{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
هل الليبيرالية ممكنة في سورية؟
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
هل الليبيرالية ممكنة في سورية؟


ضرورة تاريخية لا بد منها للخروج من عنق الزجاجة: هل الليبيرالية ممكنة في سورية؟



الليبيرالية مذهب سياسي لمضمون اقتصادي. وإذا كان البناء الفوقي يعني حرية الرأي والاعتقاد والتعبير وحرية العمل السياسي وتداول السلطة وحرية الصحافة واستقلال القضاء والفصل بين السلطات وتطبيق العلمنة وتمكين المرأة, فإن البناء التحتي يعني حرية العمل والربح والمنافسة واقتصاد السوق, وبكلمة: هيمنة رأس المال. وفي أبسط تعاريفها تبدو الليبيرالية وكأنها مذهب للحريات الفردية في الإنتاج والاستهلاك, يعبر عنها بالقانون الليبرالي :
: «دعه يعمل, دعه يمر».

تبدو هذه المقـــدمة ضـــرورة ملحة في ضوء المستجدات التي طرأت في الشهور القليلة الماضية على الساحة السياسية السورية من انتشار فطري للآراء والتنظيمات والجماعات الليبيرالية التي ظهرت على الساحة الافتراضية السورية. بعض هذه التنظيمات تحول من تنظيمات قومية موالية للبعث وبعضها تشكل إثر جلسة حوار واحدة امتدت بضع ساعات, أعلن بعدها ولادة تيار ليبيرالي جديد. وبعضها ما إن أعلن عن ولادته حتى أعلن عن حله ولما يستكمل الوليد الشهر من عمره.

معظم هذه التيارات والآراء التي ظهرت أخيراً تناولــت الليبيــرالية كبـــناء فوقي, كدعوة للديموقراطية وتداول السلطة وحقوق الإنسان, وربما أيضا العدالة الاجتماعية, وذلك في سعي منها «لإعادة الاعتبار الى مفهوم المواطنة, كعنصر أساس من عناصر بناء الإنسان الحر القادر على ممارسة النقد والمشاركة في اتخاذ القرار». وتهدف هذه الحركات الليبيرالية إلى «نبذ أشكال الفكر التكفيري ورفض التمييز الطائفي والعرقي والمذهبي» وتكريس مبدأ «سورية لكل السوريين», على حد تعبير البيانات التي نشرت أخيراً.

كمــــا دعا بعض الليـــبيرالـــيين إلــــى اعتبار أن مفهوم الانــتماء الـــسوري يقابل التعريف الســــائد «عربي سوري,» الذي انتهى «بعد فشله الذريع». وسعوا إلى نشر ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان والشفافية ومكافحة الفساد وعقلنة الأعراف والتقاليد السائدة, وإعادة الحوار «حول مفاهيم السيادة والوطن والوطنية», وغير ذلك كثير مما يبهج النفس ويعللها بالآمال العراض.

على أن لب الموضوع لا يكمن ههنا. فكل النقاط الصحيحة والملحة التي يطرحهاالليبيــــراليون السوريون يمكنها أن تكون نقاطــــا برنــــامجية لأي حزب أو تيار ديموقـــــراطي أو اشــتراكي- ديموقراطي أو قومي معتدل. أما مفهوم الليبيرالية فلا بد من أن يرتبط بفهم أعمق لاقتصاد السوق وللبورجوازية السورية بإمكاناتها وطبيعتها واستعدادها للاستقلال الاقتصادي والعمل السياسي.
وإذا افترضنا أن كلا من السلطة والمعارضة فشل في سعيه لإحداث تغيير حقيقي في سورية, وإن الوضع الــــسياسي وصل إلى طريــــق مســــــدود, لا يمكن الخروج منه بواسطة القوى السياسية الراهنة وبرامجها وإذا اتفقنا على أن حركة التحرر الوطن بممثليها في الحكم والمــــعارضة استنفدت, في أحسن الأحوال, فرصــــها وإمكاناتها وغدت عاجزة عن إحداث أي تغيير, فإن الخيار الليبـيرالي لم يعد ترفا, بل ضرورة لا فكاك منها, وعودة بسورية إلى الطريق التاريخي الصحيح الذي كان من المفترض أن تسلكه وحالت دونه المحاولات التي قامت بها حركة التحرر الوطني, بحسن نية أو بدون ذلك.
ولا شك في أن أولــــويات ســــلوك هذا الخيـــار تكمن في معرفته. إن المعرفة بالشيء ركن أساســــي وضرورة لازمة لامتــــلاكه. ومن المهم ألا نكــــررهــــهناتجربةالسبــــعينات من القـــرن الماضي حين كان 90 في المئة من المثقفين العرب ماركسيين, دون أن يقرأوا «رأس المال», ولا تــــجربة الإســـلاميين الحاليين المستعدين للموت وهــــم لم يقرأوا القران. وبالــــتالي لا بد لمن يعمل على الدعـــوة للخيار الليـــبيرالي من أن يبدأ بالسؤال التالي: هل ثمة حامل اجتماعي لهذه الدعوة النظرية؟

