مرات عديدة تصادفني في الحوارات اشخاص يدعون تارة ان هناك حضارة عربية (بالمعنى العنصري للكلمة) وتارة اخرى ان الاسلام هو الحل، إضافة الى معتنقي نظرية المؤامرة الذين يشيرون بإستمرار الى ان الاستعمار والمؤامرات الغربية هي اسباب تخلفنا.. ولكن ماذا عن الجزيرة العريية؟

ثلاث اشياء تميز تاريخ الجزيرة تجعله خارج الادعاءات اعلاه/

1-الجزيرة موطن ومصدر " العرق" العربي وحاوية ثقافته التاريخية والمنعزلة. ومنذ اصبح تعبير العرب يعني معنى قومي وتخلى عن معناه الاجتماعي، وحتى اليوم لم نرى ان العرب (في عزلتهم) قد تمكنوا من بناء حضارة متميزة في الجزيرة.. ان عرب الجزيرة المنعزلين بفضل الصحراء ابقتهم في إطار ثقافتهم المحلية التي لاتعطي ازهارا، وفقط عندما خرجوا من عزلتهم وتلاقحوا مع الحضارات الاخرى الاكثر تطورا وانفتاحا تمكنوا من تغيير واقعهم. وحتى حضارات عرب الشمال كانت قبل ظهور الشخصية " العربية" كامة، وظهرت لدى الشعوب ذات الثقافة اليهودية.

2- الجزيرة موطن الاسلام، ومع ذلك لم يتمكن " الاسلام" من تغيير واقع عرب الجزيرة ولم يقدم لهم " حلا" من داخلهم.. بل على العكس نرى بعض انحاء الجزيرة تمكنت من بناء حضارات متقدمة قبل الاسلام ولكن لم تظهر اي حضارة ذات ذكر من بعده.

3- بقيت الجزيرة بأكثرها خالية من الاستعمار والتتدخل الاجنبي عصورا طويلة، ومع ذلك تمكن اهلها من الوصول بها الى مراحل التخلف القصوى لاطول فترة تاريخية بجهودهم الخاصة. بل لربما من سوء حظهم عدم تعرض " الاستعمار" لهم، إذ ان الاستعمار اعطى هزة قوية اجبرت الكثيرين على الصحو..

ومع الدخل الهائل من عائدات النفط التي جاءت بدون عبقرية او جهد، نجد ان بلاد الحرمين تفشل فشلا خاصا في إدارة هذه الاموال. وبالمقارنة مع ماليزيا مثلا، سيكون تخلف بلاد الحرمين مثير للتعجب.. ولم يفلح " الحرمين" في تجنيب البلاد هذا العار..

وفي معرض هذا الواقع اتذكر آية قرآنية (منسية) عادة من الاسلامييون، تصف حال تلك البلاد افضل وصف وتقول:
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }الأعراف58

أعتقد ان التخلف الحضاري لهذه المنطقة على مر التاريخ يعود و بشكل واضح إلى ندرة المياه فالمعروف ان الحضارات القديمة كلها قامت على ضفاف الانهار و ينابيع المياه العذبة .....

فالحضارة تبدا من كوخ الفلاح ....

و التاريخ مسألة جغرافية ....

البيئة الصحراوة بيئة صعبة و بالتالي تنتج مجتمعا صعبا لديه عقلية عنيدة و صعبة.

أقرأ تاريخ مكة قبل اسلامها, ستصل الى السبب و الحل..

راغب..

Array
أعتقد ان التخلف الحضاري لهذه المنطقة على مر التاريخ يعود و بشكل واضح إلى ندرة المياه فالمعروف ان الحضارات القديمة كلها قامت على ضفاف الانهار و ينابيع المياه العذبة .....

فالحضارة تبدا من كوخ الفلاح ....

و التاريخ مسألة جغرافية ....

البيئة الصحراوة بيئة صعبة و بالتالي تنتج مجتمعا صعبا لديه عقلية عنيدة و صعبة.
[/quote]

إذا اعتبرنا ان هذا الامر صحيح وينطبق على الجزيرة على الاطلاق، فهذا ينفي إدعاء ان الاسلام هو حل إذ لم يستطع ان يكون حلا منذ ظهوره وحتى اليوم في موطنه، كما ينفي ان العرب، لمجرد كونهم عربا، سيكونوا سببا في بناء حضارة او ان الاستعمار عائق وسبب من اسباب التخلف، مع ان الاستعمار لايأتي الا لبلدان متخلفة اصلا..

إضافة الى ذلك، فإن تجربة السعودية الحديثة المزودة بأموال النفط والقافزة فوق عامل الصحراء، بإعتبار ان الظروف الحديثة لبناء الحداثة لم تعد تحتاج الى الفلاح والقرية ومع ذلك تفشل بإمتياز في الوصول الى هضم مفهوم الدولة والمواطنة عدا عن فهم دور الدولة الحديثة وطرق بناءها، على خلفية ثقافتها الاسلامية ونرجسيتها العشائرية العربية...

ان تكون الصحراء هي التي منعت سكان الجزيرة من بناء حضارة في السابق لايبرر فشلهم اليوم، الا على خلفية ثقافتهم الموروثة والتي اساسها الاسلام والعشيرة والنرجسية العميقة الجذور...

ومهما كان الامر، فإن البيئة لوحدها ليست على الاطلاق سببا كافيا للتبرير ، فنحن نعرف حضارات صحراوية مثل تدمر والانباط والمدن الليبية المكتشفة حديثا.. إضافة الى ذلك نعلم بالنضوج الثقافي والحيوية الفكرية التي كانت تسود مكة قبل الاسلام لتختفي على الاطلاق بعد الاسلام، وحصرا بعد انتقال المركز السياسي الى الشام، لتموت مكة الى الابد وتفقد حلمها بالدولة والتسييد.

إضافة الى ذلك كانت يثرب المدينة الزراعية، اقل تطورا فكريا من مكة التجارية، ولم تساعدها زراعتها الغنية على التطور الفكري او الطموح نحو مشروعها السياسي والحضاري، بل على العكس كانت من الغباء بما يكفي للتنازل عن كل انجازاتها لصالح مكة بدون اي مطالب او ضمانات.

ويبقى من الصعب تفسير الاية (المنسية) على ضوء واقع بلاد الحرمين التاريخي، هل يمكن القول ان بلاد الحرمين هي " خبث"، إذ انها لم تخرج حتى اليوم الا النكد

البيئة الصحراوة بيئة صعبة و بالتالي تنتج مجتمعا صعبا لديه عقلية عنيدة و صعبة.
.......................

هذا غير صحيح بالمرة
مصر عبارة عن صحراء الا من شريان رفيع جدا بالنسبة لمساحة أرض مصر ومع ذلك قامت عليها أقدم الحضارات
نرجع الى قسوة الطبيعة والتي هي الحافز الرئيسي للانسان للتغلب علهيا وليس العكس
يعني حينما أزور أماكن كثيرة بالعالم الرحب وأشاهد جبروت الانسان للتغلب والتفنن في التحايل على قسوة الطبيعة
أنحني الى العقل البشري والارادة الحديدية لهذا التحدي ...
أعتقد أن هناك شيء ما في الذكر بهذه المنطقة من العالم هي التي تؤدي به الى هذا التخلف أو التحضر
بما أن الذكر هنا هو الذي يسيطر ويتحكم ويتجبر وبالتالي يتقهقر بفكره
لو تتبعت الحضارات القديمة ستجد للعامل الأنثوي له دور كبير مثل عصر الفراعنة
وحضارة اليمن وبين الرافدين والحضارة اليونانية وهكذا لأن من تمنح الحياة تستطيع أن تقدم التطور
ومن يعمل على الهدم والحروب لن يقدم ولن يتحضر
هذه ليست نظرة عنصرية أنثوية ولكن نظرة واقعية
في مثل يقول الأم تعشش والأب يطفش ...:music:

في الحقيقة قامت حضارات رائعة في اليمن فقط بفضل المطر وقدرتهم على بناء السدود. ونحن نعلم ان المطر تسقط في مكة الى درجة ان الكعبة تغرق، ومع ذلك لم يصل بالسكان التفكير في بناء خزانات لماء المطر، عدا عن ان يفكروا في بناء سدود.

ان الازمة ليست في الصحراء وانما في قدرة السكان على الابداع والتعامل مع بيئتهم.. انهم مشغولين بالتفكير في الاخرة اكثر

لو نظرنا الى تاريخ الجزيره لوجدنا بعض الدويلات التي شارفت ان تقوم وتصنع حضارات ولكنها بالطبع كانت حليفه الى الفرس او الروم , بالنسبة لمكة فازدهرت اقتصاديا تجاريا لفترة ما قبل الاسلام حتى جاء الاسلام ولعن ابو سلسفيلها :D , اما باقي الجزيره فمشغولين يبحثون عن الكلاء والماء ويتقاتلون على ناقه وبعير حتى جاءت الدوله الاسلاميه التي الى يومك بعون الله ورعايته حاربت الحضارة والحداثه بجميع اشكالها :97_old:

وكما تعرف ان البدو منغلقين ويرفضون كل ما هو خارجي ولا يتقبلوه و ولائهم يكون دائما الى قبيلتهم لقد بقيت هذه العادات ولكنها تغلفت بغلاف الاسلام :15:


تحياتي :97: