{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 4 صوت - 2.25 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
هل يعيد التاريخ نفسه بين تركيا وسوريا كما حدث 1998
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #51
الرد على: هل يعيد التاريخ نفسه بين تركيا وسوريا كما حدث 1998
تداعيات الأزمة السورية على الشارع التركي سياسياً واجتماعياً
الأحد, 28 أغسطس 2011
أحمد داود أوغلو (أ ف ب).jpg
يوسف الشريف

فاجأت الثورات العربية الشارعَ التركي وجذبت اهتمامه وبدأت تؤثر باتجاه تغيير الصورة النمطية القديمة للعالم العربي المحفورة في الذهن التركي، والأهم أنها جاءت في وقت يناقش فيه الشارع التركي هويته وانتماءاته من جديد في ظل حكم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية وبعد تسع سنوات حافلة، وأربع باقية حاسمة، وعلى عتبة خط دستور جديد يُعتقد بأنه سيكون نموذجاً للديموقراطيات المحافظة في المنطقة، وسيكون الاختبار الأهم للحكم على تجربة رجب طيب أردوغان وعبدالله غل ورفاقهما التي بدأت بالانشقاق عن حزب السعادة الإسلامي والأب الروحي لحركة الإسلام السياسي في تركيا الراحل نجم الدين أربكان.

باغتت الثورة السورية تركيا فيما كانت حكومة أردوغان تواجه اتهامات بالسعي لأسلمة تركيا والقضاء على الارث الأتاتوركي بعد سقوط قلاع الأتاتوركية واحدة تلو الاخرى، ابتداء من القصر الجمهوري الى الهيئة العليا للقضاة فالمحكمة الدستورية وأخيراً الجيش. بالنسبة الى كثير من الأتراك، وبالأخص المؤيدين للحكومة، وصل الاهتمام بالأزمة السورية الى حد وصفها بالشأن الداخلي، وبدا امتداداً طبيعياً لسياسة خارجية ركزت على الشرق الاوسط في الفترة الماضية، وصنعت هذه السياسة لتركيا صورة جديدة كقوة اقليمية لها وزنها وكلمتها، فيما دق هذا الاهتمام ناقوس الخطر لدى البقية الباقية، خصوصاً من الأتاتوركيين والقوميين، الذين اعتبروا أن هذا الاهتمام سيجر تركيا الى مستنقع الشرق الاوسط الذي نجحت تركيا في عزل نفسها عنه لعدة عقود.

والأهم أن هذا الاهتمام وما سيترتب عليه من نتائج، سيعني إسدال الستار على مشروع الاتحاد الأوروبي وإرث أتاتوركي حاول أن يرسم لتركيا القرن العشرين هوية غربية أوروبية، من هنا يمكن أن نفهم تحذيرات زعيمي حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي والحركة القومية لرئيس الوزراء أردوغان من الانسياق وراء الأزمة السورية، من باب أنها تؤثر على الامن القومي التركي.

لم تكن سياسة وزير الخارجية احمد داود أوغلو الخارجية المركزة على الشرق الاوسط لتزعج القوميين والأتاتوركيين سابقاً – فيما عدا تلك التي توطدت مع إيران - طالما أنها ركزت على فتح أسواق جديدة لرجال أعمالهم وطالما أنها يسرت حركة مرور المواطنين الأتراك وطالما أنها جلبت لتركيا سمعة طيبة ورفعت من أسهمها في المنطقة، لكن الامر بدأ يختلف مع وصول نار الثورات الى الحدود التركية، ودفْعِ واشنطن وبعض القوى الأخرى أنقرة للانزلاق إلى الفخ السوري، ناهيك عن انشغال تركيا –كما يرى هؤلاء- بملف القضية الكردية الذي أشعله حزب العمال الكردستاني بشكل مفاجئ يدعو الى الشك والتفكير في دوافعه وتوقيته، والتركيز أيضاً على وضع مسوَّدة الدستور الجديد الذي من المفترض أن يبدأ البرلمان مناقشتها في دورته المقبلة تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. من هنا يبدو الشارع التركي منقسماً حيال الأزمة السورية سياسياً واجتماعياً، بين شريحة إسلامية متدينة ترى في الازمة السورية فرصة للتأكيد على هوية تركيا الإسلامية والشرق أوسطية، وتنشط على هذا الصعيد تواصلاً مع المعارضة السورية الإسلامية ودعماً لها، وبين من يريد الحفاظ على مسافة بين تركيا وبين الشرق الاوسط، من أجل الحفاظ على هوية تركيا التي يقول إنها تنتمي الى أوروبا أو الغرب، خصوصاً أن هذا القسم، بقومييه ويسارييه وأتاتوركييه، فشل في التواصل مع الأزمة السورية على الارض، لذا لا نرى جمعيات هذا الطرف التي تدافع عن الديموقراطية وحقوق الانسان في تركيا، تحرِّك ساكناً حيال ما يحدث في سورية، وكأن الحدث هناك لا علاقة له بحقوق الانسان أو الديموقراطية، بينما كانت لهذه الجمعيات بَصْمَتُها في التظاهر ضد الاحتلال الاميركي للعراق، وأحياناً دعماً للقضية الفلسطينية (الاهتمام بهاتين القضيتين جاء من خلال الانضمام الى نشاطات لجمعيات مدنية دولية غربية، أوروبية تحديداً).

أما سياسياً فتشكل الأزمة السورية عبئاً على شخص أردوغان وطموحاته خلال فترة حكمه الأخيرة كرئيس للوزراء، فهو يريد أن يدخل التاريخ من خلال اقرار دستور جديد يضع حلاًّ للقضية الكردية ويثبِّت أقدام الحكم المدني ويوسع مساحة الديموقراطية، وهو كذلك يريد الحفاظ على ثمرة استقرار تركيا اقتصادياً وسط عالمٍ تتهاوى اقتصادياته وأوروبا مهددةٍ بالإفلاس، لكنه في الوقت نفسه ملتزم أدبياً وأخلاقياً بالأزمة السورية، خصوصاً بعد كل تلك المواقف القوية التي عوّد الشارع عليها في أزمات الشرق الاوسط المختلفة، فلعله الآن يدفع ثمن هذه الكاريزما وتلك التصريحات من خلال موقف يجد نفسه مدفوعاً به تجاه سورية وقد يتعارض مع مصالح تركيا الاقتصادية وأحلامه الشخصية. ففرض عقوبات اقتصادية على سورية يعني خنق الاقتصاد التركي الذي فقد السوق الليبية، فيما السوق الاوروبية أفلست، كما أن تسليح المعارضة أو دعمها على الارض سيورطه في مشاكل أمنية، من خلال ردّ إيراني سوري على تلك الخطوة بالتأكيد.

وهناك سؤال مطروح مشروع حول ما اذا كان داود أوغلو سيعيد النظر في سياسته الخارجية القائمة على حسن الظن والصداقات الشخصية والعائلية، فعلاقة أردوغان ووزير خارجيته الوطيدة بكل من الرئيس السوري بشار الاسد والزعيم الليبي معمر القذافي، جعلتهما يعتقدان بأن هناك مكاناً للعواطف و»العشم» في عالم السياسة، وأن هذه العلاقة ستمكنهما من لعب دور الوسيط من أجل حلّ الأزمات، لكنهما اكتشفا أن وزن الفيتو الروسي والأسلحة الإيرانية أكبر وأكثر حسماً في الأوقات الحرجة، وبدا أن سياسة القوة على الأرض أقوى من رجب طيب أردوغان (رويترز).jpg سياسة القوى الناعمة التي تنتهجها تركيا في المنطقة.

لكن، على الاغلب، لن يغير داود أوغلو من إستراتيجيته هذه بسبب شخصيته وفلسفته السياسية الثابته وشخصية رئيس الوزراء أردوغان، وربما يتم إجراء بعض الرتوش عليها مستقبلاً.

إن سورية ديموقراطية ستفتح الباب على مصراعيه أمام تركيا في الشرق الاوسط من أجل تثبيت قدميها وتوسيع دائرة تأثيرها، لكن حرباً أهلية فيها ستعيد تركيا الى المربع الاول في رحلتها مع الشرق الاوسط، لذا فإن أنقرة ستسعى قدر المستطاع لتجنب هذا السيناريو، وعلى الأرض تشكل الأزمة السورية عملية تدريب وصقل مهمة جداً للتيارات الإسلامية في تركيا وجمعياتها، حتى باتت نشاطات هذه الجمعيات أمراً لا يمكن اغفاله أو تركه خارج الحساب، من مغامرة سفن مرمرة وحتى استضافة أكثر من مؤتمر للمعارضة السورية في تركيا.














الامتحان الأصعب أمام أنقرة
الأحد, 28 أغسطس 2011
مخيم سوري في تركيا (رويترز).jpg
نصوحي غونغور *

في البداية كانت أحداث تونس ومصر، ومن بعدها امتد الربيع العربي ليصل الى عدد من الدول الأخرى، وإن بدا أن حكومة العدالة والتنمية التركية قد واجهت صعوبات في اتخاذ موقف محدد من تلك الأحداث وتلك الثورات، فأنه واضح تماماً أن الامتحان الأصعب للديبلوماسية التركية كان في القضية السورية.

سورية هي البلد التي تشارك تركيا حدودها البرية الأطول، وتجمع البلدين علاقات قرابة وتاريخ مشترك، وفي عهد حزب العدالة والتنمية الحاكم، تم توطيد هذه العلاقات في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية لدرجة إلغاء التأشيرات بين البلدين وضمان حرية المرور، وعاشت العلاقات ربيعاً خاصاً في جميع النواحي لمدة بلغت نحو 8 سنوات، لكن ومع بدء الانتفاضة الشعبية في سورية في 15 آذار (مارس) بدأت هذه الأجواء تتبدد. رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رجل معروف في الشرق الأوسط بمواقفه وتصريحاته، وخصوصاً في ما يتعلق بوضع غزة كانت له تصريحات ومواقف قوية ضد إسرائيل، وهذا جعل منه قائداً يهتم الجميع بسماع ماذا سيقول. وفي ما يتعلق بالربيع العربي، كان لأردوغان موقف مهم تجاه ليبيا ومصر، وحتى لو جاء هذا الموقف متأخراً أو بعد تردد، فأن أردوغان صرح وأوضح بأن على الزعيمين حسني مبارك ومعمر القذافي الرحيل، لكن في ما يتعلق بالأزمة السورية فأن السؤال الأصعب الذي كانت تركيا تبحث له عن جواب هو أين وكيف ستقف أنقرة من الأزمة السورية؟

«حزب العدالة والتنمية» و«الإخوان المسلمون»

على رغم الربيع الذي طغى على العلاقات بين أنقرة والنظام السوري، فأن جميع القيادات في تركيا كانت على علم جيد بحقيقة الوضع السوري، وأن أقلية حاكمة تستفرد بالحكم فيما الغالبية الشعبية مهمشة وغير مشاركة في الحكم أو صنع القرار، وأن هذا الأمر طال أم قصر سيؤدي بالنهاية الى انتفاضة الشعب، ويمكن القول بأن كلاً من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس عبدالله غول ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو وهم جميعهم أصحاب خبرة في شؤون العالم الإسلامي، كانوا يتوقعون بل يدركون أن ساعة النظام السوري ليست بعيدة. تأثر جميع الشباب المنتسبين الى حركة «النظرة القومية» التي أسسها نجم الدين أربكان في شبابه، تأثروا جميعهم بالتيارات الإسلامية في العالم العربي وبالأخص بحركة الإخوان المسلمين التي أنشأها حسن البنا، وعلى رغم حصول انقطاع في التواصل بين حركة الإخوان وتركيا في فترة ما، إلا أن القيادات السياسية في تركيا اليوم تتابع عن قرب – وربما أقرب مما يظن كثير من العرب – أخبار وتطورات هذه التيارات الإسلامية في العالم العربي وما تمر به من مراحل وظروف. ولكن حزب العدالة والتنمية يبرز دائماً تجربته السياسية مشيراً الى أنه حزب سياسي وليس تياراً أو جماعة، وحتى إن نظرت قيادات حزب العدالة والتنمية الى تيار الإخوان المسلمين نظرة مودة وقرب، فأن هذه القيادات تؤكد وتعتقد أنها متقدمة على تلك التيارات بثقافتها وتجربتها السياسية.

مع انطلاق الاحتجاجات على الأرض في سورية سارعت أنقرة لتنصح بشار الأسد بتطبيق إصلاحات سياسية جذرية وحصرت موقفها في هذه الجهود، وأن كان جميع من تحدثت اليهم من قيادات حزب العدالة والتنمية قد أبدوا تشككهم في تنفيذ وتطبيق الأسد لتلك الإصلاحات، أو في أن تطفئ هذه الحزمة من الإصلاحات نار الثورة التي اندلعت ضد حكم الأسد.

على رغم ذلك فضلت أنقرة في البداية أن تقف موقفاً حذراً مما يجري. لكن العرب السنة كانوا يطالبون تركيا بممارسة ضغط شديد على نظام بشار الأسد تكون له نتائج قوية وفاعلة، بدلاً من إعطائه دروساً في الديموقراطية ونصائح في تطبيق الاصلاحات، ويمكننا أن نستشف من المعارضة السورية التي أقامت في تركيا، أن توقعاتها من تركيا كانت كبيرة، وأنها تعتقد بأن تركيا قادرة على فعل شيء قوي على الأرض ضد نظام الأسد.

وإن شددت أنقرة من ضغوطها وتصريحاتها ضد دمشق من وقت الى آخر، فإنها لا تزال حذرة تجاه أي خطوة الى الأمام، وذلك لعدة أسباب أهمها الدور الحيوي والمهم الذي تلعبه تركيا في ملف حزب العمال الكردستاني، والسبب الثاني هو حذر تركيا في التعامل مع حامي النظام السوري في المنطقة أي طهران التي لا تريد تركيا أن تدخل في مواجهة مباشرة معها بسبب سورية.

التنافس مع إيران

تدرك تركيا جيداً أن تدهور الأوضاع الأمنية في سورية قد ينعكس سلباً على تركيا وأمنها، لكنها في الوقت نفسه قلقه من أن تجد نفسها في صراع مع إيران بسبب الأزمة السورية. وهناك حقيقة واضحة تقول بأن

كل خطوة تتخذها أنقرة باتجاه الضغط على نظام الأسد، فأنها تقربها أكثر من الصدام مباشرة مع طهران، إن التنافس التركي الإيراني على طهران انتهى بهزيمة اياد علاوي المرشح الذي دعمته أنقرة في الانتخابات التشريعية على رغم فوزه في الانتخابات، وهي خسارة محدودة بقيت ضمن العراق، لكن التنافس التركي الإيراني على سورية، ستمتد نتائجه الى دول المنطقة لتشمل العراق ولبنان وإسرائيل أيضاً، بل وتمتد الى كل من له حسابات سياسية في الشرق الأوسط. وفي حين تم الضغط على طهران بسبب ملفها النووي وظن الغرب أنه حصرها في الزاوية، تحركت أنقرة بشكل مفاجئ ومثير لتقف الى جانب جارتها وتخفف عنها الضغط الدولي، لكن هذا التعاون وهذه الروح لم تترجم الى تعاون إقليمي ولم توقف التنافس بين الدولتين ليس فقط في ما يخص قضايا الإقليم وإنما أيضاً في ما يخص قضايا العالم الإسلامي أيضاً، والسؤال بقي حول ما إذا كان ومتى سيتحول هذا التنافس الى مواجهة وصراع.

إن الخيارات المتوافرة أمام أنقرة جميعها شائكه، فتركيا تعلم أنه إن طال الوقت أو قصر فأن النظام السوري لن يتمكن من الصمود وستتم الإطاحة به وسيتشكل نظام جديد، وهنا تريد أنقرة أن تكون شريكاً قوياً في تشكيل صورة ولون النظام الجديد الذي سيولد في سورية، لكن من أجل ذلك على تركيا أن تلعب بعض الأوراق وأن تتجرع مرارتها، فتصعيد حزب العمال الكردستاني هجماته العسكرية ضد تركيا يشير بوضوح الى أن تركيا ستدفع ثمن تحركاتها ضد النظام السوري. في المقابل فأن هناك قنوات اتصال تمكن أنقرة من إقامة علاقات قوية ووطيدة مع المعارضة السورية، فحتى وإن لم يكن هناك تماس مباشر ودعم رسمي، فأن تركيا فتحت أراضيها للمعارضة السورية من أجل العمل وتوحيد الصفوف. إن حزب العدالة والتنمية الحاكم حصل على 50 في المئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وغالبية تلك الأصوات كانت من الشارع السني الإسلامي والمحافظ، لذا فان الحكومة تجد نفسها ملزمة بالوقوف الى جانب الشارع والشعب وليس الأنظمة في حال وقوع الثورات في الدول العربية.

والأهم من ذلك أن الفلسفة التي قام عليها الحزب تؤمن بذلك أيضاً، وبالتأكيد فإن قادة «العدالة والتنمية» لن يقفوا الى جانب الأقلية الحاكمة في سورية والتي تقتل شعبها، ويجب أن ننتبه جيداً لتصريح نائب رئيس الوزراء بولنت ارينش القيادي المعروف في الحزب والذي انتقد بشدة الدعم الإيراني لنظام الأسد في «قتله لشعبه».

