اقتباس:عندما توجد عقيدة تؤمن بوحدة الوجود وأن الله والعابد واحد وهذا ينافي روح القرآن فحتما هي عقائد تمثل خطورة على النص القرآني والعمل به. وجود النذير في الأمم يعني أنهم يتأهبون عبر التاريخ في مراحل تدريجية ولكن لهم عقائدهم الوثنية ومخلفاتهم ومن الخطورة بمكان إضافتهم على الروح الإسلامي فيختلط الحابل بالنابل
اسمح لي عزيزي ابراهيم (اشتقت إليك على فكرة) أن اشارك في الموضوع رغم ثرائه بمداخلة رائعة من أخي الحبيب الداعية
الحقيقة أنني ومنذ أن عرفت التصوف في محيط أسرتي كنت أواجه صعوبة في تقبل أن ما ذكرته هنا ممكن (وحدة الوجود)
هذا مصطلح عرفته أديان كثيرة منها الآسيوية ومنها الاسرائيلية والاثنان ربما أصلهما واحد فلا أحد بعد يدري إن كان بوذا نبيا من الانبياء ألهه قومه فعبدوه على عبادتهم لله أم أنه كفرعون الذي قال أنا ربكم فاعبدون..
حتى أقدم مذاهب التصوف -أو هكذا يقال- وهي القبالا اليهودية تؤمن بوحدة الوجود -ولاحظ أن المسلمين يؤمنون أن المسيحية واليهودية هما في الأصل دينان سماويان.
سأتحدث عن وحدة الوجود لاحقا لكن لنبدأ بالمصطلح
يقول الدكتور أمين عودة المتخصص في التصوف الكسنزاني
اقتباس:إن كلمة " صوفيا" أو "سوفيا" الشق الثاني من " فيلا سوفيا" وتعريبها كما هو معروف "فلسفة" هي من الكلمات المقترحة عند بعض المستشرقين والعرب التي اشتق منها مصطلح التصوف مبنى ومعنى. ولعل البيروني أول من شدا بهذا الرأي في كتابه " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" وفيه يقول:" … وهذا رأي الصوفية وهم الحكماء، فإن "سوف" باليونانية الحكمة، بها سمي الفيلسوف "بيلا سوبا" [= فيلا سوفيا] أي محب للحكمة، ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سُمُّوا باسمهم، ولم يعرف اللقب بعضُهم، فنسبهم للتوكل إلى الصفة… ثم صُحِّف بعد ذلك فصُيّر من صوف التيس. وعدل أبو الفتح البستي عن ذلك أحسن عدول في قوله:
تنازع الناس في الصوفي فاختلفوا
قْمـا وظنوه مشتقا من الصوف
ولست أنحل هذا الاسم غير فتى
افى فصوفي حتى لقب الصوفي
الصوفية في رأيي تعريفها باختصار: الزهد في الدنيا والإمعان في العبادة والذكر للوصول إلى ما هو أبعد من حدود المادة إلى دواخل الروح ما يصل بالمتصوف إلى حقيقة الله فيلامس وجوده
هم مثلا يقولون برواية فيها أن النبي موسى عليه السلام قال: يارب أين أبغيك؟ قال عز وجل (إننى عند المنكسرة قلوبهم).
وفي مبحث قرأت أن الصوفية لها تعاريف كثر، وقد اختلف في تعريفه فقيل: " التصوف الجِدُّ في السلوك إلى ملك الملوك"، وقيل: "التصوف الموافقة للحق"، وقيل:"إنما سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها ونقاء ءاثارها"، وقال بشر بن الحارث: "الصوفي من صفا قلبه لله ".
وأنا أرى والله أعلم أن التصوف نشأ على هدف وأساس واحد هو "حب الصالحين واتباعهم وتبجيلهم والسير على نهجهم وآرائهم" بدءا من الرسول صلوات الله عليه وعلى آله ومرورا بالصحابة الكرام ومن تبعهم.
فّلأن محبة الصالحين وصحبتهم من علو شأنها، فكان من أبغض الأفعال عندهم مجافاة الصالحين ومعاداتهم
المتصوفة يؤمنون أنه مثلما أن هناك 124 ألف نبي فإن هناك 124 ألف ولي (في مقاربة في القيمة تحوي اسقاطات واضحة حول مرتبة الولاية عندهم) بل إنها أحيانا تفوق النبي منزلة قال الشيخ الفوتي الصوفي: "الفصل الثامن عشر في إعلامهم أن الشيخ –وهو الولي الكامل- في قومه كالنبي في أمته، وأن مبايعته كمبايعة النبي –صلى الله عليه وسلم-"
وعلى مر العصور كان التصوف مرتبطا تارة بالاعتدال والزهد والبعد عن الظهور والبهرجة والدعوة إلى الله في صمت، وتارة بالمظاهر الشاذة والغير مقبولة.
وبين الاثنين تعرضت الصوفية على مر العصور لاتهامات كثيرة بالشرك (من عند ابن تيمية والوهابيين لاحقا) أو التطرف في تقديس البشر (الولاية والقطبية والإمامة في اختلاط وتلامس ملحوظ مع المبادئ الجعفرية الأصولية) أو الشعوذة والدجل والمجون في احيان نادرة.
يقول الجنيد البغدادي: "طريقنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة، إذ الطريق إلى الله تعالى مسدود على خلقه إلا على المقتفين ءاثار رسول الله (صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم)"اهـ، وقال الشيخ تاج الدين السبكي: "ونرى أن طريق الشيخ الجنيد وصحبه مقوَّم" اهـ، وقال سهل التُّستَري: " أصول مذهبنا- يعني الصوفية- ثلاثة: الاقتداء بالنبي (صلّى الله عليه وسلّم) في الأخلاق والأفعال، والاكل من الحلال، وإخلاص النيّة في جميع الأفعال" اهـ، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: " ليس هذا الطريق بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخَالة"،وانما هو بالصبر على الأوامر واليقين في الهداية قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾
ويقسم الصوفية علومهم إلى قسمين بحسب علمي علم خواص وعلم عوام
فعلم العوام هو طريق المبتدئين في سلك الطريقة وعنهم تخفى أسرار كثيرة حول طبيعة الاعتقاد والمذهب
وعلم الخواص هو العلم الذي إن أوتيته صرت من خواص الناس كما يشير التعريف ومن المحظيين في مجالس العلم بل وفي معظم الأحوال يصبح صاحب الخصوصية "وليا" في عرف العوام
أشهر طرائق الصوفية الرفاعية والقادرية والعلوية الهاشمية التي امتدت لتصل إلى شرق العالم وجنوبه.
يقول الحبيب الجفري من دعاة الطريقة العلوية حول الشرك ونفيها عن التصوف "الشرك وصف قلبي قد يعبّر عنه بلفظ أو بفعل وعند التعبير عنه بلفظ أو بفعل، إما أن يكون صريحاً كسب الذات الإلهية هذا كفر وردة والعياذ بالله, أو صريحاً بدعوى الألوهية للغير دون أن يقصد حكاية شيء أي واحد يقول: أنا ربكم الأعلى. ما أستطيع أن أقول عليه أنه كافر لأنه كان ربما يتلو جزءاً من القرآن كلام فرعون، لا بد أن أتأكد ما المقصود من هذا الكلام؟ وكذلك السلوك.." من مقابلة مع تركي الدخيل في العربية
أما وحدة الوجود فهي في اعتقادي المشكل الوحيد الذي يواجه التصوف كمعتقد إسلامي.. فهي نظرية لا تجد في الكتاب والسنة دليلا لكنها تعدو عن كونها فلسفة لتصبح عندهم عقيدة
وأساس هذا المذهب هو الاعتقاد بأنه لا وجود إلا لله تعالى، وأن المخلوقات لا وجود لها، وإنما ينسب إليها الوجود على سبيل المجاز، وأما في الحقيقة فلا وجود لها مطلقاً.
عن مِـنَــحُ الوَدُودِ في بيـــَـانِ مَـذْهــَبِ وحْدَةِ الوُجــُـودِ- أنقل:
اقتباس:وهذا هو المقصود من القول بوحدة الوجود، فلا موجود مطلقاً إلا الله تعالى، أو لا وجود مطلقاً إلا لله تعالى، وما يظهر لنا من ذوات موجودة، فإنه لا وجود لها غير عين وجود الله تعالى، فهي قائمة بعين وجوده عز اسمه، ومذهب وحدة الوجود يستلزم أن إثبات الوجود مطلقاً لغير الله تعالى إنما هو نوعٌ من أنواع الشرك، والتوحيد عندهم، إنما هو نفي الوجود عن كل ما سوى الله، واعتقاد أن كل السوى هو عين الله. فتكثر الوجود منفي عندهم، ويتبقى وحدة الوجود.
لكن هل وحدة الوجود شيء ينافي النصوص أم أنه فقط غير مذكور نصا في القرآن والسنة (والفرق واضح):؟؟؟
هذا السؤال سأحاول البحث في اجاباته لاحقا.. أنا الآن مستعجل قليلا
إلى لقاء قريب