اقتباس: إبراهيم كتب/كتبت
يعتبرون نزار قباني شاعر مفوّه و هو فيما يكتب لا أعتبره شعر.. ربما هو ( شعير ) و لكن ليس شعرًا بالنسبة لي عندما يكتب على طريقة ( واحدة و نص) أو كلمة و نص. أين الأدب في هذا؟ باعتقادي سورة المسد لا تقل بيانية بديعة عن سورة الرحمن و التي تبدأ بالآية الجميلة: الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان، إلخ. ما هو المعيار؟ هل يوجد معيار ثابت لتقدير القيمة الأدبية و اعتبارها هنا أعلى من هناك؟ لا أظن. وجود فيض من الحس الانفعالي الغاضب الصارخ لا يفقد النص جماله أبداً، و إلا كيف يستطيب كثير اليوم من الشباب بمزاج و نشوة ما يقوله الشاعر مظفر النواب لحكام العرب: يا أولاد الـ # حبة، .... و هو يفضح طهرهم المزعوم فيرى أن حظيرة الخنازير أطهر من كل ما يتشدقون به من تصريحات. هنا مظفر النواب حاد حدة شديدة و مع ذلك هو شاعر و أديب. لما لا؟ أو كما يقول الإسرائيليون: لما لو؟!
:wr:
لو كان "الشعر" هو "الكلام الموزون المقفى" ، فلا شك بأن نزار قباني هو شاعر كبير.
ولو كان أخيلة وأوصافاً وتشبيهات، ففي شعر "نزار" الكثير من هذا أيضاً.
ولو كان رهافة في الذوق وتوظيفاً للعبارات وسلاسة في السياق، "فنزار" هو العذوبة نفسها وكلماته تأتي إلى القاريء بسيطة دون حشو أو لغو أو تكلف.
لو كان الشعر "طرفة" ومراودة المتلقي من حيث لا يحسب، فنزار فحل خنذيذ، ولو كان "عمقاً" فعند نزار بعض الماء الذي يغمر الكتفين، أما لو كان "إغراباً في الرحيل" والقبض على الهواء وحبس الماء في شبكة، فلن تجد عند نزار الصيد الوفير.
لن تجد عند "نزار" شعراً صوفياً (فهو لم يخلق لهذا ولا كد فيه)، ولن تجد "تحويماً" يبلغ حدود السخف كما هو شائع عند بعض شعراء "آخر زمن" .. زمن "الحداثة" الشعرية. ولكنك سوف تجد الماء العذب والهواء النقي والروضة الغنّأء وكثير من سنابل القمح المليئة بالخير والعطاء.
شعر "نزار" سهل، ولكنه "سهل ممتنع"، وهو لم يزعم يوماً بأنه سوف يباري "ابن عربي والخيام" في شطحاتهم الصوفية، ولا حاول أن يبني عالماً من الرؤى الفلسفية العميقة كما يحاول كثيراً "أدونيس" فيعود من "الجمل" بأذنيه.
تحية "لنزار قباني"، الظاهرة الشعرية التي لم يعرفها الأدب العربي إلا مرة واحدة مع "المتنبي" (حتى لو لم يعجب ما أقول صديقنا "ابراهيم").
****
بالنسبة "للانفعال"، فالآلاف من بيوت الشعر تقول بأن "الانفعال" هو شرط من شروط الإبداع الأدبي. الانفعال هو "المحرك" الذي يجعل العبارة تتفجر وتتشظى وتصيب قلوب المتلقين. إنه النار التي تنضج الطعام، والبخار الذي يحرك القطار. ولكن "الانفعال" وحده لا يكفي. إذ عليه أن يخرج دافعاً للعبارة كي تجلي عن نفسها. عليه أن يضخ الماء في المجرى لا خارجه، وعليه أن يسكب الطعام في الصحن لا على بلاط المطبخ.
"الانفعال" مطلوب إذاً، بل هو مهم جداً، ولكن عليه أن يكون عامل بناء في النص الأدبي وليس عامل هدم. عليه أن يدخل إلى العبارة فيحيلها إلى جمرة لاهبة متوهجة أو غدير هاديء رقراق.
"الانفعال" أساسي ولكنه يبقى ناقصاً إذا لم يستطع الكاتب أن يتنخل عباراته الملائمة "للحالة الانفعالية" ويغمسها ببعض الصور والأخيلة ومحاولة مراودة المطلق. فالنص بدون هذا يبقى "شحيحاً" "ناضباً" جافاً" ينفر منه المتلقي مهما حاول استساغته.
***
بالنسبة "لسورة المسد" بالذات ...
ولا بلاش .. أحسن :) ... (إذ لا أريد أن أتعرض لنصوص مقدسة لا أعتبرها "عقبة" في طريقنا) ...
واسلموا لي
العلماني