وكما قلت فان تركيا اليوم بين نارين، فهي تخشى دعم الثوار بسبب مشكلتها الكردية مع حزب العمال الكردي، ومن ناحية أخرى فأن تركيا ستفقد كل ما لها من سمعة وثقل في المنطقة إن هي لم تقدم لشعوب المنطقة الدعم والعون اللازم. إن من مصلحة تركيا دفع سورية الى الديموقراطية بأي شكل كان وبأسرع آلية، لكن المشكلة هي كيف سيتم ذلك من دون الوقوع في أحد الأفخاخ التي تنصبها قوى إقليمية في المنطقة.

* صحافي وكاتب تركي






الطريق الثالث انتقال إلى حكم إصلاحي وابتعاد عن شعار الديموقراطية
الأحد, 28 أغسطس 2011
مصطفى كمال أتاتورك (رويترز).jpg
فاطمة قايابال *

«ارحل أيها الأسد» ردّد الحشد المؤلف من 200 شخص معظمهم من الجالية السورية المقيمة في اسطنبول تجمّعوا أمام القنصلية السورية. اللازمة هي نفسها في كلّ يوم جمعة تقريباً. إلا أنّ مطلبهم لا يلقى سوى آذان صماء ليس في صفوف النظام في دمشق فحسب بل في صفوف سكان منطقة نيشانتاشي الراقية في اسطنبول حيث جرت التظاهرة.

نيشانتاشي وسكانها لا يبالون بما يجري في سورية. وتضمّ هذه المنطقة المطاعم والحانات والمتاجر والملاهي الأغلى سعراً التي يتردّد إليها المشاهير الأتراك. وبالكاد يتوقّف السكان عند الحدث السوري فيما يتابعون حديثهم أو التسوّق أو احتساء قهوة أميركية، وإن عبّر أيّ منهم في يوم من الأيام عن اهتمامه بسورية فخلال الزيارات المتكرّرة التي قامت بها عائلة الرئيس بشار الأسد إلى تركيا خلال الفترة التي كانت مقرّبة من عائلة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.

وفي حال أبدى المتفرجون اهتمامهم، فلا يقومون على الأرجح سوى بهزّ الرؤوس تعبيراً عن عدم موافقتهم على ما يجري ويردفون بالقول «قد تكون سورية بلداً إسلامياً إلا أنّ أسماء الأسد أنيقة جداً. انظروا إليها، مقارنة بسيدتنا الأولى التي ترتدي الحجاب».

يبدو المراقبون المسلمون في تركيا أكثر اهتماماً بما يجري في سورية من المواطنين العلمانيين، وفيما يشاهدون قصف المدن السورية، يهزون برؤوسهم تعبيراً عن عدم الرضى. ويعتبر المتشددون بينهم الذين لا يفوتون فرصة لإطلاق الأحكام المسبقة ضد العلويين أنّ الأسد علوي وهذا هو السبب الوحيد الذي يقف خلف وحشيته. فهم لا يعلمون أو أنهم ينكرون واقع وجود فارق بين العلويين العرب والعلويين الأتراك، فالعلويون العرب في تركيا هم أقلية ضمن أقلية.

لكن، يتفادى عدد كبير من المراقبين الإسلاميين في تركيا التظاهرات التي تحصل في نيشانتاشي، ليس لأنهم يعتبرون أنّ هذه المنطقة مخصصة لـ «الأتراك البيض العلمانيين» بل بسبب افتقارهم إلى عادة التظاهر. فيكفي بالنسبة إليهم التنديد بالأحداث من بعيد، أقلّه في الوقت الحالي.

باختصار، يجب أن تحتل التطوّرات في سورية الأجندة الرسمية فمن بين الإنجازات الكبيرة التي حققتها وسائل الإعلام التركية هي تعلّم الطريقة الصحيحة للفظ كلمة الأسد، ويمكن اعتبار ذلك دليل اهتمام.

إلا أنّ وسائل الإعلام التي تؤثر تأثيراً كبيراً في الرأي العام التركي بدأت بنشر مقالات وتعليقات مثيرة للجدل. وتحيل المقالات المقلقة إلى وجود ارتباط مباشر بين النظام السوري وبين حدّة الهجمات المتزايدة التي ينفذها أخيراً حزب العمال الكردستاني. كما تشير إلى أنّ سورية كانت ملاذاً آمناً لهذا الحزب خلال عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وأنّ النظام السوري يلعب هذه الورقة مجدداً.

وما من سبب يدعو إلى إبعاد افتراضات مماثلة، إلا أنّ اعتبار سورية السبب الوحيد الذي يقف خلف العنف المتزايد في تركيا يعدّ تصرفاً تضليلياً. يبدو أنّ هذه التعليقات تسير باتجاه اقتراح تدخّل عسكري في سورية بغية محاربة حزب العمّال الكردستاني، وقد نسي هؤلاء المعلقون أنه لا يمكن حلّ المسألة الكردية التي تعاني منها تركيا منذ عقود طويلة باعتماد الوسائل العسكرية وحدها، إذ يبدو المكوّن الديموقراطي أساسياً اليوم.

تعبّر التعليقات المقلقة الأخرى عن طموح إمبريالي أو أقله عثماني جديد. والجدير ذكره أن منذ ستة أشهر كان المعلّقون أنفسهم يتحدثون عن مدى روعة الأسد. فكان البعض يرى أنه يمكن الاعتماد على الرئيس السوري من أجل تنفيذ رغبة تركيا. وكان يُنظر إليه على أنه «صبينا». وصُدم الأشخاص أنفسهم حين أخفق الأسد في تلبية نداء تركيا إلى إجراء إصلاحات، وهم غاضبون اليوم من الأسد ليس بسبب العنف الذي يمارسه ضد الشعب السوري بل لأنه رفض الاستماع إلى أنقرة. فقد تمّت الإساءة إلى كبريائهم الإمبريالي وهم يبحثون اليوم عن أعذار من أجل التدخل في سورية.

