{myadvertisements[zone_1]}
المقدس ....من قدّسه؟
arfan غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,378
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #1
المقدس ....من قدّسه؟
كلمة المقدس مشتقة من الفعل "قدّس" "يقدّسُ" فهو "مقدّسٌ". فما هو التقديس؟ يقول المنجد: ( قَدّسَ الله فلاناً: طَهّره وبارك عليه. وقَدّسَ الرجلُ الله: نزّهه ووصفه بأنه قُدّوساً. تقدّس: تطّهر. القُدس: أورشليم. روح القدس عند النصارى: الأقنوم الثالث من الأقانيم الإلهية. روح القدس عند السلمين" الملاك جبريل. القداسة: الطهارة. القُدّوس: من أسماء الله الحسنى، أي المنزه عن كل نقص. القديس: الفاضل الحاصل على تمام الصلاح والقبول عند الله). فالقداسة إذاً حالة من الطهر يُسبغها الإنسان على الإله أو الإله على الإنسان. ولكن ما هي هذه الطهارة التي يُسبغها الإنسان على الإله؟ المنجد يقول (الطهارة: عكس النجاسة). والنجاسة هي القذارة. فإذاً نستطيع أن نقول إن القداسة هي حالة غياب القذارة عن الإله أو الإنسان.

يقول عالم الاجتماع الفرنسي اميل ديركهايم Emile Durkheim في كتابه "الأشكال البدائية للحياة الدينية" Elementary Forms of Religious Life (إن الأديان بدأت بعبادة الطواطم. هذه الطواطم كانت تُمثل للإنسان البدائي روح أحد أو كل الأسلاف المهمين الذين فقدهم ولم يستطع تعويض كل العلم والخبرة التي كانت عندهم. ولذلك اتخذ هذا الإنسان البدائي طوطماً يكون سكناً لروح الأسلاف عندما تعود إليهم لتساعدهم على التغلب على مشاكل الحياة من مرض أو حوادث طبيعية كالزلزال مثلاً.) وإذا كانت روح الأسلاف سوف تأتي إلى ذلك الطوطم، فلا بد أن يُحفظ ذلك الطوطم نظيفاً ليليق بروح الأسلاف وإلا لن تحضر الروح. فإذا أصبح الطوطم نظيفاً طوال الوقت، فهو طاهر أي ليس به قذارة تُنفّر الأرواح. ولأن الإنسان البدائي كان يعتبر دم الحيض قذارة، فقد منع المرأة من لمس الطوطم في أيام حيضها حتى لا تُنجّسه. وبما أن المرأة معرضة لهذه النجاسة كل شهر، فلا يجوز أن تكون مسؤولة عن الطوطم. لذلك أصبح الرجل مسؤولاً عنه. ولأن الإنسان البدائي لم يكن يعرف متى تحضر الأرواح أختاروا رجلاً يكون في خدمة الطوطم طوال الوقت ليحفظه نظيفاً للأرواح التي ربما تحضر في أي لحظة. وأصبح هذا الرجل كاهناً يحفظ بعض الترانيم والأغنيات التي تساعد على حضور الأرواح. وكان واجباً على الكاهن أن يكون نظيفاً طاهراً كل الوقت كما يكون الطوطم. وبالتدريج أصبح الطوطم النظيف الطاهر وكاهنه الطاهر مقدسين، والقداسة لا تعني أكثر من الطهارة والنظافة، ولكنها طهارة معنوية، وليسن بالضرورة طهارة بدنية.

ثم اكتشف الكاهن أن الأرواح لا تأتي في كل مرة يردد فيها ترانيمه،ربما لأن الطوطم كان مكشوفاً لكل الناس، وربما أن ضوضاءهم تمنع الأرواح من القدوم. فكان لا بد من بناء مكان معيّن يُحفظ فيه الطوطم وتوضع فيه طلاسم وأحجار نظيفة تساعد الكاهن في استقدام الأرواح. فأصبح هذا المكان معبداً. وبما أن الكاهن يحفظه نظيفاً ولا يسمح لأحد بدخوله إلا في أوقات معينة، أصبح هذا المعبد النظيف طاهراً ومقدساً. ولزيادة فاعلية الترانيم في إحضار الأرواح اخترع الكاهن بعض الطقوس Rituals التي يجب أن يقوم بها الناس بقيادة الكاهن في المناسبات التي يريدون فيها استقدام الأرواح لمساعدتهم.

وتعريف كلمة Rituals هو: شعائر، طقوس احتفالية، مراسيم أو مناسك. و من خصائص الطقوس أنها حركات مكررة بترتيب معيّن ولا تخدم غرضاً فعلياً (Culture, Health and Illness. Cecil G. Helman, 1998, p224)
فمثلاً لو نظف الإنسان أسنانه كل صباح وكل مساء بمعجون أسنان وفرشاة، لا يُعتبر هذه من الطقوس لأنه يؤدي وظيفة فعلية، وهي منع تسوس الأسنان. ولكن لو أصر هذا الشخص كل صباح ومساء على لبس ربطة عنق حمراء واختيار فرشاة حمراء والوقوف أمام المرآة لينظف أسنانه، فيصبح هذا من الطقوس لأن لون الفرشاة وربطة العنق والوقوف أمام المرآة لا يخدم وظيفة فعلية. وعليه تصبح الطقوس التي اعتاد الكاهن على القيام بها والترانيم وتوقيتها، طقوساً لا تخدم وظيفة فعلية، ولكنها تزيد من هيبة المعبد والكاهن في عيون أتباعه. ومع ازدياد هيبة الكاهن ومعبده أصبحت الطقوس والأحجار وكل ما في المعبد مقدساً يليق بأرواح الأسلاف. وهذه الطقوس لها مهمة أخرى، وهي حفظ التراث لمجموعات من البشر كانت أمية لا تعرف الكتابة لتحفظ تراثها. فالترانيم والأدعية وتكرار بعض الحركات أو الأفعال بتسلسل لا يتغير تساعد على حفظ المعرفة الجمعية لتلك المجموعات من البشر. وترتيب الحركات في الطقوس لا يتغير أبداً. فمثلاً في جنوب إفريقيا يعالج الحكيم القبلي الأمراض بثلاثة أدوية: أسود، أحمر وأبيض. والمهم هنا هو لون الدواء وليس محتواه، فاللون له إيحاءات خاصة لتلك المجموعة من البشر. فاللون الأسود يرمز إلى الظلام والليل والشر، بينما اللون الأحمر يرمز إلى الحد الفاصل بين شيئين مثل الحياة والموت، لأن الدم أو النزيف يؤدي إلى موت الإنسان. أو دم الحيضة الأولى التي تفصل بين البنت والمرأة. بينما اللون الأبيض يرمز إلى ضوء النهار والرؤية واختفاء الشياطين. ولذلك لا بد من تناول الأدوية الثلاثة بهذا الترتيب. الأسود أولاً ليطرد الأرواح الشريرة، ثم الأحمر ليقوي الجسم ويجعله في مرحلة التغيير وقابل للانتقال إلى طور الشفاء، ثم الأبيض ليكمل للجسم معافاته. ولو تغير هذا التسلسل فلن ينفع العلاج. وقد تكون الطقوس في شكل كلمات أو موسيقى أو أغاني أو حركات. ولهذه الطقوس مفعول قوي على بعض النفوس التي تقبل الإيحاء أكثر من غيرها. ويظهر هذا جلياً في حفلات الزار أو في احتفالات الصوفية التي يصاحبها ضربٌ منتظم على الطبول يؤدي ببعض الناس إلى الدخول في حالة شبه غيبوبة أو Trance

ثم تقدم الإنسان ووصل مرحلة التعددية الإلهية في السماء، فجعل هؤلاء الآلهة في السماء مقدسين إذ أنهم أبعد ما يكونون عن القذارة التي على الأرض. ففي الديانة الجرمانية التي كانت منتشرة في ألمانيا ودول إسكاندنافيا قبل الميلاد، بنى الناس معابد لآلهة السماء وملأوها بالأوني الفخارية والحجارة وجعلوا المعابد مقدسة وكذلك محتوياتها، لأنهم كانوا يعتقدون أن آلهة السماء تنزل إلى الأرض في أوقات معينة لتساعدهم وتستجيب إلى دعواتهم. وكان حارس المعبد كاهناً مقدساً. ثم زادوا قليلاً ودفنوا موتاهم بالقرب من المعبد وبالتالي أصبحت المقابر مقدسة لارتباطها بالمعبد. وتفكير هؤلاء الناس لا يختلف كثيراً عن تفكير الإنسان البدائي الذي كان يتوقع زيارة الأرواح.

بحلول القرن الخامس قبل الميلاد تطورت الديانة الإغريقية (الهيلينية) وأصبحت كلها أسراراً يحفظها الكهان فقط، لأن لغتها أصبحت لغة متخصصة لا يعرفها غيرهم. فزاد هذا من تكريم وتقديس الكهان لدى العامة الذين أصبحوا لا يعرفون من ديانتهم إلا ما يقوله لهم الكاهن. وكان لا بد لمن يريد أن يصبح كاهناً أن يبدأ بحفلة تدشين تتضمن تطهيره من الأدناس وتعلم أهمية الأشياء المقدسة في المعبد ثم تعلم كيف يستقبل العلم الخفي أو الوحي من الآلهة في السماء. وكل هذه الأشياء أصبحت مقدسة وإلهية ولها شعائر يقوم بها الكاهن في ترتيب خاص لا يتعداه. وأصبح الكاهن يلبس ملابساً خاصة تفصله عن العامة من الناس.

ثم جاءت الديانة اليهودية فجعلت الألواح التي أعطاها الإله يهوه لموسى، مقدسة، وكذلك التابوت الذي احتوى على الأحجار المقدسة وبعض الأشياء الأخرى. وجعل الإله يهوه هارون وأبناءه حفظة هذا التراث المقدس. وطوال تيههم في الصحراء كان هارون وقبيلته مسؤولين عن حمل التابوت والخيمة الخاصة التي تُنصب له كلما حطوا رحالهم. ومن ثم أصبح هارون وخيمة التابوت وأبناؤه مقدسين. وعندما استقروا في أرض الميعاد حثتهم التوراة على إحراق معابد القبائل الفلسطينية وجعل معابد اليهود هي الوحيدة المقدسة. ومنعت اليهودية المرأة من الاشتغال بالمعابد أو الكتب المقدسة. وحتى إله بني إسرائيل كان مولعاً بالمقدس فقال لموسى: (1 وَقَالَ -لرَّبُّ لِمُوسَى: 2 قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي ) (سفر الخروج، الإصحاح 13). فالبكر من الناس ومن البهائم أصبح مقدساً للإله يهوه. ثم زاد الإله يهوه في طلباته فقال لموسى إذا نذر شخص أن يعتكف للإله يهوه، فيجب أن يكون طاهراً قبل أن يدخل المعبد ليعتكف ولا يقترب من الموتى لأن الجثمان الميت قذر، ولا يقترب من الخمر ولا يحلق رأسه، فقال: (3 فَعَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ وَلا يَشْرَبْ خَل الخَمْرِ وَلا خَل المُسْكِرِ وَلا يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ العِنَبِ وَلا يَأْكُل عِنَباً رَطْباً وَلا يَابِساً. 4 كُل أَيَّامِ نَذْرِهِ لا يَأْكُل مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ الخَمْرِ مِنَ العَجَمِ حَتَّى القِشْرِ. 5 كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ التِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّساً وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ. 6 كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لا يَأْتِي إِلى جَسَدِ مَيِّتٍ. 7 أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لا يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لأَنَّ انْتِذَارَ إِلهِهِ عَلى رَأْسِهِ. 8 إِنَّهُ كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. 9 وَإِذَا مَاتَ مَيِّتٌ عِنْدَهُ بَغْتَةً عَلى فَجْأَةٍ فَنَجَّسَ رَأْسَ انْتِذَارِهِ يَحْلِقُ رَأْسَهُ يَوْمَ طُهْرِهِ. فِي اليَوْمِ السَّابِعِ يَحْلِقُهُ) (سفر العدد، الإصحاح السادس). فليس هناك أي منطق في جعل الخمر أو العنب نجساً أو جعل شعر الرأس نجساً إذا مات شخص بالقرب من الشخص المعتكف. وكيف يصبح الإنسان طاهراً إذا حلق شعر رأسه في اليوم السابع؟ فالتوراة لم تشترط الغُسل للتطهير وإنما حلق شعر الرأس فقط، مما يؤكد أن الطهارة المقصودة في المقدس هي طهارة معنوية.

ثم جاءت المسيحية ومشت في نفس خطى اليهودية وأصبحت كتب الإنجيل مقدسة وكذلك القسيس والكنيسة والدير. ثم زادت المسيحية الغربية بأن جعلت البابا في روما مقدساً ينحنون أمامه ويقبلون يديه. وجعلوه معصوماً من الخطأ عندما يتحدث عن الأمور الدينية. والبابا كان رجلاً عادياً مثله مثل أي قسيس آخر، وعندما ينتخبونه إلى كرسي البابوية يصبح معصوماً. ويصبح للبابا الحق في تطويب الأشخاص بعد موتهم (Canonization). وتعريف "طوّب" هو: جعله في عداد الأبرار الذين سينعمون بالخلود. فإذاً البابا من حقه أن يجعل الأم تريزا من الأبرار الذين سوف ينعمون بالخلود. فالبابا المقدس هو ممثل الله في الأرض ويمكنه اتخاذ قرارات الخلود بالإنابة عنه. وكالمعتاد زاد الجهلاء في حيز التقديس وخلقوا أمكن مقدسة أضافية ظهرت فيها السيدة العزراء إلى بعض الرعاة الفقراء. ففي البرتقال مثلاً هناك ضريح يسمونه "فاطمة" يحج إليه آلاف المسيحيين كل عام. وقد زرته في التسعينات واندهشت من الأعداد الهائلة التي تحاول التبرك بالضريح. وسبب بناء هذا الضريح المقدس هو ادعاء فتاتين كانتا ترعيان أغنامهما في تلك البقعة وعندما رجعتا إلى القرية زعمتا بأن السيدة مريم العزراء ظهرت لهما وتحدثت إليهما. وصدقهم العامة وشجعتهم الكنيسة وبنوا الضريح وجعلوا إحدى البنتين قديسة.

ثم جاء الإسلام وجعل المقدس بلا حدود. فالقرآن نفسه قدس المساجد، كالمسجد الأقصى والمسجد الحرام، فقال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله).ثم قدس الأرض فقال عندما تحدث عن موسى: (إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى ). وقال كذلك: (إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى). وعندما قال الله للملائكة إنه سوف يخلق خليفةً في الأرض، قالوا له: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك). فالملائكة قد قدست الله وقدسه البشر كذلك. وقال قتادة: التقديس هو الصلاة، بينما قال ابن عباس: هو التطهير. وأصبح التقديس من أسماء الله الحسنى، فسموه القُدوس. وقدس المسلمون الرسول وأصحابه وأصبح نقد الصحابة جريمة عقابها القتل. وقدّس الشيعة أئمتهم وظلوا يقولون بعد اسم كل منهم "قدّس الله سره". وحتى الأئمة المعاصرين أصبحوا مقدسين عندهم، وطلبوا من الله تقديس آيات الله العظمى كلهم.

وامتد التقديس بعد ذلك إلى الجمادات، فقدسوا الحجر الأسود الذي قال له عمر بن الخطاب، إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أن رأيت رسول الله يقبلك لما قبلتك. وقدسوا الكعبة التي كانت قد هُدمت أربعة أو خمسة مرات وبناها العرب بأيديهم ويعرفون أنها من طين وحجارة. وقدسوا المصحف أي الكتاب الذي يتكون من أوراق عادية كُتب عليها القرآن. ثم قدس الناس من بعد ذلك مزارات ومقابر الأولياء. وقد رأينا الهلع الذي أصاب الشيعة بالعراق عندما فجر بعض الناس مراقد الإمامين، رغم عدم إصابة القبور نفسها بتلف. ولكن القباب التي فوق القبور أصبحت مقدسة لهم.

والإسلام لا يختلف عن الديانات القديمة في تقديس الأرواح والجمادات ولا في الشعائر والمناسك Rituals. فكل شيء في الفقه الإسلامي لا بد أن يتبع مناسكاً معينة تتكون من حركات مكررة وفي سياق معين. فالوضوء مثلاً المقصود منه الطهارة من القذارة قبل الصلاة. وإذا كان هذا هو الهدف فالاستحمام يكون أعم وأحسن في إزالة الأوساخ، ولكن الاستحمام لا يكفي عن الوضوء الذي يجب أن يتم بطريقة معينة، فلو غسل الإنسان رجليه قبل يديه أو استنشق قبل أن يتمضمض يبطل وضوؤه مع أنه غسل كل الأعضاء التي يغسلها المتوضئ. بل القرآن أباح للمسلم أن يتطهر بالتراب إن لم يجد الماء، مما يؤكد أن الطهارة المقصودة طهارة معنوية، ولذلك نجد هذه الطقوس في الوضوء والتيمم. فالطقوس المقدسة لا بد لها من شعاير أي Rituals. وإذا أخذنا الهرولة بين الصفا والمروة، نجد أنها حركات مكررة بترتيب معين لا تخدم غرضاً واضحاً أو معيناً ولا تؤدي وظيفة فعلية. وهذا هو نفس تفسير الكلمة Ritual. وحتى القرآن نفسه يقول (إن الصفا والمروة من شعائر الله). والشعائر هي الطقوس. وفي الحج لا يحلق المعتمر رأسه ولا يستحم ولا يقلم أظافره ولا يقتل القمل في رأسه. بمعنى آخر، يجمع الإنسان كل الأقذار الممكنة وهو يطوف بالكعبة المقدسة ويؤدي بقية مناسك الحج التي يقوم بها بترتيب معين لا يتعداه. وإذا فرغ من حجه حلق رأسه ليزيل الأوساخ والقمل. نفس الطهارة المعنوية التي قالت عنها التوراة عندما أمرت المعتكف الذي يموت عنده إنسان أن يحلق رأسه..

ويتضح من هذا السرد أن المقدس ما هو إلا كل شيء نظيف يخلو من القذارة. وقد قدس الإنسان البدائي الأرواح والآلهة والأحجار والمعابد والأدوات المصنوعة من الفخار وما إلى ذلك. والأديان السماوية، وخاصة الإسلام، لم يحد قيد أنملة عن ما قدسه الأقدمون. ومع ذلك تتبلد أحاسيس المؤمنين بأي دين وترتعد فرائضهم إذا تحدث شخص عن مقدساتهم. فالتقديس ما هو إلا طقوس اخترعها الإنسان البدائي وسرنا نحن عليها.


11-20-2006, 04:48 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
arfan غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,378
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #2
المقدس ....من قدّسه؟
كامل النجار
11-21-2006, 10:56 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ساري في الروح غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 495
الانضمام: Apr 2005
مشاركة: #3
المقدس ....من قدّسه؟
هنالك التباس بين "المقدس" و "الطاهر" الذي هو عكس "النجس"

عند اليهود كان كل اتساخ ينقل الجراثيم منجساً ( لا لم يكونوا يعرفوا الجراثيم ).
و الطاهر هو عكس النجس، اما المقدس فلا يجوز سوى للطاهر من الاقتراب إليه. أما المقدس فهو كل ما يختص بالله و كل ما فيه وجود إلهي، مثل المذبح داخل الهيكل.

في المسيحية أعطيت النجاسة مفهوما جديداً هو الخطيئة، و الطهارة هي الحصول على غفران الخطيئة، و المقدس هو كل ما يختص بالله و لا يجوز إلا للطاهر الاقتراب منه

تحية محبة
12-03-2006, 02:58 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #4
المقدس ....من قدّسه؟

إجمالاً، دراسة ممتازة للغاية وبسبب شمولية البحث في ربطه لموضوع القداسة بدراسات إميل دركهايم وكذلك القداسة في المرحلة الطوطمية الأولى وأيضا لدى كهنة الإغريق وكيف توراث هذا التراث وتناقل إما كله أو بعض منه.. بصرف النظر عن ذلك فالمهم أن مفهوم المقدس موجود من البدء وهذا يعود بنا لكتاب مرسيا إلياد "المقدس والدنس" وكنت أتمنى لو أن كامل النجار تعرض لهذين المفهومين من زاوية أنثروبولجية بطريقة مرسيا إلياد. لكن كما قلت إجمالا الدراسة ممتازة ونحن بحاجة مستمرة لهذا النوع من الدرر.. لم أكن أتصور أن كامل النجار بهذا التبحر ولذا يجب علي أن أولي مقالاته أولوية قصوى. شكرا على المقال يا عزيزي.
12-03-2006, 07:09 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
arfan غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,378
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #5
المقدس ....من قدّسه؟
إبراهيم شكرا على المقال يا عزيزي(f)


ساري في الروح هنالك التباس بين "المقدس" و "الطاهر" الذي هو عكس "النجس"(f)
12-12-2006, 02:29 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  المقدس ....ماهو ومن قدّسه؟ د. كامل النجار Gkhawam 1 530 07-11-2007, 06:02 AM
آخر رد: Gkhawam
  الكتاب المقدس يصف رب الكتاب المقدس بأنه جاهل وضعيف ديدات 62 10,284 04-13-2006, 01:48 PM
آخر رد: Abanoob
  الكل يدخل و يقرأ... نص من الكتاب المقدس و لا تعليق...إقرأ و اتفرج ماذا يقص الكتاب المقدس على الناس الزعيم رقم صفر 30 5,017 02-12-2005, 03:38 AM
آخر رد: الزعيم رقم صفر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS