(6) صمدتُ البارحة. أستطيع أن أصمد اليوم (I Stood Yesterday. I Can Stand Today)
بقلم Dorothy Dix
لقد عشتُ خلال أحلك لحظات الفقر والمرض. عندما يسألني الآخرون عن السبب الذي ساعدني على الإستمرار بعد مروري بكل تلك التجارب والمشاكل التي قد يمر أي إنسان بها، يكون ردي دائما: "صمدتُ البارحة، أستطيع أن أصمد اليوم. ولن أسمح لنفسي بالتفكير فيما قد يحصل غدا."
لقد عرفتُ معنى العَوَز والصراع والقلق واليأس. أضطررتُ دائما إلى العمل بما يفوق قدراتي. عندما أنظر إلى مجرى حياتي الماضية، أرى ساحة معركة مغطاة ببقايا الأحلام الميتة والآمال المُحطّمة والأوهام الممزقة - معركة طالما قاتلتُ فيها رغم كون جميع الإحتمالات ضدي، معركة تركتني مليئة بالجراح والرضوض والتشوهات، حتى أنها جعلتني أبدو أكبر عمرا مما أنا عليه.
ورغم كل ذلك، لستُ أشعر بالأسى على نفسي أبدا؛ ليس هناك دموع يجب ذرفُها على الماضي وما كان فيه من أسى وأحزان؛ لستُ أحسد النساء اللواتي أُعفينَ ممّ اضطررتُ للخوض فيه. لأنني حييت. هنّ فقط "وُجدن". لقد ترشفتُ من كأس الحياة حتى آخر قطرة فيه. هنّ ترشفن القليل مما يطفو على سطحه لا أكثر. أعرفُ أمورا لم ولن يعرفنها أبدا.أرى أمورا خفيت عليهن. فقط أولئك النسوة اللواتي غُسلت عيونهنّ جيدا بالدموع يستطعن الحصول على نظرة أوسع وأعمق تمكنّهن من أن يصبحن أخوات العالم كله.
لقد تعلّمت في جامعة الحياة العظيمة فلسفة لم تستطع امرأة عاشت حياة سهلة الحصول عليها وتعلمها. لقد تعلمتُ أن أعيش كل يوم بيومه، لا أن أستعير المشاكل بالقلق بشأن الغد. لأن تلك الأجزاء القاتمة من الرؤية هي التي تجعلنا جبناء (it is the dark menace of the picture that makes us cowards - لم أدرِ كيف أترجم هذا النص فترجمته كما أسلف، لكن التصور هي أن الكاتبة شبهت الحياة بلوحة أو صورة، وخوفنا من تهديد الأجزاء القاتمة والمظلمة في تلك الصورة هو ما يجعلنا جبناء) لقد تخليت عن تلك المخاوف لأن الخبرة علمتني أنه عندما يحين ذلك الوقت الذي أخاف قدومه، أنني سأُمنحُ تلك القوة والحكمة لمواجهته. الإزعاجات الصغيرة لم يعد لها القدرة على التأثير بي. بعدما تشهد تحطم صروح أحلامك وسعادتك وتحولها إلى ركام أمام ناظريك، لن يهم بعد ذلك أن خادما نسي وضع قطعة قماش على مقبض طبق ساخن، أو أن الطاهي أراق الحساء.
تعلمتُ أن لا أتوقع الكثير من الآخرين، ومع ذلك لا زلتُ أستطيع الحصول على السعادة من بين ظهراني صديق غير وفي، أو آخر يفرط في النميمة حولي. وفوق ذلك كله، صار عندي حس للفكاهة، لأنني مررتُ بالكثير مما كان يجب علي أن أبكي أو أضحك بشأنه. وعندما تتحلى امرأة بالشجاعة لتضحك في وجه وجه مشاكلها بدل البكاء والتصرف بشكل هستيري، لا شيء يستطيع إيذاءها بعد ذلك. لستُ نادمة على المصاعب التي عرفتها وعشتُها، لأنني من خلالها لمستُ الحياة وأحسستُ بها خلال كل لحظة عشتُها. وكانت تستحق الثمن الذي دفعته.
(f)
01-27-2008, 08:12 AM
{myadvertisements[zone_3]}
كمبيوترجي
أحن إلى أمي
المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
(7) لم أتوقع أن أعيش حتى فجر اليوم التالي (I Did Not Expect to Live to See the Dawn)
بقلم J. C. Penney [في الرابع عشر من أبريل من عام 1902، قام رجل شاب يحمل 500 دولار من المال وطوحا بمليون دولار بافتتاح محل للمنتجات الجافة (dry goods) في كيميرر، وايومينغ (Kemmerer, Wyoming) - بلدة صغيرة بها ألف نسمة، وكان المحل موجودا في العربة المتنقلة من مخلفات حملة لويس وكلارك (Lewis and Clark Expedition). عاش ذلك الشاب وزوجته في عليّة فوق المتجر، واستخدموا علبة كرتونية كبيرة كطاولة وعلبة أصغر ككراسي. كانت الزوجة الشابة تلف طفلها فملاءة وتجعله يغفو تحت الطاولة بينما هي واقفة إلى جانبه لتساعد زوجها في عمله. اليوم، تحمل أكبر سلسلة لمتاجر المنتجات الجافة في العالم إسم ذلك الشاب: The J. C. Penney sotre - أكثر من 1600 فرع يغطون كامل الولايات الأمريكية. تناولت العشاء مؤخرا مع السيد بيني، وأخبرني قصة أكثر اللحظات دراماتيكية في حياته.]
مررتُ قبل سنوات بأكثر تجارب حياتي امتحانا. كنت قلقا ويائسا. لم يكن لقلقي أي علاقة بأي شكل من الأشكال بعمل شركتي (J. C. Penney Company). كان العمل صلبا وصامدا ويتحسن باستمرار؛ لكنني على الصعيد الشخصي كنت قد قدمت التزامات غير حكيمة قبيل الكساد الإقتصادي عام 1929. كالكثير من الرجال الآخرين، تلقيتُ اللائمة على الظروف التي لم يكن لي أي دخل بها مطلقا. أحاطتني المشاكل وأزعجني القلق حتى ما عدتُ قادرا على النوم، وأصبتُ بحالة مؤلمة من الطفح الجلدي تسمى Shingles - طفح جلدي أحمر اللون. إستشرت طبيبا - رجلا كنت قد ارتدت المدرسة الثانوية معه في هاميلتون، ميزوري (Hamilton, Missouri): الطبيب إلمر إجلستن (Dr. Elmer Eggleston)، طبيب في مستشفى كيلوج في باتل كريك، ميتشيغان (Kellogg Sanitarium in Battle Creek, Michigan). أدخلني الطبيب إلى المستشفى وحذّرني من أنني كنت مريضا بشدة. تم وصف عملية علاج صارمة. لكن لم يبدو أن هناك علاجا ناجعا لحالتي. أصبحتُ أضعف أكثر مع مرور الأيام. كنت منهارا عصبيا وجسديا، مليئا باليأس، غير قادر على رؤية حتى بصيص أمل. شعرت بأنني لم أعد أملك ما يستحق الحياة لأجله. شعرت بأنني لم أعد أمتلك أي أصدقاء في هذا العالم، حتى أن عائلتي تخلت عني وانقلبت ضدي. في إحدى الليالي، قام الطبيب إجلستن بتخديري، لكن سرعان ما زال أثر التخدير لأستيقظ وفي داخلي إحساس وقناعة بأن تلك كانت آخر ليلة في حياتي. نهضتُ من فراشي، وكتبت رسائل وداع لزوجتي وابني، وكتبت في تلك الرسائل بأنني لم أتوقع أن أعيش حتى فجر اليوم التالي.
عندما استيقظت صباح اليوم التالي، تفاجئت كوني لا أزال على قيد الحياة. خلال نزولي على درج المشفى نحو الطابق السفلي، سمعتُ الغناء المنطلق من كنيسة صغيرة مجاورة حيث كانت تجري تمارين للجوقة الغنائية فيها كل صباح. لا زلتُ أتذكر الصلاة التي كانت الجوقة ترددها: "الله سيرعاك." ("God will take care of you.") ذهبت إلى الكنيسة، واستمعت بقلب يملؤه الأسى لغناء تلك الجوقة، قراءة أصاحيح من الإنجيل والصلاة. فجأة - حصل أمر ما. لا أستطيع تفسير ما حصل. كل ما أذكره أن معجزة حصلت. أحسست كأن شيئا ما حملني ليخرجني من ظلمة القبر إلى الإحساس الدافيء المبهر لأشعة الشمس. شعرتُ كأنني انتقلت من الجحيم إلى الجنة. شعرت بقوة الله كما لم أشعر بها من قبل في حياتي كلها. أيقنتُ أنني أنا وحدي كنتُ مسؤلا عن كل مشاكلي. كنت أعلم أن الله موجود بمحبته لمساعدتي. منذ ذلك اليوم حتى الآن، حياتي أصبحت خالية من القلق. أبلغ الحادية والسبعين من العمر الآن، وأعظم عشرين دقيقة في حياتي كانت تلك الدقائق التي قضيتهن في الكنيسة ذلك الصباح: "الله سيرعاك."
===============
ملاحظة: يتحدث الكتاب في بعض فصوله عن أهمية الدين والإيمان في حياة الإنسان، ويقدم طبعا البديل لمن لا يؤمن بالله أو الأديان، وذلك البديل هو فن الإسترخاء والتأمل. وطبعا لكلا الحلين دور مهم في حياة الإنسان وتنقية نفسه من الهموم والأحزان عن طريق تفريغ الذهن مما يعتمل داخله من أفكار سوداوية وسلبية، مما يُساعد حلى التفكير بطريقة أفضل وتقديم الحلول لكثير من المشاكل، بالإضافة إلى تجنب الوصول إلى النقطة حيث تؤثر الهموم والقلق على الحالة الفيزيائية أو الجسدية للإنسان.