حقيقة ليس حان الوقت بل كان مطلب التغيير الديموقراطي وتنحي العسكر عن السلطة ملحا منذ السبعينات
لكن الأغبياء أصحاب الأفق الضيق والمرتهنين ساهموا مع النظام في وصولنا إلى ما وصلنا إليه

ميشيل كيلو يؤكد ضرورة التفاوض مع النظام السوري بدون تدويل الازمة

اكد الكاتب والناشط السوري ميشيل كيلو في حديث لقناة "روسيا اليوم" من باريس السبت 10 ديسمبر/كانون الاول انه "ضد التدويل بكل معنى هذه الكلمة وانه يجب تركيز الجهود على اولوية الوضع الداخلي من اجل الحرية والديمقراطية بينما يجب ان يكون الدور الدولي مساندا وليس العكس"، مشيرا الى ان "التدويل سيلغي وسيضعف من الدور الداخلي".

واشار كيلو الى ضرورة "العودة الى اصالة الحراك الشعبي الذي بدأ في آذار والعودة الى فكرة الشعب الواحد وهدف الحرية والديمقراطية والمواطنة والدولة المدنية وان يتم قطع جميع الطرق على الاقتتال الداخلي لاي سبب كان خاصة اذا كان له طابع طائفي".

وبالنسبة الى السياسة الخارجية اعتبر كيلو انه "يجب بلورتها انطلاقا من الوضع الداخلي وحاجات النضال وليس العكس لانه لا يمكن تحرير سورية من الخارج بينما يمكن ان تصبح حرة اذا بقي مجتمعها متماسكا ومطالبا بالحرية وبقي هناك تحالف حقيقي بين المجتمعين الاهلي والمدني ودعم دولي يعتمد على القانون الدولي ومنظمات الانسان وحقوقه".

ونوه ميشيل كيلو بضرورة "الانفتاح على فكرة النظام الانتقالي والتفاوض لوجود حاجة لان يدرك بعض رموز النظام ان هناك سبلا مفتوحة امامهم لكي يساهموا في ايجاد حل للازمة الوطنية بدلا من وضع الجميع في سلة واحدة والمطالبة باسقاطهم جميعا علما ان "المجلس الوطني السوري" غير في الآونة الاخيرة من سياسته واعلن موافقته على التفاوض حول مرحلة انتقالية، بل وعلى التعاون مع المؤسسة العسكرية".

واكد صوان ان "هذا الطرح له شعبية واسعة في سورية، بينما طوال ما تكون هناك جهة ما تقول انها تمثل الشعب والثورة لن يكون هناك اتفاق".

واكد الناشط السوري ان الدعوة الى "عصيان مدني حق مطلوب ومشروع للشعب الذي يجب ان يطور من ادواته لتفادي وقوع الضحايا وممارسة اكبر قدر من الضغط على النظام".

للمزيد يمكنكم الاطلاع على تسجيل الحديث

http://arabic.rt.com/news_all_news/news/573788

حمص .. قلب سوريا النازف ... بقلم: حسن الوزان

مقالات واراء
شارك

داست الأشهر القليلة الماضية على أرواحنا و قلوبنا و أعصابنا بلا رحمة، كل يومٍ يمضي محملاً بأحداث و وقائع جديدة تتراوح من الأقصى إلى الأقصى، من أمل ولادةٍ جديدة إلى رعب فقدان أعزّ ما في الدنيا، ضغطٌ عاطفي و منطقي يتحدى قدرتنا على التفكير و التحليل مع تعاظم فاتورة الدم و غريزة الانتقام و حب البقاء مهما كلف الثمن.

اليوم لا أريد أن أناقش بديهيات يعرفها من ينكرها قبل مصدّقها، بديهيات من صنف أنّ النظام سقط مع أول قطرة دم بريئة أنكرها و تجاهل صداها حتى ارتجّت الأرض من تحته، و بينما كانت لديه الفرصة تلو الأخرى ليتمّ هذا السقوط كورقة خريف تترك الفرصة لبرعمٍ أخضر نقي و أن يكون جزءاً من الحل، تدرّج في أن يصبح كل المشكلة بل و مصنعاً لمزيدٍ من المشاكل المعقدة، بديهيات من صنف أن شعبنا مبتلى بنظامٍ و معارضة يشبهان بعضهما، يتصفان ببلادة رد الفعل دون الأخذ بزمام المبادرة، ينكران وجود الآخر و مؤيديه و كل ما يرويه، يبحثان عن الحل في الدعم الخارجي معتبرين أنهما يتمتعان بشرعية كاملة في الداخل الذي في قرارة قراراتهما لا يباليان بموقفه و رأيه حقاً، بديهيات من صنف أن سياسة الإنكار و القمع الممارسة بين الجامع و الجامعة لم تتغير إلا بقدر تغير العصا إلى عصاية !