ويأمل البعض في فشل الإمبرياليين الخائبين ومعهم البلدان الغربية التي تتدخل في قرار أنقرة، لا سيما الولايات المتحدة التي أعلنت وزيرة خارجيتها أن «لا جديد إذا قالت الولايات المتحدة أنه يجدر بالأسد الرحيل بل الجديد إن قالت ذلك تركيا والملك السعودي عبدالله والشعوب الأخرى، إذ لا يسع الأسد إنكارها».

وشدّد رئيس الوزراء التركي أردوغان على أنّ سورية هي «شأن داخلي بالنسبة إلى تركيا»، لكن، من غير الواضح بعد ما إذا كان، يعني العلاقات العائلية بين الشعبين السوري والتركي أو العلاقات التجارية بقيمة بليوني دولار ونصف البليون بين البلدين أو القضية الكردية. كان ربما يعنيها كلها أو لا أيّ واحد منها.

إلا أنّ القوى العالمية لا ترى أنّ المسائل في سورية تتعلّق بالمطالب الشرعية للشعب السوري، فقد تسرّ القوى الغربية بقيام نظام سوري لا يدعم حركة «حماس» أو «حزب الله»، نظام يقطع العلاقات مع إيران ومستعد للتوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل. لكن، ما من ضمانات في أنّ هذا السيناريو سيتحقق نتيجة تغيير النظام في سورية، فمن الممكن أن يزداد الوضع سوءاً. يكفي أن نراقب قدرة مصر على السيطرة على حدودها مع إسرائيل عقب ثورة 25 يناير.

يبدو أنّ القوى الغربية اتخذت قراراً بالتعامل بقسوة مع سورية بما أنّ الدول التي تتعامل معها في شكل جيّد مثل روسيا والصين موجودة على الساحة (على رغم أنّه لم تتمّ الموافقة على هذه اللعبة). تحاول تركيا بدورها إيجاد دور لها كمسؤولة عن إعادة التأهيل. تقوم السياسة الرسمية التركية على حلم إعادة تأهيل سورية مع بقاء الأسد في السلطة، لكن، في ظلّ إجراء الإصلاحات والتخلّص من التأثير المضرّ الذي يمارسه الأشخاص السيئون.

وإن لم يتبلور هذا التغيير، فقد تخسر تركيا الكثير. قد يشهد البلد المجاور الذي يقع على حدودها الأطول عدم استقرار، إلى جانب إمكان حصول اضطرابات كردية إقليمية قوية ووقوع مستقبل الاستثمارات التركية تحت الخطر.

منذ تعيين أحمد داود أوغلو وزيراً للخارجية، وجدت سياسة أنقرة الخارجية أساساً لعدد من المبادئ والشعارات.

ومن بين هذه المبادئ عدم فرض عقوبات قد تضرّ باقتصاد البلد، فيما يقضي أحد الشعارات بالسعي لتحويل الأزمة إلى فرصة. ويبدو أنّ هذه المقاربة تكمن خلف خطة وزارة الخارجية التركية التي تقضي بإقامة منبر إقليمي للبلدان المجاورة لسورية في حال تمّ إقناع البلدان الإقليمية (بما فيها إيران) المشاركة فيه كما فعلت في السابق مع تلك التي شاركت في العراق.

وتعطي الطريقة الثالثة التي تمّ عرضها خلال هذا المنبر سورية حلاً بعيداً من الحرب الأهلية أو التدخل العسكري وهي الطريقة التركية التي تقترح انتقالاً في ظلّ عهد الأسد إلى حكم إصلاحي بدلاً من ديموقراطية كاملة.

ويبقى السؤال ما إذا كان الأسد سيقبل عرض تركيا. وبصرف النظر عن السياسة الرسمية التي تتبعها أنقرة، يحتاج المواطنون الأتراك إلى التحلي بالقدرة على القول «أريد للسوريين ما أريد لنفسي». سيشكّل ذلك مساهمة حقيقية للمواطنين الأتراك في خير البلد المجاور لهم، وقد يكون تبادل خبرة نضال طويل ومستمر من أجل الديموقراطية والتعايش الثقافي الإثني السلمي.

* صحافية تركية
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 08-28-2011, 11:54 AM بواسطة بسام الخوري.)
08-28-2011, 11:52 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
فضل غير متصل
لو راح المغنى بتضل الاغانى
*****

المشاركات: 3,386
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #52
RE: هل يعيد التاريخ نفسه بين تركيا وسوريا كما حدث 1998
غول: تركيا فقدت ثقتها في نظام السوري بقيادة الاسد
تاريخ النشر: الاحد 28/8/2011م الساعة 17:23م



أمد/ دمشق – ا ف ب: نقلت وكالة أنباء الأناضول عن الرئيس التركي عبد الله غول قوله اليوم الأحد إن تركيا فقدت ثقتها في النظام السوري مع إستمرار حملته الدامية ضد المحتجين.

وقال غول في مقابلة مع وكالة الاناضول بمناسبة مرور اربع سنوات على توليه المنصب 'في الواقع وصل الوضع (في سوريا) الى حد انه لم يعد اي شىء يكفي اذ جاء بعد فوات الاوان' مشيرا الى وعود الرئيس السوري بشار الاسد بوقف الحملة والتي لم تتحقق.

واضاف غول 'فقدنا ثقتنا'. وتابع غول قائلا 'لم يعد في عالم اليوم مكان للحكم المستبد وحكم الحزب الاوحد والانظمة المغلقة، اذ ان تلك الانظمة اما ستسقط بالقوة او سيأخذ حكام الدول زمام المبادرة بانفسهم'.

واضاف 'لابد ان يعرف الجميع اننا نقف الى جانب الشعب السوري.. الامر الاساسي هو الشعب'. وكانت انقرة، التي انتعشت علاقاتها مع دمشق في السنوات الاخيرة، قد كررت الدعوة للاسد للبدء بإصلاحات دون ان تصل الى حد مطالبته بالرحيل.


08-28-2011, 06:40 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #53
الرد على: هل يعيد التاريخ نفسه بين تركيا وسوريا كما حدث 1998
تداعيات الأزمة السورية على الشارع التركي سياسياً واجتماعياً
الأحد, 28 أغسطس 2011
أحمد داود أوغلو (أ ف ب).jpg
يوسف الشريف

فاجأت الثورات العربية الشارعَ التركي وجذبت اهتمامه وبدأت تؤثر باتجاه تغيير الصورة النمطية القديمة للعالم العربي المحفورة في الذهن التركي، والأهم أنها جاءت في وقت يناقش فيه الشارع التركي هويته وانتماءاته من جديد في ظل حكم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية وبعد تسع سنوات حافلة، وأربع باقية حاسمة، وعلى عتبة خط دستور جديد يُعتقد بأنه سيكون نموذجاً للديموقراطيات المحافظة في المنطقة، وسيكون الاختبار الأهم للحكم على تجربة رجب طيب أردوغان وعبدالله غل ورفاقهما التي بدأت بالانشقاق عن حزب السعادة الإسلامي والأب الروحي لحركة الإسلام السياسي في تركيا الراحل نجم الدين أربكان.

باغتت الثورة السورية تركيا فيما كانت حكومة أردوغان تواجه اتهامات بالسعي لأسلمة تركيا والقضاء على الارث الأتاتوركي بعد سقوط قلاع الأتاتوركية واحدة تلو الاخرى، ابتداء من القصر الجمهوري الى الهيئة العليا للقضاة فالمحكمة الدستورية وأخيراً الجيش. بالنسبة الى كثير من الأتراك، وبالأخص المؤيدين للحكومة، وصل الاهتمام بالأزمة السورية الى حد وصفها بالشأن الداخلي، وبدا امتداداً طبيعياً لسياسة خارجية ركزت على الشرق الاوسط في الفترة الماضية، وصنعت هذه السياسة لتركيا صورة جديدة كقوة اقليمية لها وزنها وكلمتها، فيما دق هذا الاهتمام ناقوس الخطر لدى البقية الباقية، خصوصاً من الأتاتوركيين والقوميين، الذين اعتبروا أن هذا الاهتمام سيجر تركيا الى مستنقع الشرق الاوسط الذي نجحت تركيا في عزل نفسها عنه لعدة عقود.

والأهم أن هذا الاهتمام وما سيترتب عليه من نتائج، سيعني إسدال الستار على مشروع الاتحاد الأوروبي وإرث أتاتوركي حاول أن يرسم لتركيا القرن العشرين هوية غربية أوروبية، من هنا يمكن أن نفهم تحذيرات زعيمي حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي والحركة القومية لرئيس الوزراء أردوغان من الانسياق وراء الأزمة السورية، من باب أنها تؤثر على الامن القومي التركي.

لم تكن سياسة وزير الخارجية احمد داود أوغلو الخارجية المركزة على الشرق الاوسط لتزعج القوميين والأتاتوركيين سابقاً – فيما عدا تلك التي توطدت مع إيران - طالما أنها ركزت على فتح أسواق جديدة لرجال أعمالهم وطالما أنها يسرت حركة مرور المواطنين الأتراك وطالما أنها جلبت لتركيا سمعة طيبة ورفعت من أسهمها في المنطقة، لكن الامر بدأ يختلف مع وصول نار الثورات الى الحدود التركية، ودفْعِ واشنطن وبعض القوى الأخرى أنقرة للانزلاق إلى الفخ السوري، ناهيك عن انشغال تركيا –كما يرى هؤلاء- بملف القضية الكردية الذي أشعله حزب العمال الكردستاني بشكل مفاجئ يدعو الى الشك والتفكير في دوافعه وتوقيته، والتركيز أيضاً على وضع مسوَّدة الدستور الجديد الذي من المفترض أن يبدأ البرلمان مناقشتها في دورته المقبلة تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. من هنا يبدو الشارع التركي منقسماً حيال الأزمة السورية سياسياً واجتماعياً، بين شريحة إسلامية متدينة ترى في الازمة السورية فرصة للتأكيد على هوية تركيا الإسلامية والشرق أوسطية، وتنشط على هذا الصعيد تواصلاً مع المعارضة السورية الإسلامية ودعماً لها، وبين من يريد الحفاظ على مسافة بين تركيا وبين الشرق الاوسط، من أجل الحفاظ على هوية تركيا التي يقول إنها تنتمي الى أوروبا أو الغرب، خصوصاً أن هذا القسم، بقومييه ويسارييه وأتاتوركييه، فشل في التواصل مع الأزمة السورية على الارض، لذا لا نرى جمعيات هذا الطرف التي تدافع عن الديموقراطية وحقوق الانسان في تركيا، تحرِّك ساكناً حيال ما يحدث في سورية، وكأن الحدث هناك لا علاقة له بحقوق الانسان أو الديموقراطية، بينما كانت لهذه الجمعيات بَصْمَتُها في التظاهر ضد الاحتلال الاميركي للعراق، وأحياناً دعماً للقضية الفلسطينية (الاهتمام بهاتين القضيتين جاء من خلال الانضمام الى نشاطات لجمعيات مدنية دولية غربية، أوروبية تحديداً).

