فيديو..الحريرى:الجيش يملك 245مليار جنيه دون رقابة
قال أبو العز الحريري عضو مجلس الشعب: إن أهم الملفات التي سوف يناقشها البرلمان القادم مراقبة الجهات السيادية التي لا تخضع لرقابة مثل وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات خاصة وأن الفساد منتشر فيها بشكل كبير.
وكشف الحريرى في الندوة التى أقامتها "الجمعية المصرية للتسويق والتنمية" وحركة "رقابيون ضد الفساد" اليوم بعنوان: "برلمانيون ضد الفساد" أن الجيش يملك حوالي 245 مليار جنيه عبارة عن مؤسسات مدنية لا تخضع لأي رقابة وكأننا مازالنا نعيش في عصر الإقطاع.
ومن جانبه صرح د.جمال زهران عضو مجلس الشعب السابق أن مصر بها حوالي 4000 آلاف صندوق خاص تحتوي علي ما لا يقل عن100 مليار جنيه، ورغم ذلك "تشحت" مصر من صندوق النقد الدولي من أجل تلبية احتياجات "مصر الثورة".
وتساءل لماذا لا يتم الكشف عن هذه المليارات وإنفاقها علي التنمية بدلا من إذلال مصر للبنك الدولي وصندوق النقد؟.
وأكد أن المجلس العسكري يكرس لنظام مبارك وفساده والدليل أن أباطرة الفساد مازلوا في مناصبهم ولم يجرؤوا علي تغييرهم مثل محافظ البنك المركزي فاروق العقدة ورئيس هيئة قناة السويس الذي تستر علي إيرادات قناة السويس الحقيقية وترك مبارك يعبث بها كيفما شاء، ورئيس مكتبة الإسكندرية الذي يتقاضي 20 ألف دولار في الشهر نظير ولائه لسوزان ثابت زوجة الرئيس المخلوع.
وأكد أن فاتورة الفساد تكلف مصر 50 مليار جنيه سنويا، مشيرا إلي أنه كان ينتظر بعد الثورة أن يحاكم كل من ساهم في إفساد مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ولكنهم للأسف تبوؤوا مناصب.
ولفت أحمد عفيفي ممثل حركة "رقابيون ضد الفساد" إلى أن أهم انجاز للحركة كان التخلص من رئاسة المستشار جودت الملط للجهاز المركزي للمحاسبات لأنه كان عميلا قويا للنظام السابق، وكان يرفض بشكل تام الكشف عن أي ملفات فساد يحضرها الرقباء ويتكتم عليها ومن أبرزها "القمح المسرطن" و"الحديد" و"الصناديق الخاصة".
وشدد علي ضرورة أن يقوم مجلس الشعب الجديد بتغيير قوانين الجهاز الخاصة بتبعيته لرئيس الجمهورية مما يعيق عمله تماما ويجعل عمله لا قيمة له وأيضا الجزئية الخاصة بسرية ملفاته والتي تقلل من شفافية الجهاز.
وفجر عاصم عبد المعطي وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات السابق أن بنك مصر تم بيعه دون علم الحكومة للشركة المالية للاستثمارات العام قبل الماضي ثم خرج علينا وزير المالية السابق حازم الببلاوي ليؤكد أن الحكومة سوف تشتري بنك مصر من بنك القاهرة وتخصصه للمشروعات الصغيرة.
وأوضح أن بنك مصر حقق خسائر فادحة بلغت حوالي 7ونصف مليار جنيه في حين خرجت الميزانية العمومية للبنك تؤكد أنه حقق أرباح 510 مليون جنيه بعدما أضافوا مكاسب وهمية للميزانية.
ووصف عبد المعطي الفساد في عهد مبارك بأنه كان فسادا "ممنهجا وقانونيا" حيث كان يتم تفصيل القوانين وسد كل الثغرات التي قد تعرض السارقين للمساءلة القانونية.
وأشار الي أن الجهاز يمتلك العديد من المستندات الخاصة بفساد العديد من قطاعات المجتمع وعلي رأسها الجهاز المصرفي والبنوك.
وكشف أن بنك الإسكندرية تم بيعه لبنك سان بولو الإيطالي بنسبة 80% بحوالي 9 ونصف مليار جنيه في خسارة فادحة للحكومة المصرية خاصة وأنها قبل بيعه كانت وزارة المالية قد دعمته بـ7 مليارات جنيه مخصصات لمديونيات القطاع العام.
وأضاف أنه تم تقييم جميع أصوله بـ450 مليون جنيه رغم أنه له 112 فرعا علي مستوي الجمهورية وفرع قصر النيل وحده تتعدى قيمته الـ500 مليون جنيه, مشيرا إلا أن جميع مبانيه تم تقييمها بجنيه واحد وسياراته اعتبروها لا تساوي شيئا.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - فيديو..الحريرى:الجيش يملك 245مليار جنيه دون رقابة
http://www.alwafd.org/أخبار-وتقارير/13-ا...-دون-رقابة
د.زينب أبو المجد تكتب: الجيش والاقتصاد في مصر.. لماذا تورط العسكر في القتل؟
•النشاط الاقتصادي للجيش يمتد من المقاولات كبيع وشراء الأراضي والشقق إلى الخدمات كتنظيف المنازل وإدارة الكافيتريات ومحطات البنزين
•وأنشطة أخرى : الزراعة وتربية الدواجن والمواشي وصناعة المكرونات والمشمعات البلاستيك للموائد!
•هل موازنة القوات المسلحة المصرية كلها حربية وبالتالي يجب أن تكون سرية بدون رقيب أو حسيب ؟ الإجابة لا
•القوات المسلحة تمتلك ويدير لواءاتها وعقدائها بأنفسهم ٢٥ إلى٤٠ % من اقتصاد مصر
هل الحديث في أمور مكرونة كوين ومياه صافي وأنابيب البوتاجاز وبنزينة وطنية أسرار حربية يُعد هتكها من أمور الخيانة العظمى؟ هذا ما تعتقده قيادات القوات المسلحة المصرية.
يُعد الحديث عن المؤسسة العسكرية والاقتصاد أحد تابوهات السياسة المصرية، حيث ظلت القوات المسلحة حريصة على الاحتفاظ به كشأن خفي عن العامة والخاصة على السواء في الثلاثين سنة الأخيرة. تمتلك القوات المسلحة المصرية ويدير لواءاتها وعقدائها بأنفسهم – رغم افتقادهم للخبرة اللازمة- جزءاً ضخماً من اقتصاد البلد يقدره الخبراء بما بين ٢٥ و ٤٠ بالمائة، وتمارس نشاطها الاقتصادي في مجالات كثيرة بدءاً من المقاولات كبيع وشراء الأراضي والشقق، والخدمات كتنظيف المنازل وإدارة الكافيتريات، وإدارة محطات البنزين، إلى الزراعة وتربية الدواجن والمواشي، إلى صناعة المكرونات والمشمعات البلاستيك للموائد! وبالرغم أن تلك المعلومات متوفرة على مواقع الانترنت الخاصة بالشركات والجهات التي تمارس تلك الأنشطة، والتي تذكر علانية وبفخر أنها تابعة للقوات المسلحة، ولكن لسبب ما تحظر المؤسسة العسكرية على الجميع الحديث عنها.
هل موازنة القوات المسلحة المصرية كلها حربية وبالتالي يجب أن تكون سرية بدون رقيب أو حسيب عليها؟ الإجابة هي لا.
جزء ما من موازنة الجيش المصري مرتبط بأنشطة عسكرية كشراء أسلحة أو إنتاجها، وفي حقيقة الأمر المعلومات عن هذا الجزء منكشفة ومنشورة للعالم بأجمعه من عدو وصديق لأن لدينا شريك رئيسي فيه ملتزم بالشفافية أمام مواطنيه ينشر كل شئ عن نفسه وعمن يتلقون معونة عسكرية منه في شكل أسلحة أو إنتاج حربي مشترك معهم، وهذا الشريك هو بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية التي تمنح القوات المسلحة المصرية 1.3 مليار دولار من دعماً سنوياً من خلال برنامجها لـ“التمويل العسكري الخارجي”، ثم تنشر من خلال مواقعها الحكومية كـ “مكتب الحكومة الأمريكية للمحاسبية” أو وزارتي الدفاع والخارجية أو الكونجرس تفاصيل ما باعتنا أو ساعدتنا على إنتاجه في مصانعنا من دبابات وخلافه.
أما الجزء الذي تحتفظ القوات المسلحة سرياً فهو في الحقيقة ما يتعلق بمدخولها الهائل المجهول من أنشطة غير حربية، من مثل تم بيع كام كيس مكرونة كوين وزجاجة مياه صافي المعدنية الشهر دا، وبكام لتر البنزين وكم عربية دخلت مونت ولمعت القزاز وظبطت العجل في محطات وطنية النهاردة، وكوين سيرفس بتنضف كام شقة في الأسبوع وماسكة كام حضانة، وتم شحن كام عربية نقل بلحوم طازجة من المجازر الآلية الحديثة بمزرعة شرق العوينات السنة دي، وتم تأجير كم شاليه بقرية سيدي كرير بالساحل الشمالي الصيف دا، أو تم بيع كم شقة في عمارات كلية البنات وبكام الشقة! هذا هو الجزء السري الذي تسعى المؤسسة العسكرية لحجبه عن الظهور في الموازنة العامة للدولة أو الخضوع لرقابة نواب الشعب في البرلمان، ومناقشة المواطنين له علناً قد يعد جريمة خيانة عظمى – اسرائيل مش لازم تعرف الحاجات دي!
سوف أتناول فيما يلي الدور المستتر للمؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري، وتحوله في بعض الأحيان لأنشطة لا يليق بجيش مصر أن ينخرط بها، وتشغله عن مهامه الرئيسية في الالتفات لأمور حماية الحدود.
بداية أحب أقول أنه ليست لدي أية مصادر سرية أو خاصة لتلك المقالة، مصادري ببساطة هي قصاصات الصحف القومية، مع مواقع الانترنت الرسمية الخاصة بالمشروعات التابعة للجيش وإعلانات الوظائف والبيع والشراء التي تنشرها.
بدأت قصة تحكم المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري من بعد ثورة يوليو ١٩٥٢- أو انقلاب يوليو العسكري بحسب ما تراه- مع تحويل عبد الناصر نظام الدولة من ليبرالي إلى اشتراكي يقوم على ملكية الحكومة لكل شئ، وكان من المفترض أن يتبع الجميع سبيل الزهد السوفيتي في الاستهلاك حتى نستطيع النهوض. نصب ضباط الجيش- أو النخبة الحاكمة الجديدة- أنفسهم مديرين لممتلكات الدولة من مصانع وشركات القطاع العام. نص دستور ١٩٦٤ الاشتراكي على أن “الشعب يسيطر على كل أدوات الانتاج”، وعينت النخبة العسكرية نفسها نائباً عن الشعب في تلك السيطرة. انتشر الفساد وسوء الإدارة في القطاع العام، وفي النهاية فشل مشروع عبد الناصر نتيجة عدم خبرة رتب الجيش المدربة فقط على إدارة الحروب في أن تُسير مالية بلد.
تراجعت مكانة العسكر قليلاً كنخبة حاكمة وحيدة محتكرة للسلطة في عهد السادات، بعد أن تمرد السادات على التقشف السوفيتي وأراد أن ينفتح على العالم الغربي ينهل هو وشعبه من بضائعه الاستهلاكية البراقة. قام السادات بتحرير الاقتصاد نسبياً بخصخصة جزء من القطاع العام والانفتاح استهلاكياً على الولايات المتحدة، واضطر العسكر عندها للقبول بمشاركة السلطة مع طبقة صاعدة من رجال الأعمال الطفيليين المقربين من السادات وأسرته.
ولكن – لحسن الطالع- جاءت اتفاقية السلام مع إسرائيل لتنقذ النخبة العسكرية من هذا الوضع وتعيد لها الكثير مما فقدت. بعد أن وضعت الحرب أوزارها ووقع السادات اتفاقية كامب ديفيد، لم يكن من الممكن تسريح العدد الهائل من جنود وضباط الجيش المدربين تدريباً عالياً على القتال، فكان أن تم إنشاء “جهاز مشروعات الخدمة الوطنية” الذي أقام المشروعات المختلفة وقام بتعيين لواءات وعقداء الجيش مديرين لها. ومُنحت مشروعات القوات المسلحة امتيازات فوق سلطات الحكومة القانونية والمحاسبية، حيث أنها معفاة من الضرائب ولا تخضع للوائح والقوانين التي يخضع لها الجميع في القطاعين العام والخاص.
حينما طبق الرئيس المخلوع مبارك سياسة التحرر الاقتصادي الكامل مجدداً بعد عام ١٩٩٢، استجابة لضغوط الولايات المتحدة وتنفيذاً لخطة محددة البنود وضعها له البنك الدولي وصندوق النقد، لم تمس يد الخصخصة ممتلكات القوات المسلحة. وعندما تسارع برنامج الخصخصة على يد الوريث المفترض جمال مبارك منذ عام ٢٠٠٤ وصاعد، أيضاً لم تجرؤ حكومة رجال الأعمال على الاقتراب من ممتلكات القوات المسلحة، بل وتم استيعابهم في صفقات بيع القطاع العام التي وصمها الفساد من خلال تأمين مناصب عليا للقادة العسكريين في الشركات المباعة.
المؤسسة العسكرية لا تؤمن بالنيوليبرالية الأمريكية أو عقيدة السوق الحر، أحد مكوناتها الخصخصة وإطلاق يد رجال الأعمال في إدارة الاقتصاد وانسحاب الدولة، لأن تلك العقيدة- اتفقنا معها أو كرهناها- تعني فقدانهم لممتلكات الدولة التي يديرونها. وألمحت إحدى برقيات ويكيليكس المرسلة من السفيرة الأمريكية إلى أن المشير طنطاوي لا يحب سياسات الإصلاح الاقتصادي لأنها تقلل من سيطرة الدولة المركزية. ولعل تفسير ذلك صار واضحاً الآن. الأمر بالنسبة للمشير ليس بمسألة ولاء للنموذج الاشتراكي الذي ينحصر تعليمه السوفيتي وخبرته فيه، وإنما لأن يد الخصخصة كان من الممكن أن تطال المشروعات الشاسعة للمؤسسة العسكرية.
في حين تدير القيادات العسكرية مشروعاتها على النمط السوفيتي العتيق من مخلفات الحرب الباردة، تحب أن تستهلك على النمط الأمريكي المتعولم. وبالطبع تلعب العلاقة المباشرة ما بين الجيش المصري والبنتاجون الأمريكي والتي تتضمن سفر قيادات وضباط منتقين بشكل دوري للولايات المتحدة دوراً رئيسياً في شحذ هذا التوجه. بعد أن كانت قيادات الجيش في عهد عبد الناصر قد اعتادت على الاستهلاك الزاهد للملابس والسيارات، نشهد اليوم خلع المشير طنطاوي مثلاً لعباءة التقشف القديمة تلك إذا ما نظرنا للسيارة الجيب الأمريكية الفارهة التي دخل بها الميدان ذات مرة أثناء الثورة ليدرس بطرف عينه من فيه.
تذكر إحدى مقالات جريدة النيويورك تايمز أن أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري يحرص في زيارته السنوية لوزارة الدفاع الأمريكية كل الحرص لأن يتسوق هو وزوجته في مول تايسونز كورنر بفرجينا، وأن لديه ولعاً بالمنتجات الأمريكية. وفي الواقع هناك حالة ولع بين ضباط صغار بالاستهلاك على النمط الأمريكي، حتى أن من تسنح له الفرصة لأن يشتري زيه الرسمي من الولايات المتحدة يفعل!
السؤال الذي يطرح نفسه الآن:هل النخبة العسكرية كفء وقادرة على إدارة تلك المشروعات ؟ إذا ما كانوا بالفعل مدراء جيدين وقادرين على الإسهام في تنمية البلد اقتصادياً واجتماعياً فلنترك لهم في يدهم ما يملكون. الإجابة هي أيضاً لا. لم يسمع الكثير منا عن مكرونة كوين وبالتأكيد لم يصفها مواطن يوماً بأنها أفضل ما في السوق، ولم نسمع أحداً يقول إن بنزينة وطنية تفوق في خدمتها جميع المحطات الأخرى، أو إن مياه صافي المعدنية يجب أن توضع على كل مائدة. في واقع الأمر تبيع القوات المسلحة منتجاتها ليس نتيجة لجودتها، بل في معظم الأحيان من خلال كانتين وحدات الجيش المعزولة عن العالم الخارجي، حيث ليس أمام المجندين أي خيار آخر سوى استهلاك ما يجدونه هناك وإنفاق رواتبهم الزهيده عليه، أو من خلال تكوين شبكة علاقات مع موزعين مدنيين يتبادلون معهم المصالح.
يضاف لكل ذلك نشاط المؤسسة العسكرية في الأراضي.. للقوات المسلحة قانوناً الحق في وضع اليد على أية أراضي مملوكة الدولة “تنفيذاً لخطة الدفاع عن الدولة”، لكن تستخدم قيادات الجيش هذا الحق لاستخدام الأراضي العامة في أغراض تجارية وليس في أغراض أمنية. هناك جهاز كامل اسمه “جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة” مختص – كما يقترح مسماه – بإنشاء مشروعات على الأراضي الخاصة بالقوات المسلحة، ومن ضمن ما يمتلكه هذا الجهاز أراضٍ بمدينة نصر يبني عليها وحدات سكنية، وفي الساحل الشمالي يبني عليها قرى سياحية وفنادق من مثل قرية سيدي كرير. والمتابع لإعلانات بيع أراضي الساحل الشمالي في الصحف يجد أن القوات المسلحة تقوم ببيع تجاري لمساحات شاسعة تابعة لها لأجل بناء منتجعات سياحية ومنازل..الخ.
فوق كل ذلك لابد من طرح تساؤل هل يمكن في ظل انخراط القيادات العسكرية في أنشطة اقتصادية أن يكونوا بعيدين عن الانخراط في منظومة الفساد وقمع العمالة، في ظل نظام كانت الدولة كلها قائمة على الفساد وقمع الطبقات الدنيا العاملة، أم أن العسكر بكونهم أطراف مديرة فيه لابد أن يكونوا طرفا في صنع مثالبه؟
أن تكون لواءاً سابقا في الجيش وعضواً في الحزب الوطني ونائباً في مجلس الشعب عنه طوال العشرة سنوات الماضية فأنت طرفا بصورة أو بأخرى في شبكة فساد الوطني . كان اللواء سيد مشعل وزير الإنتاج الحربي المخلوع بعد الثورة مديراً لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية قبل أن يصبح وزيراً، وأثناء ذلك كان أيضاً عضواً في الحزب الوطني ونائب الحزب عن دائرة حلوان لثلاثة دورات متتالية من عام ٢٠٠٠ وحتى ٢٠١١، ويفتخر بأنه أطلق اسم ابنته على المياه المعدنية التي ينتجها الجهاز- صافي. أُزيح مشعل من منصبه بعد الثورة بسبب بلاغات مقدمه ضده للنائب العام بإهدار أموال الوزارة. كان فوز مشعل في الانتخابات البرلمانية في حلوان سهلاً بحشد أصوات عشرات الآلاف من العمال بمصنع ٩٩ الحربي الكائن هناك، حيث كان يحرص على الذهاب للعمال للرقص معهم على مشارف الانتخابات، ثم الاختفاء من بينهم بعد الفوز.
وبذكر مصنع ٩٩ الحربي حلوان نتوقف أمام علاقة المؤسسة العسكرية بالعمال، حيث أنها لا تخضع لأية قيود نقابية أو حكومية في هذا الشأن. ففي شهر أغسطس للعام الماضي خرج عمال المصنع في موجة احتجاج عنيفة عندما توفي زميل لهم انفجرت في وجهة أنبوبة، وكان اللواء مدير المصنع قد أتى بمجموعة من اسطوانات الغاز من غير اختصاص عمال هذا المصنع لتجريبها، وعندما انفجر عدد منها قال لهم – طبقا لما قال العمال – لا يهم إن مات منكم واحد أو اثنين، وعندما مات بالفعل أحد منهم اقتحموا مكتب مدير المصنع وأشبعوه ضرباً ثم اعتصموا. وتم تحويل قيادات العمال لمحاكمة عسكرية واتهامهم بإفشاء أسرار حربية لأنهم تحدثوا في شؤون أنابيب البوتاجاز!
يأخذنا هذا لمعاملة من يخدمون في مزارع الجيش، وهم في الحقيقة مجندين فقراء يؤدون الخدمة في هذه المزارع دون أجر . يلتحق الجندي القادم من الأرياف أو المدن الفقيرة بالتجنيد الإجباري ليتم تلقينه شعارات وطنية وجعله يغني أغاني قومية حماسية في طوابير الصباح، ثم ينسى كل هذا عندما يجد نفسه عاملاً في أحد مزارع الجيش التي تمتد فوق مئات الآلاف من الأفدنة. يتعلم تربية المواشي والدجاج وجمع البيض، ويفقد أي شعور بالكرامة الوطنية التي يؤكد قادة الجيش على غرسها فيهم. والسؤال هنا ماذا سيكون أداؤه في حال نشبت أي حرب بعد أن نسى ما تدرب عليه وأصبح مدربا على جمع البيض ؟
تتكلم المؤسسة العسكرية في إعلام الدولة عن المسألة “الوطنية” في تبريرها لحماية سرية موازنة القوات المسلحة على أنها من قبيل الواجب القومي الذي لابد وأن ندافع عنه جميعنا كمصريين. لا أعتقد أن المجندين العاملين في جهاز المشروعات الخدمة الوطنية يتفقون مع ذلك!
لا يمكن أن نذكر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والاقتصاد دون أن نشير لهيمنتها شبه المطلقة على الاقتصاد المحلي في المحافظات. كما نعرف جميعاً إن مصر خارج القاهرة تخضع لحكم عسكري شبه مكتمل الأركان، حيث أن ٢١ من الـ ٢٩ محافظ المعينين في أقاليم قبلي وبحري هم لواءات جيش متقاعدين، بالإضافة لعشرات آخرين من رؤساء المدن والمراكز من عقداء وعمداء الجيش المتقاعدين أيضاً. ويتولى هؤلاء إدارة قطاعات اقتصادية واسعة في المحافظات كل محافظة تبعاً لمواردها، حيث يتحول لواءات الجيش الذين لا يتمتعون بأي خبرة دون قيادة الدبابات والطائرات الحربية فجأة إلى مديرين لقطاع السياحة الجوهري والحيوي في محافظات الأقصر وأسوان، أو قطاع صناعة السكر في قنا، أو صيد الأسماك والشحن والتفريغ بالسويس..الخ.
لا تخلو إدارة لواءات الجيش للاقتصاد المحلي من خلال عملهم كمحافظين من قصص فساد شهيرة كشفتها أو لم تكشفها بعد الصحف القومية. منها على سبيل المثال واقعة اتهام محافظ الأقصر السابق اللواء سمير فرج- وكان قبل يشغل منصب رئيس إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة- في صفقة بيع أرض بثمن بخس لرجل أعمال من المدينة نفسها، كان من المفترض أن تُبنى على قطعة الأرض تلك صالة ألعاب أوليمبية وتم بالفعل إنفاق مئات الملايين على المشروع، وفجأة توقفت عملية البناء وبيعت الأرض لرجل أعمال يمتلك فندق سياحي مقابلها وأُهدرت أموال طائلة. ومن ناحية أخرى يجأر أهالي أسوان بالشكوي من محافظهم اللواء مصطفى السيد بسبب اتهامات له في حوادث فساد في الأراضي وقطاع السياحة، وقد قام هذا المحافظ مؤخراً بتعيين عشر عمداء جيش متقاعدين على الأقل في مناصب مدراء لمحاجر وموانئ نيلية بالمحافظة برواتب هائلة بدون وجه خبرة أو حق.
ولأجل هذا تبدو عجلة التنمية المحلية في محافظات مصر متوقفة منذ عقود، في حين سبقتنا الأمم جميعها، لأن من يديرون اقتصادنا المحلي يحصلون على الحكم كمكافأة نهاية خدمة. ولأجل كل ما فات تورط قيادات العسكر ولازالوا في قتل الثوار العزل في التحرير والعباسية وماسبيرو ومحمد محمود والقصر العيني.
إن انتصار معتصمي ومتظاهري مصر واكتمال الثورة يعني تحول ديمقراطي حقيقي في هذا الوطن، يعني شفافية مالية وخضوع جميع الموازنات لمبدأ المحاسبية، يعني أن الامتيازات الاقتصادية للقوات المسلحة كفئة صاحبة مهنة بعينها ستخضع لرقابة النواب المختارين وممثلي الشعب ، وربما تضطر قيادتها صاغرةً للعودة مرة أخرى لمهامها الأصلية: إدارة الحروب وليس إدارة قاعات الأفراح.
http://elbadil.net/%d8%af-%d8%b2%d9%8a%d...af-%d9%81/