{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 4 صوت - 3 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
المدخل لدراسة النموذج الغربى
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #21
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية (2/5)


ثانياً: الأصل السياسي والعسكري:

كان من نتائج – الدارونية الاجتماعية وتطبيقاتها التربوية – أن صارت القوة عند الأمريكي جمالاً وزينة، وصار يسحر بجمال القوة ويعجب بالأقوياء إلى الدرجة التي تعميه عن قيم الرحمة والعدل والإنسانية وبشاعة الظلم والعدوان. ولذلك يصفق الأمريكي للمنتصر ويلوّح له بيده بإشارة الحرف (v) أي Victory – ويسخر من المهزوم ويشير إليه بالإصبع المقلوب للرقم 8- والأمريكي يفعل ذلك في كل حلبة صراع – حتى حلبات الرياضة والملاكمة والمصارعة وميادين التنافس المختلفة.

وانطلاقاً من هذا التقديس المفرط للقوة وجدت المؤسسات السياسية والعسكرية التي قادت حركة التوسع والاستعمار في فكـر دارون مبرراً لعمليات الإبادة والقتل التي رافقت هذا التوسع والذي كان من نتائجه إبادة سبعين مليون من الهنود الحمر، لم يبق منهم سوى عشرين ألف يعيشون الآن – لأغراض سياحية – في مناطق الاستيداع المعروفة باسم Resovoure. وكانت حجة المؤسسة السياسية والعسكرية الأمريكية أنه ما دام الكتاب – أصل الأنواع The Origin of Species – قد برر علمياًّ هلاك أنواع المخلوقات الضعيفة لاستمرار بقاء الأنواع القوية، فإن الشعوب الضعيفة يجب أن تزول لمصلحة الأجناس القوية وتقدم الحضارة. وكان شعار هذا الاتجاه – كما يقول البروفيسور ريتشارد هوفز تادر – : (إن أول عمل يقوم به منشئ المستعمرات هو تنظيف الأرض من الحيوانات المتوحشة، وأكثر هذه الحيوانات إفساداً هو الإنسان المتوحش).

كذلك وجد الساسة في – الدارونية الاجتماعية – سنداً لسياساتهم الاستعمارية، وممن مثّل هذا الاتجاه عدد كبير من رجال الإدارة ومجلس الشيوخ والقادة العسكريين منهم : السيناتور ألبرت بـ بفريج، وهنري كابوت لودج، وجون هاي، والرئيس ثيودور روزفلت. وما قاله السيناتور بفريج Sen.Albert. T. Beveridge التالي:
(إن الإله لم يقم بإعداد الشعوب الناطقة بالإنجليزية آلاف السنين عبثاً أو للإدارة الكسولة. لا! إنما جعلنا سادة لتنظيم العالم ولإقامة النظام في كل مكان تحكمه الفوضى. لقد جعلنا نتكيّف ونتطور في شكل دول حتى ندير الحكومات بين المتوحشين والشعوب الخرفة العجوز).

ومما قاله الرئيس ثيودور روزفلت:
(في هذا العالم إن الأمة التي تدرب نفسها على حياة لا تتسم بالطابع الحربي هي أمة محتوم عليها بالزوال قبل الأمم التي لم تفقد مزايا الرجولة والمغامرة).

ومما قاله الجنرال – هومر لي Homer lee:
(إن العنف الذي صاحب تطور الأمم واضح جلي ولا نعتذر بسببه لأن إخفاءه رفض للحقيقة، وتمجيده تقرير للواقع، وليس هناك في الحياة ما هو غير عنيف إلا المثل الخيالية. فكلما زدنا أفراد الجماعة ونشاطها زدنا نسبة عنفهم).

ومن فلاسفة الدارونية الذين استعملوها لتبرير الاستعمار – جون فسك John Fiske – الذي كتب يقول: إن العنصر الأنجلو – سكسوني هو أصلح الأجناس البشرية، وإنه في المستقبل سوف ينتشر هو ولغته وثقافته في أربعة أخماس الكرة الأرضية، وسوف يحيل أفريقيا إلى بلد متقدم مليء بالمدن الحديثة والمزارع ومظاهر التكنولوجيا. ولقد كرر هذه الآراء في عدد من المؤلفات.

ولقد كانت الآراء المقابلة في القارة الأوروبية في أمثال بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تسير في نفس الاتجاه وتبرر حركة الاستعمار والتوسع إلى أن أفرزت حركات عنصرية متطرفة من أمثال النازية والفاشستية وأشعلت حربين عالميتين في فترة لا تتجاوز نصف القرن.

ولقد ساندت نظم التربية هذه المفاهيم الدارونية الاجتماعية في ميادين السياسة والاستعمار.

وبعد الحرب العالمية الأولى دخلت دراسة القوة القائمة على أساس – الدارونية الاجتماعية – أي بطش القوي بالضعيف – ميدان البحوث العلمية في الجامعات الأمريكية وصارت تدرس فلسفة الدارونية الاجتماعية في العلوم السياسية والعلوم العسكرية وأصول التربية والقانون. وفي هذه الدراسات برز عالم السياسة الشهير – مارجنتوا – كرائد يفصل في نظرية القوة ويرسي دعائمها. وفي مدرسته اشتهر كل من هنري كيسنجر – الذي بدأ حياته السياسية عام 1945 سكرتيراً لمجلة الشؤون الخارجية Foreign Affairs التي يصدرها مجلس العلاقات الخارجية وأحد المؤسسات التي ترسم استراتيجية السياسة الأمريكية، ومثله بريجنسكي الذي ما زال أحد مصادر نظرية القوة في أمريكا، ولقد عمل الثلاثة – وكلهم يهود – على توجيه نظرية القوة وتطبيقاتها خلال الحرب الباردة التي اشتدت بعد الحرب العالمية الثانية.

وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عقد التسعينات من القرن العشرين، وظهور ما أعلنه الرئيس بوش الأب – بالنظام العالمي الجديد – برز عشرات المختصين في العلوم السياسية والعسكرية والقانون وأصول التربية الذين عملوا – وما زالوا يعملون – على تطوير نظرية القوة لما يبرر هيمنة أمريكا وغطرستها في العالم كله. وفي هذا البحث نختار منها مثالين اثنين للمختصين البارزين من علماء نظرية القوة : الأول: وهو أقل تأثيراً من الثاني – وهو (صمويل هنتنجتون) صاحب كتاب: – صراع الحضارات وإعادة صنع النظام العالمي The Clash of Civilization and the Remaking of World Order , by Samuel p. Huntington.

أما الثاني وهو أعمق أثراً في صانعي الاستراتيجية السياسية – فهو: البروفيسور ألفين توفللر Alvin Toffler الذي بدأ حياته عاملاً في المناجم وهو الآن محاضراً لمجموعة المستقبليين Futurists في الكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية، ويتتلمذ على يديه صانعو القرار بسماع محاضراته شهرياًّ، ويتلقف الباحثون ومدرسو الجامعات والطلبة مؤلفاته التي بلغ عدد توزيع كتاب واحد منها بعد – صدمة المستقبل Future Shock 27 مليون نسخة مقسمة على تسعة شهور كل شهر ثلاثة ملايين نسخة ابتداءً من يناير عام 1978 حتى سبتمبر من نفس العام.

لقد عمل – ألفين توفللر – على تطوير – نظرية القوة – في السنوات الأخيرة لما يخدم النظام العالمي الجديد، وأصدر العديد من المؤلفات أشهرها:
تحول القوة Power Shift
الحرب وضد الحرب War And Anti – War

والكتابان صدرا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتشرا انتشاراً واسعاً وتناولتهما كل الأيدي – في المكتبات العامة وفي استراحات المطارات، وما زالا يتفاعلان في عقول الذين يرسمون استراتيجات السياسة وصنع القرار الأمريكي، وتبرز تطبيقاتها مطابقة على أيدي من ينفذون هذه السياسة – خاصة في إدارة الرئيس بوش الابن-، وأبرز المفاهيم الجديدة التي تضمنها الكتابان هي الآتية:

في النظام العالمي الجديد صارت (المعرفة Knowledge) تحتل مركز المحور في ثالوث القوة التي تتكون من المعرفة، والعنف، والمال. ولذلك دعا – توفللر – إلى مضاعفة عدد الجامعات ومراكز البحوث داخل أمريكا وإقامة الآلاف منها في خارجها.