أما سياسياً فتشكل الأزمة السورية عبئاً على شخص أردوغان وطموحاته خلال فترة حكمه الأخيرة كرئيس للوزراء، فهو يريد أن يدخل التاريخ من خلال اقرار دستور جديد يضع حلاًّ للقضية الكردية ويثبِّت أقدام الحكم المدني ويوسع مساحة الديموقراطية، وهو كذلك يريد الحفاظ على ثمرة استقرار تركيا اقتصادياً وسط عالمٍ تتهاوى اقتصادياته وأوروبا مهددةٍ بالإفلاس، لكنه في الوقت نفسه ملتزم أدبياً وأخلاقياً بالأزمة السورية، خصوصاً بعد كل تلك المواقف القوية التي عوّد الشارع عليها في أزمات الشرق الاوسط المختلفة، فلعله الآن يدفع ثمن هذه الكاريزما وتلك التصريحات من خلال موقف يجد نفسه مدفوعاً به تجاه سورية وقد يتعارض مع مصالح تركيا الاقتصادية وأحلامه الشخصية. ففرض عقوبات اقتصادية على سورية يعني خنق الاقتصاد التركي الذي فقد السوق الليبية، فيما السوق الاوروبية أفلست، كما أن تسليح المعارضة أو دعمها على الارض سيورطه في مشاكل أمنية، من خلال ردّ إيراني سوري على تلك الخطوة بالتأكيد.

وهناك سؤال مطروح مشروع حول ما اذا كان داود أوغلو سيعيد النظر في سياسته الخارجية القائمة على حسن الظن والصداقات الشخصية والعائلية، فعلاقة أردوغان ووزير خارجيته الوطيدة بكل من الرئيس السوري بشار الاسد والزعيم الليبي معمر القذافي، جعلتهما يعتقدان بأن هناك مكاناً للعواطف و»العشم» في عالم السياسة، وأن هذه العلاقة ستمكنهما من لعب دور الوسيط من أجل حلّ الأزمات، لكنهما اكتشفا أن وزن الفيتو الروسي والأسلحة الإيرانية أكبر وأكثر حسماً في الأوقات الحرجة، وبدا أن سياسة القوة على الأرض أقوى من رجب طيب أردوغان (رويترز).jpg سياسة القوى الناعمة التي تنتهجها تركيا في المنطقة.

لكن، على الاغلب، لن يغير داود أوغلو من إستراتيجيته هذه بسبب شخصيته وفلسفته السياسية الثابته وشخصية رئيس الوزراء أردوغان، وربما يتم إجراء بعض الرتوش عليها مستقبلاً.

إن سورية ديموقراطية ستفتح الباب على مصراعيه أمام تركيا في الشرق الاوسط من أجل تثبيت قدميها وتوسيع دائرة تأثيرها، لكن حرباً أهلية فيها ستعيد تركيا الى المربع الاول في رحلتها مع الشرق الاوسط، لذا فإن أنقرة ستسعى قدر المستطاع لتجنب هذا السيناريو، وعلى الأرض تشكل الأزمة السورية عملية تدريب وصقل مهمة جداً للتيارات الإسلامية في تركيا وجمعياتها، حتى باتت نشاطات هذه الجمعيات أمراً لا يمكن اغفاله أو تركه خارج الحساب، من مغامرة سفن مرمرة وحتى استضافة أكثر من مؤتمر للمعارضة السورية في تركيا.
08-30-2011, 09:38 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #54
الرد على: هل يعيد التاريخ نفسه بين تركيا وسوريا كما حدث 1998
البيدر السوري وحسابات الحقل التركية
الاربعاء, 31 أغسطس 2011
أكرم البني *

لا تزال المواقف التركـــــية إلى اليوم تنوس بين تقديم النصــــح ومـــــنح المهل والتغطية الجزئية على ما يجري مشفوعة بالإلحاح على إجراء إصلاحات سريعة وجدية، وبين إعلانات تأخذ مرة على السلطة السورية تمــنعها أو تباطؤها في الإصلاح وتدين مرة العنف المفرط ضد المدنيين وتطالب بإعادة الجيش السوري إلى ثكناته، وتشـير مرة ثالثة إلى نفاد صبرها وأن الكيل طفح مهددة باللجوء إلى خيارات أخرى لمواجهة ما يجري، منها التلويح بإمكانية إقـــامة منطـــــقة عازلة على الحدود المشتركة لحماية المدنيين من البطش والتنكيل، ومنها إثارة أوضاع اللاجئين السوريين كقضية إنسانية لا تحتمل الحياد، وسمعنا أخيراً إعلان وزير خارجيتها بأن بلاده ستقف إلى جانب الشعب السوري عند المفاضلة بينه وبــــــين النظام، تلاه تصريح الرئيس غول بأنه قد فقد الثقة بأهل الحكم في سورية، من دون أن تصل هذه المواقف إلى حد المطالبة بتنحية النظام كما أعلنت غالبية الدول الغربية.

الأمر مفسّر ومفهوم، فسياسة أنقرة من الأزمة السورية تبدو كمن يسير على حبل مشدود، وحساباتها ترتهن لمرتكزات بالغة التعقيد ومتعارضة أحياناً، فهي لا تستطيع التنكر لشعارات الحرية والديموقراطية أمام ما تراه العيون من عنف مفرط وانتهاكات مفضوحة لحقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه لا تريد القطع مع النظام السوري وخسارة ما تم بناؤه طيلة عشر سنين! وهي مع إقرارها بأن النظام يعمل على شراء الوقت لتصفية الاحتجاجات الشعبية بقوة السلاح، لا تزال تراهن عليه لإصلاح نفسه وتعول على الضغوط لإجبـــــاره على تبني خطة طريق للتحول الديموقراطي كفيلة بمعالجة أسباب الأزمة، طالما لا يرضيها حصول تغيير في دمشق يأتي بسلطـــة جـــــديدة قد تتحفظ عما تم بناؤه من علاقات تعاون وقواعد إيجابية بين البلدين.

ثمة مخاوف حقيقية لدى الحكومة التركية من تأثير الأحداث السورية فيها ليس راهناً فقط، وإنما مستقبلاً أيضاً، وهي تدرك جيداً أن بلادها ستكون المتضرر الأول والأكبر مما يمكن اعتباره تطورات غير محمودة في سورية، أهمها انتقال الصراعات الأهلية بعد انفلاتها إلى الداخل التركي، عبر مكونات عرقية وثقافية متداخلة بين البلدين الجارين على حدود طويلة تزيد عن 800 كيلومتر، وأخطرها احتمال استغلال حزب العمال الكردستاني المعارض وتنشيط دوره ما قد يربكها ويشغلها ويزعزع الاستقرار هناك. وهو الحزب الذي ينتظر فرصة تأزم العلاقات بين الطرفين كي يصعّد عملياته ضد أنقرة، الأمر الذي يفسر الضربات الجوية الأخيرة ضد مواقع الحزب في العراق والتي تبدو كما لو أنها إجراء استباقي لتحجيمه وشل فاعليته في حال أكرهت الحكومة التركية على إعلان موقف صريح مناهض للحكم السوري.

الجميع يتفهم جديد السياسة التركية في حنينها إلى الماضي الإمبراطوري العثماني وتوقها الشديد إلى تحسين نفوذها الإقليمي، كشرط لتعزيز سلطتها وحضورها، وأيضاً أوراق قوتها في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن يبدو أن مطامع النفوذ تتعارض، في القراءة الاستراتيجية، مع تكلفة الدخول في صراع مكشوف ضد النظام السوري ومفتوح على احتمالات مضرة وخطيرة، أوضحها الانجرار إلى اشتباك مع إيران وحلفائها في العراق ولبنان وما يستتبع ذلك من تداعيات قد تضع القطار التركي على سكة لا يريدها، وربما تستنزف قواه وتهدد طموحاته وتعطي منافسه الإسرائيلي اللدود فرصة ثمينة لاستعادة نفوذه في المنطقة وقد جاهدت الحكومة التركية لسنوات من أجل إضعافه.

ثمة من ينظر إلى المشهد من زاوية مختلفة بأن تركيا لا تريد أن تخسر ما راكمته من حضور وسمعة طيبة في أوساط الرأي العام العربي كمثل ونموذج لبناء العمارة الديموقراطية الإسلامية، وكطرف عرف كيف يدعم ويستثمر القضية الفلسطينية ويحصد تعاطفاً شعبوياً في الشارع عبر تصعيداته المتنوعة ضد الكيان الصهيوني ومحاولة كسر حصار غزة! في إشارة إلى أن أي اصطفاف حاد أو انخراط في صراع عنيف ومسلح داخل إحدى الساحات العربية قد يحرق هذه الصورة أو على الأقل يشوهها، والتي تعرضت بالفعل للاهتزاز مع وضوح استغلال حزب العدالة التنمية الحـــــدثَ السوري في معركته الانتخابية حين صعّد لهجته قبلها ليضمن الربح، ثم خبت مواقفه بطريقة غير مفسرة ما إن انتهت الانتخابات.

إن إعجاب البعض ببراغماتية السياسة التركية لا يعفي من القول إنها تواجه مأزقاً صعباً مع استمرار تفاقم الأزمة السورية، لكن ما قد يخفف من وطأة مأزقها، هو حرصها على توفير أوسع غطاء عربي وعالمي قبل أن تتخذ قراراً قاطعاً ونهائياً من الحكم السوري، بدليل أن تصعيد المواقف التركية يرتبط في كل مرة بتصعيد يستجد في المواقف وردود الأفعال العربية والعالمية، وكلنا يتذكر توقيت تصريح أردوغان الغاضب والذي جاء فور التصعيد السعودي، وقرار الملك عبدالله استدعاء السفير السعودي من دمشق للتشاور، كأنها محاولة للتذكير بالدور التركي في تقرير تطور الأحداث السورية يفترض ألّا يكون أقل من الدور العربي، وكأن حكومة أنقرة وهي تنأى بنفسها عن التورط منفردة في الأزمة السورية تحرص أيضاً على ألّا تخسر حصتها من المستقبل السوري أو تسمح لآخرين بقطف ثمار هي الأولى بها.

هامش المناورة محدود والمهلة قصيرة، وعلى رغم ما يحيط بالأزمة السورية من تعقيدات فإن ما قد تستجره من تداعيات وأدوار إقليمية وعالمية، لن يسمح للسياسة التركية أن تبقى في الآمان وتستمر في لعبة الرقص على الحبال، ما يرجح أن تحمل الفترة المقبلة جديداً في مواقف أنقرة تكون أكثر وضوحاً وحسماً ربطاً بالحضور الجديد والفاعل لدور الجامعة العربية في الأزمة السورية واحتمال نجاح المحاولات المتكررة لإصدار قرار أممي يدين العنف المفرط ضد المدنيين.

* كاتب سوري
08-31-2011, 08:54 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  عفوا...تركيا ...... انت دولة شمال ولا يمين ؟!! رحمة العاملي 12 882 10-10-2014, 12:17 PM
آخر رد: فلسطيني كنعاني
  الوهابية وإخوان من طاع الله وداعش.. هل أعاد التاريخ نفسه؟ jafar_ali60 3 417 08-26-2014, 01:11 AM
آخر رد: ابن فلسطين
  الوهابية وإخوان من طاع الله وداعش.. هل أعاد التاريخ نفسه؟ jafar_ali60 3 446 08-21-2014, 02:22 AM
آخر رد: jafar_ali60
  أوساخ أدوات تركيا-السعودية- قطر أوساخ الفورة العميلة Rfik_kamel 42 2,352 04-06-2014, 04:34 PM
آخر رد: Rfik_kamel
  في التاريخ لا تُقاس التجارب بالدوافع بل بالنتائج فارس اللواء 0 364 01-19-2014, 11:12 PM
آخر رد: فارس اللواء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS