رهيب ورائع انت يا فارس
واحييك على سعة افقك الفكري
كثيرون لا يريدون مقاربة الاسباب الحقيقية لما يجري في المنطقة من باب البحث الاجتماعي وكيفية التلاعب بالعقول لخلق ازمات لا حد لها في الذات بعيدا عن المسرح السياسي والعسكري وخلق اعداء وهميين لغايات لا يدركها الشارع العربي البسيط الذي سيق لاحداث ثورات على اسباب تافهة لا علاقة لها باحتياجاته الحقيقية
مشكلة كاظم الربيعي (الذي نقلت كلامه ) وامثاله من صغار المنفذين والكتبة والعراعير الذين يدفعون بالامور ابعد مما هو مرسوم حيث يضيفون الى وظائفهم وظيفة ابراز الحقد والتربية على كره الشيعة
واغلب هؤلاء يعتبرون بان اثارة النعرة الطائفية هي عمل سياسي محض وسلاح لمواجهة الخطر الشيعي (الوهمي) اجتماعيا وسياسيا
ويبقى السؤال لماذا ؟
والاجابة على المسألة اقدم من الايام المعاصرة القريبة
هناك رغبة دفينة تساعد على هذا التوجه وهو الكره الشديد المخفي لعلي بن ابي طالب عليه السلام والكره المعلن لشيعته بشكل غير مبرر في عقولهم ولكنها رغبة تم التربية عليها. وهذه تشجع الاندفاع نحو هذا الاتجاه واختياره كمركب سهل
وان كان البعض يريد ان يصفي حسابا شخصيا كشيخ الضلال الاستراتيجي يوسف القرضاوي لكن الاتهام والتحذير من الخطر الشيعي مقصود لغايات سابينها لك وللأخوة بعيدا عن التشنج الطائفي وبكل موضوعية
اولا
الاتهام بعيد جدا عن التشيع العقائدي
للأسباب التالية
التشيع كعقيدة مثله مثل اي عقيدة بصرف النظر عن رايي ورأيك بها ان الا انه عقيدة تستوجب القناعة
ولا تستطيع عقيدة ان تدخل بالقوة الى قلب وعقل بني آدم
ثانيا
التشيع كانت له دول تاريخية في مصر وايران قبل الثورة وكانت دول شيعية تحمل السلاح لعقود طويلة
حتى الدولة الصفوية استمرت 600 سنة وكانت على النقيض السياسي والعقدي مع العثمانيين
ومع ذلك لم يشكل التشيع العقائدي اي خطر يذكر في بلدان اسلامية معينة ولا حتى على المجاورة
فلماذا اعلان الخوف منهم فجأة؟ وتحميلهم مسؤولية وتهمة محاولة تشييع المجتمع العربي ؟
لكن حقيقة اسباب الخوف اليوم فضلا عن الموروث التاريخي ضد التشيع الذي يسكن في اللاوعي السني هو التشيع السياسي الذي يقود حتما الى التشيع العقائدي بحسب تصور بعض النخب السنية
نعم الخوف الآن هو من التشيع السياسي
فقد تابعت اكثر من دراسة وبحث ومؤتمر عربي جرت في لبنان والاردن والسعودية والمغرب ومصر وتابعت اهم الهواجس التي يطرحها علية القوم
مع الاشارة الى ان الشارع السني في بعض البلاد التي تثار فيها التهم كمصر مثلا او الاردن والسعودية بعيد كل البعد عن هذه الهواجس المطروحة وبعيد ايضا عن حالة من ان ينقلب الشارع من سني الى شيعي
لكن ما هي حقيقة اثارة الامر هذه الايام ؟
وما هي اهم هواجسهم ومخاوفهم ؟
ولماذا تنشط الاجهزة الرسمية في تعقب ظاهرة التشيع الآن بالذات مع انها كانت موجودة في اوساط النخب المتعلمة والمثقفة ؟
هم يعترفون بان ظاهرة التشيع كانت موجودة لكنها لم تكن مقلقة
فلماذا اصبحت مقلقة الان ؟
واحد من الابحاث التي اجريت في الاردن على مستوى مركز دراسات القدس
خلص الى النتائج التالية :
الجانب السياسي والامني الأبرز في ظاهرة التشيع يرتبط بالنفوذ الإيراني في المنطقة وفي حالة الاصطفاف الواضحة بين معسكرين إقليميين
الأول يجمع كلا من إيران وسورية وحركات إسلامية (حزب الله، حماس، الجهاد) والثاني ما كان يسمى بمعسكر الاعتدال العربي (الأردن، السعودية، مصر).
وبالتالي خطورة النفوذ الإيراني لا تقف عند حدود التشيع الديني، بل التشيع السياسي.
ثانيا
التخوف الأمني أن اداء حزب الله وتحالفه مع حماس، والجهاد وبعض الفصائل الاخرى ، وانضمام هذا التحالف إلى المعسكر الإيراني، سيضعف من وجود أي فيتو من جماعة الاخوان ضد ظاهرة التشيع، وربما يؤدي إلى تشيع أفراد من جماعة الاخوان نفسها، التي تنتشر في الأوساط الأردنية- الفلسطينية بقوة.
ثالثا
إذا ما تعرضت إيران لضغوط وعدوان أميركي اسرائيلي ستبذل القوى الممانعة لاسرائيل في العالم العربي واغلبها فلسطينة ما بوسعهم لمساعدة ايران وتأييدها
وبالتالي لا بد من ابراز الجانب الشعبوي الفارسي والصفوي عن الايرانيين وعدائهم للعرب تاريخيا وقوميا حتى لا يكون هناك اي تعاطف معهم من الشارع السني في حال تعرضت ايران لضربة عسكرية
رابعا
الهاجس الأمني الرئيس يأخذ بعدا استراتيجيا أخطر في قراءة ظاهرة التشيع والنفوذ الإيراني
فإذا تدهورت الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة على خلفية أزمة البرنامج النووي الإيراني، وفي ظل تحالف قوى إسلامية رئيسة مع إيران فإنّ هذا المعسكر سيرفع راية العداء لأميركا وإسرائيل، وهي الراية التي يمكن بسهولة أن تجمع وراءها شرائح واسعة من المجتمعات العربية السنية في سياق فراغ استراتيجي في المنطقة ناجم عن فشل المشروع الأميركي في العراق، وعجز الانظمة الرسمية العربية عن مواجهة التحديات الرئيسة في مقدمتها القضية الفلسطينية.
هذا الكلام بحسب هواجسهم معناه
ان الضربة العسكرية لايران من قبل امريكا واسرائيل اذا فشلت ستشيع الشارع العربي السني سياسيا على الاقل لانه تربى عقائديا ان يبايع الاقوى والمتمكن ما يجعل تشيعه عقائديا بعد ذلك سهلا يسيرا
اما المستوى الثاني فهو الموقف من التشيع ، فجماعة الاخوان كانت على مدار العقود السابقة إحدى أبرز الجماعات والقوى "السنية" الرئيسة في العالم العربي والإسلامي، وهي تنظر لنفسها تقليديا من هذا المنظور، وهي المكافئ أو الموازي السني للحركة الإسلامية الشيعية التي تجسدت في الدولة الإيرانية – بعد الثورة- وفي الحركات الشيعية المقاومة كحزب الله.
وتاكيدا على ذلك يضيف احد (زمامير) السلطة العرب في فلتة لسان واعتراف محزن يقول:
((إذا ما قارنّا أداء حزب الله وخطاب أمينه العام حسن نصر الله المدروس والمخطط له بعناية ، وكذلك الخطاب الثوري ضد إسرائيل وأميركا الذي يقدمه الرئيس الإيراني محمود نجاد بقصد، وبرسالة واضحة، للرأي العام العربي والإسلامي فإنّ النتيجة المتوقعة أن يكون هنالك تعاطف وتأييد وموقف شعبي كبير مع المعسكر الإيراني- الشيعي، وسيؤدي إلى انضمام والتحاق عدد كبير من الشباب بهذا المعسكر، في حال تدهورت الحالة الأمنية والسياسية في المنطقة.))
يعني حتى لو نجحت الضربة العسكرية ضد ايران فهاناك تخوف من اتجاه الشباب العربي نحو التشيع والالتحاق بمعسكره على المستوى السياسي على الاقل
لانه في ظل تقاعس الأنظمة الحاكمة (التي تمثل التسنن السياسي) عن المواجهة فان الشارع السني عقائديا لا يمكن ان يقبل باسرائيل حليفا للعرب السنة
فضلا عن ان هناك عدة مذكرات رسمية عربية وتصريحات علنية ابرزها للرئيس المصري وملك الاردن حذّروا الإدارة الأميركية من ان تجاهل حل القضية الفلسطينية سيزيد من حالة الحرج التي يعاني منها أصدقاء أميركا، وسيؤدي إلى انتشار الراديكالية الشيعية في المنطقة، وفي حال تطورت حالة الاستقطاب سيكون محور إيران قادرا على استثمار هذه الحالة وتوظيفها لمصلحته أمنيا وسياسيا وعقائديا
وهذا هو احد ابرز الجوانب او القطب المخفية من تصريحات واتهامات من ان الشيعة العرب ولائهم لايران
يعني يقصدون ان السيطرة على شعوب المنطقة تجوز من خلال اكذوبة التشكيك بالولاء الشيعي لما تبين ان اكذوبة معاداة الصهيونية تقتل بالشعب العربي ثم تبيِّن انهم كانوا سمنا على عسل مع اسرائيل حتى قبل مؤتمرات السلام فلابد من اختراع عدو جديد للشارع العربي
يلتقي مع المصالح الاسرائيلية حتى لو تحالفت اميركا واسرائيل مع السلفيين والوهابيين
وهم يعلمون واولهم امراء الخليج وملوكه ان الشارع العربي في حال التصادم العسكري الامريكي الاسرائيلي مع ايران فسيكون الشارع كله ولاءه لايران ايضا كما كان ولاءه لحزب الله في حربه مع اسرائيل
ولهذا السبب تركز كل اجهزة الاعلام والابحاث العربية والاجهزة الرسمية بعد الهزيمة المنكرة التي لحقت بالجيش الاسرائيلي في لبنان في تموز 2006على الحط من صورة السيد حسن نصرالله والمقاومة في لبنان بكل الوسائل والاساليب والتطاول على الجمهورية الاسلامية في ايران بتهم سخيفة .
والطامة الكبرى لهم بعد احداث 11 ايلول 2001 ان الانظمة العربية غير قادرة على اللجوء إلى الحركات السلفية لمواجهة التشيع عقائديا او سياسيا كما يفعلون في العراق . ذلك لان خطر هؤلاء سيرتد عليهم كما حصل في بعض البلاد مثل الجزائر والسعودية ومصر والاردن
(فابن تيمية اليوم له مخالب وانياب ولا يؤمن جانبه )
فضلا عن ان هذه الجماعات التكفيرية عاجزة عن المواجهة الفكرية باعتراف الجميع
الباحث حسن أبو هنية (فلسطيني اردني ) يرى أن مدخل مواجهة التشيع يتمثل بإعادة النظر في المواقف السياسية الاستراتيجية، والاصطفافات الإقليمية، بحيث تأخذ الحكومات العربية الاساسية مسافة واضحة عن السياسية الأميركية. إذ يرى أبو هنية أن التشيع الذي ينتشر اليوم في العالم العربي، على وجه التحديد هو تشيع سياسي- ثقافي أكثر منه تشيعاً عقديا أو مثولوجياً، فكثير من الناس يتأثرون بالظروف السياسية ومواقف الأطراف المختلفة أكثر من تأثرهم بالعقائد والخلافات المذهبية، وتكون المواقف السياسية بمثابة المدخل للولاءات السياسية والمواقف الدينية، ومن المعروف تاريخياً أنّ الشيعة كانت فرقة سياسية قبل أن تتحول إلى مذهب عقائدي.
هذه هي الاسباب الموضوعية ( للفوبيا) الجديدة من الشيعة عند الانظمة (السنية) وليس اهل السنة