كيف بنى العالم حضارته على أكتاف العرب؟ ...
الآثار في سوريا : رومانية - بيزنطية؟ أم عمورية عربية؟ إلى متى ننسب حضارة المعلمين إلى تلاميذهم؟ .. بقلم : نينورتا داوود
تدمر, بصرى, جبلة, دمشق, قلعة الحصن, جرش، مدننا الأثرية الرائعة الجمال، من منا لم يزرها ولم تطالعه تلك اليافطات التي تلاحقنا حتى على شاشات التلفزة وبروشورات السياح: مسرح روماني – آثار بيزنطية – رومانية – قلعة صليبية – طراز روماني… الخ, ثم وفي مكان آخر من كتب التاريخ نجد اسم أبولودور الدمشقي بقلم من ذهب وهو المعمار السوري الذي بنى أهم أوابد روما التاريخية وسنأتي على ذكر هذا لاحقاً بالتفصيل, وكيف أن الرومان دمروا مدن سوريا ولم يبنوها, بينما السوريين أو العرب العموريين نقلوا الحضارة والتمدن إلى روما وهم الذين أوجدوها أصلاً.
نصطدم بهذه المفارقة وهذا التناقض الصارخ … ونطرح التساؤلات التالية: أين هي الحقيقة؟, من بنى هذه الأوابد في سوريا وبلاد الشام وليبيا وتونس وغيرها؟… في هذه الدراسة سنجد الحقيقة المغيَّبة.
بدايةً نلفت انتباه القارئ أننا استندنا على معلومات موثقة من قبل بعض المؤرخين الغربيين المنصفين وليس من العرب, السبب الأول هو أن العرب قد تتلمذوا أصلاً في جامعات الغرب التابعة للمؤسسات الاستعمارية والتي قامت عن عمد
وبتخطيط مدروس بتشويه وتزوير تاريخنا، فأخذوا منهم شهاداتهم "بتاريخ العرب"، لهذا فهم ليسوا إلا تلامذةً مخلصين مرددين لما يقوله هؤلاء بجهل تام, والسبب الثاني هو أنه كما يقال"مزمار الحي لا يطرب!", وبالتالي فإن إرجاع هذه المدنية الحضارية العمرانية إلى أصولها العربية على يد مؤرخين عرب سوف يتخذ ذلك الوصف المبتذل والمستهلك في أوساطنا الثقافية التي تقول عن صاحبها: ايه إنه يريد جعل كل شيء عربياً!.... إنه متعصب لقوميته "قومجي" أو لبلده…
سوري جداً… يبدو أنه من أبناء الحزب السوري القومي!... وغيرها من التوصيفات "الجاهزة مسبقاً" لرد أولئك الباحثين العرب الذين صرخوا في وجه هذا التشويه.
لذلك سوف نبتعد عن مثل هذه المهاترات ولنأخذ الحقيقة من لسان المؤرخين الأجانب الموضوعيين والذين أجلوا وجه المعلومة الصحيحة:
لنبدأ بالتسلسل الزمني الحضاري والذي سوف نستنتج كم نسيء إليه حين ننسب تلك الأوابد إلى روما وبيزنطة. إن وجود الحضارة بدأ في الشرق, ومن شبه جزيرة العرب انطلقت أولى التجمعات الحضارية -وليس البدوية- العربية التي تمثلت
بالسوريين العموريين (الذين سكنوا سوريا وسميت بلاد عمورو وبلاد آرام وأسورا عربايا وأطلق على البحر المتوسط تسمية بحر أمورو و البحر السوري, ثم سمي الجزء الشمالي منها بلاد الشام أي الشمال), أي أن العموريين (العرب – الآراميين – السوريين – الفينيقيين) هم تسميات لشعب واحد منهم من بقي في شبه الجزيرة ومنهم من نزح شمالاً. يقول الباحث الدكتور عفيف بهنسي: «إن الآشوريين والعموريين والكنعانيين والآراميين والكلدان هم العرب الذين انتقلوا من الرافدين باتجاه الشمال والغرب ليشكلوا حواضر وينطقوا بلغة واحدة»[1] ، لكن لماذا نجد "علماء التاريخ" في
الغرب يقسمون هؤلاء إلى شعوب وأقوام؟ الجواب عند الباحث الفرنسي الكبير بيير روسّي الذي قال: «إنه هوسنا (الأوروبيين) هو الذي فرّق شعباً إلى شعوب كالمؤابيين والعموريين والكنعانيين والآراميين والسوريين ….الخ, لماذا؟ لأننا نريد أن نميز فيهم خصوصيات عرقية أو طائفية تجبرنا على أن نضع بينها العبرانيين»[2].
هكذا إذن! لقد قام المؤرخون الأوروبيون بتقسيم هذا الشعب الواحد إلى شعوب وأقوام وممالك لكي يتسنى لهم حشر بدعة "الشعب العبري" المتجذر والمتفرد بينهم! ومن ثم ليقال أن فلسطين هي أرضهم التاريخية وأن ليهود العالم الحق فيها! هكذا يكتب تاريخنا, وهذا ما يحصل عندما تقترن الأهداف السياسية الاستعمارية بالفكر والعلم, يُغيَّب البحث العلمي وتُدفن الحقيقة ليتم "تأليف وتركيب" تاريخ ينسجم معهم.
بينما يصرّح روسّي: «إن التاريخ المصنوع للعبرانيين خارج نصوص التوراة هو الصمت الكلي المطبق, فلا العمارة ولا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً ولو قليلاً للعبرانيين»[3].
إذن فهذا الشعب واحد, ويعود تواجده على أرضه إلى آلاف السنين قبل الميلاد, وأوغاريت مثلاً اكتشف فيها أول أبجدية كتابية بل وأول تدوين موسيقي في العالم, يقول بهنسي :«إن أوغاريت قدمت أول أغنية في العالم ترجع إلى
العام 1400 ق.م, أي قبل ألف عام من أقدم قطعة موسيقية عرفها الغرب, وهي أساس علم الموسيقى الغربي الذي أقامه فيثاغورس عام 500 ق.م إذ أنها تقوم على السلم السباعي الدياتوني»[4], وهذا الشعب الواحد هو الذي بنى صروح العمران في تدمر – بصرى – جرش – بعلبك – أفاميا – جبلة – أنطاكيا…. وغيرها جميع المدن الأثرية في بلاد عمورو وليبيا والمغرب مع الاحتفاظ بخصوصية ما لكل منها.
لنتكلم الآن في التفاصيل, ولنأخذ تدمر كمثال وهي من أشهر المدن في سوريا وبخاصة شارعها الطويل الذي كما يدّعون بني على الطراز "الروماني", ولنعد إلى التسلسل الزمني، من الأقدم روما أم تدمر؟
والجواب: إن نشوء روما يعود إلى العام 753 ق.م (القرن الثامن قبل الميلاد) كما هو معروف, بينما تدمر ذكرت في رقمين من رقم مدينة ماري السورية القديمة (تل حريري على الفرات السوري اليوم) يعودان للعام 1800 ق.م, أي قبل
ألف عام من نشوء روما وقبل ظهور الأديان السماوية الثلاثة.
وفي الحقيقة فإنه بعد أن نشأت الحضارة في سوريا القديمة امتدت عبر البحر المتوسط (بحر عمورو) وعبر أراضي تركيا اليوم لتصل إلى أوروبا (القارة التي لم يكن لها اسم قبل عروبة السورية ابنة ملك صور), واستوطن السوريون
روما وجعلوها مدينة ومركزاً تجارياً بين سوريا وغرب المتوسط, وفي هذا يقول ولـ ديورانت المؤرخ الأمريكي: «وأما السوريون النحاف الأجسام الوادعون الظرفاء الماكرون الدهاة فكان الإنسان يلتقي بهم في كل مكان من العاصمة روما يشتغلون بالتجارة والصناعات اليدوية والكتابية والشؤون المالية, وكانوا هم المسيطرين على التجارة الدولية وكان لهم في روما عدد كبير من المعابد في كل واحد منها مدرسته ومجلس شيوخه»[5], ولقد نقل هؤلاء السوريين معهم إلى روما كل شيء، بدءاً بالتشريع وسن القوانين وأعظم هؤلاء القانونيين هما بابنيان الحمصي وتلميذه أولبيان الصوري «والذين نصب لهما الايطاليون تمثالين على مدخل قصر العدل الحالي في روما»[6], مروراً بالفنون كالموسيقى والتمثيل والعلوم كلها، ما قاد الشاعر الروماني جوفينال إلى قول جملته الشهيرة "لقد أخذ نهر العاصي السوري يصب في التيبر منذ زمن بعيد حاملاً معه لغته وثقافته وآدابه ورنات أعواده", ومن ضمن ما نقلوه هو علم العمران الذي يقول فيه روسّي: «إن أحياء روما الجميلة والفورومات (الساحات) كانت مبنية على صورة مدن مصر وادي النيل وآسيا الصغرى (سورية)…. لقد أخذت من العمارة الآرامية المنحني والقباب والأقواس الصغيرة ولقد كانت المساكن الخاصة منقولة حسب الطراز التقليدي الآرامي, كما كان حضور مهندسين معماريين ومعلمي بناء ومزيني ديكور سوريين إلى روما أمراً مؤكَّداً منذ وقت مبكر» [7].
ويقول أيضاً الباحث عفيف بهنسي: «إن عدداً من المعماريين السوريين اشتركوا في بناء الأوابد الضخمة للإمبراطورية الرومانية, ونحن ما زلنا نرى آثار دمشق و أفاميا وتدمر وبصرى وشهبا وبعلبك وجرش..., وكلها من بناء المعمار
الشامي»[8].
والآن لنستعرض أبرز معالم روما الأثرية التي ينسبون إليها العمارة السورية القديمة, لنأخذ البانثيون على سبيل المثال, يقول روسّي: «لقد اتسمت الإمبراطورية الرومانية بالسمة العربية عندما بني في روما معبد البانثيون الذي بناه مهندس معماري سوري في فجر المسيحية»[9], وإن هذا المعمار ليس سوى «أبولودور الدمشقي باني البازليك وقصر العدل في روما الذيبني في عهد الامبراطور تراجان »[10].
وهذا «الأبولودور الدمشقي يعود إليه أيضاً بناء كل من: السوق – الفوروم – دار العدل – المكتبتان – عمود تراجان – الجسر العملاق على الدانوب – قوس النصر – حمامات وجمنازيوم – توسيع مرفأ أوستيا – تجفيف المستنقعات – إصلاح قناة من النيل للبحر...»[11].
ويذكر تاريخ كامبردج بأن «سوريا في مجال العمارة كانت متقدمة على روما, بل كانت بالنسبة لها النموذج الذي احتذته»[12].
أما بالنسبة لبصرى ومسرحها الشهير الذي تقيم عليه وزارة الثقافة السورية مهرجاناً دولياً دورياً والذي مع الأسف يترافق بتوصيف "روماني" دائماً فتقول المصادر أن «الإمبراطور السوري فيليب العربي الذي يتصدر تمثاله منصة عمدة روما اليوم في مجلس المدينة ضمن بناء الكابيتول, والذي يعود إليه الفضل في إنقاذ روما من الجرمان البرابرة وفي تحرير المسيحيين الذين اضطهدوا في روما, عندما استلم الحكم عام 244 ميلادي اهتم بموطنه الأصلي في سوريا
(مدينة شهبا في حوران) فجعل من بصرى متروبولاً (عاصمة) وأنشأ في شهبا الكثير من المباني الجديدة (كالمسرح والأقنية والحمامات والشوارع الرئيسية)»[13].
أما حمامات كركلا الشهيرة في روما فهي تعود إلى عهد الإمبراطور كركلا ابن الإمبراطورة الحمصية السورية جوليا دومنا زوجة الإمبراطور الليبي سبتيموس سفيروس, هذه الأسرة التي حكمت روما لزمن طويل ازدانت فيه الإمبراطورية بأزخر فتراتها عمراناً وحضارة, وفي عهدهم ازدهرت الفنون والعلوم والفكر والقانون كما يؤكد جميع الباحثين.
والآن لنعد إلى يافطاتنا "العزيزة"، لماذا بعد كل هذه الحقائق نصر على إطلاق تسمية "روماني" أو "بيزنطي" على كل
حجر قديم ومسرح وعمود في سوريا؟ يجيب البعض بأن زمن بنائها يعود للعصر الروماني, وهذا قول مردود عليه بحسب التسلسل الزمني الذي يفصل بين نشوء هذه المدن في سوريا وبين نشوء روما وهذا الفارق يصل ل1000 عام بين المدنيتين لصالح قدم المدنية في سوريا, أي أن هذه الأوابد تعود إلى ما قبل فترة احتلال الرومان لسوريا, وهذا ما يؤكده المؤرخ بيير روسّي أيضاً إذ قال «إن العرب, ذلكم الشعب الحقيقي والذي يمتلك وجوداً اجتماعياً مستمراً ثقافياً ولغوياً يعطي حياةً لهذا البحر المتوسط منذ عدة آلاف من السنوات... وإن الأبنية الأثرية قائمة هناك لكي تشهد» [14].
وثانياً, إن فترة الوجود الروماني كاحتلال اتسمت بتدمير هذه المدن السورية وليس ببنائها, لأن الجيش الروماني كما تذكر الكتب انتهى به الأمر إلى جيش من المرتزقة من برابرة أوروبا, والذي بعد انتهاء فترة الحكم السوري لروما
قد تحول إلى طامع بكنوز وثروات الشرق العربي, وفعلاً بعد فترة من الصراع مع زنوبيا الملكة السورية انهارت المنطقة واحتلها الرومان, وزنوبيا (التي تقول عن نفسها في أوراقها السرية بأنها زينب بنت عمرو سليلة الآراميين وأنها ملكة تدمر العربية) تصف الرومان بمخاطبة روما في تلك المرحلة قائلةً: «يا روما, لقد سرقتِ ألواح ذهب معابدنا وهدمتِ المقدسات والبيوت والقصور وخربتِ الحدائق والبساتين, وجيشك البربري يرود بين جمالنا ودوابنا»[15].
ومنهم من هو قائل: روماني أو بيزنطي أي أنه على الطراز الروماني والبيزنطي! وعلى أمثال هؤلاء ترد الباحثة الألمانية زيغرد هونكه: «إن فن القلاع والحصون هو فن عربي بدأ في اليمن ونقلته شبه الجزيرة العربية وأخذته عنها
بيزنطة»[16].
أما بالنسبة لبيزنطة والفن "البيزنطي" فإنه لم يكن سوى مظهر من مظاهر الفن السوري, لنقرأ ماذا كتب بيير روسّي:«كان جوستنيان يعتبر كنيسة آيا صوفيا في بيزنطة رائعة حياته والتعبير عن العظمة السورية – الآسيوية, وقد بناها كل من أنطونيوس وايزدرد تلميذا التقاليد السورية»[17].
وأيضاً تطالعنا عبارات قلعة "صليبية" في سوريا! وعليهم ترد هونكه: «إن ما يسمى بقلاع الصليبيين فإنه في الواقع أقدم بكثير من عصر الحروب الصليبية وليست هذه القلاع وليدة أفكار الفروسية الغربية كما يحلو لمؤرخي
الغرب ترديد ذلك دائماً»[18], ثم تقول في نفس الصفحة «من جنوب ايطاليا يُنقل فن البناء العربي إلى شمالها ثم إلى
ألمانيا ليبلغ أقصى ازدهاره»[19], وأما في ما دُعي بالفن القوطي تقول هونكه إنه «عمّ أوروبا وإنه عربي الأصل تماماً»، كما تؤكد أن «الفن العربي ترك بصماته على كل فنون العالم بما فيها طراز تيودور في الولايات المتحدة الأمريكية والذي أصبح طراز البناء الشهير للجامعات»[20].ثم تفضح هونكه هذا التزوير لتاريخ العرب قائلةً: «إننا ندّعي أن فننا القوطي لا يحمل من الفن العربي إلا النزر اليسير, وإن الفن الروماني ليس تطوراً للفنون الشرقية
القديمة وفنون آسيا الصغرى, وبأن الفن العربي ليس إلا تجميعاً للفنون البابلية والبيزنطية والفارسية, إلى متى نظل متمسكين بتلك الآراء الخاطئة؟»[21].
نعم إلى متى؟ إلى أن نعيد نحن العرب الألق لتلك الحقيقة ونتمسك بها, إلى أن نكف عن نقل التزوير وترديده, إلى أن نرفع يافطات مسرح عموري بدلاً من روماني, إلى أن نعيد امتلاك ثقافتنا المشوَّهة وإنجازات أجدادنا المغيَّبين في
الرمال, إلى أن نصغي إلى أمثال بيير روسّي الذي يقول: «إن التعليم الجامعي الغربي منذ عصر النهضة كان لصالح أثينا وروما اللتين غدا الأوروبي من خلالهما يعتقد أنه اكتشف ذروة مثالياته لكي ينسحب العرب شيئاً فشيئاً حتى يغدوا من قبل الغرب في القرن العشرين مختصين بالجمل والقبيلة والثأر والبداوة, ويوجد لدى العرب أنفسهم اليوم أناس يستفيدون من ذلك في تزيين أطروحاتهم المستعربة»[22], ومن أمثال مدير مكتب علم العمارة القديمة في باريس ج.ب.آدم الذي صرخ في كتابه (علم الآثار أمام الدجل والتضليل) قائلاً :«إني مذهول من رؤية العقل السليم مستهزأ به إلى هذه الدرجة".
إذن, ما الذي حصل؟
الجواب هو أنه زمن الاحتلال العثماني لبلاد العرب انكفأ الفكر العربي تحت مداس التكفير والقصور الفكري الديني والعلمي الذي امتازت به السلطنة العثمانية, في الوقت الذي نهضت فيه أوروبا من علوم العرب وقامت بثورتها
التقنية, مما أدى لتراكم رأس المال الذي ازداد جشعاً.
ومرة أخرى اتجهت العيون نحو ثروات الشرق العربي كالعادة, وبدأت رائحة الاحتلال تنبعث مرة أخرى, وسخّرت
هذه العقلية الاستعمارية مفكري الغرب وكتبته لصالح تكريس التفوق الأوروبي التاريخي من خلال إبراز أثينا وروما وسلخهما عن أصولهما العربية السورية العمورية, وترسيخ النظرة للعرب على أنهم بدو متخلفين بحاجة للوصاية من قبل الغرب المتحضر بعد سقوط الدولة العثمانية, وهذا ما أدى لظهور فكرة خلق كيانات عرقية ترتبط تاريخياً وعقائدياً بأوروبا في المشرق العربي, فظهرت بدعة الشعب الآري والشعب العبري، ثم زُرعت إسرائيل في فلسطين بعد تقسيم سوريا باتفاقية سايكس – بيكو لتكون هذه الإسرائيل قاعدة عسكرية جاهزة في أي وقت لوأد أيه نهضة عربية محتملة, وجُيّشت مؤسسات التأريخ والثقافة والفكر الجامعي الأوروبي لصالح هذا الفكر العنصري الحاقد, وقرروا احتلال سوريا بعد التقسيم بالانتداب الفرنسي والبريطاني, ثم عمّمت سلطات الاحتلال بالتنسيق فيما بينها هذا التوصيف (روماني – بيزنطي – صليبي) قسراً على كل أثر بارز على وجه هذه الأرض الخالدة, لكي تكتمل اللوحة العنصرية المرسومة.
وعندما وضع الجنرال غورو قدمه على قبر صلاح الدين قائلاً: «ها قد عدنا يا صلاح الدين» لم يكن أقل وضاعةً وحقداً من أولئك الذين وضعوا تلك التسميات المزعومة على آثار أجدادنا.
إن أمثال هونكه وغوستاف لوبون وبرنارد سيميوث وول ديورانت وبيير روسي ما زالوا حاضرين, لكن هذا لا يكفي, إن روسي في مقدمة كتابه قال: «لقد آن الأوان الذي ينبغي فيه للعالم الشرقي أن يبدأ فيه اكتشاف حقيقة تاريخه وثقافته
اللتين لولاهما... لغدا الغرب فارغاً...».
هل تعتقدون أن الأوان آن فعلاً؟... لإعادة آثار بلادنا لأصولها العمورية؟ وأنها على الطراز العربي القديم؟ وأن أجدادنا هم من بناها كما بنوا روما وليس العكس؟, لقد آن الأوان لكننا بانتظار قرار شجاع واحد. وبانتظار تفاعل الأوساط المختصة والمثقفة مع هذه الدراسة لكي نصل معاً إلى الفعل الحقيقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - انظر عفيف بهنسي: الشام الحضارة, طبعة أولى, دمشق, 1986, الصفحة 11 .
[2] - انظر بيير روسّيي: مدينة ايزيس التاريخ الحقيقي للعرب, ترجمة فريد جحا, الطبعة الثالثة عن دار البشائر, 2004, الصفحة 69 .
[3] - انظرالمصدر نفسه الصفحة 25.
[4] - انظر المصدر نفسه الصفحة 51.
[5] - انظر ول ديورانت: قصة الحضارة الصفحة 306.
[6] - انظر أحمد غسان سبانو: السوريون صانعوا القانون الروماني, لندن, 2007, الصفحة 31.
[7] - انظر نفس المصدر الصفحة 307 و308 .
[8] - انظر بهنسي نفس المصدر الصفحة 69.
[9] - انظر روسّي نفس المصدر الصفحة 38 .
[10] - انظر سبانو نفس الكتاب الصفحة 31 .
[11] - انظر عدنان البني: أبولودور الدمشقي أعظم معمار في التاريخ القديم, وزارة الثقافة السورية, 1990 الصفحة 28.
[12] - انظر تاريخ كامبريدج القديم, الجزء11, الصفحة 637, معرَّب .
[13] - انظر بهنسي نفس المصدر الصفحة 67 .
[14] - انظر روسي نفس المصدر الصفحة 24 .
[15] - انظر برنارد سيميوث: الأوراق السرية لملكة تدمر زنوبيا, ترجمة هيثم سرية, الصفحة 161 .
[16] - انظر زيغرد هونكه: كتاب شمس العرب تسطع على الغرب, الطبعة الثامنة, الصفحة 440 .
[17] - انظر نفس المصدر الصفحة 243 .
[18] - انظر نفس المصدر الصفحة 442 .
[19] - انظر نفس المصدر الصفحة 442 .
[20] - انظر نفس المصدر الصفحة 483_484.
[21] - انظر نفس المصدر الصفحة 484 .
[22] - انظر روسي نفس المصدر الصفحة 36 و37.
|