احتجاز وزير فرنسي عربي بمطار أمريكي

باريس – بسبب أصوله العربية وبشرته السمراء، احتجزت سلطات أحد المطارات الأمريكية الوزير الفرنسي "عزوز بقاق" المكلف بوزارة التأهيل وتساوي الفرص وحققت معه رغم أنه كان يحمل تأشيرة دبلوماسية.

وقالت صحيفة "لوموند" في عددها الصادر الثلاثاء 25-10-2005: إن سلطات مطار أتلانتا احتجزت يوم 13 أكتوبر الجاري الوزير الفرنسي لمدة ربع ساعة وأخضعته للاستجواب رغم أنه كان يحمل تأشيرة دبلوماسية من الدرجة الأولى المخصصة للدبلوماسيين والوزراء.

واحتجز الوزير الفرنسي بينما كان عائدا من فلوريدا حيث ألقى محاضرة بجامعة فلوريدا حول "السياسية الفرنسية الجديدة لمقاومة العنصرية".

ونقلت "لوموند" عن بقاق قوله إنه "استقبل أثناء نزوله من الطائرة في مطار أتلانتا بفرقة من الشرطة واقتيد فيما بعد إلى غرفة خضراء للتدقيق في هويته"، بعدما قالوا له إن تأشيرته الدبلوماسية لا تسمح له بإلقاء محاضرات، كما سألوه عن الإجراءات التي اتبعها لحصوله على تأشيرته الدبلوماسية.

وعلق "بقاق" على ذلك بأن سلطات المطار الذين دققوا في هويته "لم يتخيلوا كيف أن من الممكن أن أكون وزيرا فرنسيا؛ لأن البشرة مختلفة عن بشرة الفرنسيين الأصليين".

وأضاف بقاق: "منذ أحداث 11 سبتمبر أصبحت قلقا كلما اتجهت إلى الولايات المتحدة... لم نعد نعامَل كالآخرين بسبب لون بشرة وجوهنا العربية".

اعتذار

ورغم أن السلطات الأمريكية قدمت اعتذاراتها للوزير وللحكومة الفرنسية فيما بعد فإن وزارة الخارجية الفرنسية طلبت توضيحات من واشنطن بخصوص الحادث.

واعتبرت الإدارة الأمريكية الأمر يتعلق "بخطأ مهني" ارتكبته سلطات المطار. واعتذر السفير الأمريكي في باريس عن الحادث وقال إن الأمر "حادث مؤسف خاصة عندما يتعلق بوزير مهمته الأساسية مقاومة العنصرية والعمل على إدماج الأقليات في المجتمع الفرنسي".

وعين "بقاق" (48 عاما) في حكومة دومينيك دوفيلبان في يونيو 2005، كوزير مكلف بالتأهيل وتساوي الفرص ليصبح ثاني وزير من أصل عربي في حكومة فرنسية بعد "حملاوي مكاشيرا" الذي كان وزيرا مفوضا لشئون المحاربين القدامى في حكومة رئيس الوزراء السابق جان بيير رافاران، واستمر في حكومة رئيس الوزراء الجديد دومينيك دوفيلبان.

وينحدر "بقاق" من أصول جزائرية، حيث ولد لأب يعمل في مجال البناء ضمن 7 من الأبناء. وتلقى تعليمه في "ليون" وسط فرنسا، وتدرج في العلم حتى حصل على الدكتوراة في علم الاجتماع وتخصص في شئون الأقليات المهاجرة وخاصة العرب والمسلمين.

وساعده هذا التخصص على الفوز بثقة دوفيلبان حينما كان وزيرا للداخلية في عام 2004، حيث كلفه بإعداد تقرير عن أوضاع ساكني ضواحي المدن الفرنسية من أبناء المهاجرين والمشاكل التي يواجهونها كالتمييز في الحصول على عمل أو سكن.

ولم يكتف "بقاق" بمعايشة متاعب الشباب المهاجرين وآلامهم في أحياء فرنسا الفقيرة فحسب، حيث كتب عن هذه الأحياء دراسات علمية ميدانية باعتباره مختصا في علم الاجتماع.

كما ألّف سلسلة من القصص والروايات تجاوزت 20 قصة ورواية، تدور أغلب أحداثها في هذه الأحياء وتعبر شخصياتها عن الهوية الجديدة لفرنسيين مسلمين عرب.

وأهلته تلك الجهود للحصول على "وسام الشرف" الفرنسي في 14 يوليو 2004 في ذكرى يوم الجمهورية، والذي قلده إياه وزير الداخلية الفرنسي.

ومنذ هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة دأب الإعلام الأمريكي على تقديم المسلم والعربي في صورة الإرهابيين؛ مما أدى إلى زيادة الاعتداءات على الأقلية المسلمة بدرجة كبيرة.

وقد أظهر التقرير السنوي العاشر لـ"كير" حول الحقوق المدنية لمسلمي أمريكا الصادر يوم 11-5-2005، ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين في عام 2004 بنسبة تفوق 50% عن عام 2003، إلى جانب ازدياد حوادث التمييز ضدهم خلال العام الماضي بنسبة 49%؛ وهو ما أرجعه التقرير إلى أسباب عدة، من أبرزها استمرار المخاوف الناجمة عن هجمات 11 سبتمبر، وانتشار الخطاب العدائي ضد الإسلام والمسلم