تروي بعض الاساطير الدينية عند بعض الشعوب ان آدم وحواء قد انتبهوا الى سوءتهم وخجلوا منها عندما جرى طردهم من الجنة، وانهم سارعوا الى ورق التين لتغطيتها، غير ان المعاينة الحقلية لشعوب الفطرة تظر انهم لايعيرون اي اهمية لإنكشاف سوءتهم وانهم لايسعون الى تغطيتها، على الاقل ليس بسبب الخجل منها او الوعي بأنها مكشوفة، مما يشير الى ان الاساطير والميثولوجيا الدينية مرتبطة اكثر بوعي الشعوب التي انتجتها وبالتالي تعكس وعي هذه الشعوب للعالم
ورؤيتها له بالترابط مع مستوى تطورها الاجتماعي والفكري وعلاقات الانتاج.
:شعوب الفطرة لاتشعر بسوءتها
لازال يعيش بيننا حتى اليوم بقايا الشعوب البدائية المنعزلة في الغابات، احدى هذه الشعوب التي في طريقها للانقراض بقايا شعب يسمى شعب Mlabri, لازال منه حوالي مئتين شخصا ويعيش في الغابات على الحدود الفاصلة بين تايلاند ولاوس، وهو شعب متنقل لم يلتقي بالحضارة الى وقت قصير، وفي حياته الطبيعية لايحتاج إلا الى طعام وسقف من اوراق الشجر، ولايحتاج الى ملابس بما فيه لستر سوءته، انه لايشعر بالحاجة الى سترها وليس لديه مفهوم " السوءة" او العار تماما كما هو الامر عند جماعات بدائية اخرى في افريقيا وامريكا اللاتينية.
![[صورة: okontaktade-korubohut-1.jpg]](http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Social/Ny%20mapp/okontaktade-korubohut-1.jpg)
عندما ولد الطفل وضعته امه في ورقة موز كبيرة ووضعته قرب والده، في حين حبل الرحم قطعته بقطعة حادة من شجرة الخيزران. وبالرغم من انه لم يكن هناك من ساعدها ووقف الى جانبه في عملية الولادة التي جرت بسرعة وصمت كان الوليد سليما معافى.
![[صورة: f1-10-149.jpg]](http://www.chiangmai-mail.com/149/pictures/f1-10-149.jpg)
حسب علماء الاجناس تعتبر هذه المجموعة الاثنية على حافة الانقراض، بالرغم من اهميتها لدراسة وسائل الشعوب البدائية الغير متأثرة بالحضارة بسبب الانعزال. يتناقص اعداد هذا الشعب بسبب احراق الغابات وقتلهم وملاحقتهم من قبل مهربي المخدرات وحتى الحيوانات المفترسة. إضافة بالطبع الى الامراض التي انتقلت اليهم وليست لهم مناعة ضدها, واخيرا بسبب محاولات توطينهم .
هذه المجموعة تنتمي الى المجموعة الاثنية الاصلية لسكان جنوب آسيا الذين كانوا يعيشون على إلتقاط الثمار والصيد وليس لهم مساكن ثابتة، تماما كما كان يعيش الانسان الاول. قبل حوالي الف سنة دخل شعب تايلند الى هذه المنطقة وابعدهم الى مناطق في عمق الغابات. شعب تايلند كانوا من الفلاحين ولذلك استمروا في حرق الغابات واستعمارها حتى لم يعد للشعب الاصلي من مكان يلتجئ اليه.
![[صورة: mlabri.jpg]](http://www.anako.com/images/stock/mlabri.jpg)
طريقة حياة مجموعة ملابري كانت مجهولة للعالم قبل ثلاثينات القرن الماضي، عندما تم اكتشافهم للمرة الاولى من المستكشفين، إذ كانوا معروفين فقط للفلاحين على حدود الغابات فقط. المستكشفين صادفوا خيم من ورق الشجر الميت في اماكن مختلفة من الغابة، والفلاحين المحليين كانوا يطلقوا عليهم " ارواح الاوراق الصفراء" لكون المرات النادرة التي رؤهم فيها كانت قصيرة وكان ابناء الغابة يختفون عن الانظار بسرعة.
حياة ابناء الغابة لاتختلف عن حياة اجدادهم الاوائل، وتعطينا نظرة الى الوراء في اعماق التاريخ الانساني. انهم يبنون خيم من الخيزران واوراق النباتات الكبيرة، ليركوها عندما تزبل الاوراق بعد بضعة اسابيع.
![[صورة: sp_thai_mlabri_familie_250x.jpg]](http://marcopolo.de/img/sp_thai_mlabri_familie_250x.jpg)
الرجال يقومون بصيد الخنازير البرية والطيور ويصيدون السمك في حين تجمع النساء الثمار وجذور النباتات والسلاحف والخيزران والعسل. السمك يصيدونه بواسطة نثر اوراق سامة على سطح الماء يصيب السمك بنقص في الاوكسجين مما يؤدي الى صعوده الى السطح مخدرا، ليجمعه الصياد، في حين يصاد الخنزير من خلال الركض خلفه خلال الغابة والامساك به.
![[صورة: f1-6-150.jpg]](http://www.chiangmai-mail.com/150/pictures/f1-6-150.jpg)
عدا خيمهم والطعام لايحتاج هذا الشعب الى اي شئ اخر. اغلبهم بدون ملابس على الاطلاق ولايدل على انهم يعرفون شء اسمه " سوءة" او يضعون بعض الاوراق لحماية جسمهم من صدمات الاغصان واحيانا يروق لهم تزيين انفسهم بقطع من الخشب او يرسمون على اجسادهم بعض الرسومات.