الليبيرالية نظرية كفاحية نشأت في ظل الصراع المرير الذي قادته البرجوازية الأوروبية مع الإقطاع والكنيسة, في محاولتها لاستبدال العلاقات الإقطاعية باقتصاد السوق. لتصل إلى ذلك, كان لا بد للبرجوازية من أن تطيـــح بالبنــــاء الفوقــــي الإقطــاعي بمجمله. ومن هنا نشأ الإصلاح الديني والعلمنة والعلوم الطبيعية والفلسفة الحديثة والدستور والبرلمان والأحزاب والصحافة وكل مظاهر الحياة المدنية المعاصرة.

في الشرق العربي, نشأت الرأسمالية والإقطاع في مرحلة تاريخية واحدة تقريبا. وتم استيراد المفهومين كليهما, سوية مع المطبعة والصحافة ومفهوم الدولة, من خلال احتكاك الشرق العثماني بالغرب. وكان علينا انتظار القرن التاسع عشر, لكي تتبلور في الدولة العثمانية مفاهيم الملكية الخاصة للأرض (الطابو) ولوسائل الإنتاج الأخرى. وتطورت كلا الطبقتين معا, فنشأ بينهما نوع من التعاون بدلا من الصراع. غير أن الاستعمار الأوروبي لعب دورا في بلورة أكثر وضوحا لرأس المال واقتصاد السوقوالليبيرالية. وفي أغلب الحالات غادر الأوروبيون بلادنا تاركين فيها صحافة وبرلمانات وأحزابا ومفهوما حديثا عن الدولة والمؤسسات وتداول السلطة. وفي سورية, كما في مصر, بدأ المثقفون الليبيراليون يلعبون دورا تنويريا هائلا في محاولة منهم لبلورة تركيبة رأس مالية مستقلة وواضحة.

على أن هذه الجهود, أصيبت بنكسة كبيرة على يد حركة التحرر الوطني التي خلطت ما هو قومي بما هو اشتراكي بما هو إسلامي في مزيج هجين أدى, في ما أدى إليه, إلى تغيير أولويات الوطن من البناء الاقتصادي والاجتماعي السليم والمتماسك إلى تبني شعارات فارغة كانت نتيجتها وأد الحركة الليبيرالية الوليدة في ذلك الوقت والـــدفع بالبلاد إلى اللامكان. ومركزت حركة التحرر الوطني دورها بالكفاح ضد «الإمبريالية» ودفعت كل ما خلا ذلك من تنمية وبناء اقتصادي واجتماعي ونفسي إلى الوراء بحجة أن «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»وبذلك تصدرت القضية الوطنية, سواء باعتبارها صراعا سياسيا وعسكريا مباشـــرا مع العدو أم باعتبارها طرفا في «لوحة الصراع الدولي بين معسكر الثورة ومعسكر الثورة المضادة» أولويات العمل الوطني. وتم تجاهل العمل الوطني الحقيقي الذي كان ينبغي أن يتمحور حول بناء اقتصاد قوي ومتماسك يكون لاعبا حقيقـيا في حل المسألة الوطــــنية وحول بناء الإنسان الذي ينبـــغي أن يكون أساس مفهوم المواطنة: الإنسان- المواطن الحر. وبذا بنت حركة التحرر العربية وطنا من دون مواطنين. ولا غرابة, إذن, أن يتوزع مناضلو حركة التحرر الوطني بالتساوي بين السلطة والمعارضة. ومن هنا فإن من المألوف أن ترى في سورية مثلا أحزابا تحمل الاسم نفسه والتاريخ نفسه, تتوزع بين الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة والتجمع الوطني الديموقراطي المعارض. وهكذا يتوزع المناضلون التحرريون بين كراسي الحكم وأقبية السجون.
على أن ما هو أدهى من ذلك أن حركة التحرر الوطني نفسها تحولت إلى أشد أنواع اقتصاد السوق خطورة, وذلك بالعلاقة القوية التي أقامتها مع بعض الانتهازيين الذين قفزوا على عجلة الخصخصة والتحول الاقتصادي الجاري في سورية. وخــــطورة ذلــــك تأتي من أن هؤلاء الرموز لم يبنوا رأس مالهم من خلال الــــتراكم والمنافــسة وإنما من خلال ارتباطهــــم بمتنفـــذين في الحكم. ولا عجب, إذن, أن يترافق التحول الرأسمالي الجاري الآن في سورية مع أشد أنواع الانحلال الاجتماعي والأخلاقـــي ومع انتشار الفساد والرشوة والمحســـوبية والتهرب من الضرائب واللجوء إلى المظلة الديـــنية بكل ألوانهــــا, المعــــتدلة والمتطرفة, وهو ما نراه منتشرا الآن بين جميع فئات الشعب.

