الجيبي مع تنفس عفوي غير مجدٍ وطيلة هذه الفترة كان المريض موضوع على الامبو وبالتخطيط تبين انه لديه احتشاء عضلة قلبية امامي واسع.‏

تم الاتصال بالعناية في مشفى المواساة ومشفى الاسد فلم نجد منفسة شاغرة وبعد الاتصال بالمشافي الخاصة تم تأمين منفسة في مشفى يونس (كما هو المعتاد في هكذا حالات حيث يتم تأمين منفسة في مشفى اخر ويتم الاتصال عادة من قبل مكتب القبول).‏

وتم نقل المريض الى العناية في مشفى يونس بمرافقة احد اطباء الاسعاف وحوالي الساعة الواحدة ظهرا اتصل بي صديقي وهو طبيب يعمل في مشفى يونس واخبرني انه تعرض لظرف طارىء ويريد السفر وطلب مني ان اناوب عنه في مشفى يونس وفعلا ذهبت في الثامنة مساء الى مشفى يونس وراني اهل المريض وظنوا انني اعمل في المشفى ومساء كان المريض على المنفسة مع حركات تنفسية عفوية ما زالت موجودة ( غير مجدية).‏

تعقيب‏

وللامانة اقول انه وبعد خروجي من مشفى المواساة قمت باجراء اتصال هاتفي الى مشفى يونس الجراحي وادعيت انني مريضة وسألت عن الطبيب (ح.س) فرد علي صوت انثوي وربما تكون عاملة مقسم لا ادري وسألت شخصا اخر عن موعد مناوبة الطبيب (ح.س) فقال لها اليوم غير موجود مناوبته السبت وهذا يخالف ما ادلى به بانه لا يعمل في المشفى وانه قبل المناوبة لم يكن يعرف اين يقع المشفى.‏

من جهة ثانية اشار الطبيب (ح.س) الى ان احد اطباء الاسعاف في مشفى المواساة قام بمرافقة المريض الى مشفى يونس لكنه لم يذكر اسم الطبيب نهائيا وسأله الاستاذ مبارك عن اسمه فقال له لا اذكر حاليا في حين اكد ذوو المريض انه لم يخرج احد معهم من مشفى المواساة وقام صهر المريض بتثبيت خرطوم التنفس في سيارة اسعاف يونس.‏

كما توجهنا بالسؤال الى الطبيب كيف يتم نقل مريض مصاب باحتشاء عضلة قلبية واذية دماغية مسافة 30 كيلو مترا في حين ان التعليمات الطبية تحذر وتنهي من هكذا فعل ولو لمسافة صغيرة واذا اضطر الامر فيجب ان يكون تحت عناية ورعاية واشراف طبي كبير فقال اذا توقف قلب المريض ستحدث اذية دماغية لكن طالما ان التنفس موجود فانها لا تحدث المهم مبدئىا الحفاظ على عمل القلب لمنع الاذية واذا كانت موجودة تبقى خفيفة طالما ان القلب ينبض ويمكن نقل المريض اذا كان موضوعا على انبوبة الاوكسجين ولو لمسافة كبيرة واذا كان عنده اذية دماغية فانها لا تظهر اثناء عملية الانعاش وانما من خلال الصور وتخطيط الدماغ والمطلوب المحافظة على عمل القلب لذلك فهو بحاجة الى منفسة ولو كان هناك اذية دماغية ولا شيء يثبت وجودها مبدئيا واذا لم يوضع على المنعشة حتما سيموت لهذا تم تحويله.‏

كما أكد انه في حال عدم وجود منفسة في المشفى يقوم مكتب القبول بالاتصال مع المشافي العامة اولا للبحث عن منفسة واذا لم تتوفر يتم البحث في المشافي الخاصة.‏

وهنا نتساءل هل شغلت جميع المنافس في المشافي القريبة من المواساة العامة منها والخاصة ووجدت في مشفى يونس الذي يبعد 30 كم عن المواساة ثم ان ذوي المريض وصلوا قبل نقله ورفضوا فكرة النقل الى المشفى المذكور لكن الطبيب المسعف اكد لهم ان سيارة الاسعاف على الطريق اي لا مجال للرفض وهنا نتساءل الم يفكر الطبيب -اي طبيب - لا على التعيين- بالوضع المادي للمريض وهل هو أم ذووه قادرون على دفع تكاليف المشافي الخاصة.‏

وحول رفض المشفى منح اولاد المتوفى تقرير عن حالة والدهم قال الطبيب (ح.أ) ان اي مريض يدخل يتم تسجيل اسمه في دفتر القبول ( سجل اسعاف ) وعندما طلب ابنه التقرير قال له الطبيب أحضر غداً لعدم وجود موظف وفي اليوم التالي تم اعطاؤه التقرير مع وصف الحالة والادوية التي اعطيت له.‏

الدكتور مبارك أكد ان كل من يعمل في المشفى يتبع تعليميا للكلية ومهنيا لقوانين وتعليمات المشفى ولا يسمح باي خطأ من شأنه الاخلال بهذه التعليمات من اي طبيب او ممرض ويتم التعامل من قبل القائمين على المشفى مع المرضى بشكل انساني ولائق وفن التعامل مادة اساسية تدرس للطلاب في الكلية‏

لنا كلمة‏

نؤمن ان الاعمار بيد الله وانه لا مفر من القضاء والقدر ولكن هل علينا ان نؤمن ان مثل هذه التصرفات مقبولة?!‏

هل على الطبيب ان يوجه مريضا ما الى مشفى خاص دون ان يسأل ذويه عن قدراتهم او امكاناتهم حتى دون موافقتهم.‏

وعلى من تقع المسؤولية في هذه القضية?‏

وهل يعاد النظر بأجور المشافي الخاصة?‏

ومن سيعوض لذوي المتوفى ما تم صرفه رغما عنهم في المشفى الخاص ?!‏

اسئلة برسم السيد وزير الصحة ووزير التعليم العالي .‏



الثورة