في ذكرى عاشوراء، كل مدننا كربلاء. اليوم لا أريد أن أستذكر مآثر درعا و إدلب و حماه و دير الزور و اللاذقية و سواها، اليوم أقف في حمص، فخوراً و باكياً، متفائلاً و متوجساً، قلقاً و مرعوباً. في حمص اليوم يكتمل حمل الثورة و نقف كمجرد متفرجين ماذا سيكون الوليد، فتاةٌ لها روعة السوريين أم مسخُ له ملامح أسوأ كوابيسهم؟

اليوم لا أريد أن أدخل في تحليلات و تنظيرات جامدة تكتفي في أكثر حالاتها تعاطفاً بالتأسف و الحسرة، لا أريد سماع المزيد من الصراخ الذي يقول أن النظام يريد خلق الفوضى ليصبح حل (العنف الشرعي) هو البديل الوحيد للفوضى، و لا ذاك الذي يقول أن (العصابات المسلحة) قويت شوكتها و باتت تريد انتزاع السلطة لنفسها لتؤسس لأفغانستانات جديدة. كل ما أريده اليوم أن نقف أمام الله و أمام الوطن و أمام أنفسنا، و أن نسمع كلمةً مقنعة واحدة تبرر سكوتنا على ما يحصل اليوم في حمص.



و إن كان لا بد أن نتكلّم في أمرٍ يُعجز اللسان و الفؤاد، فلنبتعد عن الترهّات و الاتهامات، و لنكتف بالبحث عن وقفٍ فوري للجنون الدائر في حمص اليوم، حيث القاتل و المقتول أخي و أخي، يتبادلان الأدوار في مأساةٍ لاهية يريد لها الكثيرون أن تنتهي بفاجعة موت وطن. سواءٌ لديّ أن يكون المقتتلون من جيشنا أو من المنشقين، أن يكون الضحايا من الخالدية أو الزهراء، فهذا الدم المراق دمي حيثما سال و أنتم به لاهون، لا تسمعوني مواويل الدفاع عن النفس و أهازيج فرض سلطة النظام الساقطة منذ زمن، فهذا الجنون آن له أن يتوقف في الحال.



و قد آن لنا جميعاً معشر الصامتين أن نتوقف عن جريمتنا. إن ممارسة (الحياد) في هذا الوقت لا تقل جرماً عن قتل الأبرياء. هذا وقت (بيان حليب) لا يقوم بتخوينه أحمق، و يقوم على تنفيذه كل واحدً منّا لا يزال يريد سوريا شديدة على أعدائها رحيمة على أبنائها، هذا أوان كل من حاول أن يتعقّل فهجر عقله أن يعود إلى رشده و يقف درعاً بشرية تفدي الوطن و تمنع أبناؤه أن يقتتلوا، و ربما أعني فنانني و مثقفي الأوراق و الإنترنت أكثر من أيٍّ كان. إنني لا أطالبك يا أخي السوري أن تبدّل موقفك بين الموالاة و المعارضة، لا يعنيني أن أغيّر قناعاتك في تأييدك للنظام أو معارضته، موقفك السياسي حقك، كما هو حقك أن تكون على بيّنة بكل ما يتم تدبيره بمنأى عنك، كل ما هو مهم ألّا تتحول إلى أداة قمعٍ للآخر الذي يجمعك به أكثر بكثير مما يفرقك عنه. أنا كما الكثيرين الكثيرين معارضٌ حميم للنظام منذ بضع سنوات، حلمت أن يتغير قبل أن يُغيّر، أن تكون سوريا كما يجدر بها و بأبنائها أن يليق بهم العزّ، أنا معارض أؤمن بحقّنا في الثورة و أيضاً أعارض المجلس الوطني و التدخل الخارجي و المنطقة العازلة و الجيش الحر، يسألني أحدهم ناقماً: ماذا بقي من ادعائك الثورة !؟ أجيب مطمئناً أنني أنتمي إلى "الرعاع" من الآلاف المؤلفة من المثقفين و البسطاء الذين انصهروا في حلم سوريا جديدة، أنتمي إلى محمد السوري الذي صرخ "أنا إنسان ما لي حيوان .. و هدول كلّن متلي"، أنتمي إلى أبونا باولو، السوري الذي صادف أنه إيطالي من مواليد روما قبل أن يستقر به الحال في قلوبنا. كل ما أريده منك أن تستذكر كلمتي التي أرددها منذ شهور "كل السوري على السوري حرام".



