هذه قصة حدثت معى فى روسيا
كنت فى مهمة عمل فى احدى المدن الروسية و بصحبتى عدد من الزملاء المتنوعين فى توجهاتهم , و الغريب اننا جميعا غير متفقين فى التوجهات الفكرية و لا يجمعنا الا طبيعة العمل و تقارب السن .
و كان من الضرورى توجهنا الى موسكو و التواجد هناك فى اليوم التالى صباحا .
قررنا السفر بالقطار و المسافة تستغرق فقط ليلة واحدة , و لكننا تفاجانا بصعوبة حجز التذاكر و عدم وجود الاماكن الكافية لخمسة شباب .
توجهنا الى القطار و كلمنا المشرف على احدى العربات فى القطار فوعدنا بالحصول على اماكن مقابل مبلغ من المال فوافقنا و صعدنا الى القطار و على الفور تحرك القطار .
الرجل اخذنا الى الاماكن الموعودة و تبين انها اماكن فى العام و ليس فى الغرف الخاصة .
و هذا يعنى ان ننا لن نكون لوحدنا بل مكان مفتوح , و بالطبع اعترضنا و تجادلنا مع الرجل الذى كانت تفوح منه رائحة الفودكا , فاخبرنا ان هناك عربة اخرى فارغة تماما ليس فيها اى مخلوق و لكن عيبها الوحيد البسيط انها غير مشمولة بالتدفئة و لذلك فهو يضمن لنا بانها ستكون فارغة لا يدخلها اى مخلوق من الانس او الجن الازرق فدرجة الحرارة فيها تصل الى 20 درجة مئوية تحت الصفر يعنى كاننا فى الشارع تماما .
و وعدنا انه سيعطينا كمية كافية من البطانيات الدافئة .
بدافع الفضول المرح قررنا الاطلاع على العربة فذهبنا معه و دخلنا العربة و بعد عدة خطوات قررنا استحالة التقدم فى العربة اكثر من اربعة خطوات و رجعنا ضاحكين الى العربة الاولى العامة .
و لكن المفاجاة ان العربة اصبحت ممتلئة ب (غروب ) نسائى لبنات احدى مدارس الرقص المسرحى
فنانات يعنى
طبعا على الفور ظهرت عندنا مشكلتين عويصتين
فاحد الشباب متدين جدا اصر ان نرجع الى العربة المتجمدة الشمالية , بينما شاب اخر دونجوان لم تعد هناك قوة على الارض قادرة على ابعاده عن المنطقة الحارة الاستوائية .
و بدانا نحاول اقناع الطرفين بالعدول عن الفكرتين المتطرفتين , فاقترحنا عليهما الانزواء بعيدا عن الفتيات و لكن فى نفس العربة الدافئة حفاظا على حياتنا , و لكن محاولاتنا باءت بالفشل و خصوصا ان الفتيات بدان يتجهزن للنوم بتبديل ملابسهن بملابس خفيفة (لابسة من غير هدوم)
فالشيخ لم يعد يقبل بالحل الوسط و لا الدونجوان بينما انتابتنى حالة من الضحك غير معقولة لهذا الموقف الذى نحن فيه .
و لكن الشيخ كما نلقبه اى الشاب المتدين توجه الى العربة المتجمدة الشمالية و لحق به مراقب العربة السكران بالبطانيات و هو يترنح مما زاد فى ضحكى لكوميدية الموقف .
و جلسنا قليلا بعد ان طلبنا الشاى الساخن و لكن بصراحة لم استطع شربه و انا اتخيل الشيخ قد تجمد فى العربة المتجمدة الشمالية .
فطلبت كاسة شاى اخرى و توجهت الى العربة المتجمدة و اخبرت بقية الاصدقاء اننى سانام فى نفس العربة مع الشيخ , فاجابوا : الله معكم , و رحمة الله عليكما , و من الجنون ما قتل .
قدمت الشاى الساخن للشيخ و جلسنا تحت البطانيات نتحدث و نضحك من غرابة الموقف , و بعد عدة دقائق جاء بقية الرفاق اذ لم يستطيعوا تركنا لوحدنا بينما هم يستلذون بالدفء لوحدهم .
قضينا الليلة تحت البطانيات و لكنى استيقظت على صوت احد الاصدقاء و هو يرتجف من البرد و يئن , فايقظته و لكنه كان فى حالة مشابهة للصدمة فهو لم يتحمل هذا البرد فايقظناه بالصفعات اذ كان بيننا متخصص بالصفع اذ انه انهى عسكريته قبل اشهر فقط
و انتقلنا الى العربة الدافئة و اكملنا الليلة بشرب الشاى و الحديث و المزاح باتهام الشيخ بمحاولة اغتيالنا بالتجميد اذ تبين انه بالفعل كل منا كانت عليه علامات من التجمد .
هؤلاء الزملاء الان من اعز اصدقائى بعد هذه الرحلة بالرغم من تفرق البعض منهم بعيدا عنا .
اللهم صل على محمد و ال محمد
لا فتى الا على و لا سيف الا ذو الفقار