على مدى عقود والسلطات الشمولية في بلادنا تنشر ثقافة مشوهة بين شعوبنا ، أنتجت لدينا العديد من التشوهات الفكرية والاجتماعية والإقتصادية والسياسية .. فكانت هذه السلطات وراء معظم الإنحرافات التي نهشت الكثير من قوة الشريحة المثقفة ، ولم تقف عند حدود معينة ، بل سخرت الكثير من المثقفين كأدوات لخلق الإنسان الإله في دولنا ، ومساعدتها على نشر كل الموبقات .. وخلقوا شريحة من الأقلام المنتمية عتمت على الحقائق ، فإنتشرت من تحت أسطرهم العديد من الآفات .. وألقوا بمصائب شعوبنا وهزائمها وتخلفها على القوى الكبرى لتبرير بشائع طغاتنا.
و اليوم تنتشرعلى صفحات الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي مقالات وتحاليل وتعليقات من أفواه وأقلام ذات دراية! لا تمت بأي صلة إلى العربية وأخلاقها ولا إلى الإسلام وأبعادها الإنسانية ، حامليها بعضهم من الحركة الشعبية الأردنية ، ومن الجزائر ومن مصر .. ومنهم من قوى تحالف 8 آذار اللبنانية و خاصة جماعة حزب الله، ومجموعات من مدعي القومية العربية ،ومن امجموعات الطائفية في العراق .. وشريحة واسعة منهم جندت من قبل السلطة السورية وخصوصا" الجهات الأمنية منها ، تحت أسماء ومنظمات وهمية ، والمجموعة الأخيرة هي اليوم الأكثر عبثاً في المواقع وصفحات التعامل الاجتماعي ، جيش مكلف لخدمة ونشر ثقافة الإستعباد والرضوخ للقائد الأوحد الجاثم في عرينه حتى الأبد.. وتقديس السلطة الشمولية تحت عباءة الوطنية وخدمة القضية العربية ، أغرقت وتغرق الشعب السوري في الصراع التاريخي ، وهي تبحث في الجاري حاضراً بين المذاهب الإسلامية السياسية .. تنافق لتبييض تاريخ الطاغية والشريحة المحيطة به وأفعالهم ، وتغطية شرورهم وفسادهم وجرائمهم ، فيلقون بتبعات مصائب الشرق على الدول الكبرى والأبشع منه معظمهم يلهبون الصراع السياسي المذهبي للإبقاء على استمرارية سلطة الأسد في سوريا ، حيث يطرحون في بحوثهم وتحليلاتهم المبنية على منطق ثقافي مطلق ، على أن الجاري في الشرق هو صراع بين الدول الكبرى والسلطات الوطنية!.
أجل بالتأكيد للدول الكبرى دور لا يستهان به ولايمكن لحد إنكاره ، لكن من المعروف والثابت أن دودة الخل منه ، والدودة هي هذه السلطات الشمولية والأقلام التي تشوه الحقائق لغاية ذاتية غارقة في الأنانية والمصلحة الشخصية ، ودور تلك الدول أنها غذت هذه السلطات وخلقت هذه بدورها البنية الملائمة حولها لتنبت الأقلام المرتزقة وتغطي على فسادهم ، ويحيلوا الصراع بين الشعب والسلطات إلى صراع طائفي ، فصراع المذاهب موجود منذ 14 قرن ، وهذه الأقلام تخر ساجدة لنشر هذا الوباء ، والغريب أنها تلقي بتبعية هذا الصراع على أمريكا ، وهم يدركون أن الصراع موجود قبل أن تكون هناك أمريكا أو أوروبا كحضارة أو دولا" مسيطرة، والجاري بأبعادها الخفية تتجاوز الصراع المذهبي ولو أنهم جرفوها إلى ذلك.
فعلى حملة الأقلام المدعية للقومية ، والمتبجحة بالوطنية في حضرة وخدمة الطغاة الإتيان بمقارنة نزيهة ، وإعادة النظر إلى التاريخ الماضي والقريب ، والبحث في أبعاد الحرية التي كانت تملكها شعوبنا في فترة حكم طاغية تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا والبقية من دول الشرق ، كسلطة أئمة ولاية الفقيه وأنصاف الألهة من الملوك والأمراء؟ والأفظع هو الاعتقاد بان هذه السلطات كانت فعلا تدافع عن الحرية ومصالح شعوبها وتحد من الإرهاب ، وإنها شكلت جبهات الصمود والتصدي . لم تسأل هذه الأقلام يوما ذاتها ، في مواجهة من يا ترى كانت تصمد؟ ولمن تتصدى ؟؟ الأعداء أم شعوبها ..
بعض الطغاة أصبحوا على مزبلة التاريخ والبعض الأخر سيرمون قريبا ، لكن شعوبنا تحتاج إلى عقود وربما أجيال للتخلص من الأقلام الفاجرة والمسمومة ، وهم أشد فسادا من أنصاف آلهتهم ، لا عتب على الأقلام التي لا تعي بل العتب على التي تنفث السموم بدراية وحذق ، وهي الأشد كفراً.
كتاب معروفون وغير معروفون ،يحملون نفس الثقافة ، من سوريا والأردن ولبنان وبعض الدول العربية الأخرى من بين تلك الأقلام ، ما زلنا نراهم يخرون ساجدين للفكر الشمولي وثقافته ، متهافتين على تقديس وتبجيل بوط الأسد وعصابة المجرمين التي تساعده وتخدم أهدافه في محاولة إعادة السوريين الأحرار إلى زنازين العبودية والخنوع للطاغية .. لقد أغرقوا سابقا ويغرقون اليوم شعوب المنطقة في أحقاد لا حدود لها ، عنصرية قومية وطائفية عفنة تجاوزت بمساوئها وإنحطاطها ثقافة النازية بكثير ، لقد سخروا أقلامهم لتلائم وتدعم حكم الطاغية ، منذ أن هللوا عند الإتيان بقاصر ومجرم بالوراثة على حكم شعب عريق مثل الشعب السوري ، وهذه الأقلام هي ذاتها التي تدعي أن أمريكا خلقت داعش ، متجاهلة السلطات التي شاركت وساعدت أمريكا في خلق القاعدة ، أو كيف سخرتها لا لقتل شعبها بل لخدمة مصالح أمريكا .. فما يوجد الأن في شرقنا هو من عمل طغاة الشرق وسلطاتهم الشمولية ، هؤلاء الذين يقلدون أمريكا ويعيدون تكرار طريقتها ، لكن ليس لمصلحة شعوبهم وبلدانهم كما تفعل أمريكا ، بل لقتل شعوبهم وتجهيلها وتدمير أوطانهم .. فداعش في سوريا معروف كيف ظهرت ومتى ولماذا .. لكن الأقلام الموبوءة تسكت عن هذا !! .. وتفاقم في خداع الشعوب العربية ومنها الشعب السوري وتلعب بمداركها.
لقد نسيت أو تناست هذه الأقلام المريضة القيم الإنسانية وتعامت عن رؤية معاناة البشر ، وهي تغطي على مصدري الدمار ورماة براميل الموت وقتلة الأطفال بالكيماوي وتبرر أفعالهم الإجرامية ، فإندرجت في خانة العبودية والكولكة وراء الطغاة ، فهم ليسوا سوى سجادون للكراسي .. وستحتاج شعوب المنطقة إلى أجيال بعد زوال النظام ، لإزالة موبقاتهم وأوبئتهم .