طبعاً لا يوجد إكراه في الدين ، وخصوصاً عند الحديث عن دخوله ، فالإسلام لا يجبر أحداً على دخوله ويترك الحرية لأي شخص ليدخل الدين الإسلامي بل ويطلب من أي شخص قبل أن يدخل الدين الإسلامي بأن يفكر ويتدبر في أمور العالم والدنيا والآخرة قبل دخوله هذا الدين ، كما أن الخروج من الإسلام ليس موجباً للقتل كما قال الكثير من العلماء إذا تم بصورة فردية وبدون إستهزاء بالدين ولا بأركانه ، لأن حد الردة هي عقوبة تعزيرية وليست عقوبة أصلية كما هي عقوبة السرقة وجلد الزاني ، وكما يقول الإمام ابن القيم بأنها عقوبة سياسية يراعى فيها حال البلاد وحال المرتد ، فالنبي ثبت عنه أنه لم يقتل بعض المرتدين وقتل بعضهم الآخر ، والقضية مردها لأمرين أولهما ارتباط الردة بالخيانة الوطنية والتمرد على الدولة وهذه الردة موجبة للقتل لأن فيها خيانة للمسلمين وخيانة للدولة وتمرد عليها كما حصل مع أبو بكر الصديق بعد وفاة النبي ، فالخيانة موجبة للإعدام كما في حال اغلب الدساتير الدولية كما أن ايذاء مشاعر الناس ومقدساتهم هو أمر موجب للعقوبة ، وهناك ردة مرتبطة بتوجهات وآراء يقتنع بها الشخص فيرفض بها الإسلام وهذه لا حد عليها كما قال الكثير من العلماء فقد ثبت بأن النبي رفض قتل أحد العرب الذين تركو المدينة وارتدو عن الدين وقال عنه " إن المدينة تلفظ خبثها " ، وحتى المرتد الذي يرتد لأسباب سياسية كالخيانة والتمرد فعقوبته ليست ثابتة إنما أمرها للحاكم المسلم فهو من يقرر العقوبة هل يقتل أم يأسر أم يعفى عنه ، ولقد حزن عمر لمقتل بعض المرتدين الذين قتلوا في إحدى المعارك فعندما سألوه وهل سبيلهم إلا القتل قال كنت سأسرهم حتى يرجعوا .

كما أن الشخص الذي ولد لأبوين مسلمين ودخل الدين الإسلامي دون اقتناع منه ، يخير بعد أن يبلغ سن الرشد والتمييز والإدراك أن يختار أي دين يريد ، فإن بقي على الإسلام فبها ونعمت ، وإن اختار ديناً آخر فله ذلك كما قال المذهب الحنفي - والذي كان هو مذهب القضاء الإسلامي طوال الفترة الإسلامية على مدار التاريخ - .

والتاريخ الإسلامي طوال حكمه لم يجبر أحداً على الدخول في الإسلام بالمطلق ، فلا النبي أجبر أقواماً على الدخول في الإسلام ولا الخلفاء من بعده ، ولا خلفاء الممالك الإسلامية ، إنما كانت هناك فتوحات إسلامية لكثير من البلدان لنشر السلام العالمي وكنوع من - خير وسيلة للدفاع الهجوم - فكل الدول المحيطة بالدولة الإسلامية الناشئة ناصبتها العداء والتآمر مثل الدولة الفارسية والدولة الرومية ، كما أن أكبر البلدان الإسلامية في هذا العصر - أندونيسيا ومسلمي الفلبين وتركيا - وصلهم الإسلام عن طريق الدعوة الحسنة وليس عن طريق الفتح الإسلامي ، ولو كان الدين مرتبط بالإكراه لخرج الناس منه أفواجاً أفواجاً بعدما تعرض لغزوات كبيرة جداً مثل الغزو المغولي والغزو الصليبي والذي قضى على ممالك إسلامية كثيرة ، ولكن المجتمع بقي محافظاً على دينه ورفض الدخول في أي ديانة أخرى .

وتحية للأخت وردة .