باستثناء قلة يهودية أرثوذكسية ، يبدو الآن وكأن الإسلاميين هم المدافعون الوحيدون عن الأفكار والأعراف اليهودية ، لأنها تسللت إليهم، بطريقة أو بأخرى، واستقرّت في دواخلهم. ولعب الزمن، كالعادة، لعبته الإخفائية إلى درجة أن مسلماً متطرفاً يشتم اليوم بالفم الملآن اليهودية دون أن يعرف أنه نتيجتها الطبيعية.
ليس من السهل الحديث عن يهودية الإسلام لأن المسلمين دأبوا على مر العصور على اتهام كل من ينتقدهم بأحد أشكال التهود. وشكلوا بذلك في اللاوعي الجمعي للعامة نوعاً من الهاجسية التهودية لأية مقاربة نقدية إسلامية: فكيف حين تهدف تلك المقاربة إلى قلب الصورة رأساً على عقب؟
التراث الإسلامي في جانبه الروائي الميثولوجي، منقول على نحو شبه حرفي، عن مقابله الهاغادي اليهودي، بدءا بحكاية عذاب القبر وانتهاء بقصص الخلق والطوفان وما شابه. والجانب التشريعي في الإسلام، لا يقلّ حرفية في نقله عن مقابله الهالاخي اليهودي من الجانب الروائي.
قد يُقال إن احتمالية النقل ليست وحيدة، وإن احتمالية أن يكون كلّ طرف وصل إلى مجموعة معارفه باستقلالية كاملة عن الطرف الآخر، أو أن يكون الطرفان استمدّا كل تلك المعارف من طرف ثالث ـ واردة تماماً.
بالنسبة للاحتمالية الأولى: يمكن لاثنين أن يتوصلا باستقلالية تامة إلى المعلومة ذاتها ـ إذا كانت تلك المعلومة حقيقة علمية أو فلسفية أو حسابية أو أخلاقية: جاذبية الأرض، كل إنسان فان، 1+1=2، القتل فعلة إجرام ـ وذلك باستخدام طرائق معرفية متشابهة. لكن بأية طرائق معرفية يمكن لطرفين التوصل إلى معلومتين ميثولوجيتين متطابقتين حتى في أدق التفاصيل في زمانين ومكانين متباينين للغاية ـ مثل حكاية آدم وحواء وأولادهما أو قصة عذاب القبر؟
بالنسبة للاحتمالية الثانية: فقد أوصلت الكشوفات الأركيولوجية في سوريا الكبرى إلى نتيجة مؤكدة فحواها أن اليهود، وجد حدود معلوماتنا الحالية المحددة بدورها بما تم اكتشافه من آثار، أخذوا مقولات أساسية في تراثهم الديني عن الميثولوجيات السورية القديمة. وتتأكد ميثولوجية تلك المقولات اليهودية حين نقارنها أيضاً بالكشوفات العلمية في حقول كالفلك، الأنثروبولوجيا واللغات.
مثلاً: ما هو المقصود بالسماوات السبع إذا ما عرفنا أن لا وجود للسماء بمفهومها القديم، وأن الكون خواء تسبح فيه ـ ولا تعلق ـ أجرام متعددة؟
كم هو عمر الإنسان على الأرض؛ وكيف استطاع أن يحتفظ بتفاصيل إقامته في الجنة المفروضة؛ ولماذا احتفظ بها باللغة العبرية تحديداً؟
إذا كان لا سبيل إلى دحض الارتقائية البشرية عبر مئات ألوف السنين، فكيف يمكن البرهان على هذا الإنوجاد التام للكائن البشري الأولي؟

السماوات السبع؟

ربما هناك أكوان سبعة، لا أحد يدري بل بالعكس، حتى نظرية الإنفجار الكبير (بيغ بانغ) الذي ابتدأ به الكون كما يعتقد جل العلماء لا تنفي إمكانية وجود أكوان أخرى كفقاعات جوار بعضها بل تدعمها وهناك حتى نظريات استروفيزيائية ترى أن لا بدّ منها.

ولماذا تريد أن توقع الفتنة بيننا وبين أصدقائنا اليهود كما يفعل الصهاينة؟

وإذا كانت ميثولوجية السوريين القدماء تتفق مع خرافات اليهودية والإسلام فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن السوريين في القديم كانوا أعقل منهم اليوم، ولا شك أنه في القديم كانت النمور والأسود تعيش في سوريا وليس الضباع فقط كاليوم (الضبع السوري شهير). هل عثر أولائك الأنثروبولوجيين ربما على عظام نخرة أو متحجرة لأسود كانت في الزمن السحيق تعيش في سوريا؟
سمعت مؤخرا أن مجموعة من علماء الأنثروبولوجيا عثروا قرب نورنبرغ في ألمانيا على بقايا جمجمة حيوان من السباع تشبه جمجمة نمر أو أسد عظيم له أنياب كأنياب الفيل. كان يعيش هناك قبل ملايين السنين. إذن ربما كانت تلك السباع أو الأسود (أو الليوث) عاشت قديما كذلك في سوريا وكانت تجوب مرتفعات الجولان أيضا، من يدري.

حسب علمي كان اليهود تاريخيا أصدقاؤنا وهم الذين كانوا ساعدونا في دخول الأندلس إذ كانوا فتحوا أبواب المدن ليلا لكي تتمكن جيوشنا من الدخول. وعشنا معهم سعداء وبعد أن طردنا الإسبان من الأندلس طردوا أصدقاءنا اليهود معنا أيضا. الشرق هو الذي أساء لعلاقة العرب مع اليهود رغم أنهم أصدقاء وأبناء عم. وأحيانا أأيد حماقة القذافي الذي اقترح دولة إسراطين فيعيش الشعبين في أمان ويتناكحون فيما بينهم، فهم لديهم بكل حال نفس القيم.