من نفسي..
وإلى نفسي..
إلى من أحبهم..
إلى من يحبونني
إلى من سيشاركونني في أعماقي...
إلى من سيقرأ وني..
إلى من سيقتطعون من حياتهم دقائق معدودة..
أحبكم جميعاً :wr:
وأنتظرُ نصائحكم بشكل جادّ
أرجوكم .. أرجوكم ..
بل أعتذر
فأنتم أكرمُ من أن أرجوكم!!
---------------------------
الـريـح تـلـهـث بـالـهـجـيـرة*
كـالـجـثـام عـلـى الأصـيـل
وعـلـى الـقـلـوعِ تـظـلّ تـطـوى،
أو تـنـشـر لـلـرحـيـل
زحـم الـخـلـيـج بـهـنّ مـكـتـدحـون جـوّابـوا بـحـار
من كل حـاف نـصـف عـاري
وعـلـى الـرمـال، عـلـى الـخـلـيـج
جـلـس الـغـريـب:
يـسـرّح الـبـصـر الـمـحـيـر فـي الـخـلـيـج
ويـهـدّ أعـمـدة الـضـيـاء
بـمـا يـصـعـد مـن نـشـيـج
أعـلـى مـن العـبـاب يـهـدر رغـوه،
ومـن الـضـجـيـج…
-----------------------------
هذه ليلة قمراء، من شتاء تشرين الثاني عام 2004 ، في مثل هذا اليوم من سنة 99 ، وفي مثل برده القارص، تيسّر لي أن أفتح أول صفحة إنترنت؛ كانت صفحة من المنتديات التابعة لمجلة "الديت نت" التقنية الإلكترونية، بصفحاتها الصفراء، وقد عرفتُها عن طريق أبي الذي كنتُ أتابعه وهو يتصفحها بداية دخول الإنترنت إلى السعودية، وقد كان التاريخ حينها يسجّل بأسى أن السعودية هي آخر دولة خليجية تقدم خدمة إنترنت لمواطنيها.
غادر والدي جهازه الخاص، وجلستُ مكانه، و وجدتُهُ فاتحاً صفحةً بخلفية صفراءَ، بها عناوينٌ كثيرةٌ وأسماءٌ مستعارة لأصحاب هذه العنواين، فتحت ما شدّني منها، فكان موضوع "يوميات مربوش ومربوشة" .. كان الكاتب يأتي بيوميات عن هاتين الشخصيتين الساخرتين وكانت الردود تتوالى عليه تشجيعاً وتعليقاً وإضافة. وقد كانت أول مرة في حياتي أقرأ فيها نصاً نجديّاً (نسبة لنجد بوسط السعودية) شعبيا، وقد كان الموضوع متعباً جداً، لأني لم أعتد إطالة القراءة من شاشة الكمبيوتر المزعجة. لم أكن مهتما بالديت نت تلك الفترة، ولا لمنتديات إنترنت، بل كنتُ حاصراً جل اهتمامي لمتابعة أحدث المعلومات عن طرق الإختراق وبرامج الحماية منه، والبحث عن برامج كومبيوترية بعضها لاكتشاف كلمات السر في جهازا الكمبيوتر، وأخرى برامج عبثية للتسلية وغيرها.. المهم .. بعدها بأشهر كنت أرى أبي يتصفح موضوعات عن الشيعة، وكانت الصفات مرتبة أكثر من تلك التي في الديت نت، وبشكل تقني أكثر تطوراً، كانت تلك .. "الساحة العربية".. !!
بعدها بأشهر شاركتُ في "أنا العربي"، ثم في منتديات "الموسوعة الشيعية" تحت إسم "أبوالقاسم"، تعرفت منها على مشائخ فضلاء من الشيعة ومنهم الشيخ "رائد الشيخ جواد" والشيخ "عبدالحسين البصري" المشرف على القسم العام فيها والشيخ "فاضل25" والشيخ "طاهر الخزاعي" وكذلك الأخ "Lion King" (يعرفه الرفاق هنا باسم "نصير المهدي") .. وكنتُ أيامها أتابع الشيخ "رحمة العاملي" وحواراته مع المسيحيين كما كنتُ أقرأ للشيخ "عمار بن ياسر" و"الشيخ العاملي" ومشائخ سلفيين كـ "مشارك" و"سيف التوحيد" و"محمد إبراهيم" (أكبر شيخ سلفي له قدرٌ عندي) وكلها أسماء تابعتها بشغف شديد، خاصة وأنا أشهد طعان الشيعة لعقائد الوهابية..
كنتُ جذلاً جدا بكل ما يُكتب، وكنتُ أشارك في بعض هذه الحوارات، لا إيماناً حقيقيا أوانتصاراً للحق، وإنما نتيجة للقهر الذي عشته وأنا أرى قومي (شيعة السعودية) مظلومين مقهورين يُتهمُون في عقائدهم بالضلالة في الكتب المدرسية، وبالتجهيل والابتداع ويجبر أبناؤهم على دراستها، وفي كتب التاريخ إذ يصورن بشكل غير مباشر على أنهم ظهروا من منابع الحقد على الإسلام وأنهم ذووا ذهنية تآمرية، وأنهم اكتسبوها عن منشئهم المنسوب زوراً لعبد الله ابن سبأ اليهودي؛ كما كنتث أقف بكل أسى على سكوت الجهات الرسمية عن التجاوزات المتكررة من أطراف ذات شأن، كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي تحجب صفحات الشيعة والكتب التي تعرف بهم وبمعتقداتهم، والمواقع التي تحتوي أناشيدهم الدينية ولطمياتهم، وقد بلغ الأمر بـ"مدينة الظلام" أو هكذا أطلق عليها الجمهور الغاضب، أن تحجب موقعاً هو موقع "قرية المطيرفي"، وهو مجرد موقع محلي لأصغر قرية في الأحساء .. ورغم النداءات المتكررة التي وجهها أصحاب الموقع لإزالة الحجب، لكنها لم تلقى تجاوباً إلا مؤخراً، وقل عدة أشهر فقط، كما كان يستطيع السلفيون أن يهاجموا الشيعة في وسائل الإعلام، وكان الشيعة يمنعون من الرد .. وكنتُ أشاهد كيف كانت الحكومة تغلق المنابر الدينية للشيعة حسينياتهم، فقط لأنها كانت تحدُثُ فيها ممارسات وطقوس التطبير التي يمارسها بعض الشيعة، وكنتُ أرى الاعتقالات السياسية لبعض الذين كرسوا جهودهم لنشر مذهب التشيع واتخذوا موقفا مناهضا صراحة ضد المناهج الدينية في البلاد، ومنهم معارفٌ وأقارب لي، وجاري كان أحدهم
كنتُ أرى السلفيين وهم يطلقون الأكاذيب في مواقعهم، وأشاهد كيف أنهم كانوا يعيدون طباعة الكتب المهاجمة للشيعة تلك التي كانت قد ألّفت إبان الأزمة العربية مع إيران، وكانت بالطبع تتبناها حكومة آل سعود في عهده، طويل العمر، أي سيدي ومولاي صاحب السمو الملكي، الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن حفيد الإمام محمد سعود الكبير حفيد مرخان من وائل.. إلخ (قسماً بربي أنا لا أسخر من أحد)
المهم، كنت أشهد هجمات الهكرز بقيادة مجموعة الملاك الطائر (عايض الدوسري) وقد كان وقتها معيداً في قسم العقية بجامعة الملك سعود، وكذلك الصارم المسلول (يوسف العييري) صاحب منتدى أنا المسلم والذي لقي مصرعه قبل عام أو عامين في اشتباكٍ مع قوات الأمن السعودية في مدينة حائل، شمال السعودية، وكل هذه الهجمات التقنية أدت إلى ردود مقابلة من طرف الشيعة وكنت أشهد أقوى وأكبر عملية وقد كانت على يد فتى الشيعة في منتديات شيعة لنك، بعد أن طرح برنامجاً وشرح كيفية استخدامه وذلك لاختراق مواقع الخصوم، وتم ذلك حين سقط سحاب لبعض الوقت ثم عادت
في تلك الفترة، بداية سنة 2000، بدأاتُ المشاركة في شبكة هجر، وقد كان التقنيون فيها (كعجائز ترميهم عصابة من الأولاد بالحصى والأوساخ) ..
وبين هؤلاء وهؤلاء، كان هنالك هاكرز مغمورون يشاركون في تلك الهجومات المتكررة، حتى ظهر أحدهم ويدعى الجلاد هاكرز وقد أنشأ موقعاً لمهاجمة بعض أعضاء شبكة هجر ذك الوقت ومنهم مالك الحزين، وشجرة الدر (وهي سنية وهابية متعصبة للسعودية بالمناسبة) ومع ذلك لم يردع ذلك الجلاد هاكرز من قذفها ورميها بكل جهالة فقط لأنها تجرأت فتناقشت مع الشيعة والعلمانيين، وكذلك لم يسلم من هجومهم موسى العلي، صاحب شبكة هجر، الذي نسبوا له صورة ليست له زعموا أنها صورته مع عاهرات إيرانيات) وشتان بين موسى العلي في الصورة، وموسى العلي على أرض الواقع
كان الجو مشحونا، والصراع محتدما، ولا معنى لكوني علمانياً أو لامنتميا متفرداً بأفكاري، فأنا إما مع السلفيين أو ضدهم.. كنتُ أعيش في دوامة، فإنترنت هي فرصة لأعلن منه عن رفضي لكثير مما تؤمن به الشيعة، وكان الإسم المستعار وجاءً لي من ردات الفعل التي كانت ستعقب هذا الإعلان عن أفكار مخالفة للمعتقدات العامة في بيئتي والسائدة في بيتي وبين أصدقائي لو أنني جهرتُ بها، لكنني كنتُ دائماً أقول، إن مهاجمتي للشيعة ستكون في مصلحة السلفيين المتعصبين، وستصب بالنهاية في الرصيد الإعلامي السلفي الموجّه لمهاجمة الشيعة.
كانت فوبيا الفرقة الناجية تعشعش في عقول المعيز، وكان المخالفون كلهم سواء .. خطر على الإسلام والمسلمين!! .. لم يكن هناك في حينها حظور بارز لمختلف الفرق الإسلامية من إباضية وزيدية وإسماعيلية ومعتزلة وماتريدية وصوفية وغيرهم، ولم يكن يبرز بشكل واضح صراع العلمانيين من قوميين وليبراليين وشيوعيين واشتراكيين، لم يكن صراعهم بحجم الصراع الشيعي - السلفي أبداً، كما أن العلمانيين كانوا أقلية صغيرة جداً، وكان أقطابهم لا يتغيرون، فنفس الأسماء التي كانت في "المنتدى الفلسطيني" .. كانت تنتقل برتابة وحذر، إلى المنتديات الأخرى مثل "الديت نت"، و"أنا العربي"، مروراً بـ"هجر"، والمنتديات المغمورة التي كانوا ينشؤونها (أي العلمانيين) من وقت لآخر ، لا يحضرني أي إسم منها فلقد كانت هذه المنتديات تبقى فترة ثم لا تلبث أن يهجرها الأعضاء إلى مكان آخر آهل بالمخالفين الذين يقرأونهم ويكسبونهم جماهيرية أكبر، كانوا يقيمون هذه المنتيات على سيرفرات غير مستقلة، وكانوا يقيمونها في مساحات مجانية على سيرفرات الشركات التي تمنح تلك الخدمة، أو يستفيدون من مواقع تعطي منتديات مجانية كالجهراء نت
وقد كانت للعبد لله تجربة مع الأخيرة، حين حجزتُ منتدى أسميته أحرار، وكان عنوانه
http://www.ahrar.8m.com وكان هذا المنتدى متزامناً مع اختراق منتدى شبكة هجر، فانتقل كثير من الزملاء إليه مؤقتاً، وحتى أنا لم أسلم من "خوابير" الهاكرز، وقد أوقعوني في مواقف محرجة لا أحسد عليها (حسبي الله عليهم)
المهم، كنتُ قد سئمت الحوارات الطائفية، وكنتُ أفكر ملياً في نفسي المتعبة المثقلة بالشبهات، بعضها كنت أجد جوابه عند مشائخ منطقتي، ولكنني لا أقتنع به، وبعضها الآخر كان مختزنا في ذهني...
* من قصيدة غريبٌ على الخليج، لبدر شاكر السيّاب
يتبع...