في النظام العالمي الجديد لا داعي لانفراد الجيش الأمريكي في خدمة مصالح أمريكا فيصيبه ما أصاب الرومان في الماضي والبريطاني في الحاضر حينما مزق التوسع الزائد قوة الأمتين وأدى إلى انهيار نفود كل منها، وتتجنب – الوقوع تحت هذا القانون التاريخي – دعا – توفللر – إلى تجنيد جيوش العالم كله – خاصة جيوش العالم الثالث – ليقوم كل في منطقته – أو في المناطق التي ترتفع فيها سخونة المقاومة الوطنية ضد النفوذ الأمريكي – بدور الحارس على المصالح الأمريكية تحت مظلة الأمم المتحدة حيث يقتصر دور القوات الأمريكية على الإدارة والتوجيه والتطهير وتصفية الحسابات.

في النظام العالمي الجديد لا داعي لأن يقتصر (سلام المعرفة) على الحقائق الثابتة وإنما استخدام جميع أنواع المعرفة: صادقتها وكاذبتها. بل إن أمضى الأسلحة ما اعتمد على – المتناقضات وأفكار التخلف – وتنمية ذلك في حياة الشعوب والأمم المستهدفة، لتكريس الانقسام فيها وإبقائها عاجزة مستسلمة. وفي ذلك يقول – توفللر -: (ليس من الضروري أن تقتصر المعرفة على معرفة الحقائق، وإنما المقصود بالمعرفة التي هي أسمى مراتب القوة تشمل معرفة كل شيء: معرفة الوقائع والأكاذيب والحقائق والزيف. فكلها أشكال لعتاد سلاح المعرفة. وسوف تصبح قوة المستقبل معتمدة على توزيع المعرفة بين الأمم، ومن يحتكر المعرفة أكثر فستكون له الغلبة).

مضاعفة البحث العلمي في ميادين – تطوير السلاح – واحتكار الأسرار المعقدة لصناعته. لأنه أداة العنف وقهر الخصوم والاستيلاء على مصادر الثروة في الأرض كلها. وفي ذلك يقوم – توفللر -: (القاعدة الأساسية في الحياة هي أن القوة والعنف يقودان للحصول على الثروة. وهذا قانون حياة – ابتداءً من عهد المحارب الباليوليثي الذي حطم الصخر، في حيوان صغير حتى عهد القنابل الذرية وعصابات المافيا وعهود الغزو والاستعباد والإقطاع والرق الصناعي وعهود الاستعمار والحروب العالمية. وقد يتخلل التاريخ الطويل لاستعمال القوة، فترات لم يستعمل العنف فيها للحصول على الثروة، ولكنها فترات قليلة لا عبرة بها. لذلك لا داعي للخجل من استعمال العنف للسيطرة على الآخرين. حتى الدولة المعاصرة تحتكر القوة والعنف لأنها لا تبيح حمل السلاح إلا لقوات الشرطة والجيش التابعة لها . وفي ظل الخوف من قوتها تنفذ سياساتها السلمية.

والسؤال الذي يتبادر لذهن البعض هو : كيف يمكن الاعتقاد أن العنف والقوة هما وسيلة الحصول على الثروة طالما أن الأمر تغير وصارت السيادة للقانون؟

الجواب: إن القانون نفسه هو قوة مكررة – كتكرير الزيت الخام وتحويله إلى بنزين. وهذا ما أدركه الرئيس ديجول حين قال: يجب أن يكون هناك قوة. ولذلك حينما تقيم الشركة دعوى ضد شركة أخرى فإنها في الواقع تسأل الحكومة أن تستعمل القوة لتنفيذ مرادها. فالقانون هو (بارودة خفية – Hidden Gun) لذلك يجب أن لا نستغرب اعتبار القوة والعنف جزءاً من – اقتصاد العالم – وإنما الذي يجب أن نرفع له حواجبنا استغراباً هو الأسلوب الذي تطبق به القوة.

في الماضي كان الإقطاعي أو صاحب الدكان يسخّر العمال بالقوة المباشرة. أما اليوم فإن القوة لا تستعمل بشكل مباشر لأن القانون حلّ محلها. أي أن القوة تطورت من قوة أداتها الفضل والسوط الزراعي إلى قوة أداتها النقود التي تدفع بشكل رواتب في العصر الصناعي، ثم تطورت في أيامنا إلى قوة – القانون – التي تنزل العقوبات العسكرية والاقتصادية بالأفراد العصاة والشعوب المارقة – الخارجة عن طاعة القوة العظمى).

ويمضي ألفن توفللر – ليقول:
(ولو قارنا بين أشكال القوة الثلاثة: العنف والثروة والمعرفة) لوجدنا الآتي:
(لا يشك أحد بأن – العنف – يأتي بنتائج مدهشة لأن مجرد وجود ظلال العنف – أو القانون يكسب الدولة مهابة وقوة).

ولكن – العنف – بشكل عام يعاني من سقطات، لان البدء به يشجع على الدخول في حلبة سباق التسلح ويزيد الخطر الذي يهدد كل إنسان، ويولد (مقاومة) في الطرف الضحية ويظل ينتظر فرصته للرد.
وأسوأ ما في العنف أنه يتصف بعدم المرونة والفظاظة، وأنه لا يصلح إلا للعقوبة، ولذلك فهو أدنى أنواع القوة.
وفي المقابل فإن – الثروة – أداة أفضل لممارسة – القوة – ومحفظة النقود السمينة متعددة التأثير. فهي يمكن أن تستعمل للعطاء أو المنع، ولذلك فهي أكثر مرونة لأن لها جانباً إيجابياًّ وجانباً سلبياًّ ويمكن تصنيفها في المركز الوسط بين أنواع القوة.

وأحسن أنواع القوة تأتي من إتقان تطبيق المعرفة. فالقوة العالية النوع ليست مجرد سلطة ونفوذ، ولا هي قدرة الفرد على تحقيق ما يريد وجعل الآخرين يعملون ما يريد وإن كان البعض يفضلون ذلك. وإنما القوة تتضمن الفاعلية إضافة لما سبق. والفاعلية معناها استعمال أقل موارد القوة لتحقيق الهدف، والمعرفة قد تجعل الآخرين يحبون طريقتك في العمل، أو تقنعهم بأنها من صنعهم. والمعرفة قد تحيل المواقف القذرة إلى مواقف نبيلة، وبذلك توفر القوة والثروة سواء. أضف إلى ذلك أن أسلحة النصر الحديث تحتاج إلى درجة عالية من المعرفة والثقافة التقنية).

يتبع ......
01-11-2012, 10:10 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #22
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية (3/5)


ثالثاً: الأصل المعيشي أو مفهوم الحياة:

العلاقة التي تقيمها الفلسفات الأمريكية المعاصرة بين الإنسان والحياة هي علاقة المتعة والاستهلاك. والأمريكي يسر بلذة الاستهلاك إلى درجة العمى عن الإثم والفحشاء. ولذلك يتجاوز البحث عن اللذة ميادين المباح إلى اقتراف الحرام والسخرية من الحلال.

ونتيجة لهذا التصور تكاملت مؤسسات التربية والإعلام والسياسة في إخراج الإنسان المنتج – المستهلك، وصارت شبكة علاقاته الاجتماعية في الداخل وشبكة علاقاته الإنسانية مع الخارج محكومة بهذه النظرة.

ومع أن التربية الأمريكية قد نجحت إلى حد كبير وغير مسبوق في رفع كفاءة الفرد الإنتاجية والاستهلاكية إلا أنها – وهي تعمل لتوفير المتعة المنشودة له – خلقت له بدلها مشكلات اجتماعية وأخطاراً بيئية وصحية وسياسية تنذر بتدمير البيئة المحيطة به وتدمير حياته.

فمنذ عقد الثمانينات – من القرن الماضي – بدأ علماء البيئة Ecologists يطلقون التحذيرات من الأخطار التي تهدد البيئة الطبيعية في الكرة الأرضية قاطبة نتيجة لعمليات الإنتاج والاستهلاك المسرفة المفرطة. وتوالت الدراسات المرعبة عن آثار التلوث ونفايات المصانع والشركات في القارة الأمريكية، ومن الذين انتقدوا الإسراف في تدمير البيئة عالم البيئة الشهير – رينيه دوبر – الذي وصف القائمين على إدارة الحياة الأمريكية بمختلف أشكالها بالجنون والجريمة. ومن أقواله في هذا الشأن:

(يجب اعتبار أكثر الناس في أقطار المدينة الغربية – وخاصة أمريكا المعاصرة – من الجانحين، لأنهم يتصرفون وكأن المقياس الوحيد للسلوك هو إرضاء رغباتهم وغرائزهم الآنية دون النظر إلى عواقب ذلك على الطبيعة والذراري).

وانتشر التذمر من تلوث البيئة حتى أن – المستر ألجور – مرشح الديموقراطيين ضد الرئيس بوش الابن قام بتأليف كتاب عن هذا الموضوع وجعله أحد عناصر برنامجه الانتخابي. وإزاء هذه الحملات المستمرة الداعية إلى حماية البيئة الطبيعية ظهر الوعي لدى الشعب الأمريكي – ومثله غرب أوروبا – بخطورة ثقافة الاستهلاك بيئياًّ واجتماعياًّ، فقررت الإدارات الغربية – وعلى رأسها الإدارة الأمريكية – نقل الصناعات الاستهلاكية كالأغذية والملابس والزينة وأدوات البناء والإلكترونيات والسيارات والأثاث ومواد الأبنية إلى أقطار العالم الثالث مقابل أسهم قليلة تقدمها للحكام وحاشيتهم ووكلائهم في التوزيع.

وفي المقابل تم تدمير الاقتصاد المحلي لصالح اقتصاد الشركات العالمية الكبرى، ولتأمين القسط الأكبر من النجاح أعيد صياغة قوانين الصناعة والتجارة وبرامج التربية والتعليم والإدارة المحلية، وتوقف تعليم إنسان المنطقة المحلية لسوق العمل المحلي وتنمية موارده المحلية في الزراعة وتربية المواشي والصناعات المحلية وتطوير الأرض، واستبدل بذلك تعليم يركز على المهارات التي يحتاجها اقتصاد الشركات وأسواقه من مهارات السكرتارية والتسويق وفنون البيع وهو ما يسمى بـ (اقتصاد العولمة)، وصار يجند السكان المحليين بأرخص الأجور وينمي اتجاهاتهم على ثقافة الاستهلاك ليسترجع الأجور التي تسلموها.

كذلك جرى تقسيم الصناعات إلى قسمين: قسم يعاد تصديره إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية، وهذا تراعى فيه معايير الجودة الرفيعة وقسم تهمل فيه هذه المعايير ويوزع في الأسواق المحلية لبلدان العالم الثالث التي يجري التصنيع على أرضها. باستثناء الصناعات الدقيقة كالأسلحة المتطورة والتقنيات التي تضمن التفوق للدول الكبرى. ثم تكون محصلة سياسة (اقتصاد العولمة) هذه أن تحفظ الدول الكبرى أقطارها بعيداً عن أخطار التلوث البيئي وتحول سكان العالم الثالث إلى طبقة عمالية (برولتاريا) عالمية.

والآن ينتشر التلوث وتخرب البيئة في العالم الثالث، ولما كانت المصنوعات التي تطرح في الأسواق المحلية أقل جودة مما كانت عليه في أمريكا فقد ظهرت إلى جانب مشكلات التلوث أمراض جديدة صحية وأمراض اجتماعية وتفكك الأسرة وتمزقها في الأرض كل ممزق سعياً وراء الرزق، وكانت خلاصة ذلك ظهور ما عرف بـ (العولمة) التي تروض شعوب العالم للعمل والاستهلاك مع بقاء أوروبا وأمريكا نظيفة جميلة للرأسماليين وإدارتهم. وهنا تحسن الإشارة إلى أن (العولمة) Globalization غير (العالمية) Globalism.

فالعولمة نظام دولي مصنوع، صنعه الإنسان الغربي كأداة من أدوات الصراع والغارة على العالم. أما العالمية فهي ظاهرة خَلقية، – بفتح الخاء – طبيعية خلقها الله تمهيداً لتكون رسالته في متناول سمع الجميع وبصرهم، وهو ما يشير إليه طابع الصراع القائم بين المكر الإلهي والمكر الأمريكي – الصهيوني.
01-13-2012, 11:44 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #23
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية (4/5)


رابعاً: الأصل الديني:

منذ أن وطأت أقدام المستعمرين الأوروبيين أمريكا ودخلوا في صراع دموي مرير مع الهنود الحمر سكان القارة الأصليين، وجد رجال الدين أنفسهم في خدمة الحرب الجديدة. وعندما انطلقت دعوة – الدارونية الاجتماعية – وجدت الكنيسة فيها مبرراً لهذه الخدمة العسكرية رغم معارضتها لها من الناحية العقائدية. وكان من بين رجال الدين الأمريكان الذين اعتنقوا الدارونية الاجتماعية عدد غير قليل، فخذ مثلاً لهم الكاهن – جوسيان سترونج – الذي قال:

((إنه طبقاً لصراع وتفوق النوع الأنجلو – سكسوني يظهر في أمريكا نوع من الناس كبار الأجسام أقوياء فارعي الطول. وقال: إن العنصر الأمريكي سوف يملأ القارة ويزحف نحو الأقطار الأخرى في أمريكا الجنوبية وإفريقيا وما وراءها. وستكون نتيجة هذا الزحف تفوقه والقضاء على الأجناس الأخرى لأن البقاء للأصلح)).

ولقد تطور الفكر الديني – الداروني الأمريكي في كل مرحلة تاريخية حسب تطور سياسات الدولة فصارت البعثات التبشيرية وجهودها التعليمية جزءاً من القوة الأمريكية الغازية، وما زالت الكنيسة الأمريكية تتطور بتطور سياسات الدولة في الداخل والخارج. ففي الداخل أصدرت الكنيسة المراسيم التي تبرر جميع الممارسات التي يقرها التشريع الحكومي حتى الاعتراف باللوطيين والمتساحقات المعروفين والمعروفات باسمي Gay and Lesbians.

وفي الخارج حينما يوجد لأمريكا مطامع سياسية واقتصادية تكون البعثات التبشيرية إحدى أدواتها التي تستر جرائمها الدموية بالمساعدات الإنسانية، كما حدث في الجزر الإندونيسية ويحدث الآن في شمال العراق وأفغانستان وجنوب السودان وغيرها.

كذلك انعكست فكرة التطور الاجتماعي الداروني على محتويات الدين نفسه فصارت المسيحية الأمريكية تطور نصوصها ومصطلحاتها طبقاً للأهداف العلمانية – الدنيوية المتطورة. وكان من ثمار هذا التطور ظهور مايسمى بـ – الكتاب المقدس الأمريكي The American Bible الذي جرى تعديله بناءً على طلب الحركة النسائية التي تقول بالصراع بين الجنسين، والتي احتجت بالقول أن اسم الإله في الكتاب المقدس اسم مذكر، هذا إلى جانب احتجاج الشاذين والشاذات جنسياًّ الذين طالبوا بحذف النصوص التي تدين هذا الشذوذ. وكان من نتائج تطبيق فكرة التطور الداروني على الدين أن اعترف القضاء الأمريكي بتطور الأسرة الشرعية إلى أربعة أنواع من الأسر، وكان من نتيجته أيضاً أن صار في أمريكا الآن حوالي ألفي مذهب بعضها يعلن عن حفلة راقصة قبيل الصلاة جذباً للشباب والشابات، وبعضها يدعو لعبادة الله عراة في الكنيسة لأن الإنسان برز إلى هذه الدنيا عارياً.

