مرحباً إخواني وأخواتي
..
هناك ظواهر شاذة في حياتنا , تطبل وتملأ الدنيا زعيقاً ونعيراً , وهي مجرد نظاهر من مظاهر تخلف عالمنا العربي صاحب الرقم 3 ..
كلنا سمع ويسمع في مجتمعنا عن دعوات تحرير المرأة , ثم إذا دخلت أي مصلحة حكومية في مصر خصوصاً ( لا أعرف ما الحال في غيرها ) وجدت كل المقاعد يجلس عليها نسوان ( إما بتنقي أرز , أو بتقطف ملوخية, أو بتنم في زوجها مع زميلتها, أو على أحسن الأحوال بتقرأ في مجلة ميكي ) .
فعن أي ( تحرير ) كانت ماما شوزان تتحدث ؟ وهي أكبر حرامية !
هل أمسى اللصوص والحرامية هم قادة الفكر وصناع الرأي في بلادنا ؟ وهل هكذا كنا نعيش ؟
طيب دعك مما قبل الثورة ..
خلينا يا سيدي في أجواء الثورة ..
كل يوم مظاهرات فئوية , وكل واحد يريد ( حقه ) , يريد علاوة , ترقية , زيادة في المرتبات, أي حاجة , اتصرف وكلك نظر ..
ثم تنظر في هؤلاء المتظاهرين تلاقيهم كلهم كسالى, معدل انتاج أحدهم اليومي 28 دقيقة بحسب إحصاء إحدى المنظمات الغربية ! وقد لا يذهبون للعمل أصلاً !
طيب انت لا تريد ان تعمل , فأي راتب تريد أن تحصل عليه فضلاً عن علاوة !
أليس هذا كذب ؟ وضحك على الذقون ؟
طيب لماذا كنت تسب وتلعن مبارك لما كان غير قائم بواجبه مثلك !
كلنا مبارك .. مع اختلاف الأسماء .. انا مبارك وانت مبارك , وجارنا مبارك ..
ولكن مبارك الأصلي قد وجد الفرصة , ونحن لم نجد ..
الكل لا يقوم بواجبه ..
وهذا هو سر انفراط عقد المجتمعات العربية .. وتكون النتيجة ألا يجد الوزير من الإنتاج ومن المال ما يقرر به مطالب الثوار المتظاهرين لأجل العلاوة ..
وبعد ( تحرير المرأة التي تقطف ملوخية في العمل / ومظاهرات الفاشلين ) :
ننتقل إلى حياتنا الشخصية.. فلننظر هل نقوم بواجباتنا ؟
سوف أتكلم عن نقطة واحدة تحديداً وهي ( سيكولوجية المرأة تجاه الرجل ) .. ماذا تريد المرأة من الرجل ..
تريده ( وسط ) متوازن .. ممسك للعصا من المنتصف .. يشد ويرخي .. يقودها .. يتفاعل مع طبيعتها المتقلبة .. لا هو جبار ولا هو ذليل .. لا هو أناني ولا هو ناس لحظ نفسه .. وأكثر ما تتجلى هذه المعانى : في العلاقة الخاصة في غرفة النوم حيث أن هذه المعاني تظهر وتطفو على السطح , فلو كان الإنسان أنانياً فسوف يظهر منه هذا, ولو كان عديم الشخصية سوف يظهر هذا, ولو كان حنوناً ( بتوازن ) فسوف يظهر هذا ..
المرأة تحب هذا في الرجل الأخير .. لدرجة أن حرمان المرأة من هذا الرجل قد يؤدي إلى تشوه في نفسيتها, خاصة لو كان التفاوت بين الأمنية والواقع بعيداً , وهنا قد تقع مشكلة كبيرة قد تظلم طرفاً ثالثاً .. أتعرفون من هو ؟ إنه الابن المتوازن .. فبحكم متطلبات المرأة النفسية السيكولوجية كامرأة فإنها حينئذ قد تقوم بعملية ( إحلال لا شعوري ) لابنها مكان زوجها , دون ان تشعر , وربما تعوق زواجه وانفصاله عن البيت .. وهي في هذا لا تعلم دافع عملها هذا, وتبرره تبريرات منطقية . وكل هذا مرجعه في النهاية إلى عدم قيام الزوج بواجبه نحو زوجته , وهو ما يسميه القرآن ( القوامة ) .. ( الرجال قوامون على النساء ) .. و ( على ) هنا مقصودة , ولو لم تشعر المرأة أن شخصية زوجها فوقها وعليها, فلن تغفر له ضعفه مدى الحياة إذ لم يشعرها بمازوشيتها النفسية المطلوبة كأنثى ..
فالمرأة مخلوق عجيب من مخلوقات الله يستحق التأمل فيه طويلاً .. حين تفقد المرأة رجولة زوجها فإنها لا تغفر ذلك له ..
ومن ثم فهناك تفاوت بينهما, هناك تركيبة مختلفة, بيولوجيا, مختلفة , سيكولوجية مختلفة , كاختلاف الطفل عن البالغ, الصغير عن الكبير.. الخ . وليس هذا قدحاً في الطفل الصغير وإنما هو ( إدراك ) ومعرفة صحيحة بموقعه وصلاحياته ومن ثم مراعاة ظروفه وطاقاته ومتطلباته, وحمايته أيضاً من اساءة التعامل معه بشكل خطأ قد يظلمه ويظلم الآخرين .
إذن المرأة تحب الزوج الذي يمكن ان نسميه بـ ( الديكتاتور الديمقراطي الحنون ! ) ..
ونحن نلاحظ أن هذا شئ متعب , ويحتاج إلى مزاج ( معتدل ) دائماً , يتحكم صاحبه بنفسه , ويضبط أعصابه , يشد ويرخي مع نفسه هو أولاً , ويستطيع ان يقود نفسه هو اولاً قبل أن يقود زوجته .. وهذا لا يتم إلا إذا نجح الإنسان في القيام بواجبه نحو نفسه , ثم نحو الآخرين .. فضبط النفس هو القوة , هكذا أخبرنا الحبيب المصطفى ص حين قال ( ليس الشديد بالصرعة, وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ) هذا التحكم في العواطف, وإدارة الذات , هو مفتاح كل خير .. كما أن انفلات النفس وإطلاق العنان لطاقة الغضب والشهوة : يؤدي إلى ضعف الشخصية وعدم القدرة على التحكم في الذات , ومن ثم الفشل في الحياة وخسارة أعز الأصدقاء وأغلى الناس, وربما جعل منك قاتلاً أو عربيداً.. وأما إذا تحليت بخلق ضبط النفس ونظائره من الأخلاق الحسنة, فأنت عضو فاعل في المجتمع ومصدر طاقة إيجابية, يستفيد منك الناس ويقتدون بك, ويشكون إليك همومهم, ويجدون عندك الراحة وحل مشاكلهم, ولو كثر أمثالك في المجتمع فإن هذا المجتمع ينهض بسرعة, وهذا ما فعله ( مهاتير محمد ) حين نهض بماليزيا خلال عشر سنوات, فقد قال في زيارته لمصر أنه قام بذلك من خلال تغيير ( شعور المواطن الماليزي بالمسئولية الشخصية تجاه ماليزيا ) وتسخير طاقات الإعلام والثقافة نحو هذا الهدف ..
من هنا نفهم أن الحياة تحتاج إلى ( قانون ) يضبط إيقاعها .. وأن البشرية قليل فيها الحكماء وأهل العقل والدراية والمعرفة بعواقب الأمور ومآلاتها , وأهمية الأخلاق الفاضلة , قليل من الناس من يدرك هذا , ومن أدركه دون واسطة وحي سماوي فهو عظيم من العظماء, مثل أرسطو وأفلاطون ممن لم يأتهم رسل ووصلوا إلى توحيد الله تعالى بمفردهم من خلال العقل ..
هل يستوي هؤلاء وعربان البدو وأجلاف الأعراب ممن جاءهم أعظم الرسل فكذبوه , وفضلوا عيش البهائم والغارات والانفلات الأمني وسيطرة منطق القوة ؟
هذا هو الفرق بين عقلية الإنسان المتحضر المؤمن بسيادة ( القانون ), وبين الشخص الهمجي الذي يؤمن بالحرية المطلقة ..
بعض الناس ممن فقدوا صوابهم وفقدوا دينهم معاً يقولون ما هي حاجة البشر إلى دين ؟ ..
وهذا سؤال يدل على اساءة الفهم لمفهوم الدين نفسه, لأن الدين ليس عبادة وصلوات فقط, بل إن الدين الحق هو تلك الضوابط والقوانين الهامة للإنسان , والتي نشرها الرسل بين أهل الأرض على مدى قرون طويلة شيئاً فشيئاً , وخاصة النقلة أو الطفرة الحضارية الكبيرة التي انتقلها العرب ببعثة النبي محمد ص ...
هذه القوانين هي التي ارتقت بالانسان من تخلفه وظلمه لأخيه الإنسان , إلى احترام القانون واحترام آدمية أخيه... وكل ما لحق الأديان من عنف أو عنصرية فهو من وضع الإنسان وليس من شريعة الله ..
خلاصة الموضوع : كل إنسان يحتاج أن يعرف ما هو واجبه الذي عليه أن يقوم به لكي تهدأ وتستقر حياته , ولو لم يقم كل منا بواجبه فسوف ينفرط عقد المجتمع , وتحدث به تشوهات , كما رأينا:
- في الحياة العامة : في حالة المظاهرات الفئوية للفاشلين والكسالى, ومن ثم عجز الدولة عن زيادة رواتب المتظاهرين
- في الحياة الخاصة : في حالة تخلي الرجل عن القيام بواجب القوامة على زوجته, ومن ثم حدوث خلل في علاقتها به وبابنهما في حالات معينة ..
لو فهمنا ( الدين ) من وجهة نظر قانونية , على أنه ( القانون ) الذي يضبط أخلاق الناس ويحفزها إلى الخير ( كما فعل مهاتير محمد ) لكان الدين مصدر كل خير على أيدينا ..
ولو فهمنا أن الدين مجرد ( تشريف ) وأنه يعني أن أنا أحسن منك بدليل أني مؤمن وأنت كافر , فسوف يكون الدين مصدر شر ومعول هدم على أيدينا ..
فليس الدين بحد ذاته هو المشكلة , وإنما ( نحن ) المشكلة ..
وهذا اعتراف مني بذلك ..