المتعة الوحيدة التي يملكهوا هي التنباك. عادة مايستلقون تحت الاشجار ويحلمون بينما يقومون بتدخين غليون مصنوع من اغصان الاشجار او اوراق تبغ ملفوفة. احيانا يقومون بالغناء او بترنيم لحن بدون سبب. اغانيهم تتحدث غالبا عن الحنين الى ارواح الاباء والقمر والنجوم والطبيعة والتي تعتبر حسب اساطيرهم قد خلقت من إلتحام فراشة بأرواح الاباء الاولين الذين يحومون لرعايتهم.
شعب الغابات ليس في لغته تعبير عن اليمين او اليسار او الفصول الاربعة، ولكن يعبرون عن مكان وجودهم بالمقارنة بالجبال او بشجرة معينة، تماما كما تفعل بقية شعوب الفطرة.
وفي سعيهم الانساني للخروج من اللامفهوم يبررون الاصابة بالامراض بأن المصاب قد فقد روحه الشخصية ولذلك فيجب معالجة المريض روحياً بواسطة السحر و الاعشاب الطبيعية. مثلا يقومون بالتضحية بدجاجة برية او يأكلوا نبات الهيل والذي يعتبروه مفيد للشفاء من وجع الرأس.
![[صورة: negriter.jpg]](http://web.telia.com/~u42803547/images/negriter.jpg)
تسود اسطورة عند الشعب التايلندي تقول انه عندما اجتاح الجوع مملكة نان، التي تغطي مناطق من الغابات التي يعيش فيها شعب الغابات، قرر الكبار تقديم بضعة ضحايا من الاحداث الى الالهة. هذه المجموعة اطلقت في الغابات حيث تعلموا كيف يعيشون ليصبحوا شعب الغابات، وهو معنى الكلمة التي تطلق عليهم: ملابري.
حسب الباحثيين الاثنيين لاعلاقة لهذه الاسطورة بالحقيقة. اجداد شعب ملابري كانوا يتجولون في جنوب آسيا منذ حوالي 50 الف سنة، وبعض الباحثين يرون انهم اقرباء لشعب استراليا الاصليين.
الشكل الخارجي لهذه المجموعة ولغتها تتشابه مع مجموعات سكانية تسكن في اقصى الجنوب ، تعيش على الصيد وجمع الثمار ، اكثر من تشابههم مع جيرانهم في شمال تايلند. هذا يشير الى ان هذا الشعب قد تفرق في القديم شراذم الى مختلف انحاء جنوب شرق آسيا ومن هناك الى استراليا.
الحضارة تعني الحاجة والجوع والاستغلال
ثقافة شعب الغابات تقوم على الوجود الفطري حيث الطبيعة ملك للجميع وهي امنا التي تطعمنا وليس هناك حاجة للامتلاك، وبالتالي ليس في ثقافتهم مايؤسس للكذب او النفاق او السرقة ولاحاجة لهم الى اخلاق او اديان. ان الاخلاق والاديان ضرورة نشأت في مرحلة لاحقة عند ظهور الحاجة الى خصخصصة " الطبيعة" بتحويلها الى اراضي مزروعة مملوكة لزارعها فكانت ضرورة اخضاع الاخرين لإحترام سحب حقهم الفطري بالارض، لحماية الملكية الخاصة . هذه المهمة لم يكن إلا الدين قادر على القيام بها بالشكل الافضل، حيث الامر الالهي لايخضع للنقاش او الرفض. هذا الامر يجري تطبيقه الان على شعب الغابات.
في السنوات الثلاثين الاخيرة تم تدمير 80% من الغابات من قبل الفلاحين المجاورين لشعب الغابات والذي اغلبهم من الصنيين. الغابات الباقية لم يعد بقدرتها اطعام شعب الغابات، مما اجبرهم على العمل عند الفلاحين الذين يشغلوهم في إزالة الباقي من الغابات.
الفلاحين لايتورعون عن إستغلالهم، فهم لايدفعون لهم اجورهم ويعطوهم الحد الادنى من الطعام والثياب، التي فرضت عليهم لدخول المدن، كما ان الفلاحين يقومون بالترجمة لهم عند السلطات، التي اعترفت بهم وبثقافتهم منذ فترة قصيرة.
تحاول السلطات اجبارهم على الانتقال الى قرى ثابتة وعلى إرسال ابنائهم الى المدارس الامر الذي يعني القضاء التام على اسلوب حياتهم وجعلهم في وضع الحاجة وتعليمهم ثقافة الاستهلاك التي لاتلائمهم وابعادهم عن الطبيعة التي حضنتهم.
![[صورة: 2574_image1_TH_032603_05.jpg]](http://www.refintl.org/files/2574_image1_TH_032603_05.jpg)
يحاول البعض مساعدتهم من خلال تشجيع السياحة الى مناطقهم للنظر والتعرف على حياة شعوب العصر الحجري، التي ولاشك ستبعث الرغبة عند الكثيرين وتدفعهم للذهاب الى هناك، ولهذا الغرض توجد قرى " سياحية" خصيصا لمرور السواح حيث يقيم فيها شعب الغابات بالانتظار كما في صورة العائلة في خيمتها اعلاه. ومع ذلك فمن المشكوك ان هذا سيكفي لحماية شعب الغابة الاخير.
إضغط هنا للوصول الى مصادر:
MlaBri People
Mlabri or Phi Tong Luang
An evolutionary road less traveled
DE TIDIGA MÄNNISKORNA I SYDOSTASIEN