من كل ما سبق, يحق لنا أن نستنتج أن الليبيرالية في سورية ليست ترفا يمارسه الهواة الديموقراطيون. إنها, بالأحرى, ضرورة تاريخية لا بد منها للخروج بسورية من عنق الزجاجة. غير أن المشكلة تقع في الحامل الاجتماعي لهذا الخيار. لقد تم تدمير منهجي للطبقة البورجوازية السورية وحولتها من طبقة قائدة اقتصاديا واجتماعيا إلى طبقة مهاجرة.
ولئن تمت عمليات هجرة محدودة للرأسمال السوري خارج حدود البلد, فإن الأخطر والأدهى, كان هجرة العقول الاقتصادية البورجوازية, التي هاجر الكثير منها خالي الوفاض وأعاد بناء نفسه في دول المهجر. أما بقايا هذه الطبقة التي فضلت البقاء في سورية, فقد تحولت إلى طبقة تفضل العمل المضمون على المغامرة, خصوصاً في ظل انعدام الحماية القانونية لأي استثمار. فهل من الممكن إذن قيام ليبيرالية سورية؟

لن نقف ضد المتشـــائمين إذا ما حكموا بصعوبة ذلك. ولكن دورا رئيسيا يمكن للمثقفين أن يلــعبوه في هذه العملية. ونستعير هنا مقولة لينـــينية, بتصرف كبير. لقـــد كان لينيــن يحلم دوما بأن يقوم المثقفون بتـــحويل الطبقة العالمة «من طــــــبقة بذاتـــــها إلى طبقة لذاتــــها». لقد فــــشل المثـــــــقفون الروس في هذه المهمة, عندما قــــرروا «إحلال الحزب محل الطبقة», وهـــو ما أدى إلى إحلال اللـــجنة المـــــركزية محل الحزب والأمين العام محــل الجميع, وفـــــق الروايـــــة التروتــــــسكية الكلاسيكية. وهذا الــفـــــشل هو الذي دفع بالعالم إلى هاوية الحرب الباردة الــــتي استنفدت أرواحا وطاقات وإمكانات كان يمكن أن تغير وجه تاريخ القرن الفائت. فهل ينجح المثقفون السوريون في ما عجز عنه زملاؤهم الروس؟

بانتظار الإجابة على هذا السؤال, لا بد من التأكيد على أن هذه المهمة لا يمكن أن تتم فقط بالتغني بالليبيرالية, وبالتأكيد لا يمكن أن تتم بالخلط بين مفهوم الليبيرالية ومفهوم الديموقراطية, وهما ما يحب إيمانويل والرشتاين أن يسميهــما الأخوة الأعداء.



وائل السواح / كاتب سوري.



04-01-2005, 01:06 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  سياسة المواجهة مؤكّدة... الحرب ممكنة.. بيلوز 1 546 10-04-2007, 01:36 PM
آخر رد: بيلوز
  التشيع في سورية شهاب الدمشقي 60 10,451 09-10-2007, 07:36 PM
آخر رد: ماجد الدومري
  هل الطائفية ممكنة في سوريا؟ AlMufakker 9 1,483 01-08-2006, 10:24 PM
آخر رد: AlMufakker
  ليس على متن طائرات سورية الحرية قريبة 1 620 09-06-2005, 04:00 AM
آخر رد: الحرية قريبة
  سورية ولبنان اميريشو 1 470 08-16-2005, 11:01 AM
آخر رد: اميريشو

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS