إبراهيم
بين شجوٍ وحنين
    
المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
|
من هم يهود مصر؟ المحذوف من تاريخنا كمصريين
أبو حصيرة صاحب المولد الشهير في دمنهور
د. محمد أبو الغار
هذه الدراسة التي تصدر قريبا في كتاب عن دار الهلال للدكتور محمد أبو الغار تحكي قصة يهود مصر في العصر الحديث ومصادرة مجموعة كبيرة من الأصدارات العربيه والأنجليزيه والفرنسيه عن يهود مصر بالأضافه إلي ما نشرته المجموعة الكبيرة من الصحف اليهودية التي كانت تصدر في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين وكذلك مواقع يهود مصر علي الأنترنت ولقاءات تمت مع يهود مصريين يعيشون في جنيف وباريس وفلوريدا مصر.
منذ بدايات الوعي أفكر دائما في مصر وشعبها وتاريخها ومستقبلها, ويشغل بالي دائما تاريخ الأقليات فيها. ومنذ سنوات طوال شغلتني فكرة المواطنة, ويرتبط ذلك في ذهني دائما بمفهموم المواطنة عند اليهود المصريين، فمنذ طفولتي كان اليهود المصريون يحتلون حيزا كبيرا من تفكيري, فحين كان عمري ثماني سنوات أعلنت حرب فلسطين الأولي عام 1948, ومازلت أذكر أن أنوار منزلنا كانت تطفأ بسبب الغارات الجوية، وأتذكر صورة كبيرة أشارت إليها أمي في الصفحة الأولي من جريدة مصرية لبيت متهدم بسبب قنبلة ألقيت عليه من طائرة إسرائيلية، ولم أكن قد تعلمت القراءة بعد. وفي عام 1956 عندما كنت طالبا في كلية العلوم أدرس في السنة الإعدادية للطب حدث العدوان الإنجليزي الفرنسي الإسرائيلي علي مصر. وفي تلك الفترة حدثني والدي كثيرا عن اليهود المصريين الذين زاملهم في الدراسة والعمل، ومنهم رئيسه لفترة طويلة في البنك مسيو بتشوتو, وهو من عائلة سكندرية يهودية قديمة وشهيرة, وكان دائما يذكر عنه كفاءته وأمانته.
وفي السنة التالية لعدوان 1956 حدثت الهجرة الكبري لليهود المصريين, وأثار ذلك الكثير من الأحاديث ذات الشجون مع أبي الذي كان أول من أفهمني أن اليهود المصريين ليسوا طائفة واحدة متجانسة، وإنما هم مجموعة من الطوائف بينهم اختلافات كبيرة جدا وتوحدهم فقط الديانة اليهودية.
وبعد ذلك استمر الصراع العربي الإسرائيلي, وأصبحت مصر تلعب دورا محوريا فيه حتي توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وما زال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مستمرا.
طوال تلك السنوات كنت أفكر في اليهود المصريين, وكان السؤال الذي يشغلني هل كانوا مصريين فعلا؟ وإذا كانوا كذلك فلماذا تركوا الوطن؟ هل تركوه طواعية أم تحت الضغط عليهم للرحيل؟ وهل حدث هذا الضغط من مصر حكومة؟ أم شعبا؟ أم من إسرائيل؟ أم من الصهيونية العالمية؟ أم لم يكن هناك ضغط أصلا وهم الذين فضلوا الرحيل؟.
شجعني علي ذلك أنه لا توجد دراسات مصرية عما حدث لليهود المصريين في المهجر أيا كان مكان انتقالهم, وماذا قالوا عن مصر؟ وماذا كان شعورهم نحوها؟ وهل اختلف هذا الشعور في مختلف الفترات الزمنية اللاحقة؟ وماذا يذكرون عنها؟ هل يشتموننا؟ هل يكرهوننا؟ هل يحبوننا ويحملون في قلوبهم ذكريات جميلة عن حياتهم في مصر؟ كل هذه الأسئلة لم أقرأ إجابة عنها في الدراسات العربية وسوف أحاول أن أجيب عنها في هذا الكتاب.
الطوائف اليهودية في مصر
بعيدا عن الطوائف الدينية ينقسم اليهود حسب أصولهم العرقية والإثنية إلي اليهود الشرقيين الذين قطنوا بلاد الشرق لفترات طويلة، ويدخل في جملتهم اليهود الذين طردوا من أسبانيا في نهاية القرن الخامس عشر واستوطنوا بلاد البحر الأبيض المتوسط ومنها مصر, وهؤلاء يطلق عليهم اليهود السفارديم, وهناك طائفة اليهود الأشكيناز, وهم اليهود الذين قدموا إلي مصر والشرق عموما من شرقي أوروبا. وعند الحديث عن طائفة السفارديم ، سوف أقسمها إلي جزأين ، الأول سوف أطلق عليه (اليهود المصريون الأصليون), وهم الذين عاشوا في مصر علي نحو متصل قرونا طويلة. و الجزء الثاني هم (اليهود السفارديم) الذين هاجروا إلي مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين .
اليهود المصريون الأصليون
ونأتي للسؤال المهم: من هم اليهود المصريون الأصليون؟ والإجابة ليست صعبة كما يظن بعض المؤرخين, فهم اليهود الذين عاشوا علي أرض مصر أجيالا متعددة, تكلموا بلغتها وتشربوا عاداتها وتسموا بأسماء أبنائها ونالهم من الأذي ما نال المصريين وتحسنت أحوالهم كلما عم رخاء نسبي في مصر ، هؤلاء هم اليهود المصريون, وقد أخذت بهذا التعريف الذي لا يخضع لقانون علمي واضح ومحدد, لأنني أري أن اليهود القرائين وبعض اليهود الربانيين عاشوا في مصر قرونا طويلة جدا, وكانوا يتكلمون العربية مثل كل المصريين, ومنهم الفقراء ومتوسطو الحال وبعض الأغنياء، وقد خرج منهم العمال والحرفيون والبائعون المتجولون وأصحاب المحلات في الأزهر الذين كانوا يلبسون الجلباب البلدي والطربوش والفنيون في الصاغة، ومنهم الملحنون والموسيقيون والمغنون والصحفيون والشعراء والزجالون والممثلون والأطباء والمحاسبون, وقد تكلموا العربية فقط، إلا من حصل منهم علي قدر من التعليم مثلهم مثل باقي المصريين تماما. لذا فإن طائفة القرائين تعد مصرية صميمة، لكنها تدين بالديانة اليهودية، و كانت هذه الطائفة أقل الطوائف تعاطفا من الصهيونية، باستثناء أفراد قلائل اختلطت عندهم مبادئ الصهيونية بالديانة اليهودية، لكن الأغلبية منهم لم تبتعد عن شعورها بالمصرية باستثناءات نادرة.
وتقدر كرامر عدد اليهود المصريين الأصليين الذي عاشوا في مصر قرونا طويلة بنحو10 آلاف، أي نحو 15 % فقط من الجالية اليهودية، وعاش معظمهم في حارة اليهود وبعض مدن وسط الدلتا. وكان معظم أفراد هذه الجالية الأصلية يشتغلون عمالا حرفيين, وكانوا في الأغلب من الفقراء. والكثير منهم كان بدون عمل مستمر، وكان البعض يعيش علي معونات الأثرياء من الجالية أو المؤسسات الخيرية, كما كان بعضهم شحاذين. وكان اليهود المصريون الأصليون لا يختلفون في شيء عن عامة الشعب المصري، لا في اللغة ولا الشكل ولا المظهر, ولم تكن لغتهم العربية تحمل أية لكنة أولهجة مختلفة, وكانوا أولاد بلد حقا. لكن يبدو أنه لم يكن يوجد اختلاط اجتماعي كبير بينهم وبين المسلمين والأقباط خارج نطاق العمل, وعاشوا في حارة اليهود التي لم تكن بأي حال جيتو مثلما حدث في أوروبا الشرقية, لكنهم كانوا في الكثير من الأحيان يرسلون أولادهم إلي المدارس اليهودية الممولة من أغنياء اليهود. و لم تكن حارة اليهود حكرا علي اليهود، بل كان يسكنها المسلمون والأقباط. ولم يكن يهود الحارة وهم المصريون الأصليون ممثلين بأي وضع في الطائفة اليهودية أو قيادتها في مصر ولم يكونوا أيضا ممثلين في أي مجلس محلي. و قد تم تهميشهم بواسطة أغنياء الطائفة من اليهود الذين وفدوا حديثا علي مصر.
أما يهود الدلتا فقد كانوا ممثلين, ولهم مكانة في المجتمع المحلي, برغم أعدادهم القليلة, وكانت أماكن سكناهم تسمي في هذه القري و المدن تل اليهود أو خوخة اليهود.
وجدير بالذكر أنه كان هناك تقارب بين الجماعة اليهودية المصرية الحقيقية و مجموعة أخري من مهاجري المغرب وعدن كانوا أيضا فقراء، وعاشوا في السواحل التي هبطوا عليها مثل السويس وبورسعيد والإسكندرية، واستطاع اليهود المهاجرون من هذه المجموعة من الفقراء الأميين الجهلة في خلال جيل واحد أو اثنين التحول من مجموعة شرقية التفكير والتكوين إلي مجموعة مماثلة لليهود الكوزموبوليتان, فتركوا اللغة العربية والثقافة العربية جانبا وانطلقوا مع اللغات والثقافات الغربية.
----------------------------------------------------------------------
|
|
07-08-2005, 08:25 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم
بين شجوٍ وحنين
    
المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
|
من هم يهود مصر؟ المحذوف من تاريخنا كمصريين
1952 زيارة الرئيس محمد نجيب
للمعبد اليهودي الكبير بالقاهرة يوم كيبور
سكان حارة اليهود
يقول جاك حسون المثقف والكاتب اليهودي السكندري الذي ترجع أصوله لأجيال طويلة من قرية خلوة الغلبان بجوار المنصورة إن اليهود المصريين يتكونون من عالمين مختلفين، فلدينا مثال عديل اليهودي الشحاذ بجوار حلبة سباق الخيل في الإسكندرية الذي يقول للناس صائحا انظروا إلي جلبابي, إنني مصري، انظروا إلي جاكتتي إنني خواجة. وهناك علي الناحية الأخري أعداد من اليهود من خريجي المدارس الأجنبية الذين أسسوا أعمالا ناجحة في مصر، وتوصلوا إلي علاقات متينة مع رجال الأعمال في الغرب, وأصبحوا يعيشون حياة أوروبية تماما داخل المجتمع المصري, وهذا الجانب من حياة اليهود في مصر هو الذي تم توثيقه في الصحف الأجنبية، وكذلك تاريخ البنوك والمصارف والشركات في الإسكندرية، وهو الذي كتبت عنه الروايات والقصص, وربما الأفلام, أما الجانب الآخر من الحياة اليهودية فهو الأحياء اليهودية القديمة التي أطلق عليها حارة اليهود في القاهرة، وسوق السمك في الإسكندرية، وخوخات اليهود في المحلة الكبري، ودرب اليهود في المنصورة، وقد تم أيضا تصوير هذه الأحياء اليهودية في كتابات، مثل وصف نوري فرحي للحي اليهودي في الإسكندرية, و وصفه سوق السمك القديم وحجقَّ الجعان وحجقَّ النجار وحجقَّ الحنبقي التي يزيد عمر كل منها علي مائتين وخمسين عاما ، وكان السكان من الفقراء في هذه الأحياء يستفيدون من المؤسسات الخيرية اليهودية، مثل مؤسسة إدمون هراري في القاهرة, وكانوا يرسلون أطفالهم إلي مدارس الجالية في القاهرة والإسكندرية، وكان معظمهم يتعلمون حتي يصبحوا عمالا مهرة أو أصحاب محلات صغيرة أو بائعين متجولين, وكانت هذه الطائفة تكون نحو 3040 % من حجم الجالية اليهودية, وكانت مندمجة بوصفها جزءا أصيلا في المجتمع المصري وكان ملبسهم ومأكلهم ومشربهم مشابها لبقية المصريين, باستثناء أنهم كانوا محافظين علي استمرار الجالية اليهودية نسيجا منفصلا في مصر, و كان أحد أمثلته النتيجة التي تحفظ التقويم والأعياد بالشهور اليهودية، وكانت تقاليدهم الدينية مختلفة عن اليهود الذي تغربوا مع الأوروبيين, فكانوا يحتفلون بليلة التوحيد في أول نيسان في المعبد, حيث يبدأون بقراءة الآيات الدينية، ويصلون، والغناء يصدح بالمزامير اليهودية علي أنغام الموسيقي الشرقية، وكان الشعر يجقرأ ويغني بالعربية مترجما, وفي منتصف الليل يقرأ أكبر الموجودين سدر التوحيد لعبادة الله بالعربية، وكان يحتوي علي عدد كبير من المترادفات الإسلامية، وكان يبدأ بقول (بسم الله الرحمن الرحيم) مثل المسلمين، ويقرأ تسعة وتسعين اسما هي أسماء الله الحسني, وكانت دعواتهم من التوراة مشابهة للدعوات التي يقولها المسلمون. وكانوا يذكرون إبراهيم الخليل وهارون و موسي عليهم السلام, وكانت كلمات الصلوات تملأ القلب والروح بالرهبة والخوف, وربما تعود هذه الصلوات المخيفة إلي عصر ناجيد إبراهيم نجل ابن ميمون. وكان شهر نيسان (سبتمبر) شهر ذكري الخروج من مصر, يقول حاخام اليهود: إن النجاة من مصر أعلنت في أول نيسان، وكذلك نجاة بني إسرائيل سوف تأتي أيضا من مصر في أول نيسان.
وكانوا يحافظون علي صيام شوبايين, وهو صيام يومي الاثنين والخميس لمدة ستة أسابيع, وفي السنة الكبيسة تزداد مدة الصيام إلي ثمانية أسابيع. ويعلن بدء الصيام ونهايته في المعبد اليهودي القديم في حارة اليهود, وتتم قراءة خمسة عشر جزءا من كتاب ديني مرتين حتي يقتلوا الشيطان. وبعد الصلوات يتم ذبح عجل تشتريه الجماعة اليهودية داخل المعبد, ثم تتم قراءة بعض كلمات موسي.
أما البيوريم فهو عيد ديني فولكلوري يلبس اليهود فيه ملابس جديدة ذات ألوان زاهية، احتفالا بإنقاذ اليهود من الحاكم العثماني أحمد باشا عام 1524 ميلادية, وكانت الاحتفالات تقرأ بالعربية و العبرية. ومن الأحتفالات رحلة دينية إلي معبد المحلة، وكذلك مولد أبي حصيرة في دميتوه قرب دمنهور. هذه أعياد حارة اليهود، علي حين كان اليهود الأغنياء يحضرون الأعياد ذاتها في المعابد اليهودية الفاخرة، حيث غناء الكورال وعزف الموسيقي الكلاسيكية، بحيث يبدو الاحتفال اليهودي مشابها للاحتفال الكاثوليكي.
والسؤال المهم كما يقول جاك حسون: ما هي علاقة هؤلاء اليهود بأولئك اليهود؟، يعني علاقة يهود الحارة باليهود الخواجات الذين يسافرون إلي باريس ولندن, وبعضهم حصل علي البكوية أو الباشوية، علي حين كان يهود الحارة يلبسون القفطان والجلابية ويأكلون الفول والملوخية والقلقاس، ولذا لا يمكن تصنيف اليهود المصريين بوصفهم وحدة واحدة أو نسيج واحد, لأن ذلك مخالف للحقيقة والواقع و التاريخ، فهم مجموعات مختلفة تماما في الثقافة والانتماء والحالة الاقتصادية واللغات التي يتحدثونها.
اليهود السفارديم
حسب التعريف المتداول فإن اليهود السفارديم هم اليهود ذوو الأصل الأسباني الذين طردوا في نهاية القرن الخامس عشر من أسبانيا. وفي هذا الكتاب أردت أن أوضح أن المقصود باليهود السفارديم اليهود المنتشرون في حوض البحر الأبيض المتوسط الذين تجنسوا بجنسيات أوروبية, أو أصبحوا من رعايا الدولة العثمانية بعد طردهم من أسبانيا, وعاشوا فترات طويلة في هذه البلاد قبل هجرتهم إلي مصر, لينضموا إلي اليهود المصريين الأصليين الذين هم أيضا من السفارديم, لكنهم من أصول شرقية قديمة.
وبهذا أصبح اليهود السفارديم يجمعون بين فئات وثقافات مختلفة, وأوضاع اجتماعية واقتصادية متباينة للغاية. وكانت الهجرات من اليهود السفارديم و هم الذين قدموا إلي مصر في القرن التاسع عشر يحملون تعليما وثقافة وخبرة بالتجارة واتصالات دولية أكبر وأقوي بكثير من خبرات اليهود المصريين, فسرعان ما أصبحوا هم قيادة الطائفة في مصر, وكونوا ثروات طائلة في فترات قصيرة، و أصبحالكثيرون منهم أطباء ومهندسين ومحامين, وأغلبهم عدوا أوربيين في الثقافة و التوجه, بالرغم من أنهم يهود سفارديم شرقيين, لأنهم كانوا مختلفين تماما عن يهود مصر الأصليين (يهود الحارة). وكانت معرفتهم باللغات الأجنبية عاملا في نجاحهم.
وطائفة اليهود السفارديم تشبه (الفسيفساء) الموزايك، و تضم طبقة من الأغنياء الذين حضروا إلي مصر منذ مدة طويلة قد ترجع إلي عصر محمد علي و حتي النصف الثاني من القرن التاسع عشر, و استثمر جزء كبير منهم أمواله في مصر، واستخدم صلاته بالغرب في طبع مشروعاته الزراعية أو الصناعية في مصر بالطابع الأوروبي المتقدم, واستخدم طرقا حديثة في الإدارة حققت نجاحات كبيرة، و قد اندمجت هذه الطبقة تماما في طبقة الباشاوات وكبار ملاك الأراضي ورجال الأعمال الوطنيين المصريين, وكانوا شركاء لهم في كثير من الأعمال, وكانت حياتهم مماثلة للشريحة العليا من الطبقة البرجوازية في أوروبا, وهو نمط الحياة الذي حاول قطاع الرأسمالية المصرية الناشئة أن يندمج فيه. وأعتقد أن جانبا كبيرا من يهود هذه الطبقة كانوا يحبون مصر, لأنها أعطتهم الأمان والحب و التقدير وتحقيق مكانة في المجتمع وفي جمع المال، و هو ما كان من الصعب تحقيقه في شمالي حوض البحر الأبيض في وسط المنافسة الأوروبية، وكان من المستحيل أن يتحقق لهم هذا النجاح الاقتصادي الكبير إلا بهذا الهامش الواسع من الحرية الذي فاق الحرية التي كانت ممنوحة لأقرانهم المصريين. وبالرغم من أنهم كانوا يساعدون أقرانهم من اليهود الذين عذبوا أو طردوا من أوروبا، وكانوا يتعاطفون بطريقة أو بأخري مع الحلم بالوطن اليهودي, إلا أنهم كانوا يعرفون بوضوح ويعون أن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يتعارض مع مصالحهم الشخصية، لأنه لم يكن ممكنا أن تستمر مكانتهم المتميزة في مصر في ظل إنشاء دولة إسرائيل, لذا كان معظم يهود هذه الطبقة يعدون مصر مكانهم المفضل ، وحتي نهاية الثلاثينات لم يكن هناك أي هاجس أو قلق بينهم وبين معظم المصريين من الأقباط و المسلمين. وكانت الصدمة شديدة للمصريين عندما علموا بعنف المستوطنين اليهود في معاملة العرب الفلسطينيين وطردهم من ديارهم, و قد اجتاحت المظاهرات فلسطين، وانتقلت منها إلي القاهرة و مدن عربية أخري في النصف الثاني من ثلاثينات القرن العشرين، و التي بدأت تدق أول مسمار حقيقي في نعش علاقة اليهود بالشعب المصري, وتزامن ذلك مع ظهور قوتين جديدتين في المجتمع المصري هما الإخوان المسلمون ومصر الفتاة, و قد أظهرت كلا القوتين عداءا شديدا, ليس فقط للصهيونية، وإنما لليهود بصفه عامة, واليهود المصريين بصفة خاصة، وبالرغم من أن تأثير هاتين القوتين لم يكن كبيرا في ذلك الوقت مقارنة بالحزب الليبرالي الكبير (الوفد) إلا أن صوتهما كان زاعقا، كما كانت أفعال الصهاينة في فلسطين رهيبة, لذا صادف موقفهما صدي كبيرا في الشارع المصري، لكنه لم يصل إلي حد الكراهية العنيفة أو العدوان، وخاصة أن هذه الجالية لم تكن محصورة في جيتو، وإنما كانت تعيش في مختلف أحياء القاهرة, كل حسب مستواه الاجتماعي.
أما الطبقة الوسطي من السفارديم فكانت أيضا داخل المجتمع المصري تعمل في القطاع الخاص، حيث يمتلكون محلات ومصانع وورشا صغيرة, وكانوا يعملون موظفين في الشركات والبنوك. و كانت لهذه الطبقة تطلعات كثيرة, ونظرا لاحتكاكها المباشر بالشعب المصري كانت أول من شعر بتأثير ما يحدث في فلسطين علي مشاعر الشعب المصري, و كما كانت هذه الطبقة أول من اتصلت بها وتلاعبت بعواطفها المنظمات الصهيونية في فلسطين و المنظمات المصرية الصهيونية من اليهود الأشكيناز. وكانت هناك نسبة لا بأس بها من هذه الطبقة تريد الانسلاخ من مصريتها, فكانت تحاول دائما الالتصاق بالغرب، وكان تعليمها في المدارس الإسرائيلية الفرنسية أحد عوامل جذب هذا القطاع من اليهود المصريين للفكر الصهيوني, حيث كان هناك عدد من المدرسين في هذه المدارس من منظري الفكر الصهيوني, و الفكر الاشتراكي في الوقت نفسه.
--------------------------------------------------------------------------------
الحاخام في إفتتاح البرلمان المصري عام 1934
اليهود الأشكيناز
بدأت هجرة اليهود الأشكيناز إلي مصر منذ القرن السابع عشر, وكانت هجرة بسيطة من جنوبي روسيا, وفي أواخر القرن التاسع عشر حدثت موجة أخري من الهجرة من روسيا وبولندا من فقراء الشباب, ثم حدثت هجرة مؤقتة من فلسطين عام 1914 سوف نتحدث عنها بالتفصيل لأهميتها. وبالرغم من ذلك كون اليهود الأشكيناز 8 % فقط من اليهود المصريين، كان عددهم نحو خمسة آلاف نسمة في أعلي تعداد لليهود المصريين, و كان يسكن معظمهم درب البرابرة، ويتكلم الييديش وهي لغة يهودية قديمة كان يهود شرقي أوروبا يتحدثونها حتي الخمسينات من القرن العشرين, وقد أصدروا صحيفة بالييديش استمرت فترة قصيرة في أول القرن العشرين, وأنشأوا مسرحا بالييديش في أربعينات القرن العشرين, وكان لهم برنامج في الإذاعة المصرية بلغتهم. وعند وصولهم إلي مصر اشتغلوا في مصانع لف السجائر، ثم عملوا خياطين وصانعي ومصلحي أحذية, وكذلك عملوا في صناعة الذهب والفضة.
و كان اليهود الأشكيناز لا يعرفون العربية ولا يريدون أن يعرفوها, وهؤلاء نتاج الاضطهاد الأوروبي الذي أدي إلي توحش الفكر الصهيوني, ومعظم هذه الطائفة جاءت إلي مصر لتعيش وتعمل بصفة مؤقتة, وعينها وقلبها علي فلسطين, ولم تشعر أبدا بانتمائها إلي مصر, أو حتي بالامتنان لهذا الوطن الذي استضافهم, وكانت هذه الطائفة هي التي كونت في السنوات الأولي لهجرتها خلايا صهيونية في مصر, وهي التي كانت علي اتصال دائم بالمستوطنين اليهود في فلسطين, وهي التي ألبت وشجعت وحرضت الطوائف الأخري من اليهود علي نسيان مستقبلهم في مصر و التفكير فقط في اسرائيل, وهي التي ساهمت في العمليات التخريبية وآوت الصهاينة الإرهابيين القادمين من فلسطين.
وكثير من اليهود الأشكيناز وفدوا إلي مصر أثناء الحرب العالمية الأولي, وفي فترة ما بين الحربين العالميتين حين بدأ تعاظم القوي النازية و الفاشية في شرق و وسط أوروبا، و معظمهم حصل علي وظائف في الشركات الأجنبية في مصر، و الكثيرون منهم لم يتعلموا العربية و لم يختلطوا بالمصريين. و ضمن هؤلاء الأشكيناز مجموعة آمنت بالماركسية أخذوا علي أنفسهم نشر الشيوعية و كونوا بعض خلاياها في مصر، و هذا موضوع سوف نتناوله بالتفصيل في فصل عن اليهود و الشيوعية. و من الغريب أن الأشكيناز كانوا أكثر وعيا بأهمية الحصول علي الجنسية المصرية، فحصل الكثيرون منهم عليها بسهولة، علي عكس كثير من السفارديم الذين أقاموا في مصر لعدة أجيال، و لم يرغبوا في الحصول علي الجنسية المصرية.
وتنقل كرامر عن أحد الصحفيين الأشكيناز الذي وصفته بأنه طويل اللسان في مقالة نشرت عام 1904 بالإنجليزية يقول فيها: إن اليهود السفارديم و الشرقيين عموما يماثلون المصريين في طريقة تفكيرهم وأخلاقهم وعاداتهم التي لم تتغير في جوهرها, فالدماء الشرقية تجري في عروقهم, لكن عليها طبقة رقيقة من الثقافة الكاذبة المتشبهة بالأوروبية, و طريقة تفكيرهم عربية وليست يهودية, وأخلاقهم وعاداتهم شرقية، ومعرفتهم واهتمامهم بالأحوال الاجتماعية والوطنية معدوم (يقصد الوطنية الإسرائيلية). وبين الأغنياء من اليهود المصريين الشرقيين يتواري الجهل خلف غلالة رقيقة من ثقافة فرنسية مزيفة، و يحاولون التظاهر بها ليخففوا ضعف ثقافتهم وأفكارهم. وعلي حين أنهم غارقون في الأموال فإن فقراءهم محاصرون في الجيتو الذي يعيشون فيه, وهم طيبون, لكنهم مقهورون ومهملون بدون تنمية للذكاء أو تعليم تقدمي أو حتي أي طموح, ويقال إن هؤلاء السفارديم جميعا متدينون للغاية ويؤمنون بالخرافات ذات الأصل الديني.
ونعتقد من ناحيتنا أن هذه المقالة المهمة من أحد اليهود الأشكيناز المقهورين القادمين من جيتو روسيا وبولندا ورومانيا إلي مصر, حيث نعموا بالحرية وأخذوا يمرحون ويتعلمون ويكسبون ويشتمون مصر ويشتمون يهودها الأصليين ويحرضونهم ويتهمونهم بأنهم عديمي الوطنية، ويقصدون بذلك الوطنية تجاه الوطن القومي في إسرائيل, وهذه المقالة المبكرة جدا توضح أنه مهما ادعي المؤرخون غير ذلك فإن تأثير اليهود الأشكيناز علي طريقة تفكير اليهود السفارديم بمختلف أنواعهم كانت مبكرة و قوية و منظمة، و أنهم لاقوا في مراحل مختلفة بعد ذلك العون الشديد من الصهيونية العالمية التي ضغطت علي يهود مصر و فصلتهم عن أرضهم و عن شعبهم، و لم يكن ذلك التأثير سياسيا فقط، بل كان ثقافيا أيضا، فقد ابتعدوا بالتدريج عن اللغة العربية و الثقافة المصرية و انفصل اليهود ككل باستثناء اليهود المصريين الأصليين و القرائين عن المجتمع المصري، و أصبح وضعهم مثل وضع الأقليات الأجنبية كاليونانية و الإيطالية و غير ذلك.
قصة اليهود مع الصناعة المصرية
يعتقد موريس مزراحي أن اليهود لعبوا دورا مهما في تنمية الاقتصاد المصري, وذكر عدد الشركات التي أنشأها اليهود المصريون في الفصل الذي كتبه في كتاب شامير السفير السابق لإسرائيل في القاهرة ، فقال إن شيكوريل أسس سلسلة متاجر شيكوريل وأريكو ، وساهمت العائلة في تأسيس بنك مصر، وكان شيكوريل عضوا في مجلس إدارته, و عضوا في الوفد المصري الذي توجه إلي السودان لتنمية العلاقات التجارية بين مصر والسودان, وكان شيكوريل الأب رئيسا للغرفة التجارية المصرية وقاضيا في المحكمة المختلطة, وكان شيكوريل الابن آخر رئيس للجالية اليهودية في مصر قبل انقراضها.
وأنشأ سوارس بنكا, وقام بإصلاح آلاف الأفدنة وزراعتها وبيعها للفلاحين. كما أنشأ أول خط مواصلات داخل القاهرة, وقد سمي أحد ميادين القاهرة المهمة باسمه, لكنه تغير عام 1922 إلي ميدان مصطفي كامل, وكانت أول شخصية مشهورة من عائلة قطاوي تعود إلي القرن السابع عشر هو يوسف ابن إسحق قطاوي, وقد ألف كتابا من جزأين عن تاريخ الأسبان، وتاريخ مصر بالعبرية من القرن السادس حتي القرن السابع عشر. وابنه يعقوب قطاوي كان صراف عباس حلمي الأول، واستمر في الوظيفة نفسها في عهدي سعيد وإسماعيل. وفي الجيل التالي يأتي موسي قطاوي باشا الذي كان صاحب بنك ورئيسا لعدد من الشركات, وقام بتأسيس خط سكة حديد أسوان وشرق الدلتا وشركة ترام وسط القاهرة, وقام ابنه يوسف بتأسيس شركة السكر في كوم أمبو, وأصلح 12ألف فدان, و كان من المساهمين في تأسيس بنك مصر. كما كان عضوا في الجمعية التشريعية عام 1915, وانتخب عن دائرة كوم أمبو في البرلمان الأول بعد ثورة 1919, وذلك عام 1924, وعين وزيرا للمالية عام 1925, وفي العام نفسه اضطر يوسف قطاوي إلي الاستقالة من وزارة أحمد زيور، بسبب إرساله برقية تهنئة بعيد الفطر إلي صديقه سعد زغلول, الأمر الذي أغضب الملك، فآثر قطاوي الاستقالة والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الملك وسعد زغلول.
ثم أصبح قطاوي وزيرا للمواصلات عام 1927, ثم عضوا في مجلس الشيوخ حتي وفاته, وخلفه أصلان قطاوي مديرا للمشروعات الكثيرة للعائلة، وخلف والده عضوا في مجلس الشيوخ.
كانت عائلة منشه من أصل نمساوي، عاشت في الإسكندرية وحضر عميدها إلي مصر أثناء إفتتاح قناة السويس، وبدأ حياته صرافا في الجيزة ثم اشترك في مشروعات كثيرة.
وكانت عائلة موصيري الشديدة الثراء هي التي أنشأت بنك موصيري الذي كان متخصصا في الإقراض الزراعي الصناعي. وأنشأت عائلة رولو من الإسكندرية بنك التعمير وسكة حديد حلوان، وأصبح عميدها مديرا عاما لبنك مصر. وكانت توجد عائلات كثيرة يهودية غنية أخري مثل عائلات إدا وهراري وبوليتي وغيرها.
ومن هذا يتضح أن اليهود المصريين أخذوا الفرصة الكاملة في العمل بحرية في الاقتصاد المصري ، وصحيح أنهم أقاموا مشروعات ناجحة، إلا أنهم حققوا أرباحا طائلة رفعتهم من مصريين فقراء أو متوسطي الحال إلي أكبر أغنياء الوطن, ومع ذلك لم يندمجوا مع المصريين ويذوبوا فيهم كما ذابت أجناس كثيرة عاشت في مصر.
وفي أربعينيات القرن العشرين مع تغير الظروف في فلسطين، وتغير القوانين في مصر التي أصبحت تساوي بين الجميع، و تعطي الأفضلية في الوظائف للمصريين, فقد انخفضت الشركات المصرية في البورصة والتي كان لليهود حق إدارتها إلي نحو 15 % عام 1943, ثم إلي 9.6 % عام 1951, والكثير من الشركات في مصر كان يملكها ويديرها الكثير من الأرمن والإيطاليين واليونانيين والسوريين والمصريين من المسلمين والأقباط و اليهود، لكن تمثيل اليهود في الشركات كان بالطبع أكبر كثيرا من نسبة عددهم في السكان, وواضح من دراسة تاريخ الشركات في مصر أن الكثير من المصريين مسلمين وأقباطا تعاونوا مع اليهود المصريين بوصفهم رجال أعمال مثل بقية المصريين.
الحاله الاقتصادية والاجتماعية لليهود المصريين
منذ بدء حكم إسماعيل, وخلال الفترة الأولي من الاحتلال البريطاني, كان القانون واضحا في إعطاء مميزات للأجانب في مصر, وقد أدي ذلك إلي تحسين أوضاعهم وفرصهم في العمل والربح مقارنة بالمصريين.
ومنذ ظهور القطن المصري طويل التيلة عام 1820، وازدهار زراعة قصب السكر، والتصدير الزراعي لكلا المنتجين ظهرت الحاجة إلي وسطاء يعرفون اللغات الأجنبية ولهم اتصالات لتسهيل التعامل ، وقد استفادت الجاليات الأجنبية كلها من ذلك, وضمنها الجالية اليهودية التي كان الأغنياء منها يعدون جزءا من الجاليات الأجنبية، بالرغم من أنهم كانوا مصريين بالمولد و الجنسية. وقد أعطت مصر الأمان و الحرية والفرصة الهائلة في التقدم الاقتصادي لليهود بعد طول حرمان في البلاد التي جاءوا منها. وساعد اليهود شبكة علاقاتهم العائلية الدولية ومعرفتهم باللغات ومستوي تعليمهم المرتفع عن بقية المصريين. وهكذا أصبحت مصر الدجاجة التي تبيض ذهبا لليهود, وبعد أن كانوا مهمشين في البلاد التي هاجروا منها أصبحوا مواطنين فوق العادة في مصر, ولهم مميزات تفوق بكثير ما لدي المصريين أصحاب البلد.
وقد تغير نظام التعليم عند اليهود في مصر من التعليم التقليدي للمصريين إلي التعليم الغربي، و ذلك بمساعدة مدارس الليسيه الإسرائيلية الفرنسية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر, وحتي بداية الأربعينات من القرن العشرين استمرت هذه المدارس في القيام بعملها في المدن والريف المصري في بلاد مثل طنطا وغيرها. وكان معظم اليهود يرسلون أولادهم إلي هذه المدارس الإسرائيلية, حيث يتعلمون الفرنسية، إلا أن كبار الأغنياء كانوا يرسلون أولادهم إلي المدارس الأجنبية الكاثوليكية. وفي عام 1947 كان انتشار التعليم بين اليهود قد أدي إلي انخفاض الأمية بين اليهود المصريين إلي 5 % مقارنة بالنسبة المرتفعة جدا عند المسلمين والأقباط. ونتج عن ارتفاع مستوي التعليم أن بدأت بعض العائلات اليهودية تكسب مبالغ طائلة من أعمال الصرافة والبنوك، مثل قطاوي وموصيري ومنشه وسوارس وأجينيون, ووظفوا لديهم موظفين يهادا في معظم الوظائف المتاحة لمساعدة أبناء الجالية من ناحية، ولأنهم الأكثر تعلما ومعرفة باللغات من ناحية أخري.
وقد اشتركت بعض هذه العائلات بمساعدة رأس مال فرنسي في شراء أجزاء كبيرة من الأراضي المملوكة للأسرة المالكة، فقد اشتروا ما يقرب من نصف مليون فدان, وأقاموا مصانع تكرير السكر. وقد أدار هنري ناعوس اليهودي البريطاني الجنسية الذي أصبح فيما بعد السير فكتور هراري مشروع كوم أمبو للسكر بكفاءة عالية، حتي أصبح يسيطر تماما علي إنتاج السكر في مصر. ويعتقد بنيين أن شركة السكر تطورت اقتصاديا في الملكية والإدارة، لتصبح في معظمها مصرية عام 1947, ويرجع تأميم الشركة في مرحلة لاحقة بعد الثورة يرجع إلي خلاف بين الحكومة وعبود باشا, وليس له علاقة بملكية يهودية أو أجنبية للشركة. وأنشأ سوارس شركة لنقل المواطنين في مصر, وكذلك خطوط حلوان ومصر وأسيوط وقنا وأسوان للسكة الحديدية. وصعدت عائلة موصيري سلم الاقتصاد بسرعة وأسست بنكين، واشتركت في إدارة نحو 30 شركة كبري, وقد كان إيلي موصيري صديقا لإسماعيل صدقي باشا الذي عينه عضوا في المجلس الاقتصادي المصري. وقد ساعد التزاوج بين العائلات الغنية اليهودية علي زيادة الثروة بتحالف رأس المال بين الشركات المختلفة. وقد أسس جوزيف فتا شركة جوزي فيلم عام 1915، وهي الشركة التي أنتجت عددا كبيرا من الأفلام المصرية المهمة.
وحتي العائلات اليهودية الشرقية التي هاجرت إلي مصر حديثاج نسبيا في منتصف القرن التاسع عشر مثل شملا وشيكوريل ودويك وحاييم ومزراحي ونجار وبتشتو ورومانو وستون وشالوم وسموحة وتوريل وهانو وأروزدي باك وجاتينيو وسيمون أزرت وكوهينيكا أصحاب الصالون الأخضر استطاعوا كلهم أن يصبحوا من كبار الأغنياء في فترة قصيرة من التجارة, بعد أن امتلكوا جميع متاجر وسط المدينة ما عدا صيدناوي, وصعدت عائلة شيكوريل سلم الثروة بسرعة فائقة خلال الجيل الثاني. وقد صعد السلم الاجتماعي أجانب آخرون غير اليهود مثل إخوان صيدناوي، وهم من الكاثوليك الشوام.
|
|
07-08-2005, 08:28 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم
بين شجوٍ وحنين
    
المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
|
من هم يهود مصر؟ المحذوف من تاريخنا كمصريين
اليهود والثقافة المصرية
من المعروف أن لليهود الأوروبيين والأمريكيين تأثيرا ثقافيا كبيرا في البلاد التي يعيشون فيها، يفوق بمراحل نسبة عددهم في المجتمعات الأوروبية أو الأمريكية, كما أن لهم تأثيرا في الاقتصاد والإعلام أكبر بكثير من حجمهم في المجتمع لكننا إذا درسنا بهدوء التأثير الثقافي لليهود المصريين في مصر، سنجد أنه في مجموعه كان هامشيا وغير مؤثر في تاريخ الثقافة المصرية, علي عكس التأثير اليهودي القوي في الاقتصاد المصري، والسبب في ذلك يبدو لي واضحا, لأنه كان يمكنك أن تنتج اقتصادا متقدما وتقوم بتجارة ناجحة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية في النصف الأول من القرن العشرين, ولا يلزم لذلك أن تكون جزءا من نسيج المجتمع المصري, ولا حتي أن تتعرف علي مشاكله، ويكفي أن تدرس السوق المصرية لتعرف المطلوب استيراده أو تصنيعة أوتصديره, وكيف يمكن التفاهم مع أعوانك في الحكومة المصرية حتي يساعدوك بلوائح وقوانين مناسبة لعملك وتنظيم اتصالاتك مع رجال الأعمال الأوروبيين.
أما حين نتحدث عن الثقافة فلا يمكن لأي إنسان أن ينتج ثقافة تمثل أي شعب بدون أن يكون جزءا من هذا الشعب الذي عايشه وشعر بآلامه وآماله, فكيف يمكن لليهود المصريين أن ينتجوا فنا أو ثقافة وهم في معظمهم كانوا من نسيج مختلف ولم يندمجوا في شعبهم؟، وذلك باستثناء اليهود المصريين الأصليين الذين عايشوا الشعب المصري وعاشوا معه.
فلنأخذ أولا اليهود المصريين من الأشكيناز الذين كانت ثقافتهم هي ثقافة أوروبا الشرقية، وكانت موسيقاهم هي الموسيقي الأوروبية, ومعظمهم لم يقرأ بالعربية, والبعض لم يكن حتي يتكلمها, بالرغم من أنه ولد وعاش في هذا البلد ، لذا إذا رجعنا إلي كل ما أنتجه اليهود المصريون من ثقافة لن نجد أي مشروع ثقافي أو إنتاج أدبي في القصة أو الشعر أو الموسيقي أو أي شيء آخر من طائفة الأشكيناز.
أما طائفة السفارديم فكما سبق أن بينا فإن منهم اليهود المصريون الأصليون, ومنهم من هاجر إلي مصر في فترات لاحقة، وهذه المجموعة التي وفدت في القرنين التاسع عشر والعشرين كانت لغتها الأصلية في الأغلب الفرنسية، وكانت ثقافتها فرنسية, فهي تقرأ وتفكر بالفرنسية وتستمع إلي الموسيقي الأوربية، لذا لم تنتج أيضا شيئا مهما في الثقافة المصرية، والمحاولات الروائية والأدبية كانت تكتب بالفرنسية أولا, وبعد ذلك بالعبرية لمن هاجر منهم إلي إسرائيل, وسوف نتعرض لهذا الأدب فيما بعد.
أما اليهود المصريون الأصليون فهم الوحيدون الذين كانوا مؤهلين لإنتاج ثقافة مصرية، لكن حتي الكثير من هؤلاء قد تمت صياغة عقولهم بتعليم مختلف وثقافة مختلفة تحت التأثير الصهيوني العالمي في الربع الثاني من القرن العشرين, وأصبح نتاج الفترة يهودا مصريين, لكن غير أصليين, لأنهم فقدوا قدرتهم علي القراءة بالعربية, وفقدوا العلاقة الحميمة مع الشعب المصري الأصيل, وأصبح تعاملهم الأساسي مع اليهود الخواجات, ومع الخواجات من غير اليهود.
يبقي من كل ذلك بعض اليهود المصريين الأصليين الذين لم تطلهم التأثيرات والتغيرات المهمة التي حدثت لليهود المصريين مثل يعقوب صنوع ومراد فرج.
