اقتباس: ابنة السماء كتبت
قد يكون حال المرأة الكويتية أفضل من غيرها في بعض الدول العربية , إلا أن هذا ليس عذراً لسلبها أحد حقوقها الأساسية تحت أي مبررات سواء كانت دينية أو إجتماعية .
الأخت المحترمة ابنة السماء
هل لك بموضوعية أن تحدثينيي عن حقوق الإنسان الأساسية أكثر؟
يعني إذا كان حق الانتخاب والتصويت والترشيح هو أحد هذه الحقوق
الأساسية فهذا يعني أن أكثر من 90% من شعوبنا لا تتمتع بحقوقها الأساسية!!
بصراحة ومع احترامي لشخصك الكريم غير أن هذا يجعلني أشعر بأنك لا تشعرين بحقوق الإنسان الأساسية، ربما لنك بنت نعمة، ولم تجربي ما جربته الشعوب المسلوبة من أبسط حقوقها، فغدا عندك تجريدك من حق الانتخاب مثل تجريدك من حق الحياة، والأمر على حد قولك ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان!!
حقوق المواطنة والاعتزاز بها، حقوق الاستقرار بالوطن وعدم التهديد بالنفي أو السجن، حقوق العمل وعدم التهديد بالرزق، حقوق الأمان وعدم الأخذ بالشبهة والتخرص، حقوق التملك والتعليم والعمل، حقوق الأحوال الشخصية وما يتبعها من حقي في أن أختار لنفسي الزي والمظهر المناسب دون وصاية من أحد، حقوق المشاركة في الأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية كل هذه حقوق أساسية -مع أنها تتفاوت بينها- وكلها تسبق ذلك الحق الذي ترينه أساسيا! وإلحاحنا على ذلك الحق واستباقنا غيره من الحقوق قد يوحي لأولئك المتسلطين على شعوبهم أنهم بالفعل قدموا لشعوبهم كل أساسياتهم ولم يبق للشعب من حق إلا أن تشارك المرأة في البرلمان! ويالها من كذبة كبيرة!
وقد عدت للمعاجم اللغوية لأستفهم منها عن دلالة الحقوق التي يشرق بها بعض بني جلدتنا ويغرب آخرون، فقرأت في القاموس أن الحق: ما يقابل الباطل، وجمعه الحقوق، وكذا الأمر المقضي، وأحققته أوجبته، وحقيق ما يحق عليك أن تحميه، وفي اللسان: حقيقة الرجل ما يلزمه حفظه ومنعه، ويحق عليه الدفاع عنه من أهل بيته. وتأسيسا على ذلك يمكنني تحديد معنى الحقوق في الأطر الاجتماعية والقضائية بأنها كل ما يلزم المجتمع حفظه وحمايته والدفاع عنه، وصيغة الإلزام تعني بالضرورة وجود جهة ما تتحمل القيام بعبء الواجب المقضي به، فلا يقوم حق إلا مقابل واجب، وإذا عدنا إلى تلك القضايا التي يتنادى بها بعض أدعياء (تحرير المرأة!) فسنجد أن من هذه (الحقوق!) ما هو ظاهر الإثم والعدوان كأسواق النخاسة الجنسية والجمالية، وهيهات أن يجتمع باطل كهذا وصفة الحق التي تلزمه نقيضه!
ونجد منها ما هو محض ظنون ومزاعم لم يثبتها أحد، كقولهم إن ما نراه من إحجام في مشاركة المرأة إنما سببه ثقافة المجتمع الذكورية، إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني عن الحق شيئا.
ونجد منها ما هو محض تحكمات غير مقضية ولا لازمة، كقولهم أنه إن كانت المرأة تمثل نصف المجتمع، فإن من حقها أن تشارك بذات النسبة في الحياة العامة! هذا وهم يغفلون من هذا دورها الأسري الحيوي الذي لا يستقيم أمر المجتمع ولا يتحقق استقرار بدون رعايته حق الرعاية، وهو دور يندر نسوي يندر الكفو له من الرجال.
إلى غير ذلك مما يحسبونه في دائرة (حقوق) المرأة! وما هو بحق ولامستحق ولا حقيقة.
على كل موضوع حقوق المرأة موضوع مستقل ويحتاج وقفات أطول لكنني استوقفني هنا أن عدم مشاركتي كرجل في الانتخابات السورية هو ضياع لأحد حقوقي الساسية! لأجل هذا تحمست قليلا لأنني لم أمارس هذا الحق يوما في حياتي، وما أظن أنني سأفعل دون غضاضة! ولكن حقوقي الأساسي في أن لا تحرمني سلطة من التمتع بجنسيتي السورية، بجواز سفر وهوية سورية، بتملك عقار في وطني، بالتنقل في أرجاء وطني دون كابوس المخابرات، باستثمار أموالي في وطني دون خوف، بكتابة رأيي في صحيفة أو إذاعته في منبر ثقافي عام...
بل أريد ما هو دون هذا، أنا المواطن السوري الذي أعطيت المرأة في برلمانه كل هذه الحقوق!
أريد أن أضيف ابني على جواز سفر أمه دون مشاكل أمنية، أريد أن أثبت زواجي لدى السجل المدني دون عقبات قانونية! أريد أن أستخرج لأولادي ثبوتيات قانونية بميلادهم كي أتمتع معهم بحق الحياة الطبيعية
أريد هذه الحقوق الأساسية وليجردوني من كل الحقوق السياسية بعدها! مبروكة عليهم والله...
هل علمت لماذا استكثرت كلمة (حقوق أساسية) في هذا المضمار؟
لم يكن قط شأني أن أنكر حق المرأة في المشاركة السياسية بما هو أوسع من البرلمان أيضا...
ويكفيني أن القرآن الكريم ينص على: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك....) فهل غدا قبليو الكويت أحرص على دين الله من نص قرآنهم الصريح؟!
يكفيني أن القرآن يقول: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ، أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) وهل كان مثل هذا الولاء والمحاسبة في عصرنا إلا بمثل هذه البرلمانات؟
يكفيني أن أمر الله للإنسان بالعمل جاء بينا مفصلا يذكر فيه الأنثى كما يذكر الذكر: (من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)
لا أوافق أبدا على موقف القبائل ومن لف لفها من المتدينين في الكويت من هذه القضية، غير أنني لا أعتبرها مقارنة بالنواقص الكثيرة أولوية الأولويات!
بل عجبت أكثر من هذا القطر الذي أعيش فيه، وهو لم ينعم بعد بتجربته الانتخابية، كيف بدأ بعض المزاودين يتكلم عن ترشيح المرأة وانتخابها، مع أنه يرى بأم عينه ضعف التجربة وبدايتها المتواضعة، وما حف بها من قوانين تكبل فيها اختيار الرجال للمجالس البلدية بله أن يقتحمها النساء في مجتمع لم يهيئ لذلك!
هل علينا أن نعالج هكذا عقبات طبيعية بألوب الطفرات كما فعل الشيوعيون في انقلابات الأمس وثوراتهم الدموية مثلا؟ أم عليناأن ننهج نهجا متدرجا نحو توسيع الثقافة لتستوعب مثل هذه الممارسات التي لا فيتو إسلامي ضدها إذا استعوبتها المجتمعات واقتنعت بها...
واسلموا لود واحترام