{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حقيقة " الثورة الدائمــة " التاريخية
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
حقيقة " الثورة الدائمــة " التاريخية
الرأسمالية هي "الثورة الدائمة" الحقيقية


الرأسمالية وليس الشيوعية هي التي تولّد ما سمّاه الشيوعي ليون تروتسكي ذات مرّة "الثورة الدائمة". إنّه النظام الاقتصادي الوحيد الذي ينطبق عليه هذا التعبير. وقد سمّاه جوزيف شومبيتر "الدمار الخلاّق". الآن بعد سقوط خصمه، حلّت مرحلة ثورية أخرى. تشهد الرأسمالية تحوّلاً من جديد. فالجزء الأكبر من المشهد المؤسّسي الذي كان سائداً قبل عقدَين – نخب وطنية متميّزة في مجال الأعمال، سيطرة إدارية مستقرّة على الشركات وعلاقات طويلة الأمد مع المؤسّسات المالية – يختفي في التاريخ الاقتصادي. وبدلاً من ذلك ينتصر العالمي على المحلي، والمضارب على المدير، والمموِّل على المنتِج. نشهد على تحوّل الرأسمالية الإدارية التي كانت سائدة في منتصف القرن العشرين إلى رأسمالية مالية عالمية.
وقبل كلّ شيء، فإنّ القطاع المالي الذي كُبِّل بعد الركود في الثلاثينات، أصبح متفلّتاً من القيود من جديد. الولايات المتّحدة هي مصدر العديد من التطوّرات الجديدة إلاّ أنّ هذه التطوّرات أكثر عالمية من أيّ وقت آخر. ولا تولّد أنظمة اقتصادية جديدة وثروة جديدة وحسب إنّما أيضاً مشهداً اجتماعياً وسياسياً جديداً.
أولاً، ازدهر القطاع المالي كثيراً. بحسب معهد "ماكنزي غلوبال"، ارتفعت نسبة الأصول المالية العالمية إلى الإنتاج العالمي السنوي من 109 في المئة عام 1980 إلى 316 في المئة عام 2005. وعام 2005، بلغ إجمالي مخزون الموجودات المالية الأساسية 140 ألف مليار دولار. وكانت هذه الزيادة في العمق المالي واضحة جداً في منطقة الأورو: ارتفعت نسبة الموجودات المالية إلى إجمالي الناتج المحلي هناك من 180 في المئة عام 1995 إلى 303 في المئة عام 2005. وارتفعت في الفترة نفسها من 278 إلى 359 في المئة في المملكة المتّحدة، ومن 303 إلى 405 في المئة في الولايات المتّحدة.
ثانياً، أصبح القطاع المالي أكثر توجّهاً نحو العمليات التجارية. عام 1980، كانت الودائع المصرفية تشكّل 42 في المئة من كلّ السندات المالية. بحلول عام 2005، تراجعت إلى 27 في المئة. تضطلع أسواق الرساميل أكثر فأكثر بوظائف التوسّط التي يقوم بها النظام المصرفي الذي تحوّل بدوره من الصناعة المصرفية التجارية مع قروضها الطويلة الأمد للزبائن والعلاقات الدائمة مع المتعاملين مع المصرف، إلى الصناعة المصرفية الاستثمارية.
ثالثاً، اشتقّت مجموعة من المنتجات المالية المعقّدة الجديدة عن السندات والأسهم والمنتجات والعملات الأجنبية التقليدية. وهكذا وُلِدت "المشتقّات" وأبرزها الخيارات والعمليات الآجلة وعمليات المبادلة "سواب". بحسب "الجمعية الدولية للمبادلات والمشتقّات"، بلغت القيمة المستحقّة لمبادلات الفوائد ومبادلات العملة وخيارات الفوائد بحلول نهاية عام 2006، 286 ألف مليار دولار (نحو ستّة أضعاف إجمالي الناتج العالمي) بعدما كانت 3450 مليار دولار فقط عام 1990. وقد أحدثت هذه المشتقّات تحوّلاً في فرص إدارة المخاطر.
رابعاً، برز لاعبون جدد لا سيما صناديق التحوّط وصناديق الأسهم الخاصة. تشير التقديرات إلى أنّ عدد صناديق التحوّط ارتفع من 610 عام 1990 إلى 9575 في الربع الأول من عام 2007، حيث تبلغ قيمة الأموال التي تتمّ إدارتها حوالى 1600 مليار دولار. تضطلع صناديق التحوّط بالوظائف الكلاسيكية للمضاربين والمشاركين في التحكيم خلافاً للصناديق "الطويلة الأجل فقط" التقليدية مثل الصناديق التعاضدية التي تُستثمَر أموالها في الأسهم أو السندات. بلغت قيمة الأموال المجمَّعة في صناديق الأسهم الخاصة مستويات قياسية عام 2006: تشير بيانات مؤسسة "برايفت إكويتي إنتليجنس"، إلى أنّ 684 صندوقاً جمعت تعهّدات بلغت قيمتها الإجمالية 432 مليار دولار.
خامساً، الرأسمالية الجديدة عالمية أكثر من أيّ وقت آخر. ارتفع مجموع الموجودات والمطلوبات المالية الدولية المملوكة من (والمستحقّة على) سكّان البلدان المرتفعة الدخل من خمسين في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 1970 إلى مئة في المئة في منتصف الثمانينات ونحو 330 في المئة عام 2004.
عولمة رأس المال المادي واضحة في اللاعبين كما في طبيعة الحيازات. تعمل المصارف الكبرى على صعيد عالمي. وهذا ما تفعله صناديق التحوّط وصناديق الأسهم الخاصة أكثر فأكثر. عام 2005 مثلاً، كانت أميركا الشمالية تشكّل أربعين في المئة من الاستثمارات العالمية في الأسهم الخاصة (تراجعت من 68 في المئة عام 2000)، و52 في المئة من الأموال التي تمّ جمعها (تراجعت من 69 في المئة). في هذه الأثناء، زادت أوروبا بين عامَي 2000 و2005 حصّتها في الاستثمارات من 17 إلى 43 في المئة، والأموال المجمَّعة من 17 إلى 38 في المئة. وارتفعت حصّة آسيا-المحيط الهادئ في الاستثمار في الأسهم الخاصة من 6 إلى 11 في المئة في الفترة عينها.
ما الذي يشرح النمو في التوسّط المالي ونشاط القطاع المالي؟ الأجوبة مشابهة كثيراً لتلك التي تفسّر عولمة النشاط الاقتصادي: تحرير الاقتصاد والتقدّم التكنولوجي.
بحلول منتصف القرن العشرين، كان القطاع المالي يخضع لتنظيمات شديدة في كل مكان. في الولايات المتحدة، فصل "قانون غلاس-ستيغول" العمليات المصرفية التجارية عن العمليات المصرفية الاستثمارية. وفرضت كل البلدان تقريباً ضوابط شديدة على ملكية سكّانها للعملات الأجنبية، ما يعني فرض ضوابط تلقائياً على ملكيّتهم للموجودات الأجنبية. وكان من الشائع فرض حدّ أدنى لمعدّلات الفوائد التي يستطيع المقرِضون تقاضيها. وقد أدّى أشهر هذه التنظيمات، "التنظيم كيو" في الولايات المتّحدة الذي حظّر دفع فوائد على الودائع الجارية، إلى تعزيز تطوّر أوّل سوق مالية مهمة في الخارج بعد الحرب: سوق الأورودولار في لندن.
لكن في الربع الأخير من القرن الماضي، ألغيت كل هذه التنظيمات تقريباً. وتلاشت الحواجز بين العمليات المصرفية التجارية والعمليات المصرفية الاستثمارية. وأزيلت الضوابط على أسعار الصرف في البلدان المرتفعة المداخيل، كما جرى تحرير هذه الأسعار إلى حدّ كبير أو في شكل كامل في العديد من اقتصادات السوق الناشئة. وأدّى إطلاق عملة الأورو عام 1999 إلى التعجيل في دمج الأسواق المالية في منطقة الأورو، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. والتحرّر الذي يتمتّع به حالياً الجزء الأكبر من القطاع المالي العالمي يعود إلى قرن خلا، وتحديداً إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى. وكانت الثورة في مجال المعلوماتية والاتصالات مهمّة بالدرجة نفسها. فقد سمحت بتوليد مجموعة من العمليات المعقّدة لا سيّما المشتقّات وتسعيرها. كما أتاحت المتاجرة بكمّيات كبيرة من الموجودات المالية على مدار الساعة. في مختلف أنحاء القطاع المالي، تُستخدَم نماذج جديدة لإدارة المخاطر مستندة إلى الكمبيوتر. والقطاع المالي الحالي هو ابن قوي جداً لثورة المعلوماتية. ويساعد تطوّران آخران بعيدا الأمد على شرح ما حصل.
الأوّل هو الثورة في الاقتصادات المالية لا سيّما اكتشاف مايرون سكولز وفيشر بلاك لآلية تسعير الخيارات في مطلع السبعينات، والتي شكّلت الركيزة التقنية لأسواق الخيارات الواسعة المتوافرة حالياً.
والثاني هو نجاح المصارف المركزية في خلق خلفية نقدية مستقرّة للاقتصاد العالمي وتالياً للنظام المالي العالمي. تسجّل تقنية المال الذي تصدره الحكومة من غير تغطية نجاحاً منذ ربع قرن، حيث تؤمّن الاستقرار النقدي الذي لطالما اعتمدت عليه الأنظمة المالية المعقّدة. لكنْ هناك تفسير أقصر أمداً للنموّ المتفجّر الأخير في قطاع المال: المدّخرات العالمية ووفرة السيولة الحالية. أدّت معدّلات الفوائد المنخفضة وتكدّس الموجودات السائلة، لا سيّما من جانب المصارف المركزية حول العالم، إلى تعزيز الهندسة والفاعلية الماليّتَين. لن نعرف الحيّز الذي تحتلّه كلّ من هذه التطوّرات القصيرة المدى نسبياً والخصائص الهيكيلية الأبعد مدى، في النمو الأخير إلاّ عندما تنتهي الظروف السهلة، لأنّها ستنتهي حتماً.
ما هي إذاً نتائج هذا التوسّع الكبير في النشاط المالي الذي يحصل الجزء الأكبر منه عبر الحدود الدولية؟ من بين النتائج تمكّن الأسر من امتلاك مجموعة أوسع من الموجودات والاقتراض بسهولة أكبر، ما يؤدّي إلى تسهيل الاستهلاك على مرّ الحياة. فبين عامَي 1994 و2005 مثلاً، ارتفعت مطلوبات الأسر البريطانية من 108 في المئة من إجمالي الناتج المحلي إلى 159 في المئة. وفي الولايات المتحدة، ارتفعت من 92 إلى 135 في المئة. حتى في إيطاليا المحافظة، ارتفعت المطلوبات من 32 إلى 59 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. كما أصبح من السهل جداً شراء كامل أسهم الشركات أو دمجها مع شركات أخرى. عام 2006، بلغت القيمة الإجمالية لعمليات دمج الشركات وشرائها في العالم 3861 مليار دولار، وهو أعلى رقم حتّى الآن، مع 33141 عملية فردية. في المقابل، ومنذ فترة غير بعيدة، تحديداً عام 1995، لم تتعدَّ قيمة عمليات الدمج والشراء ال850 مليار دولار، مع 9251 عملية فقط. نظراً إلى الحجم الكبير لصناديق الأسهم الخاصة الجديدة وحجم التمويل من خلال السندات الذي تديره المصارف المركزية، حتّى الشركات الأكبر والأكثر رسوخاً عرضة للبيع والتفكّك، إلاّ إذا كانت تتمتّع بحماية خاصة. ولّدت السوق التي تسيطر على الشركات، والتي تشكّل صناديق الأسهم الخاصة مساهِمة فاعلة فيها، زيادة كبيرة في نفوذ المالكين (حاملي الأسهم) على حساب نفوذ الإدارة. تجسّد الرأسمالية المالية الجديدة انتصار المُتاجِر بالموجودات على المنتِج البعيد المدى. وصناديق التحوّط أمثلة ممتازة عن المُتاجِر والمشارك في التحكيم اللذين يعمدان إلى المضاربة. أمّا صناديق الأسهم الخاصة فعبارة عن تجمّعات تتاجر بالشركات بهدف تحقيق كسب مادّي. بالطريقة عينها، يخضع النظام المصرفي الجديد لسيطرة مؤسّسات تتاجر بالموجودات بدلاً من الاحتفاظ بها في دفاترها المالية لفترة طويلة.
ويولّد التوجّه نحو المتاجرة عقوداً واضحة وليس ضمنية، وتعاملاً ظرفياً بدلاً من علاقات طويلة الأمد. لم يعد ما يُعرَف ب"العقود العلاقية" يستحقّ الورق الذي لا يُدوَّن عليه. فهي تخضع لقدرة الفرص الجديدة على تحقيق مكاسب. لذلك ليس مفاجئاً أنّ الملكية المزدوجة المطبّقة في رأسمالية ما بعد الحرب في اليابان والملكية السهمية الخاضعة لسيطرة المصارف في ألمانيا بعد الحرب، لم تعودا موجودتين.
علاوةً على ذلك، فإنّ وجود عدد كبير من الأجانب على سجلاّت الأسهم علماً بأنّهم مستعدّون في شكل كامل لممارسة حقوق الملكية ولا تقيّدهم روابط اجتماعية وسياسية محلّية، أحدث تحوّلاً في طريقة عمل الشركات: خير مثال على ذلك ثورة حاملي الأسهم الناجحة على خطط إدارة "دويتش بورس" الألمانية للسيطرة على بورصة لندن. هكذا يتأكّل الرأسمال المالي العالمي استقلالية الرأسمال الوطني.
ومن النتائج الأخرى بروز مركزين ماليَّين دوليين مسيطرَين: لندن ونيويورك. ليس من قبيل المصادفة أنّهما يقعان في بلدان ناطقة الإنكليزية مع تاريخ طويل من الرأسمالية المالية. وليس من قبيل المصادفة أيضاً أنّ هونغ كونغ، وليس طوكيو، تُعتبَر عامةً المركز المالي الدولي الرائد في آسيا، على الرغم من أنّ اليابان هي أكبر بلد دائن في العالم. هونغ كونغ بريطانية الإرث. يبدو أنّ التقليد وأنماط السلوك القانونية في البلدان الناطقة الإنكليزية هي ورقة رابحة كبيرة في تطوّر المراكز المالية. كيف نقوِّم إذاً التحوّل الأخير للرأسمالية؟ هل هو "شيء جيّد"؟ يمكن سوق حجج قويّة لمصلحته: يحدّد المستثمرون الماليون الفاعلون بسرعة جيوب عدم الفاعلية ويهاجمونها؛ وعبر القيام بذلك يحسّنون فاعلية رأس المال في كل مكان؛ يفرضون ضوابط السوق على إدارة الشركات؛ يموّلون أنشطة جديدة ويضعون الأنشطة القديمة غير الفاعلة في أيدي من يستطيعون استثمارها في شكل أفضل؛ ويخلقون قدرة عالمية أفضل على التعامل مع الخطر؛ ويستثمرون رأسمالهم حيث يحقّق النتائج الأفضل في أيّ مكان من العالم؛ وفي معرض هذه العملية، يمنحون الأشخاص العاديين القدرة على إدارة أموالهم بنجاح أكبر.
لكن من الواضح أيضاً أنّ بروز الرأسمالية المالية الجديدة يخلق تحدّيات تنظيمية واجتماعية وسياسية هائلة. قد يقول المتفائلون إنّ النظام المالي الجديد يجمع بين الفاعلية والاستقرار بدرجة غير مسبوقة. فالمصارف المؤمَّنة تأميناً عاماً لا تتحمّل مخاطر أقلّ من السابق وحسب إنّما أيضاً تدير المخاطر التي تتعرّض لها بصورة أفضل بكثير. يستطيع المتفائلون أن يشيروا أيضاً (وهذا ما يفعلونه) إلى السهولة التي تعامل بها النظام المالي العالمي مع انهيار البورصة العالمية عام 2000 والهجمات الإرهابية عام 2001 – لا سيّما عدم حصول أيّ إخفاق مصرفي كبير في ذلك الوقت. ومن شأنهم أن يشيروا أيضاً إلى تراجع في تواتر الأزمات المالية العالمية في هذا العقد. أمّا المتشائمون فيعتبرون أنّ الظروف النقدية كانت حميدة جداً لفترة طويلة إلى درجة أنّ مخاطر هائلة غير محدّدة وغير مضبوطة هي في طور التكوّن داخل النظام. ويقولون أيضاً إنّ الرأسمالية المالية العالمية الجديدة لم توضَع بعد على محكّ الاختبار.
تنظيم نظام معقّد وعالمي إلى هذه الدرجة مهمّة جديدة بالنسبة إلى المنظّمين الذين لا يزالون محلّيين في غالبيّتهم. لقد تحسّن التعاون. وتُقدّم التقارير، على غرار "التقرير حول الاستقرار المالي العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي والتقارير الموازية له على المستوى الوطني، تقويمات مفيدة للمخاطر. تتيح مجموعات جديدة مثل "منتدى الاستقرار المالي" الذي تأسّس عام 1999، بجمع المنظّمين معاً. لكن وحدها الضغوط الحادّة كفيلة باختبار النظام كما يجب. التحدّيات التنظيمية كبيرة بما يكفي لكنّها ليست التحدّيات الوحيدة. يتشاطر كثر كره ليونيل جوسبان لما سمّاه "مجتمع السوق". وتتشكّل ائتلافات سياسية قويّة لكبح تأثير اللاعبين الجدد والأسواق الجديدة: تشعر النقابات العمّالية والمديرون والسياسيون المحلّيون ومئات ملايين الأشخاص العاديين أنّهم مهدّدون من آلة تسعى وراء الربح المادّي وتُعتبَر بعيدة وغير بشرية، إن لم يكن غير إنسانية.
أخيراً وليس آخراً، هناك التحدّيات المطروحة على السياسة في ذاتها. في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، حصل تحوّل كبير في الدخل من العمل إلى رأس المال. يشعر المديرون الذين حصلوا حديثاً على محفّزات وتحرّروا من الكوابح، أنّه يحقّ لهم كسب مبالغ مضاعفة من رواتب موظّفيهم. ويربح المضاربون الماليون مليارات الدولارات ليس طوال حياتهم إنّما في سنة واحدة. تثير هذه النتائج تساؤلات سياسية في معظم المجتمعات. تبدو مقبولة في الولايات المتّحدة، لكنّها تحظى بقبول أقلّ في أماكن أخرى. لا شكّ في أنّ السياسة الديموقراطية التي تمنح نفوذاً للغالبية، تتحرّك ضدّ التركّزات الجديدة للثروة والدخل. ستستمرّ بلدان عدّة في مقاومة النشاط الحرّ للرأسمالية المالية، بينما تسمح لها بلدان أخرى بالعمل فقط في إطار اتّحاد وثيق مع المصالح الداخلية النافذة. وسوف تبحث معظم البلدان عن وسائل لترويض نتائجها. وستبقى كلّها قلقة بشأن احتمال حصول زعزعة خطيرة للاستقرار.
هناك نقاط تشابه كثيرة بين عالمنا الرأسمالي الشجاع الجديد والعالم الرأسمالي في مطلع التسعينات. لكنّ الأوّل تجاوز الثاني في نواحٍ عدّة. فهو يتيح فرصاً مثيرة للاهتمام، لكنّه يظلّ إلى حد كبير من دون اختبار. ويخلق نخباً جديدة. لهذا التحوّل الحديث في الرأسمالية أصدقاء أوفياء وأعداء ألدّاء. لكن الاثنين يتّفقان على أنّ بروزه هو من أهمّ الأحداث في عصرنا.

مارتن وولف (كبير المعلّقين الاقتصاديين في صحيفة"فايننشال تايمز") ترجمة نسرين ناضر

تحياتي .


:Asmurf:




(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-23-2007, 03:35 PM بواسطة Awarfie.)
07-23-2007, 03:27 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
Awarfie غير متصل
متفرد ، و ليس ظاهرة .
*****

المشاركات: 4,346
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #2
حقيقة " الثورة الدائمــة " التاريخية
شروط نجاح الرأسمالية

"هل الرأسمالية الأميركية قادرة على البقاء؟ لا... لا أعتقد أنها قادرة على ذلك." جوزيف شمبيتر، 1942. إن قصة الرأسمالية الأميركية هي -بين أشياء أخرى -قصة علاقة تتراوح ما بين الحب والكره. فنحن نمر عبر دورات من تهنئة النفس، والنفور، والمراجعة. ومعرفة متى بدأت بالضبط دورة النفور والمراجعة الأخيرة مسألة ليست بالسهلة: هل كان ذلك عندما انهار بنك "ليمان براذرز"؟ أو عندما توسلت شركة "جنرال موتورز" من أجل الحصول على إعانات فيدرالية؟ أو عندما أثار صرف حوافز للعاملين في مؤسسة "إيه. آي. جي" غضبة عارمة في أميركا كما هو حاصل الآن؟ غير مهم... المهم أن الرأسمالية الأميركية تحت الحصار، وأن مستقبلها غير واضح.
و"شومبيتر"، الذي تنبأ بهذه النبؤة، والذي يعد واحداً من أبرز علماء الاقتصاد في القرن العشرين، كان يعتقد أن الرأسمالية تحتوي في داخلها على بذور فنائها. فميزتها الرئيسية طويلة الأمد، وهي القدرة على زيادة الثروة، ومستويات المعيشة. أما عيوبها فهي قصيرة الأمد وتتمثل في عدم الاستقرار، والبطالة، وعدم العدالة. والرخاء الذي حققته الرأسمالية أدى إلى خلق طبقة معارِضة من"المثقفين"، الذين يعملون على تغذية عوامل السخط الشعبي، والحط من قدر القيم الرأسمالية (تحقيق الثراء الذاتي، والمخاطرة) الضرورية لتحقيق النجاح الاقتصادي.
الرأسمالية الأميركية تتمتع بقدرة هائلة على التكيف. فهي تكيف نفسها وفقاً للقيم العامة المتطورة، مع المحافظة في ذات الوقت على حوافز خاصة كافية.

وكل جانب -تقريباً -من جوانب تحليل"شومبيتر" يبدو صحيحاً باستثناء جانب واحد ـ واضح تماماً ـ وهو ذلك الخاص بالاستنتاج الذي توصل إليه والمتعلق بعدم قدرة الرأسمالية على البقاء.
فمن المعروف أن الرأسمالية الأميركية قد ازدهرت على الرغم من تعرضها لقيود متكررة من المشرعين الساخطين. لمعرفة ذلك يكفي النظر في التحولات التي مرت بها الرأسمالية. ففي عام 1889، لم يكن هناك قانون لمكافحة الاحتكار(صدر عام 1890)، ولا ضريبة على دخل الشركات(صدر القانون الخاص بها عام 1909)، كما لم تكن هناك لجنة للأوراق المالية وتبادلاتها (1934)، كما لم تكن هناك وكالة لحماية البيئة(1970).

وموجات الإصلاح الكبرى، تنطلق في معظم الأحيان من الفضائح والأوقات العصيبة. فالفضائح تسيء إلى سمعة التجارة، أما في الأوقات العصيبة فترتفع الأصوات المطالبة بالتصرف. والحقيقة أن ما يحدث الآن، وما حدث في الماضي يبدو متشابها على نحو غريب" ففي عام 1982 لم يكن هناك أحد يتوقع أن ينتهي الحال برئيس بورصة نيويورك إلى سجن"سنج سونج" عام 1938" كما يقول المؤرخ "ريتشارد تيدلو" من مدرسة هارفارد لإدارة الأعمال، الذي يقصد بحديثه "ريتشارد وايتني" المتهم بالنصب على زبائنه. وإذا ما انتقلنا إلى الحاضر، فسوف نجد شبيهاً هو "بيرني مادوف"، الذي شغل ذات مرة منصب رئيس "ناسداك"، وكان عضواً لمؤسسة مالية كبرى، وانتهى به المطاف إلى ماوراء القضبان بعد أن اعترف بقيامه بالنصب على زبائنه.
وبعض التخمينات حول تطور الرأسمالية تبدو مقنعة. فالصناعة المالية، والبنوك، وبنوك الاستثمار، وصناديق التحوط كلها ستتقلص من حيث الأهمية في حين ستزداد اللوائح تشددا، ويرتفع مقدار رأس المال المطلوب، وتنخفض الربحية (حتى فترة قريبة كان التمويل يمثل 30 في المئة أو ربما أكثر من ذلك من أرباح الشركات ارتفاعاً من 20 في المئة فقط في عقد السبعينيات من القرن الماضي).

مع ذلك يبقى سؤال"شومبيتر" مطروحاً: هل ستفقد الرأسمالية حيويتها؟ إن الرأسمالية الناجحة تفترض ثلاثة شروط مسبقة: الأول، شرعية الدافع الربحي -أي القدرة على الأداء الجيد، بل الرائع. الثاني، الأسواق الواسعة الانتشار التي تتفاوت حظوظ الشركات العاملة فيها ما بين النجاح والفشل، وفي النهاية نظام قانوني وسياسي يخلق بالإضافة إلى تأسيس الملكية والحقوق التعاقدية، قبولا عاماً. لاحظ أن الشرط الأخير يخفف الشرطين الأوليين لأن الحكومة تستطيع -من خلال الضرائب، والقانون، واللوائح إضعاف الدافع الربحي والتدخل في الأسواق.

والسبب الرئيسي الذي لم يؤد إلى تحقق نبؤة "شومبيتر"، هو أن الرأسمالية الأميركية ـ وأنا لا أقصد هنا الشركات فحسب بل والعملية السياسية الأوسع نطاقاً المحيطة بذلك - تتمتع بقدرة هائلة على التكيف. فهي تكيف نفسها وفقاً للقيم العامة المتطورة، مع المحافظة في ذات الوقت على حوافز خاصة كافية. في نفس الوقت، نجد أن الطبيعة الطموحة للمجتمع الأميركي في حد ذاتها، تدعم ثقافة المبادرة العملية وأخلاقيات العمل اللذين يمثلان معاً حجر الأساس، الذي تنهض عليه الرأسمالية. أما اللوائح الجديدة، فإن الكثير منها لن يؤدي إلى تخفيض مقدار الربحية لسبب بسيط وهو أن التكاليف سيتم تحميلها في النهاية على المستهلكين الذين يقبلون على شراء السلع المرتفعة الثمن.

ومن الخطأ الافتراض دائماً أن الحكومات تعمل على قمع المشروعات فالذي يحدث في الواقع العملي هو أنها تعمل على تعزيز المشروعات.

وهنا قد يتبادر إلى الذهن سؤال منطقي يتعلق بالأزمة الحالية، وهو: إذا ما كانت الشركات تحتاج إلى من ينقذها من تقلبات"السوق"، فلماذا لا تقوم واشنطن بإدارة السوق بشكل دائم؟ إن هذا النوع من التفكير يعد خطيراً في الحقيقة، لأنه هو نوع التفكير الذي يقف وراء تبرير الضرائب العقابية مثل تلك الضرائب التي اقترح البعض فرضها على الحوافز المالية التي صرفت لموظفي مؤسسة" إيه. آي. جيه" (مشروع قرار الضرائب المضادة للحوافز المالية)، وهو أيضاً نوع التفكير الذي يبرر التفويضات المؤسساتية الواسعة النطاق، والإعانات الانتقائية، والتلاعب في العمليات اليومية للشركات.

إن توسع دور الحكومة في زمن الانهيارات الاقتصادية أمر حتمي في الحقيقة ويجب أيضاً أن نعرف أن هناك خيطا رفيعا بين"إنقاذ الرأسمالية" من نفسها، وبين إثبات صحة نبوءة "شومبيتر" الذي مضى عليه زمن طويل.
__________________________________________________

روبرت صمويلسون
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"



:Asmurf:
03-25-2009, 01:41 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  قرءاة في موضوع " الانعتاق السياسي" ، لجاد الكريم الجباعي Awarfie 1 1,160 02-15-2009, 01:17 AM
آخر رد: Awarfie
  "النزعة الإنسانية والإسلام" مؤلف لمحمد اركون Obama 1 1,917 10-07-2008, 05:12 PM
آخر رد: Obama
  الإنترنيت , الثورة وما بعدها نبيل حاجي نائف 1 872 05-25-2008, 07:27 AM
آخر رد: نبيل حاجي نائف
  رد على كتاب سارتر " نقد المنطق الديالكتيكى " لايبنتز 2 2,087 04-13-2008, 10:42 PM
آخر رد: حسام يوسف
  البرجوازية الصغيرة هل تصبح الطبقة التاريخية الجديدة ؟ Awarfie 1 730 05-20-2007, 12:01 AM
آخر رد: Awarfie

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS