بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس:" أريد منك أن تكتب قصيدة من الشعر المرسل موجهة إلى الذين تخلوا – نتيجة الإخفاق الكامل للثورة الفرنسية - عن أي أمل في مستقبل أفضل للإنسانية " من صامويل كوليردج إلى وليم ووردزورث - 1799
إن الرؤيا الأصولية تعتبر أن لحظة التمام والكمال حصلت في الماضي، وأنه كلما ابتعدنا عن تلك اللحظة فسدت البشرية ، وبالتالي فالتقدم بالنسبة لها يكون في العودة إلى الوراء، إلى عهد بعينه حيث الأصول الأولى للعقيدة .. إلى لحظة اللحظات. إن تعلق الأصوليين التكريسي بالماضي يجعل من باقي الأزمنة مجرد وقتا ضائعا في مسرحية أُختتمت بالفعل ، فما أهمية العرض المسرحي الذي شاهد الناس فصله الأخير ؟.هذه الرؤية تتناقض بالكلية مع ما تعلمته البشرية خلال القرن العشرين ، تعلمنا أن الكون يتطور باستمرار و أن المستقبل لا الماضي هو أفضل التاريخ ، إن الجنس البشري صار أطول عمرا و أقوى جسما و أفضل صحة و أكثر ذكاء و مقدرة و أكمل أخلاقا و سلوكا،و أهم من ذلك كله أقدر على المعرفة . إن الادعاء بأن وظيفة الجنس البشري تنحصر في محاكاة عهد بعينه ، تهدر قيمة الحياة كأعظم عطايا الإله ، إن رحلة الحياة أجل من أن تكون سبيلا لغاية مسبقة ، فما بالك أن تكون سبيلا إلى الماضي التعيس ، ثم يبقى السؤال الأهم كيف كانت لحظة الكمال تلك و كيف كانت مدينتها الفاضلة ؟.
لا تنقلب المجتمعات إلى النقيض بين يوم و ليلة ،و لكنها تتطور ببطء نتيجة لتغيرات في واقعها المادي ، من الطبيعي أن الدعوة الأخلاقية السديدة و الإرشاد الروحي و تنظيم الفوضى الجنسية كلها تؤدي إلى توجيه التغيرات الكبرى والإسراع بها و لكنها لا تصنعها . لم يكن مجتمع الصحابة في مكة و المدينة و ما بينهما استثناء من القانون العام ، لهذا جاء المجتمع نسخة معدلة من المجتمع الجاهلي بكل خصائصه ،أما التطور الشامل في شكل المجتمع و علاقاته فلم يأت سوى متأخرا خلال عملية تاريخية طويلة اعتمدت بالأساس على معطيات الواقع المادي الجديد ، و لم يكن ذلك الواقع الجديد سوى محصلة لعمليات الغزو الاستيطاني التي استهدفت المجتمعات المتحضرة المجاورة ، بالقطع لم تكن كل تلك التغيرات ممكنة و بالطريقة التي تمت بها بدون الإسهام الفريد للنبي محمد و دعوته لكن ذلك لم يغير كثيرا من طبيعة مجتمع الصحابة كمجتمع صحراوي بدائي لا علاقة له باليوتوبيا ( المجتمع المثالي الفاضل ) التي يصورها الدعاة ، فاليوتوبيا هي مجرد شوق بشري إلى العدل و الكمال لم يتجسد أبدا في أي مكان و خاصة في يثرب .
لن يكون حديثنا جديا لو تحدثنا عن الحياة المادية وما أبأسها لقوم يعيشون على التمر و أكل الضب و الجراد و التداوي ببول الإبل ، فحتى (السلفيون) لا يجادلون في تفاهة مثل تلك الحياة التي تتجاوزها أبعد القبائل البدائية عن العمران ، و لكن سنفترض أن المقصود باليوتوبيا هو تحديدا ما كانت عليه النظم الأخلاقية و القيم السلوكية ، حتى في هذا الجانب الأخلاقي لم يكن مجتمع الصحابة يوتوبيا مع كافة مستويات التسامح .
يتغافل العقل الأصولي عن حقيقة أن مجتمع الصحابة مجرد مجتمع بشري كغيره من المجتمعات و يعتقد أنه كي نثبت النبوة للرسول محمد لابد أن نحيل الصحابة إلى ملائكة مجردين من النواقص ، فجميع الصحابة أقوياء شجعان كرماء يتميزون بالعفة و حسن الخلق ،وهذا كله يجافي الطبيعة البشرية و يناقض حتى النصوص القرآنية التي تحدثت عن كثير من نقائص الصحابة و عيوبهم بما في ذلك شيوع ظاهرة النفاق التي كانت موضوعا لكثير من الآيات. تشكلت صورة النبي محمد و أصحابه في العقل المسلم خلال أجيال طويلة و مجتمعات مختلفة في طبيعتها عن مجتمع يثرب ، و مع تقدم الزمن و ازدياد البعد الجغرافي أضيف الكثير من المعجزات و الصفات الخارقة إلى تلك الصورة وصولا إلى نوع من التجريد و القداسة حتى أصبحنا في مواجهة مجتمع أسطوري فيه من أخيلة الشعوب الإسلامية و تراثها الميثولوجي بأكثر مما فيه من التاريخ ، و هكذا عندما نضع كتب السير و المغازي في دراسة مقارنة سنجد أن معجزات النبي و مثاليات الصحابة تزداد باطراد كلما ابتعدنا عن زمن النبي بينما يقل المكون التاريخي الموضوعي ، هذه الحقيقة ستبدو أكثر جلاء لمن يشاهد برنامج معاصر مثل على خطى الحبيب لعمرو خالد و يقارنه بسيرة ابن هشام أو ما وصلنا عن سيرة ابن إسحاق .
لليوتوبيا بقية .:nocomment:
|
|
04-24-2006, 04:16 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس:" ألا آخذ لي من ابنة مروان ! " النبي محمد .
تنويه : ترددت كثيرا في نشر هذه المداخلة خشية أن يساء فهمها و أن يراها البعض قدحا في النبي محمد وهو شيء يتناقض مع تقديري للرسول كأحد أهم الرموز التي شكلت عالمنا المعاصر ، و لكنني وجدت أني لا أستطيع أن أرفض يوتوبيا المدينة التي يبشرنا بها دعاة التأسلم دون أن أوضح ذلك بشكل تطبيقي بعيدا عن الطرح النظري الذي عرضته في مداحلتي السابقة ، فقط هؤلاء الذين يعبدون محمدا سيصدمون فمحمد كما يراه المنصفون هم ابن زمانه و مجتمعه بل هو نموذجه الأعلى ،و نحن لا نطالب محمدا بأكثر من ذلك ، نحن نعيش زمنا آخر مختلفا تماما له قيم محتلفة و لا نتوقع أن نخضع النبي محمدا لقيمنا نحن و نحاسبه بها كما لو كان معاصرا ، إن النبي محمد لم يصنع مجتمعه المتخلف ماديا و معرفيا و لكنه سعى مخلصا لإصلاحه ، إننا اليوم نعيش في زمن أفضل من كل الأزمنة السابقة نتيجة الجهود المخلصة لكل المصلحين و القادة السابقين و بينهم بل و في مقدمتهم النبي محمد ، هذا شيء و كون مجتمع النبي في المدينة كان مجتمعا مثاليا أو حتى مجتمعا متحضرا شيء آخر بعيد تماما ، نعم كان محمدا رجلا عظيما يعيش في مجتمع شديد التخلف ، و هكذا عاش كل المصلحون الكبار !.
الفوضى الجنسية : عندما نضع واحدا من أهم عناصر الاجتماع مثل علاقة الرجل و المرأة رهن الدراسة سنجد أن نظرة الصحابة للمرأة تطابقت مع تعديل طفيف و نظرة العربي قبل البعثة المحمدية ، و التي ترى من المرأة فقط الأنثى التي لا تصلح لشيء إلا أن تكون وعاءا لشهوة الرجل ، و كان من الطبيعي لهذه النظرة البدائية أن تفرز نوعا من البهيمية الجنسية !، لم تكن الفترة التي قضاها النبي في المدينة وهي التي تتجاوز بالكاد عشر سنوات كافية لتغيير السلوك الجنسي المنفلت ، لهذا نجد أن كتب السيرة و علوم القرآن حافلة بكم هائل و صادم من الانفلات الجنسي مثل الاغتصاب و الزنا و الدخول على المغيبات ، بالإضافة إلى ما هو دون ذلك مثل الجماع في نهار رمضان و في الإحرام و أثناء حيض الزوجة أو استحاضتها ! ، هذا الانفلات الجنسي يطالعنا أيضا في سلوك الكثير من الصحابة الذين يتلذذون بممارسة الجنس مع أسيرات بعد مقتل الزوج أو الأب بسويعات قليلة ،و آخرون يضاجعون السراري يوم وفاة الزوجة ، كما مارس الصحابة في حياة النبي زواج المتعة ،وهو نكاح موقوت مأجور لا يشبه في شيء الزواج العصري الكريم . هناك جانب آخر يبدوا قانونيا و لكنه لا يعتبر أخلاقيا لدى الكثيرين بمعايير الحضارة المعاصرة ، ذلك هو السماح بتعدد الزوجات غير المقيد ( سوى بأربع زوجات في وقت واحد ) بالإضافة إلى عدد غير محدود من السراري و الإيماء و ملك اليمين ، تتعدد الروايات حول الانفلات الجنسي المشروع منه و المحرم فنجد صحابيا شهيرا من كتاب الوحي هو المغيرة بن شعبة تزوج 99 امرأة رغم ذلك أتهم بالزنى عندما كان واليا على البصرة -أثناء خلافة عمر - مع امرأة تدعى أم جميل في خبر مشهور ورد في العديد من كتب السير و التواريخ !، هناك واقعة لا يخلو منها كتاب من كتب الفقه هي واقعة زنا ماعز و الغامدية ، تلك الواقعة لم تكن فريدة في بابها فهناك وقائع عديدة مثل واقعة بصرة بن أكثم الذي اشتكى للنبي أنه تزوج بكرا فوجدها حبلى ،و آخر من بلعجلان حدثنا ابن عباس أنه اشتكى للنبي لأن عروسه لم تكن عذراء فدعاها النبي للسؤال و لما أنكرت تلاعنت مع زوجها فأعطاها التبي المهر ،وهناك هلال بن أمية من أعيان الصحابة الذي اشتكى خيانة زوجته دون بينة أو شهود فحده النبي رغم علمه بصدقه و أن زوجته خؤون ، هناك أنصاري آخر هو عويمر بن أبيض العجلاني دخل بيته فوجد رجلا ممتطيا زوجته فرفع الأمر إلى محمد و تلاعنا أمامه ، هذه الفوضى هي ما سعى النبي إلى تنظيمها عن طريق التشريع كتحديد الزوجات بأربع و تغليظ عقوبة الزنا الذي يبدوا أنه كان منتشرا في المدينة إلى الحد الذي منع فيها الرسول أصحابه من العودة ليلا إلى منازلهم من سفر حتى لا يجدوا ما يسؤوهم ، لهذا لن نعجب أن رجلا مثل عمر يدفع أبي بن كعب في صدره عندما كان يستقرأ الرسول آية الرجم ليكتبها قائلا :" تستقرئه آية الرجم ،وهم يتسافدون تسافد الحمر " ،واصفا أهل يثرب بأنهم يمارسون الجنس كالحمير ، ذلك كله لا يعني أن مجتمع المدينة كان أكثر فجورا من غيره من المجتمعات البدائية المناظرة ،و لكنه أيضا لم يكن مجتمعا عفيفا مثاليا .
العبودية مشروعة : كانت العبودية وضعا شرعيا في يوتوبيا الجزيرة أقره النبي محمد و نظمه ، و الإسلام يوصي بحسن معاملة العبيد ،و يشجع على تحريرهم و يجعل ذلك كفارة عن ذنوب عديدة ، و لكن ذلك شيء مختلف عن تحريم العبودية ، و من المؤكد أن النبي و الصحاية امتلكوا العبيد و الجواري و أنهم عاشروا الجواري معاشرة الأزواج ثم ورثوهن لأبنائهم كعادة كل الشمجتمعات القائمة على العبودية !، جاءت الفتوحات الإسلامية لتدفع بأعداد هائلة من العبيد و الإماء إلى بيوت الصحابة و أبنائهم ،و سرعان ما ساد المجتمع الإسلامي نسق اجتماعي قائم على العبودية حتى سنوات قليلة حينما أَُجبِرت المجتمعات الإسلامية على نبذ العبودية تحت ضغط دولي ،و العبيد هم من الأسرى في الحروب و من المستجلبين بشكل أو آخر أو المولودين في العبودية ، ولم تكن للعبيد حقوق قانونية كالأحرار بل كانوا مملوكين لسادتهم بما في ذلك دمائهم و فروج إناثهم ، نجد اليوم كثير من الدعاة حسني النية الذين يعلون من شأن العبيد في الإسلام حتى تحسب العبودية نعمة و تتساءل لم لم يتجه الأحرار طوعا إلى تلك العبودية الرائعة ؟.
صراعات دموية : كانت حياة المسلمين في المدينة نزيفا دمويا مستمرا فخلال عشر سنوات هي كل حياة الرسول في المدينة خاض خلالها 27 غزوة و أفرز 47 سرية بمعدل معركة كل 45 يوما !، جاءت معارك الرسول مع أعدائه غاية في القسوة و العنف بعيدا عن معايير الفروسية التي وضعتها الحضارات الراقية ومارسها المسلمون أنفسهم أثناء ازدهار إمبراطوريتهم بعد ذلك بقرون ، شهدت تلك المعارك خروقات كبيرة مثل قتل الأسرى و التخريب ، و للإنصاف يجب أن ننوه إلى أن التدني في أخلاقيات القتال لم يكن نتاجا إسلاميا و لكنه كان سمة مجتمعية لقبائل بدائية سادت الجزيرة و قتئذ ، أسر المسلمون في بدر سبعين أسيرا كان فيهم النضر بن الحارث و عقبة ابن أبي معيط ، و كانا على قدر من معرفة بالعقائد و تاريخ الأمم و الشعوب و لهذا كانا يجادلان النبي و يحاولان أن يسفها أفكاره و يخطئان القرآن مما يثير غضب النبي ، و كثيرا ما كانا يجلسان مجلس النبي عقب انصرافه ويقولان للجماهير : " تعالوا نقول لكم أفضل مما قال !" ، تشاء الأقدار أن يقع النضر و عقبة معا في الأسر يوم بدر فيأمر النبي بقتلهما، رغم هذا فقد أبدى النبي ندمه عندما تصالح مع قريش بعد فتح مكة على تسرعه بقتل النضر متمنيا لو كان من عليه بدلا من قتله ، مما يؤكد أن النبي لم يقتله لحكم ديني لا يستطيع تغييره بل بدافع الغضب البشري الذي يندم أمثال النبي من الحكماء عليه ، في سلوك مشابه قتل النبي أسير أحد الوحيد أبا نمرة بن عبد الله لأنه غضب من سلوكه ، أما في غزو بني النضير أمر النبي بتقطيع النخل و الأشجار و حرق المزروعات و غيرها مما كان يدعونه الفساد وهو ما كان ينكره النبي في معاركه السابقة ، أما في خيبر فقد خالف المسلمون مبادئ القتال و قاموا باغتصاب نساء اليهود على الملأ فلم يستطع النبي منعهم سوى من اغتصاب الحبالى فقط حتى لا يروا زرع غيرهم .
