*** البعد التأريخي للمشكلة السياسية :
المقصود - مرة أخرى - بالبعد التاريخي هو ذلك البعد الذي ركزت عليه الحكومة أثناء مواجهتها للتحرك السياسي الجماهيري ، والذي أسسته الحكومة على أساس طرفين : الطرف الأول هو العائلة الحاكمة "المنتصرة" التي "افتتح" جدها (أحمد الفاتح) البحرين واستطاع التغلب على أهلها آنذاك ، وهم المعروفون باسم "البحارنة" . الطرف الثاني (في المعادلة الحكومية الخاطئة) هم البحارنة الذين هزمتهم عائلة آل خليفة في العام 1783م واستولت على أراضيهم وفرضت عليهم الضرائب القاسية وتم محاصرتهم في مناطقهم وعاملتهم على أساس "السخرة" "والرقابية" . والسخرة هي نظام استمر حتى العام 1923 يقوم على ان أفراد البحارنة يتوجب عليهم أن يخدموا في المزارع التي صادرها منهم شيوخ آل خليفة مقابل لا شئ. والرقابية أيضا استمرت حتى 1923 وهي ضريبة كانت عائلة آل خليفة تفرض على كل عائلة (من عوائل البحارنة فقط) دفعها لكل شخص يبلغ من العمر 15 سنة وما فوق . وكانت عائلة آل خليفة تستخدم حرسها الذي تطلق عليه "الفداوية" لمعاقبة البحارنة إذا رفضوا الإنصياع لما تريده منهم .
ينتمي أغلبية البحارنة ، وهو الاسم الذي يطلق على من كان يسكن البحرين قبل مجئ آل خليفة ، إلى قبائل عربية كعبد القيس وبكر بن وائل ، وكانوا يحكمون البحرين على المستوى الداخلي /المحلي لقرون عديدة حتى مجئ الإحتلال البرتغالي في 1521م . استمر ذلك الاحتلال حتى 1601م ، وبعدها استلمت الدولة الإيرانية الصفوية السيطرة على الجزر بعد انقطاع دام قرون. الحكم الإيراني الصفوي (المتقطع بين الفترة 1601 و 1783م) كان ذا صفة خاصة ، فالبحرين كانت إدارتها المحلية أيضا بيد البحارنة ، ما عدا الحاكم الذي كان في الغالب إيراني يعينه الشاه الصفوي . في العام 1700 ضعفت الدولة الإيرانية الصفوية وبدأت تنهار وتعرضت البحرين في ذلك العام لهجوم بقيادة قبائل العتوب (آل خليفة احد فروع العتوب) . إلا أن ذلك الهجوم فشل بعد أن استعان البحارنة بجيش من "الهولة" الذين قدمو إلى البحرين بطلب من شيخ الإسلام آنذاك الشيخ محمد بن عبد الله ابن ماجد (شيخ الإسلام لقب كان يحمله قاضي القضاة ، هو أعلى سلطة دينية آنذاك). إلا أن البحرين تعرضت بعد ذلك للحصار والدمار على أيدي العمانيين عدة مرات وهذا كله أدى "لخراب البحرين" وهروب الكثير من سكانها إلى المناطق المجاورة وسمي هذا العصر بعصر "خراب البحرين" . ومع وصول نادر شاه للحكم (1736 - 1747م) في إيران عاد الهدوء للبحرين بعد أن استعادت إيران سيطرتها. وأصبح حاكم البحرين في هذه الفترة نصر آل مذكور. إلا أن الوضع لم يستقر كثيرا وعادت الهجمات على البحرين التي كانت مستهدفة كونها من أغنى مناطق الخليج بسبب اللؤلؤ والزراعة والتجارة . وأدت تلك الهجمات لتزعزع الإدارة المحلية وانقسام أهل البحرين على أنفسهم والإقتتال فيما بينهم (خصوصا بين العاصمة آنذاك البلاد القديم والمدينة الثانية بعدها جدحفص). أدت الهجمات المتكررة وضعف الإدارة والإقتتال الداخلي لتمكين عائلة آل خليفة من الهجوم على البحرين والسيطرة عليها في العام 1783م . غير أن العمانيين عاودوا الهجوم على البحرين واستولوا عليها ما بين 1799-1801 ، مما أدى لأن يتحالف آل خليفة مع الوهابيين والهجوم على البحرين مرة أخرى . إلا أن الوهابيين استأثروا بالحكم حتى عام 1811 ، وعندها تحالف آل خليفة مع العمانيين ضد الوهابيين وعاودوا الهجوم مرة أخرى (وهذا هو الهجوم الرابع منذ 1700) والإستيلاء على البحرين . إلا أن البحرين لم تهنأ بالإستقرار مما حدا بحاكم البحرين آنذاك إلى التوقيع على المعاهدة البريطانية في 1820م ومنذ ذلك الوقت ضمن الوجود البريطاني حماية لآل خليفة من أي اعتداء خارجي ووفر لهم حرية التصرف بمن كان يستوطن ارض البحرين. بعد ذلك التاريخ انفجر الصراع بين أطراف آل خليفة مما أدى إلى نزوح الكثير من البحرين ، إلى الإحساء والقطيف والبصرة والمحمرة وبندر لنجة وغيرها. وفي 1869 تدخلت بريطانيا ونصبت الشيخ عيسى بن علي حاكما للبحرين ، استمر في حكمه حتى 1923 .
تميز حكم الشيخ عيسى بن علي بالظلم المركز على البحارنة الذين تم استحلال دمائهم وممتلكاتهم وأعراضهم حتى العام 1923 . وكان البحارنة محاصرون في مناطقهم السكنية (الريف حاليا) ولا يستطيعون الهروب من الضرائب المفروضة عليهم إلا بالتنازل عن أراضيهم والخروج من بلادهم البحرين (يتواجد البحارنة بكثرة في المحمرة والحدود العراقية-ايرانية الحالية وبندر لنجة والقطيف - وجميع هؤلاء اضطروا للهروب من الظلم في بلادهم). وهناك من البحارنة من استطاع الهروب من المناطق الريفية إلى المدينة الجديدة (المنامة) التي بدأت في الظهور بصورة رئيسية في القرن التاسع عشر . واخذ هؤلاء يعملون في صناعة اللؤلؤ أساسا ، في خرق اللؤلؤ (فريق المخارقة) ، في بناء السفن (النعيم) وغيرها . وبرزت أيضا المحرق كمدينة رئيسية ، واستطاع الإحسائيون الشيعة العاملون في الحدادة والحياكة والصياغة وغيرها في الإشتغال في كل من المنامة والمحرق . وهؤلاء جميعهم لم يكونوا جزءا من الفئة المحاصرة في مناطقها السكنية من أجل "السخرة" "والرقابية" والضرائب الأخرى .
الفرق بين الشيعة البحارنة وغيرهم من الشيعة الإحسائيين والعجم هو أن الكثير ممن عاش في البحرين قبل العام 1923 كان يفضل أن يعامل كأجنبي قدر استطاعته . فالإحسائيون كان باستطاعتهم اللجوء الى حماية ابن سعود ولذلك فإن آل خليفة لا يستطيعون التعامل معهم كما كانوا يتعاملون مع البحارنة الذين لم يكن أحد يحميهم . وكذلك الشيعة العجم كان باستطاعتهم اللجوء إلى حماية إيران آنذاك . وكان النجديون وكثير من الساكنين في البحرين يحفظون مصالحهم عبر الحصول على حماية خارجية للوقاية من ظلم شيوخ آل خليفة . وهذا يفسر كيف أن الشيعة الإحسائيين لم يعاملوا مثل البحارنة ، وكانت لهم مجالات واسعة في امتهان الحرف المختلفة (الحدادة ، الحياكة ، الصياغة ، الخ ) في كل من المنامة والمحرق . وهذا أيضا يفسر لنا لماذا أن أكثرية الإحسائيين الشيعة هم من الأغنياء أو الطبقة الوسطى . وكان شيوخ آل خليفة يستفيدون من تجارتهم وتجارة غيرهم من خلال رسوم الجمارك التي يدفعها التجار .
أما فئة البحارنة فكانوا "شبه عبيد" كما يصفهم الدكتور طلال فرح في رسالته للدكتوراه حول "البحرين ما بين 1869-1915" . فالشيعة البحارنة المحاصرون في قرى الريف يمثلون مصدر دخل رئيسي لال خليفة من خلال الضرائب المفروضة عليهم كالرقابية وغيرها ومن خلال "السخرة" ومن خلال مصادرة مزارعهم وممتلكاتهم . هذه الفئة المستضعفة "البحارنة" لم تستطع الخروج من قيود الذل إلا في العام 1923 بعد انتفاضة قاموا بها في 1922 وبعد أن تدخلت الحكومة البريطانية لإزاحة عيسى بن علي وتعيين ابنه حمد بن عيسى. حينها طلبت بريطانيا من البحارنة مساندة حمد بن عيسى مقابل إنهاء السخرة والرقابية والفداوية عنهم ومقابل الإعتراف بشهاداتهم في المحاكم وتسجيل الاراضي المتبقية لديهم في السجل العقاري الجديد (دائرة الطابو) لكي يتوقف النهب والسلب المسلط عليهم . وهكذا كان فقد ساند البحارنة حمد بن عيسى (مقابل اخيه عبدالله بن عيسى) وتبع ذلك مجئ المستشار تشارلز بلجريف في 1926 وهو الذي أسس الإدارة الجديدة للدولة ونظم شئونها. غير أن بليجريف وقف أمام المطالب السياسية الإصلاحية بشدة .
يمكن القول أن البعد التاريخي انتهى في العام 1923 مع انتهاء السخرة والرقابية وارهاب الفداوية ، وبدأ بعد ذلك العصر الحديث في البحرين مع بدء التعليم النظامي واكتشاف البترول ونشوء طبقة عاملة واندماج النخبة المتعلمة ضمن مشروع وطني واحد للمطالبة بالإصلاح السياسية . هكذا بدأت المطالبة الوطنية المشتركة (بين الشيعة والسنة) منذ العام 1938 .
*** مواجهة البعد التاريخي للازمة السياسية في البحرين:
ان التاريخ المعقد للبحرين وعدم مواجهته بالدراسة الدقيقة انتج ولايزال العراقيل أمام الحركة الوطنية الإصلاحية لعدة أسباب ، وسوف نتطرق لبعض تلك العقد بالايجاز:
1- إن الحديث عن "البحارنة" من شأنه استثارة فئات المجتمع الأخرى التي قد تتحسس من استعراض تاريخ البحرين المرتبط بجزء من الشعب يسمى "البحارنة" . وهذا المشكلة واجهت الإدارة الحديثة التي أنشأها شارلز بلجريف . فقبل 1923 كان أهل البحرين يطلق عليهم "بحارنة" أو "بحرانيون" . أما آل خليفة والقبائل المتحالفة معها فكانوا يسمون "عربا" ، وبعد ذلك تأتي التقسيمات الأخرى : النجدون ، العجم ، الهولة ، الهنود البانيان ، الحساوية ، الخ. وعندما شرعت الإدارة الجديدة في مطلع القرن في ترتيب شئون الدولة وتسجيل الأراضي واصدار أحكام وتشريعات ، فإنها تورطت في صيغة النسب التي ستطلقها على المواطنين . ولهذا فقد استحدثت مصطلح "بحريني" (في منتصف القرن) لوصف المواطن بغض النظر عن كونه من أية فئة إثنية معينة . ومصطلح "بحريني" ليس صحيحا من الناحية اللغوية ، لأن الذي ينتمي للبحرين يطلق عليه بحراني ، تماما مثل الذي ينتمي لليمن يسمى "يماني" . غير أنه مع وجود الحساسيات من مصطلح بحراني لارتباطه بالبحارنة فإنه يعتبر أحد الحلول لواحدة من العقد التاريخية .
2- حاولت الأوساط المقربة من العائلة الحاكمة الضرب باستمرار على وتر "بحريني " "وبحراني" خلال العقود المنصرمة. ونتج عن ذلك وصف الشيعي بالبحراني ، والسني بالبحريني. إلا أن هذه المشكلة خفت مع الأيام، خصوصا مع التفات الكثير من فئات المجتمع لخطورة هذا التفريق غير الملائم للعصر الحاضر.
3- شارلز بلجريف قسم المجتمع إثنيا وطائفيا ووزع المناصب والنفوذ والدوائر حسب انتماء الفرد أولا ثم حسب كفاءته، وبعد رحيل بليجريف ازدادت المشكلة سوءا لأن الطرف المسيطر من عائلة آل خليفة وجد أن هذا التقسيم الإثني - الطائفي يصب في صالحه مباشرة . ولهذا فإن البحرين تحكم نظريا حسب المواطنة، أما فعليا فإن كل شئ من الوظائف والتعليم ، إلى خدمات المناطق السكنية ، إلى أسماء الشوارع والمستشفيات والمدارس، إلى المحاكم الشرعية (المحكمة الجعفرية تعتبرها وزارة العدل تابعة وليست مساوية للمحكمة السنية) ، إلى الإعلام والتراث وإلى كل شئ في جميع مجالات الحياة ، كله يخضع لحساب دقيق من تفضيل فئة على فئة، حسب الإنتماء الإثني والمذهبي. وقد استفادت الحكومة كثيرا من اللعب بهذه الورقة من خلال فصل أجزاء المجتمع عن بعضه الآخر وتخويف فئة من فئة أخرى .
4- والحكومة لا تخيف السنة من الشيعة فقط وإنما أيضا تخيف الشيعة من السنة. والوقائع تثبت ذلك، فعندما تحرك رموز من الشيعة مع السنة في العام 1992 و1994 ، أرسل رئيس الوزراء أعوانه من التجار ورجال الدين الشيعة لعدد كبير من الرموز التي تحركت يقولون لهم "مالنا والتحالف مع السنة الذين سيجلبون السعودية للقضاء علينا" . رموز الحكومة نفسها ذهبت إلى المحرق (مركز ثقل السنة في البحرين) لتخويف أبناء السنة من الشيعة "الذين سيتحالفون مع إيران للقضاء على السنة" حسب تعبير رموز الحكم . وكانت الرسالة التي أرادت توجيهها الحكومة في يونيو 1996 عبر البث التلفزيوني لمجموعة من شباب الشيعة المعذبين واضحة عندما فرض جهاز المخابرات على أولئك الشباب التصريح على شاشة التلفزيون بأن "المسئولين الإيرانيين حرضوهم لاستلام الحكم لأن الشيعة أكثرية" . كانت تلك الرسالة الحكومية واضحة فهي تلعب على تخويف كل فئة من أخرى . وقد اقتنع عدد من العاملين في الحركة الإصلاحية (من السنة) بكلام الحكومة وتراجعوا عن المطالبة بالإصلاح السياسي .
5- ان العقدة لدى الطرف النافذ في العائلة الحاكمة يتركز على البحارنة الذين يعيشون في الريف أكثر من أي فئة أخرى منهم. وهذا الطرف لم يكن سينزعج لو أن رموز التحرك السياسي من البحارنة جاءوا من المنامة (كما كان في الخمسينيات) ولكن أن تأتي رموز التحرك من الريف البحراني يصبح بعضهم رموز وطنية تستقطب الساحة. وهم الذين كانوا شبه مستعبدين حتى 1923 ، فهذا أمر لم يقبله ذاك الطرف.
6- ان الحديث عن البحارنة واعتبار كل شيعي بحراني أمر خطير. فالشيعة في البحرين يتكونون من البحارنة والعجم والاحسائيين وغيرهم ممن وفدوا واستقروا في البلاد . وورد عن رئيس الوزراء استدعاءه لرموز العجم وتحذيرهم من "مشاركة البحارنة" أثناء التحرك السياسي في منتصف التسعينات. وعندما اكتشفت المخابرات أن شباب ورجال العجم في المحرق والمنامة والمناطق الأخرى ، شاركوا بصورة أساسية في التحرك الوطني جن جنونهم ومارسوا اضطهادا بشعا بحق عوائل بأكملها بصورة أشرس من الاضطهاد المسلط على البحارنة. ومن ذلك سحب حقهم في الحصول على جواز بحريني وطردهم من البحرين باسلوب خاص وبشع جدا.
7- الحديث عن البحارنة وكأنهم فئة واحدة عدوة لآل خليفة بأكملها غير صحيح . فالحكومة تود طرح هذا القول وتعزيزه . صحيح أن العذاب والتمييز موجه ضد الشيعة البحارنة بصورة عامة ، إلا أن الصحيح أيضا هو أن عددا مهم من رموز البحارنة (تجار ورجال دين ورؤساء مآتم) ارتبطت مصالحهم مع رموز العائلة الحاكمة ، وهذه الرموز - رغم قلتها - استخدمتها الحكومة بصورة شرسة لتفريق البحارنة فيما بينهم ، كما استخدمت غيرهم في تفريق فئات المجتمع الأخرى . وهذه القلة من رموز الشيعة لا يهمها أي شئ ولا تطالب بأي إصلاح وطني سوى الإستمرار في الحفاظ على مصالحها الشخصية حتى ولو كان ذلك على حساب المواطنين جميعهم سواء كانوا شيعة أو سنة .
8- رغم أن الطرف النافذ في العائلة الحاكمة يدعي للسنة بأنه يحميهم ضد "الخطر الشيعي" ، إلا أنه لا يثق بالسنة. ولعل اكبر دليل على ذلك انه عندما قررت الحكومة استخدام الأموال والمساعدات التي حصلت عليها من الإمارات والسعودية لمضاعفة الإمكانيات العسكرية والأمنية لم تعتمد على السنة ، استعانت بآلاف البدو السوريين والأردنيين وجنستهم، كما جنست البلوش وغيرهم من العاملين في الجهاز الأمني .
9- أخلصت الحكومة كثيرا لسياستها التفريقية القائمة على التمييز بين المواطنين على أساس إثني ومذهبي. فخلال التحرك السياسي الذي بدأ منذ العام 1992 وازداد حده بعد عام 1994 لم تعتقل أجهزة الأمن من المواطنين السنة الذين رفعوا المطالب ذاتها إلا عدد محدود. وقد فضلت أن تمارس إرهابا من نوع آخر ضدهم أدى لفصل رموز وطنية هامة من وظائفهم وتدهور صحة اخرين.
10- المعارضة التي تصدت للتحرك السياسي أيضا أخلصت لطرحها وجاهدت كثيرا لكي لا تنزلق في النهج الحكومي. ومع كل ما قد يقال فإن الخطاب السياسي استمر شاملا للجميع دون تفريق بين المواطنين واستمرت الأهداف المطروحة مرفوعة رغم السياسة الطائفية الرسمية. وقد أدى إخلاص المعارضة لأهدافها أن تتراجع الحكومة (ولو من الباب الخلفي) أمام تلك المطالب من خلال السماح لبعض النقاش حول الاصلاح السياسي المطلوب في بعض الندوات وفي بعض المقالات الصحافية وفي بعض التقريرات السياسية . وبعد أن كانت الحكومة تتحدث عن "مسح القرى" في العام 1996 ، بدأت الحديث عن "انتخابات بلدية" في العام 1999 .
11- إذا كان هناك من درس يستلهم من الأحداث السياسية في الأعوام الماضية فهو أن الإنتصارات التي حققتها المعارضة (اعتراف دولي بوجود حركة إصلاحية وشجب دولي لإنتهاكات حقوق الإنسان ، وتراجع حكومي عن فكرة "مسح القرى" ، وانتشار واسع وعميق لثقافة حقوقية مقبولة إسلاميا ودوليا وتعزيز التكافل الإجتماعي والمشاركة في الآلام والأفراح والشعور بالكرامة الإنسانية رغم الظلم والتعذيب ، وغيرها من الإنجازات بعيدة المدى) لم تكن ستتحقق لو انجرت المعارضة لسياسة التمييز العنصري والطائفي والقبلي التي انتهجها الطرف النافذ في العائلة الحاكمة. إن مستقبل البحرين حددته انتفاضة التسعينات وتضحيات الشعب وهو مستقبل سيجد الظالم نفسه معزولا ليس محليا فقط، وإنما إقليميا ودوليا ، ولا مجال له إلا الاعتراف بالحقوق السياسية لاهل البحرين (سنة وشيعة) وفتح الباب أمام الإصلاحات السياسية وضمان كرامة المواطن بغض النظر عن انتمائه الإثني والطائفي .
http://www.vob.org/arabic/truth/truth18.htm