Egyptian Humanist
ملحد إنساني مصري
المشاركات: 84
الانضمام: Oct 2009
|
تضارب الأديان
أديان الارض كثيرة ....
مسيحية و إسلام و يهودية و هندوسية و بوذية و .. غيرها. أديان العالم القديم بالذات كثيرة جدا : أديان افريقيا و آسيا, اما العالم الجديد فقد انتشرت فيه المسيحية بسبب البعثات التبشيرية التي صاحب الحملات الإستعمارية. و الآن في عصر العلم و المعلومات يعتنق معظم البشر اديان غريبة متضاربة, أديان تؤمن بإله واحد او آلهة متعددة, أديان لديها انساق اخلاقية متعارضة, أديان تخالف النظريات العلمية كذلك و لكنها أديان موجودة و لها اتباع هم معظم البشرية.
بالطبع هناك وجهة مختلفة لهذا الأمر ..
كل البشر ملحدون بكل الآلهة ما عدا إله احد الاديان. فمثلا المسيحيين يؤمنون بإله المسيحية فقط و يلحدون بإله الإسلام و آلهة الهندوسية و آلهة اديان افريقيا و اسيا كلها. كذلك المسلمون يؤمنون بإله الإسلام فقط و لكنهم يلحدون بكل آلهة الأديان الأخرى و هكذا. الناس إذن ملحدون بكل الآلهة ماعدا احدهم, و لكن كل واحد من المؤمنين يتمسك بإلهه و دينه على أساس انه هو الصحيح دون ان يفكر في معنى التنوع و التباين بين الاديان المختلفة في العالم.
بهذا المنطق فإن كل مؤمن لو عرف لماذا يرفض كل آلهة الاديان الاخرى لعرف لماذا يرفض الملحدون إلهه الخاص. يعني مادام أختيار دين واحد يعني رفض كل الأديان الاخرى و لأن المؤمنين بأي دين لا يبحثون في كل الأديان الأخرى بل يتوارثون معتقدات أسلافهم فالمسألة إذن معتمدة على الإرتباط العاطفي بدين الآباء و الاجداد و ليست قناعة شخصية بناء على بحث و تقصي في الأديان.
أما لو أراد المرء ان يتقصى و يبحث ليعرف أي الأديان هو الصحيح من بين كل الأديان الموجودة لما وجد غير ثلاث وسائل لقياس الدين : ان يكون الدين معقول اولا و مثبت علميا ثانيا و متفق مع الاخلاق العالمية ثالثا. تلك معايير عامة تكفي المرء لان يضعها و يتكل عليها ليتخذ موقفا موحدا من كل الاديان دون ان يتورط في تكريس حياته للبحث في كل دين على حدة ليعرف أيها الصحيح.
ان يكون الدين معقولا بمعنى ان لا نجد فيه عقائد غريبة او حكايات خرافية تفوق قدرة العقل على التصديق, ان يكون الدين مثبت علميا بمعنى ان إدعاءات هذا الدين تكون غير متعارضة مع آخر النظريات العلمية, و ان يكون متفق مع الاخلاق العالمية بمعنى ان لا يتعارض مع ثقافة حقوق الإنسان و التي توصلت لها البشرية بعد معاناة في الحروب و صراع مع الافكار الهدامة.
شرط المعقولية لمعرفة الدين الصحيح هو شرط سلبي يعني هو يمثل الحد الأدنى من الشروط و هي ان يكون متفقا مع العقل فلا يكون المرء مضطرا لان يقفز قفزات عقلية و خيالية لكي يصدق هذا الدين, المعقولية تعني أن لا يدعي الدين وجود شخصيات غير واقعية مثل الآلهة و الشياطين و الملائكة و الجن و العفاريت و الأشباح و خلافه. المعقولية تستلزم أيضا عدم الإدعاء بوجود حوادث أو ظواهر فائقة للطبيعة فلا معجزات أو أحداث غريبة او قدرات خارقة بأي شكل مثل الخلق من عدم او إقامة الموتى أو الطيران بدون وسائل تكنولوجية تكفي للطيران او السيطرة على قوى الطبيعة بدون وسائل تكنولوجية تسمح بذلك أو وجود الروح و خلودها و تناسخها, بإختصار أي وسائل سحرية لا تحسب بالعقل او تخضع للمعايير العقلانية.
هذا الشرط يستثني كل الأديان الألوهية و الأديان التي تحض على السذاجة و التصديق بغير دليل و بالتالي ربما لا يتبقى وقتها من كل الاديان أي دين يصلح للقياس من قبل الوسيلتين الأخريين. إن أهمية شرط المعقولية ينبع من اهمية التفكير العقلاني و المنطقي بدلا من التفكير الخرافي أو التفكير بالتمني أو التفكير العاطفي او أي طرق تفكير أخرى.
اما شرط عدم معارضة العلم فهو شرط سلبي أيضا و لكن لو قلنا الإتفاق مع العلم لكان هذا شرطا إيجابيا, بمعنى ان الدين قد لا يتعرض للمسائل التي يتعرض لها العلم و بالتالي يكون محترما أيضا او يتعرض للمسائل العلمية بطريقة علمية و تلك الحالة أفضل.
و شرط الإتفاق مع الأخلاق العالمية هو شرط مهم آخر و يعني تدعيم الأخلاق الإنسانية العالمية و التي يلخصها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و كل الاخلاقيات التي توصل لها إنسان العصر و الحديث مثل الديموقراطية و الحفاظ على البيئة و إحترام الآخر و التزام الادب و الكياسة في التعامل مع الناس.
يمكن القول أن شروط الدين الصحيح هي اهم من الدين نفسه فإذا لم نجد اي دين يتوافق مع تلك الشروط او القياسات فما علينا إلا ان نقوم بتفصيل دين جديد يتوافق و يدعم تلك الشروط. عموما لو بحثنا عن دين معقول و علمي و اخلاقي فهذا يعني الا نبحث إلا في المذاهب الفلسفية و الفكرية مثل البوذية و الماركسية. فرغم التفاوت الشديد بين أفكار مذهب فلسفي روحاني مثل البوذية و أيديولوجية مادية مثل الماركسية إلا أنهما يتفقن في أنهما مذهبان غير ألوهيان و بالتالي معقولان إلي حد كبير.
المشكلة في البوذية هي عقيدة تناسخ الارواح و عقيدة الكارما أما مشاكل الماركسية فكثيرة, يعني رغم انها فلسفة مادية و علمية ملحدة و لا تعترف باي إله و تتفق مع شرطين المعقولية و العلم إلا أنها تدعم الصراع بين الطبقات و الناس و تدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة و تدعو لاقامة ديكتاتورية العمال و إمتلاك الدولة الحصري لكل وسائل الإنتاج.
الحل هو في إختراع دين جديد يتوافق مع الشروط التي نريدها.
ولكن قد يسأل المرء بضعة أسئلة :
- ما حاجتنا للدين اصلا و لماذا نحن مضطرين لإختراع واحد طالما لم نجد ولا دين جيد للدرجة التي يستحق بها إعتناقه ؟
- كيف يمكننا أن نطلق إسم "دين" على معتقد لاإلوهي ؟
- هل المشكلة أساسا في الآلهة ام في الاديان ؟ هل الأفضل ان يكون المرء بلا إله ام بلا دين ؟
الفكرة هنا إن الدين إحتياج بشري ..
الأديان موجودة فعلا و الناس تعتنقها منذ آلاف السنين بل ربما كان الإنسان يعتنق الاديان منذ نشأة وعيه, يعني لابد من تفسير لوجود تلك الأديان و إنتشارها و التفسير البديهي أن الإنسان إحتاجها فالحاجة ام الإختراع. و طالما ان الناس تحتاج الدين إذن لابد لنا من إعتناق دين معين لكي نشبع حاجتنا الي الدين, المشكلة الوحيدة هي ان الاديان تتقادم : بعد مضي بعض الوقت تصبح الأديان قديمة و لا تصلح للإستخدام الآدمي لذلك فالحل هو في وجود دين حديث يتطور مع تطور الإنسان بحيث يكون دينا يعتمد عليه بشكل دائم.
بهذا المنطق لن يكون الدين هو معتقدات خرافية و طقوس بلا معنى بالضرورة, فالكلام هنا هو عن إحتياج بشري للإيمان بشيء و عن الإعتماد على منظومة معرفية تكون مهتمة بالبشر.
|
|
08-30-2010, 05:24 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}