لم أر الشخص الذى صنع تلك المنضدة التى أمامى لسبب أو لآخر ولكن بقليل من التأمل أستطيع أن أدرك أن صانعها كان مريدا عاقلا عالما بصيرا قادرا قويا مبدعا .. وكلما ازداد عقلى حدة ودققت فى التأمل كلما ازداد تصورى لصفات ذلك الصانع .
ولله المثل الأعلى فإن من أبسط الطرق التى تفتح لنا معرفة الخالق بعد إقرارنا بوجوده هو التأمل فى تلك الصنعة التى نشاهدها ؛ فكون فى غاية الإحكام والاتقان ويسير وفق قوانين متناهية الدقة مثل ذلك مع إمكانه -أى مع كونه غير واجب الوجود - لا يصدر إلا عن مريد له إرادة بها تخص وجود هذا الكون بدلا من عدمه ، قادر عليه قدرة لا حدود لها ولا تقارن بقدرات المخلوقين ، عالم به لأن العلم شرط فى إتقان الصنعة ولا توجد صنعة أتقن من هذه ، مبدع غاية الإبداع، قوى غاية القوة ،حكيم غاية الحكمة ،سميع لكل المسموعات، بصير بلكل المبصرات ،مدرك لكل أنواع المدركات..
وكما فاقت صنعته كل التصورات فما تدل عليه صنعته من صفاته لا بد وأن تفوق كل الحدود من الصفات فترقى إلى أبعد ما يمكن تصوره من الكمالات .
هذه أبسط طريقة لمعرفة صفات الله تعالى لا يختص بها عالم أو فيلسوف بعيدة كل البعد عن المزايدات وتكلف الأدلة والبراهين .
تحياتى.