اقتباس:لا يؤمنون بوجودك يا ربي ، و لكنهم يكتبون كلاما موجها لك ............
عزيزي الكنعاني
تحياتي لك
لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذه الرسالة التي كتبها الكاتب و وجهها إلى الله ، و لكني أحب أن أعلّق على الفكرة التي طرحتها حضرتك و التي اقتبستُها أنا فوق .
أعتقد أن كاتب هذا الكلام لا يؤمن بالله (على الأقل كما نعرفه المتصف بالحكمة و العدل إلخ ....) ، لكنه كتب ما كتب و كأنه يقول "لو كان الله موجوداً ، ألا يجب عليه أن يحسن إدارة هذا العالم الذي خلقه ؟؟؟ "
تلك هي الفكرة ، و ليس أنه يخاطبه رغم أنه لا يؤمن به .
بمعنى
لو كان مثلاً يتجه نحو الله بدعاء حقيقي و لا يؤمن به ، فهذا نوع من الخلل العقلي يجب أن يُعالَج عند صاحبه .
لكن الكاتب هنا يستخدم أسلوب أشبه بالبرهان غير المباشر ، تثبت من خلال القراءة عدم وجود الله ، و كأنه يقول ، سأفترض معكم أن الله موجود ، و أنه عادل و حكيم في تقديراته ، مما يعني أننا سنرى حكمته و عدله في الأرض ، و لكن ، بما أن واقع الحال ليس فيه عدل و لا حكمة ، فهذا يعني أن ما فرضناه بداية من وجود إله حكيم عادل هو فرض خاطيء .
و هو يشبه خطاب التعجيز في القرآن حين قال
"أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 13 فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ 14" هود
فرغم أن القرآن يعرف أنهم لن يستطيعوا الإتيان بسورة واحدة من مثله لأنه قال في آية أخرى (فإن تفعلوا
و لن تفعلوا) لكنه طلب منهم ذلك ، و هو بهذا الطلب يشبه ما يطلبه كاتب هذا المقال ، فهو يطلب منه ما لا يؤمن به ، و هو يعلم أن طلبه سيؤدي إلى عجزهم لكنه طلبه و هو عكس قناعاته ، أقصد قناعات القرآن ، لكنه يؤدي إلى نتيجة مؤداها أن الفرض القائل بأن القرآن من عند البشر هو فرض خاطيء ، و بذلك يتحقق البرهان غير المباشر و يصل القرآن إلى ما يؤمن به حقيقة و هو سماوية القرآن .
كذلك بالنسبة للكاتب ، فهو ينطلق مما لا يؤمن به ، و لكنه يفترض أن الله هو كذا و كذا ، و يصل إلى نتيجة تعارض هذا الفرض المبدئي ، و بذلك يتحقق البرهان غير المباشر ، و يصل الكاتب إلى ما يؤمن به حقيقةً و هو عدم وجود إله حكيم عادل كما يقول الدينيون .
أعتقد هذا هو منهج الكاتب و أحببت توضيحه ، و لا يعني هذا أنني أوافقه فيما ذهب إليه ، لأن لي رأياً قد يتقاطع معه في بعض الأفكار لكن يختلف في أمور أخرى . مثل أن يتحيز الله إلى مادة ضد أخرى ، أو لا يلتزم بقانون السببية الذي جعل هذا ينتصر و ذاك ينهزم ، إلخ مما طرحته سابقاً فيما يتعلق
بالإله الغائب . تجده في الهامش .
بعمل دعاية للأرشيف :D
سلام