على أن أبرز الجماعات المسيحية العاملة على الساحة السياسية في أمريكا هي التي تسمى – الأكثرية الأخلاقية Moral Majority ويرأسها الكاهن الشهير – جيري فولول Jerry Falwell – وهو مذهب يشتغل بالسياسة وينتسب إليه غالب قيادات الحزب الجمهوري ومنهم الرئيس ريجان، والرئيس بوش الأب، والرئيس بوش الابن. ويركز نشاطاته الدينية حول توفير التبريرات الدينية للسياسات الداعمة لإسرائيل التي يسميها – جيري فولول – (إسرائيل المعجزة).

وخلاصة معتقدات هذا المذهب حسب ما جاء في كتاب – اسمعي يا أمريكا Listen America – كالآتي:

من أكبر المعجزات في العصر الحديث هي فعل الإله المتجسد في نصرته للشعب الصغير (شعب إسرائيل) الذي يقف منارة ديموقراطية في منطقة مظلمة بالتخلف والتوحش والأنظمة التعسفية المتعطشة للبطش بإسرائيل.

من يقرأ الكتاب المقدس يجده مليئاً بالتنبؤات المتعلقة بإسرائيل والتي تقول: بعد شتات دام حوالي 500 عام سيعود اليهود من أقطار الأرض ويؤسسون دولتهم في فلسطين.

لا توجد أمة اضطهدت اليهود إلا وعاقبها الإله بالضعف الأبدي. وهذا هو وعد الإله لإبراهيم، وهو ما تزال ألمانيا تعاني منها بسبب مناصرتها لسياسات هتلر ضد اليهود، وكما حدث مع جمال عبدالناصر عام 1967.

إن الله سيرسل للتشريد والذبح والأسر كل الملايين العربية التي ستحاول منع تجمع شعب إسرائيل في أرضه.

لقد بارك الإله أمريكا ورفع مكانتها لأنها باركت قيام إسرائيل وناصرتها وقوض روسيا لأنها عادت إسرائيل وناصرت أعداءها.

هذه هي خلاصة تعاليم – حزب الأكثرية الأخلاقية – في أمريكا الذي يطلق عليه اسم – Moral Majority – والذي صار يهيمن على سياسة الحكومة الأمريكية منذ أيام الرئيس ريجان واستمرت تأثيراته زمن الرئيس بوش الأب ثم الرئيس بوش الابن، الذي أعلناه صريحة: صليبية القرن الحادي والعشرين.
01-15-2012, 10:24 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
fancyhoney غير متصل
واحد من الناس
*****

المشاركات: 2,545
الانضمام: Apr 2005
مشاركة: #24
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
5\5 هههههههههههههههههههههه

خامساً: أصل القيم في العقل الأمريكي:
يصنف المختصون القيم تصنيفات مختلفة نختار منها التصنيف القائل: القيم ثلاثة أصناف: قيم جمالية – أي التي يكون الجمال محور معاييرها. وقيم ذرائعية – أي التي تكون الذرائع هي محور معاييرها. وقيم أخلاقية – أي التي تكون الأخلاق الحسنة محور معاييرها.
ويتذبذب السلوك الأمريكي بين النوعين الأولين وينسى نسياناً كلياًّ النوع الثالث وهو – القيم الأخلاقية . ولذلك حقق الأمريكي تقدماً هائلاً في ميادين القيم الجمالية والذرائعية التي برزت آثارها في تزيين المدن والأماكن العامة وكثير من مظاهر الذوق العام والتعامل الإداري وسرعة إنجاز العمل، ولكنه أخفق إخفاقاً عميقاً في ميدان القيم الأخلاقية. وتبرز شواهد هذا الفشل في سوء استعمال الأشياء والذرائع الجميلة الفعالة ابتداءً من الاستعمالات اليومية من الأسلحة النووية وناطحات السحاب وتطوير المدن ووسائل الاتصال والمواصلات. فالمبدأ الأخلاقي – أو القيمة الأخلاقية – غائبة تمام الغياب عن توجيه الاستعمالات السيئة والفاحشة، والمنكرة، والشريرة لهذه الأشياء المتقدمة – المتطورة.
ولقد عالج الكثير من الباحثين والمختصين من الأمريكان أنفسهم أزمة القيم القائمة واعتبروها أكثر المشكلات الإنسانية إلحاحاً وتعقيداً وحيرة. فمنهم من ينتقد – مناهج التربية – ويقول إنها تركز على الحقائق وتهمل القيم، ولذلك أفرزت إنساناً محايداً إزاء القضايا الاجتماعية، وجعلت القرارات التي يتخذها في ميادين الأخلاق والدين وعلاقات الجماعات والقوميات الوطنية تحكمها ردود الفعل العاطفية العمياء والتعصب العنصري والعقد النفسية.
كذلك يعتقد الكثير من المربين أن التربية الأمريكية قد فشلت في تنمية القيم الإنسانية وانصرفت لتنمية مهارات الإنسان العقلية والبدنية في تطوير – وسائل الحياة – في الوقت الذي أهملت الموضوعات المتعلقة بـ - غايات الحياة – وأموره المصيرية ومشكلاته الرئيسية.
وبناءً على ما تقدم يرى – ماير M. Meyer – أن على التربية أن تعمل لوضع العلم في خدمة – قيم وأخلاق جديدة – ويرى – براملد T.Brameld أن التربية الأمريكية تدع الناشئة بدون قيم لأنها تبالغ في حيادها العلمي وتميل إلى خزن القيم في مخزنها التربوي. (20)
وتعلق – هيلدا طابا – على ذلك بالقول أن التربية تحتاج إلى فكر جديد وطرائق جديدة تعطي القيم ما تحتاجه من عناية واهتمام لمراجعة مشكلات العصر، ويتطلب تطوير هذه الأفكار والطرائق مفاهيم جديدة عن العلاقات الإنسانية والأهداف الاجتماعية. (21)
ولقد برزت نتائج هذا التخبط والغموض بالنسبة للقيم والأخلاق فيما تمارسه المؤسسة السياسية الأمريكية في العالم، وفي الأمم المتحدة، وفي صياغة العلاقات الشاذة التي تحاول إقامتها مع مختلف الدول وفي المواقف المتناقضة إزاء القضايا الدولية المختلفة.
ولقد حاول بعض المفكرين الاجتماعيين والتربويين معالجة – أزمة القيم – القائمة في المجتمع الأمريكي. ومثال ذلك – ماركلي – الذي قام بأمرين :
الأول بـ تشخيص ما أسماه بـ (القيم البالية) التي قام عليها المجتمع الصناعي ودولته.
والثاني بـ رسم الخطوط العريضة للقيم التي يحتاجها مجتمع ما بعد الطور الصناعي القادم Postindustrial Society.
أما عن – القيم البالية – فقد ذكر أنها تتمثل فيما يلي:

1. إن تقدم الإنسان يتمثل بالنمو الاقتصادي والاستهلاك المتزايد.
2. إن الجنس البشري منفصل عن الطبيعة وإن قدر الإنسان هو قهرها.
3. إن الكفاءة الاقتصادية والانتفاض العلمي – أي انتفاضة لحرمة الإنسان وكرامته – هما أكثر المناهج صحة لتحقيق أهداف الإنسانية.
أما عن الأمر الثاني فقد ذكر – ماركلي – أن المجتمع القادم يتطلب (تصوراً جديداً عن الجنس البشري) وأن (صورة الإنسان) الملائمة لعصر ما بعد التطور الصناعي سوف تتضمن ستة شروط هي:
1. قيم بيئية تؤكد على وحدة الحياة ووحدة الجنس البشري.
2. قيم تحقيق الذات.
3. ثقافة متعددة المستويات والمظاهر المتكاملة وتتسع لأنواع الشخصيات.
4. نمط حياة تقوم على الاكتفاء المتوازن والتعاون خلال أبعاد متنوعة بدل البعد الواحد الضيق كالبعد الاقتصادي.
5. تصور شامل للوجود.
6. تصور تجريبي منفتح العقل وقابل للتطور.
ويعلل – هاري شوفيلد – فقر المجتمع الأمريكي إلى القيم الإنسانية بالقول أن هذا الفقر ينسجم مع التطور التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية. ففي أيام التوسع نحو غرب القارة الأمريكية لم يكن هناك ما يلائم الاحتكام إلى القيم المثالية الأخلاقية مثل: (لاتقتل)! ذلك أن الواقع الذي برز آنذاك هو إما أن يكون الأمريكي قاتلاً أو مقتولاً، ولذلك أصبحت (القيم الصائبة) هي قتل الهنود الحمر. وفي هذه الحالة يكون القاتل أفضل من المقتول. (22)
وهذا الفقر في القيم يقلل من أثر – المبدأ الأخلاقي – في علاقات الأمريكي بغيره من الأفراد والدول لصالح – الذوق الجمالي – وهو هنا مقدار ما يحصل عليه الإنسان من متع ولذائذ يعبر عنها بأسماء مختلفة مثل: (التنمية الاجتماعية) و (مجتمع الرفاهية).
في إطار هذا المفهوم يتحدد كذلك مفهوم الحرية وممارساتها التي يختلط فيها النظام بالفوضى والأخلاق بالإباحية، والرفعة بالسقوط.
والمحصلة التي ينتهي إليها هذا الاستعراض الموجز لأصول العقل الأمريكي ومنابعه ومساراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، هي أنه لا معايير أخلاقية وإنسانية يمكن لهذا العقل ومن يحاوره أن يلجأ إليها إلا أسلوب الصراع والبقاء للأقوى الذي جسده ثقافة رعاة البقر (الكاوبوي) في سنوات الهجرة الأولى على أمريكا، وتجسدها الآن طائرات الأباتشي، وأسلحة التدمير الشامل والصواريخ العابرة للقارات والقنابل الحرارية. وتشير التجارب الماضية والحاضرة أن العقل الأمريكي والثقافة الأمريكية وقعاً تحت عمل سنة الله القائلة: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة). فهو لا يريد أن يسمع إلا ما يريد سماعه ولا يبصر إلا ما يهوى إبصاره، ولا يعقل إلا ما تقرره شهوته الموقوتة. ولذلك ليس للعالم أن يتوقع من أمريكا إلا سياسات الأذى والعدوان والإثم ونهب الثروات والاعتداء على الحرمات بعد أن تترجم شهواتها المحركة لاقتراف ذلك إلى (قوانين) دولية، و (شعارات) أممية مثل القول: (قرارات مجلس الأمن)، (الشرعية الدولية) وأمثال ذلك.

لذلك من العبث أن يضيع العرب والمسلمون أوقاتهم في الحج إلى واشنطن، والطواف بالبيت الأبيض، والتلبية في الكونغرس، ومناشدة الشعب الأمريكي، ومن الأفضل لهم أن يركزوا جهودهم لتحقيق أمور أربعة:

1. بناء الجبهة الداخلية بناء لا تقل متطلباته عن التضحية بدول التجزئة من أجل دولة الوحدة، وبالسلطة الفردية المطلقة، من أجل سيادة الأمة الواحدة، وبالسياسات الظالمة من أجل العدل، وبالدنيا من أجل الآخرة، وبحظوظ النفس من أجل مراد الله تعالى.
2. الاعتصام بحبل الله وحده بعد أن أثبتت الوقائع الجارية على الأرض وفي المحافل الدولية أن ليس للعرب والمسلمين من دون الله من ولي ولا نصير. ثم القيام بحملة دعوية إسلامية عالمية في أمريكا وغيرها من محاور الطغيان، حملة غايتها إعادة هذا المغولي الجديد إلى إنسانيته، وتوجيه قوته المفرطة لإنقاذ نفسه وإنقاذ الإنسانية من عواقب (دارونيته الاجتماعية) المدمرة.
3. ولتكون الحملة الدعوية المنشودة فاعلة ومفيدة يجب إنشاء مراكز البحوث والدراسات التي تختص بدراسة منابع (المكر الأمريكي) ومساراته المستقبلية، بقصد التعرف على أساليب تزكيته والخروج من سجن الشهوات إلى حرية النظر، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن عبادة البترول والدولار إلى عبادة الله وحده.
وخلال هذه الحملة الدعوية الهادفة إلى نشر الإيمان بالله بين – المغول الأمريكان – ودعوتهم إلى المعروف ونهيهم عن المنكر لا بد من مراعاة ثلاثة أمور هي:
الأمر الأول: إن ما يصيبنا من أذى مرير على يد هذا – المغولي الجديد – إنما هو تسليط إلهي سببه تقصيرنا على حمل دعوة الله إليه، فعندما عقدنا الذهاب إليه، وأنفقنا مال الله في بناء القصور ومتع الدنيا، بعثه الله علينا ليدمر ما علا تدميراً. وقديماً سئل الصحابي الجليل كعب بن أبي عن معنى قوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون). (السجدة –20) فأجاب: العذاب الأدنى: تسليط الروم. والأمريكان والأوربيون هم امتدادات للروم وجيل من أجيالهم. ومنذ أكثر من قرنين، والله يذيقنا من عذابهم دون أن ننتبه للنداء الإلهي ونتنادى بالرجوع إليه سبحانه وتعالى.

الأمر الثاني: هو الصبر على أذى هذا المغولي الجديد، والتحوط من أن يصاب بمرضه، مرض الصراع والبقاء للأقوى، صبراً يفوق صبر تلامذة المسيح على أذى الرومان أسلاف الأمريكان.
الأمر الثالث: هو الحذر الدائم المبصر من – نموذج الإسلام – الذي تريده لنا أمريكا وإسرائيل، ويطالبان حكومات العرب والمسلمين بإخراجه وتعديل مناهج التعليم لتلقينه إلى الأجيال القادمة، تحت ذريعة الحاجة إلى (القضاء على الإرهاب) و (تجفيف منابع التطرف)، كما فعل الإمبراطور قسطنطين الرابع وهو يجبر المجامع المسيحية الأولى على إخراج – مسيحية رومانية – أخضعت الدين للسياسة وإحالته إلى أداة من أدواتها.

الأمر الرابع: أنه مهما قيل عن جبروت أمريكا، وقوتها، ودقة تنظيماتها، وامتداد أذرع مخابراتها العالمية، فعلينا أن لا ننسى – ولو لحظة واحدة – أن الصراع الدائر بيننا وبين أمريكا وإسرائيل إنما تحكمه سنّتان من سنن الله الاجتماعية:
السنة الأولى هي سنة الصراع بين مكر الله – أي تدبيره – ومكر الطغاة وتدبيرهم. ولقد ذكرت تفاصيل هذا الصراع ونتائجه خلال التاريخ الإنساني، في اثني وأربعين موضعاً من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون. فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمرناهم وقومهم أجمعين) (النمل – 50 و 51).
والسنة الثانية، سنة الاستبدال حيث يجري تنفيذ المكر الإلهي من خلال أيدي المؤمنين، فإن لم يتحملوا المسؤولية كاملة تخلى الله عنهم وعزلهم واستبدلهم بقوم غيرهم. ولقد أشير إلى هذه السنة في مواضع متعددة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (محمد – 38). وقوله أيضاً (إلا تنفروا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (التوبة –39).
الأمر الخامس: عدم تبديد الطاقات – خاصة الفكرية والإعلامية – في محاولة إقناع الإدارة الأمريكية ومستشاريه ورجال القرار فيها ومراكز البحوث ورجال الإعلام بـ (حوار الحضارات) بدلاً من (صراعها) و ( تحديد معاني الإرهاب) بدلاً من (تعميمه)، و (التبرء من الإرهاب) بدلاً من (إلصاقه بالعرب والمسلمين)، لأن هذه كلها – مناديل إسبانية حمراء – توضع أمام الثور لإلهائه عن السهام التي تغرز في جسده، وهي شعارات تم اختراعها في المحطة الثالثة من محطات صنع القرار الأمريكي، محطة صنع القرار Decision Making ثم أرسلوها لأجهزة الإعلام لتعبئة الرأي العام في الداخل، وتبرير سياساتها العدوانية في الخارج.
هذه معالم سياسية في البحث عن – أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته – استمدت من آيات الله في الآفاق والأنفس في ضوء بصائره في الكتاب، وسيرى الظالمون أي منقلب ينقلبون.
01-15-2012, 01:29 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #25
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
خسارة يا فانسى لم تتبع نمط التنسيق السابق وسأضطر لإعادة ادراج مداخلتك الكريمة بمعرفتى

حظا افضل فى المرة القادمة

Cool
01-16-2012, 10:17 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #26
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية (5/5)



خامساً: أصل القيم في العقل الأمريكي:

يصنف المختصون القيم تصنيفات مختلفة نختار منها التصنيف القائل: القيم ثلاثة أصناف: قيم جمالية – أي التي يكون الجمال محور معاييرها. وقيم ذرائعية – أي التي تكون الذرائع هي محور معاييرها. وقيم أخلاقية – أي التي تكون الأخلاق الحسنة محور معاييرها.

ويتذبذب السلوك الأمريكي بين النوعين الأولين وينسى نسياناً كلياًّ النوع الثالث وهو – القيم الأخلاقية . ولذلك حقق الأمريكي تقدماً هائلاً في ميادين القيم الجمالية والذرائعية التي برزت آثارها في تزيين المدن والأماكن العامة وكثير من مظاهر الذوق العام والتعامل الإداري وسرعة إنجاز العمل، ولكنه أخفق إخفاقاً عميقاً في ميدان القيم الأخلاقية. وتبرز شواهد هذا الفشل في سوء استعمال الأشياء والذرائع الجميلة الفعالة ابتداءً من الاستعمالات اليومية من الأسلحة النووية وناطحات السحاب وتطوير المدن ووسائل الاتصال والمواصلات. فالمبدأ الأخلاقي – أو القيمة الأخلاقية – غائبة تمام الغياب عن توجيه الاستعمالات السيئة والفاحشة، والمنكرة، والشريرة لهذه الأشياء المتقدمة – المتطورة.

ولقد عالج الكثير من الباحثين والمختصين من الأمريكان أنفسهم أزمة القيم القائمة واعتبروها أكثر المشكلات الإنسانية إلحاحاً وتعقيداً وحيرة. فمنهم من ينتقد – مناهج التربية – ويقول إنها تركز على الحقائق وتهمل القيم، ولذلك أفرزت إنساناً محايداً إزاء القضايا الاجتماعية، وجعلت القرارات التي يتخذها في ميادين الأخلاق والدين وعلاقات الجماعات والقوميات الوطنية تحكمها ردود الفعل العاطفية العمياء والتعصب العنصري والعقد النفسية.

كذلك يعتقد الكثير من المربين أن التربية الأمريكية قد فشلت في تنمية القيم الإنسانية وانصرفت لتنمية مهارات الإنسان العقلية والبدنية في تطوير – وسائل الحياة – في الوقت الذي أهملت الموضوعات المتعلقة بـ – غايات الحياة – وأموره المصيرية ومشكلاته الرئيسية.

وبناءً على ما تقدم يرى – ماير M. Meyer – أن على التربية أن تعمل لوضع العلم في خدمة – قيم وأخلاق جديدة – ويرى – براملد T.Brameld أن التربية الأمريكية تدع الناشئة بدون قيم لأنها تبالغ في حيادها العلمي وتميل إلى خزن القيم في مخزنها التربوي.

وتعلق – هيلدا طابا – على ذلك بالقول أن التربية تحتاج إلى فكر جديد وطرائق جديدة تعطي القيم ما تحتاجه من عناية واهتمام لمراجعة مشكلات العصر، ويتطلب تطوير هذه الأفكار والطرائق مفاهيم جديدة عن العلاقات الإنسانية والأهداف الاجتماعية.

ولقد برزت نتائج هذا التخبط والغموض بالنسبة للقيم والأخلاق فيما تمارسه المؤسسة السياسية الأمريكية في العالم، وفي الأمم المتحدة، وفي صياغة العلاقات الشاذة التي تحاول إقامتها مع مختلف الدول وفي المواقف المتناقضة إزاء القضايا الدولية المختلفة.

ولقد حاول بعض المفكرين الاجتماعيين والتربويين معالجة – أزمة القيم – القائمة في المجتمع الأمريكي. ومثال ذلك – ماركلي – الذي قام بأمرين :

الأول بـ تشخيص ما أسماه بـ (القيم البالية) التي قام عليها المجتمع الصناعي ودولته.

والثاني بـ رسم الخطوط العريضة للقيم التي يحتاجها مجتمع ما بعد الطور الصناعي القادم Postindustrial Society.

أما عن – القيم البالية – فقد ذكر أنها تتمثل فيما يلي:

إن تقدم الإنسان يتمثل بالنمو الاقتصادي والاستهلاك المتزايد.

إن الجنس البشري منفصل عن الطبيعة وإن قدر الإنسان هو قهرها.

إن الكفاءة الاقتصادية والانتفاض العلمي – أي انتفاضة لحرمة الإنسان وكرامته – هما أكثر المناهج صحة لتحقيق أهداف الإنسانية.

أما عن الأمر الثاني فقد ذكر – ماركلي – أن المجتمع القادم يتطلب (تصوراً جديداً عن الجنس البشري) وأن (صورة الإنسان) الملائمة لعصر ما بعد التطور الصناعي سوف تتضمن ستة شروط هي:
قيم بيئية تؤكد على وحدة الحياة ووحدة الجنس البشري.

قيم تحقيق الذات.

ثقافة متعددة المستويات والمظاهر المتكاملة وتتسع لأنواع الشخصيات.

نمط حياة تقوم على الاكتفاء المتوازن والتعاون خلال أبعاد متنوعة بدل البعد الواحد الضيق كالبعد الاقتصادي.

تصور شامل للوجود.

تصور تجريبي منفتح العقل وقابل للتطور.

ويعلل – هاري شوفيلد – فقر المجتمع الأمريكي إلى القيم الإنسانية بالقول أن هذا الفقر ينسجم مع التطور التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية. ففي أيام التوسع نحو غرب القارة الأمريكية لم يكن هناك ما يلائم الاحتكام إلى القيم المثالية الأخلاقية مثل: (لاتقتل)! ذلك أن الواقع الذي برز آنذاك هو إما أن يكون الأمريكي قاتلاً أو مقتولاً، ولذلك أصبحت (القيم الصائبة) هي قتل الهنود الحمر. وفي هذه الحالة يكون القاتل أفضل من المقتول.

وهذا الفقر في القيم يقلل من أثر – المبدأ الأخلاقي – في علاقات الأمريكي بغيره من الأفراد والدول لصالح – الذوق الجمالي – وهو هنا مقدار ما يحصل عليه الإنسان من متع ولذائذ يعبر عنها بأسماء مختلفة مثل: (التنمية الاجتماعية) و (مجتمع الرفاهية).

في إطار هذا المفهوم يتحدد كذلك مفهوم الحرية وممارساتها التي يختلط فيها النظام بالفوضى والأخلاق بالإباحية، والرفعة بالسقوط.

والمحصلة التي ينتهي إليها هذا الاستعراض الموجز لأصول العقل الأمريكي ومنابعه ومساراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، هي أنه لا معايير أخلاقية وإنسانية يمكن لهذا العقل ومن يحاوره أن يلجأ إليها إلا أسلوب الصراع والبقاء للأقوى الذي جسده ثقافة رعاة البقر (الكاوبوي) في سنوات الهجرة الأولى على أمريكا، وتجسدها الآن طائرات الأباتشي، وأسلحة التدمير الشامل والصواريخ العابرة للقارات والقنابل الحرارية. وتشير التجارب الماضية والحاضرة أن العقل الأمريكي والثقافة الأمريكية وقعاً تحت عمل سنة الله القائلة: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة). فهو لا يريد أن يسمع إلا ما يريد سماعه ولا يبصر إلا ما يهوى إبصاره، ولا يعقل إلا ما تقرره شهوته الموقوتة. ولذلك ليس للعالم أن يتوقع من أمريكا إلا سياسات الأذى والعدوان والإثم ونهب الثروات والاعتداء على الحرمات بعد أن تترجم شهواتها المحركة لاقتراف ذلك إلى (قوانين) دولية، و (شعارات) أممية مثل القول: (قرارات مجلس الأمن)، (الشرعية الدولية) وأمثال ذلك.

لذلك من العبث أن يضيع العرب والمسلمون أوقاتهم في الحج إلى واشنطن، والطواف بالبيت الأبيض، والتلبية في الكونغرس، ومناشدة الشعب الأمريكي، ومن الأفضل لهم أن يركزوا جهودهم لتحقيق أمور أربعة:

بناء الجبهة الداخلية بناء لا تقل متطلباته عن التضحية بدول التجزئة من أجل دولة الوحدة، وبالسلطة الفردية المطلقة، من أجل سيادة الأمة الواحدة، وبالسياسات الظالمة من أجل العدل، وبالدنيا من أجل الآخرة، وبحظوظ النفس من أجل مراد الله تعالى.

الاعتصام بحبل الله وحده بعد أن أثبتت الوقائع الجارية على الأرض وفي المحافل الدولية أن ليس للعرب والمسلمين من دون الله من ولي ولا نصير. ثم القيام بحملة دعوية إسلامية عالمية في أمريكا وغيرها من محاور الطغيان، حملة غايتها إعادة هذا المغولي الجديد إلى إنسانيته، وتوجيه قوته المفرطة لإنقاذ نفسه وإنقاذ الإنسانية من عواقب (دارونيته الاجتماعية) المدمرة.

ولتكون الحملة الدعوية المنشودة فاعلة ومفيدة يجب إنشاء مراكز البحوث والدراسات التي تختص بدراسة منابع (المكر الأمريكي) ومساراته المستقبلية، بقصد التعرف على أساليب تزكيته والخروج من سجن الشهوات إلى حرية النظر، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن عبادة البترول والدولار إلى عبادة الله وحده.

وخلال هذه الحملة الدعوية الهادفة إلى نشر الإيمان بالله بين – المغول الأمريكان – ودعوتهم إلى المعروف ونهيهم عن المنكر لا بد من مراعاة ثلاثة أمور هي:

الأمر الأول: إن ما يصيبنا من أذى مرير على يد هذا – المغولي الجديد – إنما هو تسليط إلهي سببه تقصيرنا على حمل دعوة الله إليه، فعندما عقدنا الذهاب إليه، وأنفقنا مال الله في بناء القصور ومتع الدنيا، بعثه الله علينا ليدمر ما علا تدميراً. وقديماً سئل الصحابي الجليل كعب بن أبي عن معنى قوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون). (السجدة –20) فأجاب: العذاب الأدنى: تسليط الروم. والأمريكان والأوربيون هم امتدادات للروم وجيل من أجيالهم. ومنذ أكثر من قرنين، والله يذيقنا من عذابهم دون أن ننتبه للنداء الإلهي ونتنادى بالرجوع إليه سبحانه وتعالى.

الأمر الثاني: هو الصبر على أذى هذا المغولي الجديد، والتحوط من أن يصاب بمرضه، مرض الصراع والبقاء للأقوى، صبراً يفوق صبر تلامذة المسيح على أذى الرومان أسلاف الأمريكان.

الأمر الثالث: هو الحذر الدائم المبصر من – نموذج الإسلام – الذي تريده لنا أمريكا وإسرائيل، ويطالبان حكومات العرب والمسلمين بإخراجه وتعديل مناهج التعليم لتلقينه إلى الأجيال القادمة، تحت ذريعة الحاجة إلى (القضاء على الإرهاب) و (تجفيف منابع التطرف)، كما فعل الإمبراطور قسطنطين الرابع وهو يجبر المجامع المسيحية الأولى على إخراج – مسيحية رومانية – أخضعت الدين للسياسة وإحالته إلى أداة من أدواتها.

الأمر الرابع: أنه مهما قيل عن جبروت أمريكا، وقوتها، ودقة تنظيماتها، وامتداد أذرع مخابراتها العالمية، فعلينا أن لا ننسى – ولو لحظة واحدة – أن الصراع الدائر بيننا وبين أمريكا وإسرائيل إنما تحكمه سنّتان من سنن الله الاجتماعية:

السنة الأولى هي سنة الصراع بين مكر الله – أي تدبيره – ومكر الطغاة وتدبيرهم. ولقد ذكرت تفاصيل هذا الصراع ونتائجه خلال التاريخ الإنساني، في اثني وأربعين موضعاً من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون. فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمرناهم وقومهم أجمعين) (النمل – 50 و 51).

والسنة الثانية، سنة الاستبدال حيث يجري تنفيذ المكر الإلهي من خلال أيدي المؤمنين، فإن لم يتحملوا المسؤولية كاملة تخلى الله عنهم وعزلهم واستبدلهم بقوم غيرهم. ولقد أشير إلى هذه السنة في مواضع متعددة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (محمد – 38). وقوله أيضاً (إلا تنفروا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (التوبة –39).

الأمر الخامس: عدم تبديد الطاقات – خاصة الفكرية والإعلامية – في محاولة إقناع الإدارة الأمريكية ومستشاريه ورجال القرار فيها ومراكز البحوث ورجال الإعلام بـ (حوار الحضارات) بدلاً من (صراعها) و ( تحديد معاني الإرهاب) بدلاً من (تعميمه)، و (التبرء من الإرهاب) بدلاً من (إلصاقه بالعرب والمسلمين)، لأن هذه كلها – مناديل إسبانية حمراء – توضع أمام الثور لإلهائه عن السهام التي تغرز في جسده، وهي شعارات تم اختراعها في المحطة الثالثة من محطات صنع القرار الأمريكي، محطة صنع القرار Decision Making ثم أرسلوها لأجهزة الإعلام لتعبئة الرأي العام في الداخل، وتبرير سياساتها العدوانية في الخارج.

هذه معالم سياسية في البحث عن – أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته – استمدت من آيات الله في الآفاق والأنفس في ضوء بصائره في الكتاب، وسيرى الظالمون أي منقلب ينقلبون.
************
الى هنا انتهى عرض كتاب د. ماجد عرسان الكيلانى (أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية)

يتبع ...

01-18-2012, 11:22 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #27
RE: الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
(01-18-2012, 11:22 PM)نظام الملك كتب:  لذلك من العبث أن يضيع العرب والمسلمون أوقاتهم في الحج إلى واشنطن، والطواف بالبيت الأبيض، والتلبية في الكونغرس، ومناشدة الشعب الأمريكي، ومن الأفضل لهم أن يركزوا جهودهم لتحقيق أمور أربعة:

بناء الجبهة الداخلية بناء لا تقل متطلباته عن التضحية بدول التجزئة من أجل دولة الوحدة، وبالسلطة الفردية المطلقة، من أجل سيادة الأمة الواحدة، وبالسياسات الظالمة من أجل العدل، وبالدنيا من أجل الآخرة، وبحظوظ النفس من أجل مراد الله تعالى.

الاعتصام بحبل الله وحده بعد أن أثبتت الوقائع الجارية على الأرض وفي المحافل الدولية أن ليس للعرب والمسلمين من دون الله من ولي ولا نصير. ثم القيام بحملة دعوية إسلامية عالمية في أمريكا وغيرها من محاور الطغيان، حملة غايتها إعادة هذا المغولي الجديد إلى إنسانيته، وتوجيه قوته المفرطة لإنقاذ نفسه وإنقاذ الإنسانية من عواقب (دارونيته الاجتماعية) المدمرة.

ولتكون الحملة الدعوية المنشودة فاعلة ومفيدة يجب إنشاء مراكز البحوث والدراسات التي تختص بدراسة منابع (المكر الأمريكي) ومساراته المستقبلية، بقصد التعرف على أساليب تزكيته والخروج من سجن الشهوات إلى حرية النظر، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن عبادة البترول والدولار إلى عبادة الله وحده.

وخلال هذه الحملة الدعوية الهادفة إلى نشر الإيمان بالله بين – المغول الأمريكان – ودعوتهم إلى المعروف ونهيهم عن المنكر لا بد من مراعاة ثلاثة أمور هي:

الأمر الأول: إن ما يصيبنا من أذى مرير على يد هذا – المغولي الجديد – إنما هو تسليط إلهي سببه تقصيرنا على حمل دعوة الله إليه، فعندما عقدنا الذهاب إليه، وأنفقنا مال الله في بناء القصور ومتع الدنيا، بعثه الله علينا ليدمر ما علا تدميراً. وقديماً سئل الصحابي الجليل كعب بن أبي عن معنى قوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون). (السجدة –20) فأجاب: العذاب الأدنى: تسليط الروم. والأمريكان والأوربيون هم امتدادات للروم وجيل من أجيالهم. ومنذ أكثر من قرنين، والله يذيقنا من عذابهم دون أن ننتبه للنداء الإلهي ونتنادى بالرجوع إليه سبحانه وتعالى.

الأمر الثاني: هو الصبر على أذى هذا المغولي الجديد، والتحوط من أن يصاب بمرضه، مرض الصراع والبقاء للأقوى، صبراً يفوق صبر تلامذة المسيح على أذى الرومان أسلاف الأمريكان.

الأمر الثالث: هو الحذر الدائم المبصر من – نموذج الإسلام – الذي تريده لنا أمريكا وإسرائيل، ويطالبان حكومات العرب والمسلمين بإخراجه وتعديل مناهج التعليم لتلقينه إلى الأجيال القادمة، تحت ذريعة الحاجة إلى (القضاء على الإرهاب) و (تجفيف منابع التطرف)، كما فعل الإمبراطور قسطنطين الرابع وهو يجبر المجامع المسيحية الأولى على إخراج – مسيحية رومانية – أخضعت الدين للسياسة وإحالته إلى أداة من أدواتها.

الأمر الرابع: أنه مهما قيل عن جبروت أمريكا، وقوتها، ودقة تنظيماتها، وامتداد أذرع مخابراتها العالمية، فعلينا أن لا ننسى – ولو لحظة واحدة – أن الصراع الدائر بيننا وبين أمريكا وإسرائيل إنما تحكمه سنّتان من سنن الله الاجتماعية:

السنة الأولى هي سنة الصراع بين مكر الله – أي تدبيره – ومكر الطغاة وتدبيرهم. ولقد ذكرت تفاصيل هذا الصراع ونتائجه خلال التاريخ الإنساني، في اثني وأربعين موضعاً من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون. فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمرناهم وقومهم أجمعين) (النمل – 50 و 51).

والسنة الثانية، سنة الاستبدال حيث يجري تنفيذ المكر الإلهي من خلال أيدي المؤمنين، فإن لم يتحملوا المسؤولية كاملة تخلى الله عنهم وعزلهم واستبدلهم بقوم غيرهم. ولقد أشير إلى هذه السنة في مواضع متعددة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (محمد – 38). وقوله أيضاً (إلا تنفروا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) (التوبة –39).

الأمر الخامس: عدم تبديد الطاقات – خاصة الفكرية والإعلامية – في محاولة إقناع الإدارة الأمريكية ومستشاريه ورجال القرار فيها ومراكز البحوث ورجال الإعلام بـ (حوار الحضارات) بدلاً من (صراعها) و ( تحديد معاني الإرهاب) بدلاً من (تعميمه)، و (التبرء من الإرهاب) بدلاً من (إلصاقه بالعرب والمسلمين)، لأن هذه كلها – مناديل إسبانية حمراء – توضع أمام الثور لإلهائه عن السهام التي تغرز في جسده، وهي شعارات تم اختراعها في المحطة الثالثة من محطات صنع القرار الأمريكي، محطة صنع القرار Decision Making ثم أرسلوها لأجهزة الإعلام لتعبئة الرأي العام في الداخل، وتبرير سياساتها العدوانية في الخارج.

هذه معالم سياسية في البحث عن – أصول العقل الأمريكي وتطبيقاته – استمدت من آيات الله في الآفاق والأنفس في ضوء بصائره في الكتاب، وسيرى الظالمون أي منقلب ينقلبون.[/align]

ههاهاهاهاها ... مشروع تقدمي بجد !!! يريد أن يضحي بالدنيا في سبيل الآخرة، والاعتصام بحبل الله، ونشر الإسلام بين الأمريكان. والصبر على أذى المغولي الجديد لأنه تسليط إلهي Smile ، والإعداد له من قوة ومن رباط الخيل و"مكر الله" Smile ... أما من أين استمد الكاتب مشروعه، فمن آيات الله "في الآفاق والأنفس في ضوء بصائره في الكتاب". ثم يختم "المشروع التقدمي" بجملة "وسيرى الظالمون أي منقلب ينقلبون" ... 103103103 25
01-20-2012, 01:08 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #28
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
مساء الفل يا كبيرنا يا أبو العلمين

مداخلتك الكريمة لفتت نظرى الى شيئين

1) صورة اللى بيخبط دماغه فى ترابيزة الكمبيوتر خللتنى أقول ألف سلامة

2) وصورة اللى بيطخ زميله بالنار فكرنى بفيلم استيفان روستى لما قال

نشنت يا فالح ...... يا أخى ##########
وع اللى شيلهولك.

15
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 01-20-2012, 11:23 AM بواسطة نادي الفكر العربي.)
01-20-2012, 03:41 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
علي هلال غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,230
الانضمام: Aug 2010
مشاركة: #29
RE: المدخل لدراسة النموذج الغربى
(01-02-2012, 05:06 PM)نظام الملك كتب:  كيف يفكر ... ماذا يحب ... ماذا يكره ... كيف أصبح هكذا ... وكيف سينتهى ..

يفكر مثلما يفكر اي نموذج له مطامع داخلية وخارجية , يريد النهوض بشعبه ولو على حساب الآخرين وما يمنعه من الظلم هو الخوف على مصالحه , مصالحه معقدة فقد يضحي بشعبه في سبيل الوطن والمستقبل وقد يضحي بهما في سبيل شعبه , وما يدفعه الى العدل والقيمة هو التوق الى السعادة, أمتعجب انت على التناقض؟ أولا تعرف ان الانسان دائما متناقض ؟ هو ليس متناقض هو يتغير بتغير الظروف , هو يرى انه ثابت ولكن الآخرين يرونه مختلفا / هو لا يحب ولا يكره ولا يؤمن ولا يكفر ولا يفرح ولا يحزن هو كالآلة من البشر والبشر هم من صنعوه ليخدم افكارهم واحلامهم ويحققها , يتشابه مع البشر ويختلف على قدر الفكرة والامكانية والإنجار الآتون من الحكمة والقوة والظرف / أصبح هكذا منذ أن وُجد وولد بارادته وبارادة الحياة , وسينتهي كما بدأ بارادته وبارادة الحياة .
01-20-2012, 06:32 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نظام الملك غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,265
الانضمام: Apr 2011
مشاركة: #30
الرد على: المدخل لدراسة النموذج الغربى
مرحبا بك يا عزيزى على هلال ومرحبا بمرورك الكريم

النموذج الغربى فعلا له تطلعاته ومطامعه مثل اى نموذج ولكن قد يختلف فى منطقه ومعايره تجاه تقنين المشروعية واستنباط القوانين والأنظمة التى تضفى الشرعية على رغباته وتطلعاته كما وأن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية تعتبر حلقة جديدة من حلقات النمو لهذا النموذج وكذلك مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتى.

فتفكير النموذج الغربى يتغير مع تغير الظروف ولكن منابع الفكر نفسها لم تتغير. وهناك فجوة كبيرة بين المواطن الغربى كمواطن وبين النخبة السياسية والاقتصادية ككيانات ... فجوة تقوم على منطق قيادة القطيع من قِبل راعى بقر محترف متعلم داهية.

وشكرا لك
02-02-2012, 11:39 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  المدخل لإقامة النموذج الإسلامى نظام الملك 17 3,145 06-23-2012, 06:26 AM
آخر رد: نظام الملك
  نحو فهم النموذج السعودى نظام الملك 1 676 06-17-2012, 03:27 AM
آخر رد: نظام الملك
  النموذج المرتجى neutral 24 5,505 06-25-2011, 06:21 PM
آخر رد: مسلم _سلفي
  السقوط المدوى للأعلام الغربى وتوابعه. الحكيم الرائى 22 3,496 08-15-2008, 09:34 PM
آخر رد: الحكيم الرائى
  ويا للهوووووول ...!!!!! ما هو مستقبل شعب لبنان ؟؟ هل سيصبح النموذج للعالم الجديد؟؟ نسمه عطرة 14 3,380 12-01-2006, 12:38 AM
آخر رد: salim

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS