(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ )

(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)

تساؤلات حول الموت والجنازات ومظاهر الحداد..وأسباب اقامة الاحزان بمناسبة مرور 40 يوم على الوفاة...

مناسبة الحديث اقامة قداس لوالدي بالكنيسة...حيث يحضر الأحباء والاقارب القداس ويتم اعطائهم قربان ويتم حجز كنيسة خصيصا...ولااعرف سبب ال 40 ...عادة فرعونية كما أعتقد....

كذلك وهذا هو عين التفرقة العنصرية...الزوجة والبنات يتدثرن بالاسود من فوق لتحت....بينما الصبيان فلا...أحيانا الزوجة تلبس أسود 5 سنوات....هل الحزن بالقلب أم بالمظاهر....أنا شخصيا أحتقر الكثير من العادات والتقاليد....بالنهاية كلام الناس سيف مسلط فوق رؤوسنا.....

إنها للشخصيات التي تحفل بها وتظن أنها ترفع من مقام صاحبها بين يدي مصيره الذي آل إليه!!

أما الدفن فلا مراسم له إلا بقدر ما يحفل أهله بمثل هذه الترهات!

حضرت جنازة لشخص مجهول في مكة لم يصل عليه فيها غيري وحفاري القبر وموظف البلدية! ونحن من أدخله قبره وليس لواحد منا صلة به!
وحضرت جنازة الشيخ ابن باز والشيخ عبد الرحمن حبنكة، فما شهدت منظرا كجنازتيهما!

وبين مراسم هذين وذاك بون شاسع!

الدفن عند السعوديين وبتأثير من الدعوة الوهابية يكاد يخلو من المظهريات الفارغة، ووصيتي لأهلي إن انا مت في أي مكان بالعالم أن يراعوا في دفني مثل هذه الإجراءات السلفية البسيطة...

لا تابوت للميت، بل يحمل على سرير كالسلم، مغطى بغطاء أبيض أو أخضر أو أسود هو في الغالب خلو من أي تطريز أو كتابة...

لا ناقوس ولا ميكرفون مع الجنازة ولا ورود ولا خلافه

يمضي المشيعيون حول الجنازة ويحملونها على الأكتاف حين تكون المقبرة قريبة، ويحرص السلفيون من المشيعين على تقدم الجنازة اتباعا للآثار، بينما تكون خلفهم، وغالب المسلمين يفرط في هذه الآثار.

عند التغسيل يدخل العدد الأقل (اثنان أو ثلاثة والأفضلية للأقارب) لتغسيل الميت، فيوضأ الميت وضوءه للصلاة، وهناك إجراءات ليست مقامها هذا، تتعلق بخروج الدم أو خلافه من جسد الميت أثناء الغسل في حالات الحوادث وغيرها..
بعد الغسل يكفن بثوب أبيض، ويحرص مجهزو الأموات بالسعودية على تغسيله بالسدر لا بالصابون غالب الأحيان
ثم يجفف الجسد ويطيب بالمسك وأنواع الطيب الزيتي والأعشاب العطرية وماء الورد

ثم يسجى على الكفن بعد أن تحشى المجوفات التي يخشى تسرب شيئ منها بالقطن..

وبعدها يلف الكفن على جسده بثلاث أثواب تغطي جسده بطريقة غاية في البساطة..

ثم يحمل على الأكتاف ويحرص حملته على بعض الآداب...
فيمنع من حمله بالمقلوب، بل يوضع على ظهره، ويتقدم رأسه قدميه في كل الأحوال

في المصلى أو المقبرة يصلى عليه، بحيث يكون رأسه يمين الإمام، ولا يشترط في هذه الصلاة تنظيم صف ولا اعتداله

ثم يمضي الناس به إلى القبر

هناك سلوك مميز في حمل النعش، حيث يحرص الجميع على وضع لوح النعش على أكتافهم لا أن يرفعوه بمد سواعدهم، ثم هم يحرصون على تكثير حملته لأنهم يشهدون له فتجد الشخص يلحق بك بمجرد أن تتناوله ليطلب منك أن يحمل عنك أخاه المتوفى، وغالبا ما يذكر عبارة مثل (آجر) أي أكسبني الأجر معك بحمل الميت..

طبعا حرص المشيعين على الجنازة والصلاة والدفن وراءه أجر وعد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو قيراطان في الجنة، وهذا ما يحفز المآجرين الكثر لتشييع الجنازة التي عدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حقوق الأخ على أخيه السبعة

أيضا هناك كلمة يقولها كل من يحمل الميت في كل مرة يحمله بها أو ينقله من مكان لآخر حيث يرددون فرادى: (بسم الله وعلى ملة رسول الله)
عادة يعتاد الناس التذكير بتوحيد الله في الجنائز، فيرفعون صوتهم قليلا بتوحيد الله أثناء التشييع، لكن ليس بالطريقة الإنشادية التي يسلكها أهل الشام وغيرهم!

في المقبرة يحرص المشيعون إذا دخلوا إلى القبر على ألا يدوسوا على قبور مشغولة بأحذيتهم، وهذا أقوله مذكرا بأن القبور في السعودية ليس فيها شواهد ولا أسماء ولا علامات، بل تسوى الأرض تماما كما كانت، وتوضع حجرة صغيرة أو أكثر مكان الرأس حتى لا يدوس الناس على القبر لا أكثر.

عند الدفن اعتاد أهل الشام قراءة سورة يس! كما اعتادوا على تلقين الميت وهي طريقة استحسنها بعض الأئمة كالنووي! وفيها يذكر الميت بأنه لو سئل من ربه فربه الله، ومن نبيه فنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما دينه فالإسلام!!!!!
وهو سلوك عافى الله منه الموتى في الحجاز ونجد والحمد لله
وكثيرا ما تحولت جنائز السوريين المغتربين لمهاترات مع السلفيين من أهل المنطقة بخصوص ذلك!

في المدينة المنورة اعتاد الناس على اللحود في مدافنهم اقتفاء لأثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن في مكة فغالب المقابر مبنية كالغرف تحت الأرض، من طوب عادي، ومغطاة بصبة إسمنت يفرش فوقها التراب...

بعد الدفن يقف الناس عند القبر مدة ربع ساعة تقريبا يدعون للميت فرادى أو جماعات بحسب سلفيتهم من عوامهم ومتصوفتهم!
بعد الدعاء يقف أهل الميت مرتبين حسب الأقرب والأكبر، فيتلقون تعازي الحضور بشكل طبيعي، وهو غالبا يخلو من التقبيل، إلا للخواص من المعارف، أما باقي أهل العزاء فيتلقوا التعزية يقبضة بالكف على معصم صاحب التعزية مع قولهم (عظم الله أجركم) أو ما شابهها من أقوال العزاء...

في المساء، وغالبا بعد المغرب إلى العشاء يجلس أهل الميت في سرداق خاص، غالبا يستأجرون له الكراسي والسجاد ويديرون القهوة على الحضور الذين يلزمون الصمت ثم يقوموا معزين بكلمات مقتضبة ويرحلوا ليحل غيرهم وهكذا دواليك مدة ثلاثة أيام

في رمضان يكون العزاء بعد التراويح مباشرة

بعد مجلس العزاء يقيم المعارف طبيخا كطبيخ الأفراح وهو الكبسة بأحد أنواعها، ويتباسط الجميع على الطعام

بعض الناس يفتحون القرآن بصوت مرتفع لكن هذا ليس شائعا كثيرا في الأوساط السعودية

أهل الميت يلبسون ثيابهم البيضاء العادية (الجلابيات) ولكنهم غالبا يحرصون على إسدال الغترة أو الشماغ علامة الحزن!! ولا يرفع غترته أو شماخه من يفهم الأصول ولا يتعدى حدود العيب!

النساء غير معتادات على لبس السواد في المآتم هنا، وهذا تصرف أعجبنا وقد طبقناه في وفاة الوالد فلم يلبس احد من أهل بيتنا السواد لذلك المصاب

ليس هناك أربعينية ولا سنوية للميت هنا وهذا سلوك جميل أيضا

هناك عادات أو لنقل بدع كثيرة يجنح إليها بعض الناس جهالة أو عادة في بعض الأوساط في الشام وغيره، تكلف أهل الميت وتغم قلوبهم بدل أن تسليهم!!
من ذلك الردح والتأبين الفارغ وقراءة الختمات للميت وتنكيد أهل الميت بذكر قصص الموت وأخباره بمناسبة وغير مناسبة!

بقي أن الزوجة خصوصا تحتد على زوجها أمدا معينا هو وضع حملها إن كانت حاملا، أو أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير ذلك وفيها لا تخرج من بيت الزوجية إلا لحاجة، ولا تتزين بأساور وخضاب ونحوها من المكياجات، ولا تتعطر، ويزيد الجهلة عليها في ذلك أشياء كثيرة، فيحرموها من لبس الجميل من الثياب، كما يحرمها بعضهم من الاستحمام وتأدية بعض واجباتها المهنية والسعي في حاجتها وحاجة أولادها! بل ربما حرموا عليها الكلام مع أجنبي!! وكل هذا لا أصل له ولا مستند

ولا أظن بحال أن قبر موسى الذي لا نعرف أثره يقلل من شأن كليم الله عليه السلام

كما لا أظن أن قبر حافظ المزركش بأنفس الألواح الرخامية يغني عنه من الله شيئا

بقيت نقطة هامة كانت تلفت انتباهي، وهي أنه عند المتدينين السعوديين لا تستطيع ببساطة أن تفرق بين العزاء والعرس!!

فكلاهما تدار له أنوار الكهرباء وتبسط السجاجيد وتنصب الكراسي وتدار القهوة!

وكلاهما يلف المجلس فيهما صمت القبور لا إنشاد ولا غناء ولا حديث إلا عابر!!

الله إلا سحنة الوجوه المبتهجة، وعباءة العريس وأريج العطر الذي تفوح به!!!

نعود للموت وكفى بالموت واعظا

اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك

واسلموا لعظة واعتبار(f)

اقتباس:بقي أن الزوجة خصوصا تحتد على زوجها أمدا معينا هو وضع حملها إن كانت حاملا، أو أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير ذلك وفيها لا تخرج من بيت الزوجية إلا لحاجة، ولا تتزين بأساور وخضاب ونحوها من المكياجات، ولا تتعطر،

الاتعتقد بأن هذا فيه ظلم للمرأة وعدم مساواة مع الرجل وغير عملي بعد ذهاب المرأة للعمل أم عليها أخذ اجازة أو الطرد من العمل وهل هذا سنة أم عادات بالية....كظلم المرأة المسيحية بارتداء الاسود سنة كاملة أحيانا

(f)(f)(f)

وحين يتعذر عليها أخذ إجازة لظرف إنساني جلل كهذا فلا مناص من الخروج له...

كما أنه لا حرج في خروجها للطبيب أو السوق كلما اقتضتها الحاجة لذلك...

ويدخل في هذه الحاجيات خروجها للدراسة أو الشهادة أو غير ذلك من الحاجيات...


الإسلام جعل العدة تكريم لذكرى الزوج، لذا لم يكن للزوج الذي يطلق بعد العقد وقبل الدخول من عدة تعتدها المرأة...

وقد ذكر في الحكمة من ذلك أمور كثيرة، منها استبراء الرحم ومنها احترام الجانب العاطفي في شخصية المرأة، وغير ذلك من أمور يجتهد البعض في فهمها، غير أنه لا مناص من الالتزام بهذا الحكم القرآني سواء تبينت لنا الحكمة منه أم لم تتبين، فالمسألة هنا ليست من العادات، بل هي من الأمور المفروضة بصريح القرآن

لكن العادات تدخلت لتحرف ما أراده القرآن عن وجهته، وتزيد عليه بما ليس منه وهذا مكمن انتقادنا.

فالحداد الشرعي يراعى فيه أمور محدودة لا غير، وهي :

1- عدم خطبة المرأة في وقت الحداد (ولا جناح في التعريض بذلك إن كان ضروريا دون تصريح)

2- عدم التطيب بأنواع الطيوب والعطور وعدم التزين في فترة الحداد، ولا يدخل في ذلك نمط معين من الملابس، كما لا يدخل في ذلك الاستحمام والتنظيف والاعتناء بالجسم في حدود لا تتجاوز ما يتعارف عليه الناس من تجمل وتزين للحفلات والمناسبات السعيدة.

3- عدم الخروج من بيت الزوجية فترة الحداد إلا لحاجة ولا أقول ضرورة، وبالتالي فتحترم الأرملة ذكرى زوجها فترة الحداد بعدم الخروج للمناشط التكميلية كالأفراح والولائم والنزهات وأنواع الخروج التي لا يحتاجها المرء عادة إلا تحسينيا تكميليا.

أما عادات الناس التي أقحموها هنا وكلها منكر مرفوض، فتشمل منع البعض للأرملة فترة الحداد من التباسط والاستحمام والخروج إلا لضرورة! ومشاهدة التلفاز ولبس الألوان الزاهية من الملابس، وأشباه ذلك من البدع المحدثات المخالفة لهدي النبوة!


موضوع تعلق الأمر بالمساواة، فقد كتبت في ذلك في لقائي بالنادي ما يكفي، ويتعلق ذلك بأنني بالفعل لا أرى أن المساواة أمر مقضي بين الرجل والمرأة، فقد فضل الله الرجال بخصائص، وفضل النساء بخصائص، فلا الرجل زين إن تشبه بالمرأة فيما اختص به، ولا المرأة زينة إن تشبهت بالرجل فيما اختصت به، وأكذوبة المساواة المطلقة هي كذبة مطلقة لا حقيقة لها
فهناك مساواة في أمور، وتمايز في أمور وتكامل في كل الأحوال، وهكذا هي سنة الزوجية الكونية
لا البروتون ذات الإلكترون، ولا الدجاجة ذات الديك، ولا جاذبية بين الكائنات بلا زوجية متكاملة، والفرد الأحد الصمد الذي لا صاحبة له ولا ولدا هو رب كل شيئ ومليكه لا شريك له في هذه الصمدية الأحدية..

كلنا متمايزون، وفروقنا الفردية أكثر من أن تحصى...

أما في جوهرنا الإنساني فنحن من نفس واحدة، وإلى نهاية واحدة، وفق سنة واحدة...

المرأة في ذلك كاملة الأهلية، بالغة التكليف، مستوفية شروط الجزاء (أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى، بعضكم من بعض)

وفي هذا الإطار فالمرأة تمارس نشاطها المهني والدراسي والاجتماعي كما هو دون تعطيل، مع ملاحظة لحساسية الجانب العاطفي عندها في أزمة فقدانها لزوجها، وفي هذا الإطار كان الحداد، والله أعلم
(f)