هل هناك تأثير ثقافي آخر لليهود المصريين ؟
كان اليهود القراءون هم الجزء الأساسي من اليهود المصريين الذين كانوا يجيدون اللغة العربية، وكانت هناك مجموعة من الكتاب تجتمع في المقهي وتسمي نفسها المدرسة الحديثة. يقول سميخ: كان ضمنها بعض اليهود, وكانت هذه المجموعة تضم يحيي حقي و محمود تيمور وطاهر لاشين وحسين فوزي من كتاب القصة القصيرة, وكان أحد أعضاء هذه المجموعة طبيب يسمي شالوم بن مسعودة, وهوطبيب شاب من القرائين تكلم عنه يحيي حقي, وكان يسميه الفليسوف و الطبيب. وأود أن أعلق علي الاهتمام غير الطبيعي بشخصية ذكرها يحيي حقي في أحد كتبه، وهي لشاب يهودي أطلق عليه اسم الفليسوف ، ولم نسمع عنه شيئا بعد ذلك في أي مكان, ولم ينشر شيئا وصل إلينا من أي مكان في العالم, ولهذا من الغريب أن يركز الباحثون الإسرائيليون علي مقولة عابرة ليحيي حقي، يهتمون بها لمجرد إثبات أن بعض شباب اليهود كانوا علي علاقة بالأدب والثقافة في مصر. ويذكر المؤلف الإسرائيلي نفسه حكاية رواها أنيس منصور عن صالون العقاد, حين جاءت عائلة يهودية تحييه قبل هجرتها من مصر, وأن شابا يهوديا يدعي هراري ألقي كلمة عن المرأة اليهودية التي أثرت سابقا في حياة العقاد. هذه أيضا حكاية ليس لها أهمية, ولا أحد يدري مدي تأثيرها وما حجمها؟ وما مضمون الكلمة؟ وكم فردا من هذه العائلة ذهب ليودع العقاد؟. ومن هاتين الحادثتين يستنتج سميخ أن شباب اليهود لابد أنهم كانوا مشاركين في الحركة الأدبية المصرية. لكن المؤكد أن الباحث الإسرائيلي سميخ أجري بحوثا مستفيضة عن التأثير الأدبي اليهودي في الثقافة المصرية, لكنه لم يجد شيئا إلا هذه الحكايات التي ليس لها أي وزن أو قيمة.
ويبقي أن اليهود المصريين أنشأوا جمعية (الأبحاث التاريخية الإسرائيلية المصرية) عام 1925، تحت رعاية الحاخام ناحوم حاييم أفندي, وشكلت لجان لجرد الكتب والمخطوطات اليهودية المصرية القديمة، ولجنة للنشر، وأخري للعلاقات الخارجية. وكان من أعضائها المهمين الدكتور إسرائيل ولفنسون، وهو تلميذ لطه حسين والذي كان قد أشرف علي رسالته للدكتوراه. وقد نشر ولفنسون كتابا مهما عن موسي بن ميمون كتب مقدمته الشيخ مصطفي عبد الرازق. وتعتقد سهام نصار أن كبار المفكرين المصريين من أمثال أحمد لطفي السيد ومحمد حسين هيكل وطه حسين انقادوا بسهولة وبدون وعي إلي التعامل مع الصهيونية، ومن أمثلة ذلك أن طه حسين رأس تحرير مجلة (الكاتب المصري) التي يملكها إخوان هراري.
ومنذ القرن التاسع عشر كان كبار المثقفين في مصر علي علاقة وثيقة باليهود، فعلي سبيل المثال شجع جمال الدين الأفغاني يهود الإسكندرية علي تكوين جمعية مصرالفتاة اليهودية عام 1879. وقدم العقاد ماكس نوردو المفكر والفليسوف الصهيوني الكبير وتلميذ هرتزل النجيب إلي القاريء المصري ورثاه بعد موته, وكان العقاد واعيا بصهيونية نوردو، لكن ذلك لم يشكل له مشكلة أبدا. وقدمت فرقة فاطمة رشدي المسرحية مسرحية (يهوديت) التي عربها أحمد رامي وأخرجها عزيز عيد.
وملخص الأمر أن اليهود كان لهم تواجد بسيط في المجتمع الثقافي, وأن الشعب والحكومة والمثقفين المصريين لم يظهروا أي عداء لهم حتي قيام دولة إسرائيل، أو قبل قيامها ببضع سنوات علي أقصي تقدير.
و حيث إن اليهود المصريين كانوا مجموعات مختلفة الثقافة واللغة والأصل والعلاقة بمصر تاريخيا ، وكانت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية متفاوتة إلي حد كبير ، فإن المجموعة الوحيدة التي كانت تجيد اللغة العربية وتحمل نفس الموروث الثقافي للمصريين هم فقراء اليهود والشريحة السفلي من الطبقة الوسطي, أما باقي اليهود فلم يكن عندهم ارتباط باللغة أو الثقافة, وبالتالي كانت علاقتهم بالسياسة تتمثل في الحفاظ علي مصالحهم. تقول كرامر: إن بقية اليهود لم يكونوا يبدون اهتماما بالسياسة المحلية ولا الثقافة المصرية، و يشعرون بأنهم أعلي كعبا من بقية المصريين.
طه حسين ومجلة الكاتب المصري
صدر العدد الأول من المجلة في أكتوبر عام 1945, وأغلقت في مايو عام 1948. تكونت شركة الكاتب المصري, وهي شركة مساهمة مصرية، من سبعة أشخاص من آل هراري, وهي عائلة يهودية مصرية قديمة, وطلبت الشركة من طه حسين إصدار هذه المجلة الأدبية الثقافية الشهرية، قال إنه قبل رئاسة تحريرها استقصي وأحسن الاستقصاء, وتَبَيٌن أن الأمر لا يتصل ولا يمكن أن يتصل بالصهيونية من قريب أو بعيد. وكانت المجلة علي مستوي عال جدا في محتواها الأدبي والثقافي, وكان ثمنها عشرة قروش, وهو ثمن مرتفع بالنسبة لثمن المجلات في ذلك الوقت.
ويقول الناقد الراحل علي شلش إن طه حسين خلال رئاسته لتحرير المجلة التي استمرت حتي قرر أصحابها إغلاقها بسبب ظروف الحرب العربية الإسرائيلية لم يقترب من قضية فلسطين، ولم يقحم نفسه في الصراع السياسي حول الموضوع كله, واكتفي بمقال واحد في يونيو عام 1946, بدأه بالعطف علي المهاجرين اليهود من الأطفال والنساء, وكذلك الفلسطينيين أنفسهم الذين قال إنهم لم يستشاروا ولم يستأمروا في إيواء هؤلاء البائسين . وللحق والتاريخ فإن هذه المقالة لم تكن في المقام الأول مقالة سياسية، بل كانت وصفا لرحلة قام بها طه حسين علي باخرة كبيرة متجهة إلي لبنان, وتصادف أن كان عليها ما يزيد علي الألف من اليهود القادمين من أوروبا في طريقهم إلي فلسطين, ومعظمهم من النساء والأطفال. ويصف طه حسين الرحلة والجو العام علي السفينة، ثم يعرج علي وصف اليهود المهاجرين من أوروبا بالوصف الذي ذكره علي شلش, ثم قال طه حسين إن الفلسطينيين لم يستشاروا في إيواء هؤلاء البائسين, لكن علي شلش لم يكمل بقية الجملة المنشورة التي قال فيها طه حسين إن هناك أوطانا كثيرة في العالم أقدر علي إيوائهم من فلسطين. وعموما هذه الفقرة القصيرة لم تمثل أكثر من خمسة بالمائة من المقال, وكانت وصفا لمشهد عايشه طه حسين في الرحلة.
وفي عام 1945 تساءل الكثيرون كيف يعمل طه حسين في مجلة أصحابها من اليهود، ونشرت بعض الصحف العربية هذه الأسئلة, وأجرت مجلة الاثنين الصادرة عن دار الهلال حديثا صحفيا مع طه حسين, وسألته الصحفية صراحة : يقولون إنك تعمل علي مساعدة الصهيونية، فأجاب طه حسين : ليت الذين يذيعون هذا الكلام الفارغ يستطيعون أن يبلوا في خدمة العروبة مثلما أبليت. ليس أدل علي أنني أساعد الصهيونية من أنني أحيي الأدب العربي القديم, وأنشر أشياء تتصل بعلوم القرآن الكريم, فأي مساعدة للصهيونية أقوي من هذا؟. وحين يظهر العدد الأول من الكاتب المصري سوف ترون. وأرسل له الكاتب الفلسطيني خليل شطارة مستفسرا عن الموضوع, فبعث إليه طه حسين رسالة نشرتها ¢البلاغ¢ الفلسطينية قال فيها : فأما الشائعات فمصدرها المنافسة التجارية من ناحية, والضغينة السياسية والحسد البغيض من ناحية أخري, وخلاصة القضية أن سبعة من اليهود المصريين اشتركوا في عمل تجاري صرف قوامه نشر الأدب العربي ، قديمه وحديثه ، ونقل الجيد من الآداب الغربية إلي لغة الضاد, وطلبوا أن أكون مشيرهم في ذلك, فقبلت بعد أن استقصيت وأحسنت الاستقصاء, وتيقنت أن الأمر لايتصل، ولا يمكن أن يتصل بالصهيونية من قريب أو بعيد، وإنني أتحدي من شاء أن يجد في المجلة إشارة إلي الصهيونية أو تأييدا لها ، ومن يدري لعل خصوم هذه المجلة يبهتون في يوم من الأيام حين يرون فيها خصومة عنيفة للصهيونية، وهجوما عنيفا علي ظلمها، ودفاعا عن العرب في وطنهم فلسطين، وإنه لن يخلف ظنه ولا ظن أحد من العرب. وهكذا كان طه حسين قبل أن تصدر المجلة واضحا وصريحا, وأعتقد أن تقييم موقف طه حسين في موضوع مجلة ¢الكاتب المصري¢ يجب أن ينبع من شيئين, أولهما مدي تحقيقه لوعده بمضمون المجلة، وثانيهما علاقة موقفه بموقف المثقفين المصريين عموما في ذلك التاريخ, من ناحية التعامل مع اليهود المصريين. ومعروف أنه حتي ذلك التاريخ كان المصريون عموما لا يمانعون في التعامل مع اليهود المصريين من غير المنتمين للحركات الصهيونية، أي أنهم كانوا بشكل واضح يتعاملون مع اليهود بشكل طبيعي وعادي .
و قامت هيئة الكتاب بإعادة نشر جميع أعداد المجلة التي صدرت خلال الثلاث سنوات 1945 1948، و صارت متوافرة للقراء بثمن زهيد، والمجلة ثقافية بالدرجة الأولي, والكثير من الموضوعات التي نشرت فيها تصلح لأن يعاد نشرها اليوم، وبالإضافة إلي المقالات الثقافية والأدبية والأشعار والنقد الأدبي, كانت المجلة تلخص في أحد أبوابها أخبار العالم الثقافية والفنية, وقد راجعت فهارس جميع الأعداد التي صدرت في السنوات الثلاث فلم أجد شيئا بقلم طه حسين له علاقة باليهود, باستثناء المقال التي سبق ذكره. ولم يتناول أحد من الكتاب الآخرين في المجلة هذا الموضوع, لكن مشكلة فلسطين ذكرت كثيرا في باب السياسة الدولية, وهو باب يتضمن تقارير أجنبية معظمها من الأمم المتحدة والدول الكبري, وكانت عبارة عن حقائق وقرارات دولية مترجمة إلي العربية.
وفي عدد مارس 1946 كتبت المجلة تقريرا عن فلسطين جاء فيه: أما تقرير لجنة التحقيق الأمريكية البريطانية عن فلسطين فلم يرضي أحدا رغم صدوره بإجماع الآراء. و لم يحقق للصهيونية حلم الدولة اليهودية من ناحية، و لم يدع مجالا لأمل عند العرب من ناحية ثانية، إذ أوصي بفتح باب الهجرة ورفع القيود عن نظام بيع الأراضي, وهما الوسيلتان اللتان يتألم منهما العرب، ويرون أنهما أداة استيلاء الصهيونية علي بلادهم وإخراجهم من ديارهم. وقد كان لإذاعة هذا التقرير أسوأ الأثر في البلاد العربية جميعا, فقامت حكوماتها وهيئاتها تحتج وتعلن الإضراب, دليلا علي استنكارها ورفضها لهذا الأمر, وتوج ذلك باجتماع لرؤساء الدول العربية، تلته دورة استثنائية خاصة لمجلس جامعة الدول العربية. أما باقي أبواب المجلة فتحوي موضوعات مختلفة، وهناك حادثة طريفة نشرتها المجلة عن سيد قطب, عندما كان ناقدا فنيا قبل أن يصبح مفكرا إسلاميا, فقد اكتشف أحد قراء (الكاتب المصري) أن سيد قطب نشر مقالة في الكاتب المصري سبق أن نشرها في جريدة أخري, ونشرت (الكاتب المصري) التعليق التالي:
القاريء محمد الشاذلي كتب يقول: إن مقال سيد قطب (النقد والفن) نشره سيد قطب بنصه وفصه وعجره وبجره كما يقولون تحت اسم (دلالة الألفاظ علي المعاني) في مجلة (الثقافة). وقد رد سيد قطب في خطاب نشرته المجلة وشكر القاريء, وأفاد بأنه قد أحدث تغييرا في البحث, أما هيئة تحرير المجلة فنشرت تعليقا من المحرر قالت فيه : أما نحن فنأسف أشد الأسف لأن الأستاذ سيد قطب لم يخبرنا بأنه نشر مقاله ذلك, ثم أعاد النظر فيه لينشره من جديد, وإلا كان من الممكن أن نري في نشر هذا المقال المعدل رأيا غير الذي رأيناه, حين لم نكن نعلم أن له صورة أخري نشرت في مجلة أخري منذ سنين.
أما عن الذين يكتبون في المجلة فيكفي أن أذكر أسماءهم حتي تتضح أهمية هذه المجلة, فقد كان يكتب بصفة منتظمة أحمد نجيب الهلالي ، وتوفيق الحكيم ، وعزيز فهمي ، ومحمد عوض محمد ، ومحمد كامل حسين ، وعثمان أمين ، وسلامة موسي، ومحمود تيمور بالإضافة إلي طه حسين, ومن الكتاب الشبان الناشئين: سليمان حزين, وسهير القلماوي ، وعبد القادر القط ، ويحيي حقي ، وعبد الرحمن بدوي ، ورشاد رشدي ، ومحمود عزمي, والشاعران عبد الرحمن صدقي والعراقي محمد مهدي الجواهري, ومن الأجانب كان يكتب عدد كبير من مثقفي العالم، منهم: أندريه جيد ، وجان بول سارتر, وأندريه مالرو.
ونخلص من ذلك إلي أن طه حسين أنشأ مجلة ثقافية عظيمة, جمع لها الكثير من الكتاب القدامي والجدد، وكذلك الأجانب, وقدمت خدمة ممتازة للقارئ المصري والعربي, أما تمويلها فكان من اليهود المصريين, ولا يمكن أن يعني ذلك شيئا مهما في ذلك الوقت يدين طه حسين.
المصدر:
http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/issues/...s/594/0802.html
|
|
07-08-2005, 08:29 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
|