{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لـِــمَـا نـَكــتـُــب ؟ بقلم : 'wallada'
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
لـِــمَـا نـَكــتـُــب ؟ بقلم : 'wallada'
Array

لـِــمَـا نـَكــتـُــب ؟
ج1

من أين ينحدر النصّ ؟ و كيف يشرع في النهوض ؟ إنه مجرّد كلام، و لكنه نوع من الكلام متفرِّد . في رحابه ، تقضي الكلمة على اغترابها عن ذاتها ، فتكفُّ عن كونها أداة تستمدُّ ماهيَّتها من مدى تحقيقها لوظيفتيْ "الإبانة و الإفهام " بالمعنى النفعيِّ اجتماعيًّا ، و تستردُّ ماهيَّتها من جديد لتتحوَّل إلى كِيان يرشـَحُ بذاتِ قائلِها ، ذلك أنَّ الكتابة ضربٌ من النـَّرجَسيَّة أو لا تكون ، هي منافسة الخالق في الخلق فتتسَرْبَـلُ بالغموض و تبدو كما لو أنها تقف على تـُخُوم ما لا يُقال و ما لاذ بالصَّمت و تومِئ مجرَّدَ إيماء و تجاهِدُ لتكون . لذلك تتـبَدَّى أنها حركة اجتياح لما يظلُّ مُحْـتمِيًا بالممنوع و المُـحَرَّم ممَّا لا يطاله الكلام العادي المسطـَّح .
إنَّ المُدوِّن ، حتى في لحظات الرُّعب و الحزن أو خيبة الأمل أو الغضب ، لا ينشغل بذاته عن العالم بل يحضر في تفاصيله حين يكون قادرا على انتشاله من عتمَة الغياب و المرور به إلى الحضور و التجَلـِّي فيُـفلِتُ من عِقالِ التـَّشَـيُّؤ و يشهدُ تحوُّلا هائلا : إنَّها لحظة المكاشفة التي تنهض على التشكـُّل و الاشتغال و تنتقل بالنصِّ من السَّطح إلى العمق فيتحوَّل في نظر القراءة العاديَّة المتعجِّلة إلى تعتيم و تعمية و يصبح مبدعوها في نظر البعض " أيْـتـَامًا " من هنا نفهم لماذا ينغلق النصُّ في وجه القراءة العاديَّة و لا يمنحها نفسه لأنَّها تطلبُ مَوْته ، يقول محمود درويش " إنَّ الوضوح جريمَة "
هذا ما تعجز عنه المقاربة التي تتشبَّث بالسَّطح . إنَّها تقف قاصِرَة و لا تجيب ، لأنَّ الإجابة تتطلـَّبُ إعمال الفكر و استقراء الدَّلالة و التورُّط في أدغال المقاصد و تلك مجازفة لا يقدر عليها الجميع خصوصا أولئك الذين يغيبون عن التدوين – و لست أدين غيابهم فلكلِّ أسبابه – ثمَّ يظهرون ليُقيِّمُوا هذا و ذاك و يصدرون الأحكام جزافـًا ، و يُطلقون الألقابَ دون ترَوٍّ و الأدهَى أنهم لا يقدِّمون البَدِيل .

و للحديث بقيَّة
[/quote]

______________

Array

لـِــمَــا نـَكـــتـُــب ؟
ج2

يتـَّضِحُ لي أنَّ المدوِّن يختار الكتابة كمنقذ مُـخلـِّص ، غير أنَّ هذا الاختيار قائم على مفارقة مذهلة ، ذلك أنَّ الكتابة عذابٌ و ضـَنـًى . و الشروع فيها دخول في سفر العذابات و الوجع . فتتوالد في النصوص الومضات المخبِرَة عن ذلك الضنى العاتي و الوجع المـُمِضّ ، فتبدو الكتابة كما لو أنَّها نوع من العَصْف فالرُّؤيَا التي يحوِّلها المُدوِّنُ إلى كلام ، تأخذه من ذاته كالزَّلزلة .
فإذا كانت الكتابة مُرِيحَة صارت لغوًا ، غير أنَّ التدوين رسالة و ما أرقى الرِّسالة عن اللـَّغو . و أعتقد أنَّه من العبث و الحمق أن نلغـُو بيننا و بين أنفسنا في زمن الرَّدَاءة و السطحيَّة فما بالك باللغو في الفضاء التدويني على الملأ . إنْ لم يكن التدوين دافِعًا و لا نافِعًا و لا مُستفِزًّا و لا مُلهـِمًا فهو الخـُسْرُ بعينه.
هذا نهجنا في مقاربة النصوص إلى حدِّ الآن ، نحاصِرُ الومضات و نستقرِئها ، فتتحوَّل بعد طول التملـِّي إلى مَسَارِبَ تقود إلى ما تكتـَّمَ مُقفـَلا على نفسه ، و ما تحَجَّبَ مُتمَنِّعًا لا يمنحُ ذاته . ألا يعني الاستمرار في طقس الكتابة أنَّ العذاب المتولـِّد عنها يتحوَّل ، حين يبلغ حدًّا ما ، إلى لذة تفسِّر الإصرار على المضيِّ إلى المنتهَى ؟ لقد تبيَّنَ أنَّ لحظة الكتابة هي تلك اللحظة الهائلة التي يرتادُ المؤلـِّف فيها زمن النصّ و يفلت من عقال الزمن التعاقبيِّ ، و يكتشف ما وراء الظاهر من أبعاد تتلاقفه و تجعله ماثِلا في مهبِّها . و حين يمثل في حَضرَة النصّ يكون قد شرع في التقاط ما يسمِّيه أبو القاسم الشابِّي " نبض الكون" أو " روح الكائنات المُستتِر " فيستشعر اللذة العارمة التي تفسِّر إصراره على مواصلة الكتابة و قيامه في الآن نفسه على ثنائيَّة غاية في الرَّوعة هي: لذة الكتابة/رُعب الكتابة .
و للحديث بقيَّة
[/quote]
_______________

Array

لـِــمَـا نـَــكـتـُـــب ؟
ج3

أفتتح هذا الجزء الثالث بقولة لأدونيس " في البدء لم نـُخلـَق ، في البدء كان القول "
تعامل الإنسان مع الكون كموضوع معقد فكانت عمليّة الاكتشاف تتمّ تدريجيًّا عن طريق التسمية ، تسمية الموجودات و المُدرَكات . كانت اللغة تزخر بالحياة ، مليئة بالاحتمالات و الإمكانات ، لقد كانت تضطلع بأشدِّ أدوارها خطورة : التسمية / الكشف و الكشف / التأسيس

معنى ذلك أنَّ اللغة هي شرط الوجود . فهل تعطـّلت وظيفتها تلك و أدركها البـِلـَى ؟ هل فقدت حرارتها الأولى بالتداول و التكرار و الاستعمال ؟ هل ماتت الكلمات و لم يبق منها بين يدي الإنسان مجرَّد ثرثرة تقوم على أنقاضها " مملكة الأشياء "
يقول محمود درويش " أرى عصرًا من الرَّمل يغطـِّينا ، أرى فيما أرى مملكة الرَّمل على الرَّمل "
لا بدَّ أن تتمرَّد اللغة على عِقال البُعدِ الواحد حين تكفُّ عن كونها ذات دلالة واحدة ، و تطفح بالدلالات التي تجعلها تلتقط الشيء و تسمِّيه و تعرِّي كوامنه و تكشف عن أبعاده ، فيكفُّ الواقع تحت مفعولاتها عن كونه فجًّا مسطـَّحًا مَوَاتا . و بذلك يكون النصّ ، بتعامله الأصيل مع اللغة ، قد انتشل اللغة و انتشل الواقع و من ورائهما الإنسان . فمتى استلبت اللغة و تقادمت و اغتربت أدركها البـِلـَى ، فهي عوض أن تمنحنا ماهيَّة الكائنات ، تسلـِّمنا مظاهرها ، و تمنحنا قشرتها الخارجيَّة . فتفقدُ أهمَّ مميِّزاتها . و من ثمَّ يصبح الإنسان ذاته – ذلك الذي ربط حضوره في الكون بحضور بقيَّة الموجودات- مُهدَّدًا في وجوده أيضا .
ههنا ، صار لزامًا أن نضطلع بأشدِّ أدوارِنا خطورة : أن نجدِّدَ اللغة فنجدِّدَ الوجود . أن نقدر على الفعل في اللغة و إجبارها على استرداد ذاكرتها في زمن بلا ذاكرة . تبعا لذلك يصبح التوقف عن الكتابة إقرارا بسلطان العدم و سيطرته .

هكذا ينكشف لنا أنَّ الكتابة تغدو- نتيجة قدرتها الفائقة على انتشال اللغة / الوجود / الإنسان– أعظم فعل مارسه الإنسان على الإطلاق
[/quote]

(f)
09-24-2008, 10:10 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
Lightbulb خان الخليلي -- بقلم نيو نيو فريند 1 3,011 12-26-2011, 06:10 PM
آخر رد: نيو فريند
  النقد الكتابي للقرآن \بقلم شاكر فضل الله النعماني الوهيم 4 2,540 06-24-2011, 08:37 AM
آخر رد: Kairos
  الوهابية تشوه الإسلام .... بقلم د خالد منتصر memo300033 0 1,923 08-28-2010, 05:16 PM
آخر رد: memo300033
  كتاب.. "النبي والبروليتاريا"- بقلم: كريس هارمن روزا لوكسمبرج 8 2,230 02-28-2006, 06:54 AM
آخر رد: Discovery

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS