اخطأت الرؤية...
المعضلة تصبح عويصة —ويجدر بالبعض المثابرة على دراستها—، عندما يقوم احدهم ممن ينادون بحرية الإنسان المطلقة على نفسه على المنهج السارتري —حتى لو لم يعلم بأنه كذا، بل ربما هو مجرد فورة شباب، فالإلحاد كوول (cool)—، بحيث يُصبح هو الله وهو المسيطر على كامل قرارته ومقتنع بذلك و"لا اله الا هو"، لكن في نفس الوقت يستجدي نفس المنطق الإسلامي الإستسلامي المتخاذل بحق نفسه اولاً، وبحق مجتمعه ثانياً.
إن المنطق الإسلامي —"الحداثي!" واعذروني، فلا اعلم كيف من الممكن ان يلتقي الأضداد في نفس الجملة— ينتهج مبدأ الضحية (Victimisation - Persécution) بحيث يصبح الجميع "ظالمون، حاقدون، متآمرون" وهو ضحية هذا العنف. ويستجدي عطفاً لن يناله.
ما لا يفقهه الزملاء النيو-مسلم-ملحد، هو بأن زمن السياسات الصغيرة انتهى منذ مطلع القرن العشرين، ودخلنا في عصر السياسات الكبرى؛ فمثلاً إن ارادت ايران ان توسع نفوذها، فهذا حقها الشرعي، تماماً كما تفعل تركيا، وامريكا، وفرنسا، وكل من يعرف مصلحة بلده؛ المشكلة تضحي مستعصية عندما يقوم الطرف "المتنازع" عليه، بإلقاء اللوم على الحطابين، متناسياً بأنه لولا خيبته، ما هوى، وما تجمع الحطابون.

النظام في ايران اثبت فشله ولم يلبي تطلعات شعبه، واثبت النظام الديني انه ليس حلاً، خصوصاً حينما تصبح الشريعة هي الحاكمة عوضاً عن القوانين الوضعية؛ وبعدما كانت الثورة في ايران تعد بغد اشرق لإيران اولاً ولهذا المشرق ثانياً، باتت عبئاً على شعبها —ولا، لا اقول على العرب، لأن العرب اصلاً في موقع خبر كان— فتدنت نسبة المتدينين بشكل رهيب، لدرجة ان حكومة ايران ارتعبت من إقدام الكثير من المواطنين على تسمية اولادهم بأسماء فارسية قديمة، بعدما كانت الأسامي العربية هي الطاغية.

النظام في ايران سينتقل بكل سلاسة الى نظم حكم جديد، الإكراه في الدين سيولد كرهاً للدين، فمن كان يصلي ويصوم، بات يحتقر كل العبادات. النظام الديني بدلاً من ان يزيد من المتدينين، زاد من الملحدين؛ لهذا السبب النظام في ايران سينتقل الى وجهة مدنية. لكن المصيبة ليست هنا، المصيبة هي في العرب المسلمين، الذين يحاربون ايران "الشيعية"، العرب المسلمون الذين هم في اسفل درك البشرية —هل تعلم ان حتى في القرى النائية من افريقيا يعلمون الأطفال ان اصل الإنسان ليس من عدم وليس من طين، بل انه من نتاج تطوري!— لا يبدو انه يوجد اي امل على الإطلاق في ان يفيقوا من كابوسهم؛ وكيف سيستفيقون وفي كل يوم يخرج علينا احد اولئك ذي الأوجه المقززة وينادي بأعلى صوته، ممتطياً اعلى ما في حماره: "انه عصر الصحوة الإسلامية! انه عصر الجهاد"... يا رجل!

كلمة من الأخير، ايران تمضي بخطوات ثابتة نحو النظام المدني، والعرب ايضاً بخطوات ثابتة نحو التصحر الفكري، والعدم؛ بدل ان تكون شمس محمد ابن عبدالله —الرجل النبي الرسول العبقري الذي استطاع ان يجعل من القبائل المتناحرة امة، ومن بكائي الأطلال فرساناً يغزون المشرق والمغرب— نور للحرية ومشعلٌ مضيء في المشرق، جعلوا من سنته ومن دينه، مجموعة فتاوي وتحريمات وتحليلات لصبغ و أسلمة الديكتاتوريات الوراثية والدينية ولإنتاج افواجٌ من الحمقى والجهلة الذين سيرثون هذه الأرض، بإسم العباد الصالحين.
دمتم،

زميل كايروس

نحتاج عقود لتطبيق ماقلت !! وللعلم ما من امه حكمة وسيطرت إلا تحت شعار دين معين والتاريخ يقول ذلك ؟ ( لا اريد أن أطيل ) الموضوع متشعب جدا
ولكن هل هناك سيطره لكل الحقب الماضيه دون دين أو شعار معين ؟ وياعزيزي لو أن الدول جميعها أصبحت علمانيه لن يكون هناك حروب ولا هم يحزنون ولكن سيظهر مفهوم جديد للسياسه .

هذا والله المستعان

(05-26-2011, 05:34 PM)الجوكر كتب:  زميل كايروس

نحتاج عقود لتطبيق ماقلت !! وللعلم ما من امه حكمة وسيطرت إلا تحت شعار دين معين والتاريخ يقول ذلك ؟ ( لا اريد أن أطيل ) الموضوع متشعب جدا
ولكن هل هناك سيطره لكل الحقب الماضيه دون دين أو شعار معين ؟ وياعزيزي لو أن الدول جميعها أصبحت علمانيه لن يكون هناك حروب ولا هم يحزنون ولكن سيظهر مفهوم جديد للسياسه .

هذا والله المستعان

أنا لا أرى أن الدين هو أصل كل الشرور والحروبات، الحروبات كانت ستحصل لوجود دوافع مادية لها، الدين لم يكن سوى ذريعة تتخذ للتبرير أو لشحذ همم الجماهير. الدين في الغالب استخدمته المؤسسة الحاكمة لتحكم سيطرتها على الشعب (ألم يقل أحدهم الدين أفيون الشعوب) وعندما لم يكن السبب دينيا دخلت أيديولوجيات "علمانية" لتبرر الحروب (كان آخرها "نشر الديموقراطية") لكن مثلما أن أمريكا أرادت موطئ قدم لها في العراق للسيطرة على نفطه وبررتها بنشر الديموقراطية كذلك أكثر الحروب.

الدين في كثير من الأحيان كان مرآة للمجتمع وليس سببا لتطرفه. الموضوع معقد فبرأيي تأثير الثقافة بشكل عام مركب فهي تنبع من "البنية التحتية" للمجتمع وتكون تعبيرا عنه لكنها من ناحية أخرى تؤثر في المجتمع أيضا وبالتالي تؤثر على العوامل التي تنبع منها.

اقتباس:أنا لا أرى أن الدين هو أصل كل الشرور والحروبات، الحروبات كانت ستحصل لوجود دوافع مادية لها، الدين لم يكن سوى ذريعة تتخذ للتبرير أو لشحذ همم الجماهير. الدين في الغالب استخدمته المؤسسة الحاكمة لتحكم سيطرتها على الشعب (ألم يقل أحدهم الدين أفيون الشعوب) وعندما لم يكن السبب دينيا دخلت أيديولوجيات "علمانية" لتبرر الحروب (كان آخرها "نشر الديموقراطية") لكن مثلما أن أمريكا أرادت موطئ قدم لها في العراق للسيطرة على نفطه وبررتها بنشر الديموقراطية كذلك أكثر الحروب.

الدين في كثير من الأحيان كان مرآة للمجتمع وليس سببا لتطرفه. الموضوع معقد فبرأيي تأثير الثقافة بشكل عام مركب فهي تنبع من "البنية التحتية" للمجتمع وتكون تعبيرا عنه لكنها من ناحية أخرى تؤثر في المجتمع أيضا وبالتالي تؤثر على العوامل التي تنبع منها.

أتفق معك وكلامك عسل

ولكن من يتذرع بالدين وهو ولا يطبقه إلا في السيطره ربما ساعد في نشر الدين وعن دون قسط ؟؟

مهما كانت نوايا هذا الحاكم او هذا الحزب فهم ينشرونه بطريقه او باخرى

لا ننسى نابليون فهو فعل كما فعل محمد , وهكذا سيستمر الدين !

هذا والله المستعان

(05-26-2011, 05:34 PM)الجوكر كتب:  زميل كايروس

نحتاج عقود لتطبيق ماقلت !! وللعلم ما من امه حكمة وسيطرت إلا تحت شعار دين معين والتاريخ يقول ذلك ؟ ( لا اريد أن أطيل ) الموضوع متشعب جدا
ولكن هل هناك سيطره لكل الحقب الماضيه دون دين أو شعار معين ؟ وياعزيزي لو أن الدول جميعها أصبحت علمانيه لن يكون هناك حروب ولا هم يحزنون ولكن سيظهر مفهوم جديد للسياسه .

هذا والله المستعان

سلام زميل جوكر،

بالطبع نحتاج الى عقود، لكن الأسس مزعزعة أساساً، والدولة الدينية فشلت في التوفيق بين مثاليات عقيدتها —وهنا اتكلم انظرياً، لأن كلنا يعلم ماذا يحصل حين تُتخَم البطون— وبين متطلبات عصرها؛ الدين خُلِق لتزكية الأنفس ولتخفيف حدة الغربة التي يعانيها الإنسان المتجه الى العدم —اقصد الموت—؛ حينما يصبح الدين مصدراً مضافاً لخنق النفوس وتطميسها وإغراقها في عالم من الحلالات والمحرمات، وبرمجة العقول الفارغة على موجات الحقد والضغينة والكراهية لكل ما هو ليس مثلي، حينها يصبح هذا الدين بدل ان يكون ملاذاً امناً لأبنائه، عبئاً ثقيلاً على كاهل الفرد. فيصبح الإنسان غريباً في جسده وغريباً في نفسه!

انا لست مثالياً، ولا اؤمن بالمثالية، انا اؤمن بالتغيير الدائم، المتحرك، والصيرورة الأبدية، والحرب هي حراك وتغير وهي من حكمة الحياة، ومن سنتها، والصراع موجود في كل شيء، في الحب صراع، في الولادة صراع، وفي الموت ايضاً، وواهم من يبحث عن سلام شامل. لذا مشكلتي ليست مع الصراع والحرب، بل الى اين يوجه هذا الصراع وتحت اية مسميات واهداف، ولخدمة اي مشروع.
دمتم،

هكذا هو الأنسان بطبيعته باختصار وانت ستفهمني لا محاله أنهُ

فيسولوجياً وإيدولوجياً + التطور المستمر بشكل عام هو من أوصلنا إلى هذا ومازال التطور مستمر في كل شيئ , حاولت ان اختصر مسافات كبيره في الشرح


كايروس الحوار معك شيق جداً شكراً لك

هذا والله المستعان

تحيه للجميع

نجحت ايران و لحد كبير بالسيطره على سياسة العراق تجاهها بغض النظر عن الكيفيه او كونها سلبيه او ايجابيه , و كذلك الحال مع لبنان و البحرين و اليمن و سوريا لكن بدرجة اقل , و في ظل تصاعد المد الديني من خلال ما يسمى بالثورات في الدول العربيه \ الاسلاميه ذات الغالبيه السنيه , فان زحف ايران و تغلغلها اصبحا مهددين و لم يعد بامكانها ان تخفي اطماعها تلك خاصة و نحن الان في زمن توفر المعلومه و الويكيليكسيات , و بالمقابل فان هناك بعض الدول و بالاخص الخليج اخذت تتعامل مع ايران بمكاشفه اكثر و بعيدا عن لغة الدبلماسيه التي اراها سببا في تغلغل ايران اكثر , دول الخليج هذه و بضوء اخضر ضمني من المجتمع الدولي الذي يضع ايران على قائمة الدول التي لا تنصاع لقراراته , اخذت هي بالمقابل من تصعيد موقفها تجاه ايران و لنا من تصريحات حكومات الخليج خير دليل على ذلك و لا اجدني مضطرا لذكرها فاغلب المطلعين يعرفونها .
لكي اختصر و اوضح اكثر فان خطر ايران بالتوسع يشارف على الانتهاء ما ان تنتهي ثورات الدول العربيه \ الاسلاميه السنيه لحكومات اسلاميه سنيه و حينها سيكون رد تلك الدول على اية تدخلات اكثر قوة و تطرفا .