انضمام الأقليات إلى حركة الاحتجاج يخيف النظام السوري
باحث يقول إن الأقليات تتعرض للتهويل لإقناعها بأن البديل سيكون التطرف
بيروت: «الشرق الأوسط»
انضم المسيحيون من الطائفة الأشورية في مدينة القامشلي إلى المظاهرات التي تخرج كل يوم جمعة في أنحاء البلاد وتطالب بالحرية، حيث قامت عناصر الأمن السوري في جمعة أزادي (الحرية) بمداهمة مقر المنظمة الآشورية الديمقراطية، واعتقلت العشرات من الأشوريين، وعلى رأسهم الدكتور ملك يعقوب، نائب مسؤول المكتب السياسي بالمنظمة. بينما أكدت مصادر مشاركة المسيحيين أيضا، في مدينة حمص، خاصة بعد قتل شاب مسيحي على يد القناصة حين كان يقوم بتصوير المظاهرات بهاتفه الجوال.
ويؤكد ناشط مسيحي شارك في مظاهرات حمص لـ«الشرق الأوسط» أن «رد فغل النظام ضد المشاركين من الأقليات يكون أشد من بقية المتظاهرين»، مؤكدا أن هذه المشاركة لم تقتصر فقط على المسيحيين، فهناك شباب من الطائفة العلوية انضموا إلى المظاهرات، قائلا: «صحيح أن أعدادهم كانت ضئيلة إلا أن مشاركتهم أزعجت النظام كثيرا».
كما أن مدينة السلمية، التي لم تغب عن المظاهرات، وخرجت في جميع جُمع الاحتجاج بأعداد كبيرة، معظم سكانها من الطائفة الإسماعيلية، وهي إحدى فرق الشيعة وثاني أكبر الفرق الشيعية بعد الاثني عشرية. إضافة إلى اعتقال عدد من المتظاهرين في مدينة السويداء، حيث يقطن أكثرية درزية بعد الاعتداء عليهم بالضرب، فرغم الصمت الذي التزم به مشايخ الطائفة الدرزية، وبعضهم أعلن ولاءه الصريح للنظام، خرجت أصوات شبابية تندّد بموقف هؤلاء، وتدعو للتظاهر السلمي والمطالبة بالحرية.
ويؤكد أحد الناشطين في مدينة اللاذقية أن الكثير من الشباب العلويين شاركوا في المظاهرات، إلا أنهم تعرضوا للتهديد من قبل ما يسمى بـ«الشبّيحة»، حيث غادر بعضهم المدينة، ويضيف: «مدينة اللاذقية لها خصوصية خاصة، فهي مسقط رأس الرئيس، وهناك محاولة من قبل النظام لتخويف الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس، والتي تنتشر بكثافة في هذه المدينة، وأي مشاركة من قبل العلويين، خاصة الشباب، ستكسر حاجز الخوف عند الطائفة، وتشجعهم على المشاركة أكثر في المظاهرات، مما يفشل مخطط النظام».
ويقول أحد الباحثين في شؤون الأقليات في سوريا إن «خشية النظام من مشاركة المسيحيين والعلويين والدروز والإسماعيليين وبقية الأقليات في المظاهرات مبررة، حيث تدحض هذه المشاركة ذريعة السلفيين وقصص إماراتهم المزعومة التي يبرر بها النظام سحقه للاحتجاجات، كما تضفي هذه المشاركة طابعا تعدديا طالما خشي منه وسعى لإخفائه تحت آيديولوجياته القومية الوهمية».
ويضيف الباحث الذي رفض ذكر اسمه أن «الأقليات تتعرض لخطاب تهويلي يريد إقناعها بأن البديل عن نظام البعث سيكون الفوضى أو التطرف، مما يعني تعرض وجودها للتهديد، هذا الخطاب يسعى النظام إلى ترويجه وتجسيده على الأرض، وإلا فما هو تفسير إرسال سيارات مسلحة تطلق النار عشوائية في مناطق تقطنها أقليات، مثل جرمانة في دمشق، وظهر صفرا في طرطوس». وأشار إلى وجود أصوات مقموعة داخل الطائفة العلوية مثلا «لا تريد توريط الطائفة في سيناريوهات خطيرة يدفع ثمنها البسطاء والناس العاديون فيما بعد». مصلحة الأقليات كما يرى الباحث السوري «نظام ديمقراطي مدني تعددي يعبر عن الجميع، ويعامل أبناء الأقليات مثل باقي المواطنين وفق مبدأ الحقوق والواجبات، وهذا ما فهمته الأقليات بعد أربعين عاما من التهميش والاضطهاد على يد نظام البعث وبطانته، مما يفسر سبب انضمامهم إلى المظاهرات».
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=623986&issueno=11870