مع صباح يوم الجمعة القادم، علينا – خصوصاً معشر الصامتين- أن نكون قد استكملنا العدّة لبدء (المسيرة الخضراء) باتجاه حمص، و إن كنّا على يقين أنّنا جميعاً سنقف في وجه أي عدوان خارجي، فالأولى بنا أن نتحد في وجه العدو المتسلل بين صفوفنا، هذا العدو ليس أحدنا و إنما هو بيننا، يتغذى من دمنا، و له شكل حقدٍ و غضبٍ أعمى، و يجب أن نميته جوعاً. مع صباح يوم الجمعة القادم سنتجه جميعاً إلى حمص، حاملين أغصان الشجر و ربما بعض المواد الأساسية، سندخل حاراتها و بيوتها و نحتضن إخوتنا جميعاً و نعرض لهم صدورنا إن أرادوا أن يردوها فليست أغلى من صدورهم، و كلّنا يقين أنّنا أغلى عليهم من أنفسهم. في حمص سنشترك جميعاً في رفع رايتنا السورية فقط، لن نهتف لأجل أو ضد أي شخص مهمن يكن، ستكون هتافاتنا ما نتفق عليه جميعاً كسوريين و نردده على قلبٍ واحد "واحد واحد واحد .. الشعب السوري واحد" "هييييي وياللا .. و ما منركع إلا لله" "بدنا الدولة السورية .. عدل و كرامة و حرية" ..



في طريقنا إلى حمص سيتم تأمين طريقنا كما يجدر بالدولة أن تفعل لكل أبنائها، و سيكون الجيش قد انسحب اليوم و ليس غداً إلى مخارج المدينة و يعلن وجهاء كل أحياء حمص رجاء حظر تجوّل طوعي و الالتزام بالبيوت، سيكون على كل المسلّحين الاختفاء من بين المدنيين، و سيهدر دم كل من يطلق رصاصة في أي اتجاه و أي حيّ.

كل هذا لن يكون ممكناً إن لم يقرر النظام القيام بخطوة إلى الأمام، و لا يمكن حل مأساة حمص بمعزل عن كل ما حولها، ما قبلها و ما يترتب عليها. أنا المواطن السوري البسيط، أحمّل النظام مسؤولية ما يفعله و ما لا يفعله، و أطالبه بنزع فتيل الانفجار لا نثر البارود، لا أعفيه من ثورتي عليه و لا أتغاضى عن أخطائه الجسيمة، بل أقول له أنّ هذه اللحظة ليست لأجل نظامٍ زائل – طال الوقت أو قصر – بل لمنع وطنٍ خالد من الانزلاق إلى أتون حربٍ لن تذر منّا أحداً ليشهد على الجريمة، و أنّه مجبر بحكم موقعه على اتخاذ الإجراءات اللازمة للبدء بالحل. هذا الحل الذي لا يحتاج لجاناً و لا مكابرةً يبدأ بقرارات حاسمة يتم فيها إعلان القبول الفوري غير المشروط و تنفيذ المبادرة العربية التي خرجت أصلاً لإنقاذ النظام من سقوطٍ مدوٍّ، و الإفراج عن كافة معتقلي الرأي و محاسبة كل من تورط في هدر دم السوريين من الأمنيين قبل المدنيين في محاكماتٍ علنية سريعة، و إنارة التعتيم الإعلامي بفتح الفضاء السوري أمام إعلام العالم كله، و الكف عن ادعاء الغيرة على السيادة فما من استباحة بعد كل هذا القتل المجاني من استباحة. لا إيران و لا أمريكا، لا الناتو و لا روسيا، لا لبنان و لا تركيا، أصغوا إلى صوتنا نحن، السوريون الخارجون من هذا التراب و إليه عائدون، وحدنا من نمتلك مصيركم و مصيرنا فلا تبيعونا .. جميعاً.



في حمص، سيكون لدينا مع الميلاد فرصة لمولد سوريا جديدة، و إلا ستكون فاجعة أرويها ذات يومٍ لأحفادي (يحكى أنّ يا أولاد .. كان هناك سوريا .. لم يُخلق مثلها في البلاد ..)، و أعلم أني لا أريد أن أعيش مثل تلك اللحظة، و أن يسبق موتي نهاية وطننا خيرٌ من أن أكون شاهداً عليها.



موعدنا في حمص. ألا ليت اللقاء قريب