ان تتمكن المقاومة اللبنانية من احباط مخطط اختراق اجهزتها الجهادية من قبل اكبر واخطر جهاز استخبارات عالمي يعمل لصالح العدو الصهيوني وهو السي آي ايه بسرعة قياسية ملفتة هو الحدث الاهم في مواجهة الحرب المفتوحة منذ توقف العمليات الحربية بينها وبين الدولة العبرية!
وان يمتلك قائد هذه المقاومة الجرأة والشجاعة للاعلان عن ذلك على الملأ العام ومصارحة جمهوره عن حيثيات محاولات منفردة ومحددة استطاع فيها هذا الجهاز العالمي من النجاح في اختراق بعض عناصره وتمكن اجهزة مكافحة التجسس لديه من وأدها في مهدها دون ان تتمكن من احداث شرخ مهم او ترك جراحات كبيرة في الجسم الجهادي او بيئة المقاومة الشعبية، فهي نقطة نوعية اضافية تحسب لهذا القائد الاستثنائي ولحيوية الجسم الجهادي ولجمهور المقاومة اللبناني ايضا!
انها مرحلة جديدة من مراحل الحرب الناعمة المفتوحة ايضا على مستوى المنطقة كلها الا وهي حرب الادمغة كما سماها قائد المقاومة الاسلامية اللبنانية، قد بدأت بالفعل منذ مدة على ما يبدو والتي ينبغي على الجميع التهيؤ لها من الآن فصاعدا بكل ما يمتلك من وسائل وادوات واساليب الحرب والحرب المضادة على هذا الصعيد الخطير والدقيق!
للحدث دلالاته الابعد من مجرد حصول ومن ثم اكتشاف حالات اختراق مخابراتية كما هي حالات ما سبقها من اكتشاف شبكات تجسس كان يعلن عنها في الآونة الاخيرة على صعيد الجسم الاجتماعي اللبناني العام!
المسألة اخطر واهم وادق من ذلك بكثير برأي كل من يدقق في السياق الذي حصلت فيه هذه المحاولات، فاذا سجلنا بان العدو الصهيوني ومنذ سقوطه العسكري والامني الكارثي في حرب الثلاثة وثلاثين يوما، ليس فقط لم يتمكن حتى الآن من استعادة وضعه الطبيعي حسب التقارير المتسربة سواء من داخل اجهزته العسكرية او اجهزة استخباراته، بل وبقائه لمدة نحو خمس سنوات عاجزا عن استعادة هيبته فضلا عن الرد على تلك الهزيمة النكراء، عندها فقط نستطيع ان نقدر مدى اهمية وخطورة الخطوة التي اقدمت عليها السي آي ايه الحليفة وتاليا الخطوة المضادة التي نجح فيها حزب المقاومة من احباط المخطط الاكبر!
ماذا يعني ان تلجأ سفارة مثل سفارة اميركا بما تمثل من دولة كبرى تدعي بانها تروج للسلام والاستقرار والامن الاقليمي والدولي الى مثل هذه الاعمال التي تسمى في علم الاستخبارات بـ'الاعمال القذرة' لصالح رد الاعتبار لكيان لطالما كان مدعيا بانه الاقوى لكنه يبدي عجزه وتداعيه في الوقت نفسه وفشله الذريع في معرفة قدرات خصمه وعدوه وشكل خططه المستقبلية في المواجهة او المنازلة المقبلة؟!
انها الدلالة الاهم والاخطر على تلاشي قدرات العدو التاريخي وتهافتها على مختلف المستويات، والا ما معنى ان يضطر هذا العدو الذي استطاع اختراق الجسم اللبناني الاجتماعي في مئات عمليات التجنيد المعلنة وغير المعلنة طوال السنوات الماضية، الى سفارات دول كبرى يفترض انها تتجنب الوقوع في مثل هذه الاوحال قدر الامكان والاكتفاء بطرق جمع المعلومات التقليدية المعروفة الا في حالات الخطر الشديد والاستثنائي؟!
صحيح ان ما حصل في الحالتين او الثلاث التي اعلن عنها الامين العام لحزب الله اللبناني من تجنيد لعناصر جهادية في الحزب امر مؤلم وموجع ومحزن للقيادة كما لكوادرها كما لجمهور المقاومة ولا نريد هنا التقليل من الخسارة المعنوية التي سددتها الاجهزة المعادية ضدنا من خلال عمليتها الاختراقية هذه وهو ما استطاعت الجهات المعنية ابقاءه محدودا و تجاوزه باقل الخسائر المادية الممكنة، لكن الصحيح ايضا وهو الاهم والاخطر برأي كل عارف ومطلع على الحرب الاستخباراتية المفتوحة في اطار الحرب الناعمة الاوسع، هو تلك الدلالة القاطعة من ان العدو الصهيوني يعيش اصعب حالة ترقب وهلع مما يحضر له في المستقبل، وانه مستقتل وحريص كل الحرص على كسر جدار السرية والكتمان المحيطة بمخططات واجندة المقاومة في حال اندلاع اي حرب مستقبلا!
انها حرب الادمغة التي اندلعت على مصاريعها بالفعل كما اعلن الامين العام لحزب الله اللبناني والتي يعتقد المراقبون بانها مؤشر على دخول المنطقة في نوع جديد من الصراعات ستشمل كل ساحات الوطن العربي والاسلامي ستكون فيها اميركا عدوا مستهدفا تماما كما هو العدو الصهيوني. وقد يضاف الى اميركا في الاستهداف قوى غربية وربما عربية عملت او ستعمل لصالح الاميركيين والصهاينة.
ان جزءا من هذه المعركة هو دائر الآن اصلا في الساحات العربية والاسلامية، فمن يعرف ما يجري على الساحة الايرانية الداخلية من محاولات اختراق حثيثة، او ما يجري على قدم وساق من محاولات مصادرة او قرصنة لثورتي تونس ومصر او عمليات استنزاف الثوار في كل من ليبيا واليمن او عملية الصدمة في التعامل مع ثورة البحرين او محاولات اجتياح الحراك السوري وتوظيفه لصالح لي او كسر ذراع المقاومة اللبنانية والعربية والاسلامية , يعرف تماما بان حرب الادمغة هذه قد بدأت اصلا منذ انبثاق ما يسمى بربيع الثورات العربية!
ومن يعرف ما يحضر في الخريف المقبل من مخطط خطير لتصفية قضية فلسطين على المستويين الدولي والعربي الرسمي المترافق والمتوافق المزاج في هذه الايام ضد كل ما هو مقاومة فلسطينية حقيقية يعرف كم هو مهم وخطير ودقيق ما تم احباطه على مستوى الجسم الجهادي لحزب الله اللبناني , وكم هي دقيقة بقدر ما هي مهمة نوعية الاصطفافات الجديدة التي تنتظر الساحات العربية والاسلامية بعد ان كشرت اميركا والقوى الغربية الاخرى عن انيابها 'الناعمة' لصالح العدو الصهيوني الذي بانت عورته وبدأ يتداعى على مستوى التجهيز والاعداد للحروب كما على مستوى الردع والاستعداد لمخططات او اجندات المقاومة العربية والاسلامية!
محمد صادق الحسيني
http://www.alalam-news.com/wars-drain-an...an-soft%21