أبطال و أبطال : في مواجهة الهزائم التي توالت على العرب و المسلمين في العصور الحديثة لا يتوقف الدعاة عن تلميع بطولات الصحابة طامسين الصور السلبية ، فالصحابة لم يكنوا سواء في البسالة و المهارات القتالية ، نستطيع اليوم أن نتبين تفوق الأنصار في فنون القتال وهم من كانوا يفتخرون بأنهم فرسان الحلبة ورثوها كابر عن كابر و لكن كثير من المهاجرين لم يكنوا كذلك ، ففي غزو أحد وجدنا كبار المهاجرين يفرون عن رسول الله هروبا إلى قمة الجبل طلبا للحماية بعيدا عن سنابك الخيول التي يقودها خالد بن الوليد و عكرمة بن الحكم بن هشام حتى كان النبي يشكو قائلا :" ما أنصفنا أصحابنا !" ، بينما لم يكتف بعض من الصحابة مثل عثمان بن عفان و أبو حذيفة ابن عتبة بالهروب إلى قمة الجبل بل فروا من المعركة كلها إلى موضع يبعد 30 ميلا و لم يرجعوا إلى المدينة إلا بعد ثلاث أيام قضوها يستطلعون الأخبار و لم يعودوا إلا بعد أن وصلتهم الأخبار بعودة النبي ، حتى أن الرسول عاتبهم قائلا :" لقد ذهبتم فيها عريضة " ، إن أبعد الأشياء عن تصورنا أن الشجاعة في القتال هي فضيلة دينية و لكن أيضا نؤكد أنها نقيصة بشرية لم يسلم منها كثير من السلف .
حرية العقيدة : لم يعرف مجتمع المدينة التعددية الدينية و حرية العقيدة و كلها من دعامات المجتمع المثالي كما نفهمه و نسعى إليه الآن اللهم سوى سنوات معدودة، بعد انتصار بدر تحول النبي عن موادعته اليهود وشرع في تصفية وجودهم من يثرب و حولها تباعا ، بعيد عودته من بدر طلب النبي من يهود قينقاع الإسلام و لما رفضوا غزاهم و أمر بقتل رجالهم و كانوا 400 حاسر و 300 دارع ،و لكن حليفهم عبد الله بن أبي بن سلول راجع الرسول فيهم متشفعا فأطلقهم على أن يغادروا ديارهم ففروا إلى أذرعات في الشام ، بعد هزيمة أحد وردا لاعتبار المسلمين و هيبتهم حاصر الرسول بني النضير لمدة 15 يوما ،وهنا صالحوه على حقن دمائهم و له الأموال و الحلقة ، فكانت أموال بني النضير للرسول خالصة . كان مصير بني قريظة أتعس من باقي اليهود ، فعقب فشل الأحزاب في عزو مدينة النبي غزا محمد بني قريظة ،ولما استسلمت قتل المقاتلة جميعا و بلغ عددهم من 800-900 مقاتل ، أخيرا أجلى محمد يهود خيبر عقب صلح الحديبية و بعد مناوشات محدودة .
الإرهاب : تجمع كتب السيرة على أن المسلمين كانوا يُرهبون المعارضين خلال العنف و التصفية الجسدية و أنهم مارسوا القتل غيلة في زمن النبي ،و تتحدث عن مجموعة من الحوادث المؤسفة التي جرت بعد غزوة بدر ، فعند عودة المسلمين منتصرين من بدر أخذ سالم بن عمير نفسه على القضاء على أبي عفك وهو أحد بني عمرو بن عوف لأنه كان يرسل الأشعار يهجو بها المسلمين فقتله غيلة بينما كان نائما ، وكانت عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد تعيب الإسلام و تؤذي النبي فقتلها عمير بن عوف و هي ترضع وليد لها ، هذه الأعمال العنيفة توجت بقتل ( كعب بن الأشرف ) أحد كبار بني النضير ، و هي الحادثة التي يؤكد البيهقي أن الرسول أمر بها بعد هزيمة أحد ، و يحدثنا ابن كثير أن الرسول قد هتف قائلا :"من لي بابن الأشرف ؟" ، فنهض محمد بن مسلمة يقول :" أنا لك يا رسول الله ، أنا أقتله ". خرج محمد من مسلمة مع بعض الأنصار فيهم سلكان بن سلامة و كان نديما لابن الأشرف ، فاستدرجوا كعبا و قتلوه غيله ، وزعم الواقدي أنهم جاءوا برأس كعب ابن الأشرف إلى رسول الله ، وكان واقفا على المنبر فلما لمحهم استبشر و قال :" أفلحت الوجوه " ، و بعد مقتل ابن الأشرف قام النبي ينادي :" من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه " فوثب محيصة بن مسعود من الخزرج على ابن سنينه وهو أحد تجار اليهود في المدينة فقتله .لم يكن الخزرج أقل حماسا من الأوس التي قتلت ابن الأشرف غيلة ، فخرجت الخزرج ببعض شبابها إلى سلام ابن أبي الحقيق سيد خيبر ، فهوت سيوفهم عليه و هو في فراشه ليلا فقتلوه غيلة أيضا ، وقد سجل حسان بن ثابت تلك المآثر فصدح قائلا :
لله در عصابة لاقيتهــــم يابن الحقيق و أنت يابن الأشرف
يسرون بالبيض الخفاف اليكم مرحــا كأسد في عرين مغرف
حتى أتوكم في محل بلادكـم فسقوكم حتفــــا ببيض ذنف .
هناك حوادث مشابهة كثيرة منها مقتل الحارث بن سويد بن الصامت وهو شيخ حكيم مهاب لأنه أنشد شعرا لم يرق لمحمد ، ولم يتورع المسلمون عن التمثيل بامرأة تجاوزت مئة عام تدعى فاطمة بنت ربيعة المعروفة بأم قرفة كانت مطاعة في قومها ، فقد وجه إليها النبي زيد بن حارثة الذي ربط رجليها بحبلين ثم ربط الحبلين ببعيرين متعاكسين ، ثم ضرب البعيرين فانطلقا فشقاها شقا ، تلك كلها كما أرى حوادث لا تتسق مع أخلاقيات الفروسية و النخوة التي يقدرها الإسلام في اتباعه ولا تتفق مع سلوك الرسول و المسلمين قبل أو بعد الهجرة ، في حين قد يراها البعض أخطر من ذلك و أنها كانت انتكاسة معنوية للقيم الإسلامية لم تبرأ منها قط ، و ما كنت لأتوقف عندها في الحالتين لولا أنها لاقت عناية خاصة من طائفتين متناقضتين أجمعا على الاحتفاء بتلك الحوادث و رتبوا عليها نتائجا بالغة الخطورة ، الطائفة الأولى هينة يسيرة وهم بعض المستشرقين و الغربيين الذين ناصبوا الإسلام العداء و هؤلاء وجدوا في تلك الحوادث ما يقدحون به على الإسلام كدين إرهابي لا يقيم وزنا للعهود أو الأخلاق ، أما الفئة الثانية فهم الأصوليون الذين اعتبروا تلك الحوادث سنة و أقاموا عليها فقها كاملا يبيح تكفير المخالفين وقتلهم غيلة . هكذا نجد أنه كان هناك دائما مكون عنيف ظهر في الثقافة الإسلامية منذ بواكيرها الأولى ، و ليس مصادفة أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين جرى اغتيالهم في حوادث إرهاب واضحة .
الخلاصة أن مجتمع الرسول بالمدينة كان نموذجا لغيره من المجتمعات القبلية التي تعيش على الفطرة لا يختلف عنها في كثير أو قليل سوى أن الرسول نجح في توحيد تلك القبائل في كيان سياسي يؤطره دين واحد وهو الأمر الذي حدثت آثاره الكبرى بعد وفاة الرسول بسنوات طوال .
|
|
05-17-2006, 04:49 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
محارب النور
عضو رائد
    
المشاركات: 5,508
الانضمام: Oct 2004
|
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس:يا رسول الله لقد غيرت رحلي هذة الليلة _حديث بين عمر بن الخطاب والرسول ..عندما مارس عمر بن الخطاب الجنس الدبري مع زوجتة
حتى على مستوى ابسط اشكال الحياة ..واقصد الخلية هنا ..تجويع الخلية يدفعها بشكل جنوني الى التكاثر ..لا يختلف الحال عند البشر ..في بيئة صحراوية شديد العنف ..الجوع والعطش شي ملزم لحياة البدوي ..حتى ان الماء يعتبر ترف بحد ذاتة ..ماذا نتصور على مستوى حياة قبيلة ..لو تكاثرت هذة مصيبة ..لو قل عددها مصيبة ..عند التكاثر تغزو قبائل اخرى ..من اجل ضرب عصفورين بحجر ..مقتل عدد من اقرادها ..غنائم اكثر تسد الجوع ..لو قلت القبيلة ..ممارسة الجنس من اجل زيادة عدد الافراد لان الانقراض يهدد هذة القبيلة وقبول ايضا مهاجرين ..طرداء من قبائل اخرى حسب تسلسل الهرمي للقبيلة ..الشيخ ..افراد القبيلة الاصلاء ..الدخلاء ..قبل العبيد هم ..وبعدهم العبيد ..
هاجس الفناء كان يؤرقهم ..لذلك كانت الانثى هي الحدث الرئيسي في حياتهم ..بضاعة نادرة ..ونقصد هنا الحرة ..الخوف من الانقراض الجوع المزمن ..جعلهم يفردون لغة جنسية كاملة ..حتى ان فوكو في كتابة تاريخ الجنسانية يقول ان الشرق انفرد في فن سماه الفن الشبقي ..جنس بحد ذاتة ..موضوع مؤرق كيف يكون للشرقي عامل منتج ومبهج في نفس الوقت ..الاهتمام الزائد بالجنس عن العربي في ذلك العصر افرد ثقافة كاملة جنسية ..حتى ان الغرب الان بقمة خلاعتة لا يصل عشر معشار ما موجود عند كتاب "عودة الشيخ الى صباة"والكتب التي قبلها ..جنس العامل الوحيد من اجل البقاء كان هدفهم الاسمى.
حسب المصطلح البيولجي "التجويع والترويع" روع الخلية جوعتها سوف تتكاثر .
ولكن ملاحظة هل تنطبق هذة الادبيات على عصرنا الحالي الذي يعاني من انفجار سكاني ؟؟. لا اظن
محارب النور
(f)
|
|
05-17-2006, 05:50 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
Waleed
عضو رائد
    
المشاركات: 959
الانضمام: May 2005
|
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس: بهجت كتب/كتبت
تلك كلها كما أرى حوادث لا تتسق مع أخلاقيات الفروسية و النخوة التي يقدرها الإسلام في اتباعه ولا تتفق مع سلوك الرسول و المسلمين قبل أو بعد الهجرة ، في حين قد يراها البعض أخطر من ذلك و أنها كانت انتكاسة معنوية للقيم الإسلامية لم تبرأ منها قط ، و ما كنت لأتوقف عندها في الحالتين لولا أنها لاقت عناية خاصة من طائفتين متناقضتين أجمعا على الاحتفاء بتلك الحوادث و رتبوا عليها نتائجا بالغة الخطورة ، الطائفة الأولى هينة يسيرة وهم بعض المستشرقين و الغربيين الذين ناصبوا الإسلام العداء و هؤلاء وجدوا في تلك الحوادث ما يقدحون به على الإسلام كدين إرهابي لا يقيم وزنا للعهود أو الأخلاق ، أما الفئة الثانية فهم الأصوليون الذين اعتبروا تلك الحوادث سنة و أقاموا عليها فقها كاملا يبيح تكفير المخالفين وقتلهم غيلة . هكذا نجد أنه كان هناك دائما مكون عنيف ظهر في الثقافة الإسلامية منذ بواكيرها الأولى ، و ليس مصادفة أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين جرى اغتيالهم في حوادث إرهاب واضحة .
الخلاصة أن مجتمع الرسول بالمدينة كان نموذجا لغيره من المجتمعات القبلية التي تعيش على الفطرة لا يختلف عنها في كثير أو قليل سوى أن الرسول نجح في توحيد تلك القبائل في كيان سياسي يؤطره دين واحد وهو الأمر الذي حدثت آثاره الكبرى بعد وفاة الرسول بسنوات طوال .
الزميل المحترم / بهجت
مرحبا بعودتك أولا
من المنطقي في هذا السياق أن تتوقفون عند هذه الحوادث الفارقة التي كانت و إلى الآن تمثل تناقضا أخلاقيا - ليس مع الآخر و حسب - بل و تناقضا أخلاقيا ذاتيا.
لكن هل يمكننا أن نلوم أي من الفريقين الذين ذكرتهم سيادتكم على إحتفائهم بهذه الحوادث؟
إن الدين منظومة غير إنتقائية و تتبع القانون (الكل أو لا شئ) و نحن لا نستطيع أن نستنكر هذه الأحداث بأي منطق عقلي - إلا بمنطق هذا زمان مختلف عن زمانهم ووجوب إستلهام روح الدين - و هذا المنطق بدوره هادم لمبدأ الشمولية في الإسلام أي نزوله مناسب لكل الناس و كل الأزمان - بل و هادم لكامل الفكر الديني و هذا بفرض الإله كأنه قاصر أن يستشف المستقبل و أن الأحداث و الأخلاقيات التي وافق عليها - إن لم يكن فرضها - سوف تصبح غير مناسبة أخلاقيا فيما بعد.
فبالنسبة للفريق الأول (الإسلاميين) فالإحتفاء بتلك الحوادث و تمثلها و إعتبارها دستورا لكل زمان و مكان هو وضع أكثر إستقرارا من الناحية العقلية لهم من فرضية إنتقائية تهدم جزء من أو جميع دينهم الذي يرون أن الإيمان به يجب أن يكون مطلقا.
أما بالنسبة للمستشرقين فبغض النظر عن نياتهم أو إغراضهم - فموضوعيا لا نستطيع لومهم - حال كون الفريق الأول يتمثل هذه الأخلاقيات التي تفضلتم بوصفها (كانت انتكاسة معنوية للقيم الإسلامية لم تبرأ منها قط ).
لك كامل إحترامي ,,
|
|
05-17-2006, 07:37 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس:اذكر مقولة لمفكر مصري قال مرة :- لو تجادلنا نفس المجادلات في عصر القرن الهجري الرابع ..لعلقنا على مشانق .
اهو احنا نرجع الى وراء بشكل خرافي مع موجة السلفية ..مثل فيلم المدينة المظلمة : نحن نولف العقول من جديد نريد ان نفهم الروح الانسانية كيف تعمل
الأخ العزيز محارب النور .
تحية طيبة .(f)
قائل العبارة السابقة هو الدكنور عاطف العراقي مدرس الفلسفة الإسلامية و المهتم بفلسفة ابن رشد ، و نص العبارة هو " الأفكار التي كانت تقال بحرية في العصر العباسي ، لو قيلت اليوم فسوف يعلق أصحابها على المشانق" ، نعم لقد افتقدنا ثقافة الحوار بشكل قطعي .. هل تعلم لم ؟ ، لأننا ندرك في أعماقنا تفاهة أفكارنا و أنها لا تنهض لأي نقد جدي ، إننا نخاف أن نفكر بشكل علني حر حتى لا نستقيظ من أواهمنا و نفيق من الأفيون ، لم يحدث أن سار إنسان في طريق العقل و ظل غبيا إلى الحد الذي يعتقد أن عقيدته الموروثة وحدها تمتلك الحقيقة المطلقة كما يفهم الأصوليون ، إن الأمر يحتاج لأكثر من الغباء كي نعتقد أننا سنكون دائما على صواب و أن الخالق يحبنا يشكل استثنائي رغم غبائنا و جرائمنا وهواننا على أنفسنا و على الناس فهذا سوء ظن بالله ! ،
[SIZE=4]إن هذا الكون العظيم و أفكار الأصوليين لا يمكن أن يكون لها نفس المصدر .
الأخ العزيز وليد .
كل تقدير و عرفان باهتمامك .(f)
عزيزي ..
هناك أحداث تحفل بها كتب السير و المغازي لا يمكن تبريرها كدين أو حتى بمنطق إنساني ، و لكن لو جردت الأديان الإبراهيمية مما تدينه الأنظمة الأخلاقية المتعارف عليها في عالمنا المعاصر فلن يتبقى منها سوى القليل ، حتى هذا القليل لم يصمد للتجربة العملية ، اليهودية تمتلك شريعة تفصيلية و لكنها بدائية لا ترضى دون قتل الشعوب المهزومة و تخريب مدنها ، و الإسلام يتبنى كثيرا من المبادئ الجيدة و لكنه سرعان يتخلى عنها في التطبيق ، فهناك مبدأ العقوبة الفردية ( لا تزر وازرة وزر أخرى ) و لكن النبي يقتل اليهود بشكل جماعي غير مبرر سوى بأعذار واهية مثل أن اليهود هم من اختاروا الحكم الذي أمر بقتلهم ( حليفهم المنقلب سعد بن معاذ ) كما لو أن الله تخلى عن دوره كمشرع لسعد !، إننا نعلم ذلك و نعلم ما هو فوق ذلك ،و لكننا لا نستطيع أن نتعالى على واقعنا المتخلف معرفيا و ثقافيا ولا نفكر قطعا أن نحرم الشعوب من أديانها رغم أنها تنتمي لحقب قديمة فشعوينا المتخلفة شبه الأمية لا تعرف نظما أخلاقية بديلة ، إن دورنا كما أراه هو دعم الإتجاهات الدينية الأكثر استنارة و تقبلآ لحضارة العصر ، في نفس الوقت علينا الدعوة إلى النظم السياسية العلمانية لأنها تحصر الأضرار التي تسببها الأصولية الدينية في أضيق الحدود .
الأخ المحترم رحمة العاملي .(f)
منتظرا ردك التفصيلي يسعدني أن أرحب بك مشاركا بما يعن لك من تعليقات ، أريد أن تعرف يا عزيزي أني لا أناقش رؤية خاصة للدين يراها بعض الصفوة بل ما أناقشه هنا هو الرؤية الأصولية السائدة بين الإسلاميين السنة خاصة ، إن مصادري هي المصادر الأكثر قبولا بين الإسلاميين ، بل يمكن القول أن أهميتها تكمن كونها ليست فقط مصدرا لرواية الحديث بل و جمع القرآن ذاته و قراءته ، إنني لا أتوقف عند حوادث فردية منعزلة أحاول استنطاقها بما ليس فيها كما ربما تعتقد و لكني أذهب إلى الأساطير الأصولية الشائعة مباشرة ، تلك التي لا يكفون عن التصايح بها قي كل واد ، إن ما يحدث في العراق يؤكد أكثر مخاوفنا جموحا ،و يؤكد أيضا أننا كنا بعيدي النظر عندما حذرنا من مخاطر الأصولية الدينية و بينا مخاطرها .
للجميع خالص التقدير .
|
|
05-19-2006, 05:46 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس:إن اعتقادنا في شيء ما يساعد على تشكيل الواقع الفعلي لصالح تلك المعتقدات
استكمل في هذاه المداخلة عرض الموضوع مشيرا أن كل أسطورة هي مجرد رؤوس أقلام قابلة لأن تكون شريطا منفصلا .:97:
يرى علماء الإجنماع أن نظرة الإنسان للطبيعة البشرية هي واحدة من أهم القواسم الاجتماعية التي تتعمق في صميم وعي أفراد المجتمع و تؤثر في الطريقة التي يفكرون ويتصرفون بها ، بالتالي يمكن أن نقول أن تصرفات الناس لا تنفصل عن رؤيتهم و تصوراتهم للسلوك الإنساني و أن اعتقادنا في شيء ما يساعد على تشكيل الواقع الفعلي لصالح تلك المعتقدات ، لمزيد من التوضيح ..
هناك مجتمعات تعتقد في فساد الطبع البشري و بالتالي يترسخ لديها حاجة الإنسان المستمرة إلى التوجيه الخارجي ، مثل تلك المجتمعات تعطى سلطة فوقية كبيرة للنصوص الدينية ذات التوجيه الأخلاقي و تنتقل تلك السلطة بالتبعية إلى رجال الدين و رموزه ،و هناك مجتمعات على النقيض من ذلك تعتقد أن الإنسان يملك داخله مقومات الكمال لو تحرر من المعوقات الخارجية و بالتالي هو قادر على التوجيه الذاتي بناء على تجاربه الخاصة ، ومن الطبيعي أن تعطي المجتمعات الأخيرة أسبقية مطلقة للإنسان و تحرر حركته ، و طبعا غني عن البيان أن تلك هي النظرة الإنسانوية ( الهيومانية ) المعاصرة التي ترى القوانين الأخلاقية وليدة الحياة الواقعية وأنها نسبية .
عندما نمعن التفكير فيما سبق سنجد من المنطقي أن تتلازم النظرية التي تنادي بأن الطبيعة البشرية فاسدة وغير قابلة للتغير مع الأصولية الدينية و تلاقي قبولا و دعما واسعا من الأصوليين الإسلاميين بشكل خاص ، وهذا يعود لأسباب بديهية فهذه النظرية تنظر للإنسان ككائن خطاء بالتكوين لابد من قيادته أخلاقيا بواسطة قوى خارجية ، كما تبرر أيضا قبول الحلول التي قدمت لمشاكل الماضي من أجل مواجهة مشاكل الحاضر و اعتبار التغيرات الاجتماعية مجرد عارض شكلي لا تأثير حقيقي له ، إن القبول بفكرة ثبات الطبيعة البشرية هو شرط لازم لتمرير مقولة صلاحية التشريع الإسلامي لكل زمان و مكان ، طالما أنه يمكن تهميش المتغيرات الزمانية و المكانية .
لا يمكن بسهولة فهم البنى المنطقية للأصولي بدون تقدير لهذه الأسطورة ، فهذه النظرية تؤدي إلى الاختزال الفج للواقع السياسي و الثقافي في أفكار نمطية prototypical ideas راكدة ، و بالتالي تصبح الأفكار النمطية -التي تكون دائما سلبية تجاه المخالف و إيحابية عن الذات - مكونا أساسبا للموروث heritage الثقافي و الإجتماعي ، و يؤدي هذا النوع من التقكير عن طريق الصور التمطية الغير مبررة عقليا إلى تشوهات في إدراك الذات self- perception و الآخر ، و تؤكد الدراسات السيكولوجية الإجنماعية إلى إرتباط تلك الأفكار النمطية بالتعصب prejudiceضد المخالف و بالتالي إلى التمييز ضده ، فالأصولي يدرك الواقع فقط خلال نماذج نمطية ذات طبيعة دينية ، فهو لا يفرق بين القبطي المصري المعاصر و الصليبي القديم فكلاهما مسيحي ،ولا يميز بين البيرت أينشتين و يهود بني النضير فالجميع يهود ،ولا يفرق بين الفيلسوف الوجودي سارتر و الحكم بن هشام فكلاهما كافر بالله !، بل و كيف نفهم - بدون هذه النظرية - الاستحضار الأصولي لرموز الماضي و تقسيماته في الصراع الدموي المحتدم بين الأصوليات السنية و الشيعية في العراق ، فالشيعة يرون السنيين أحفاد معاوية و يزيد و قتلة الحسين ، بينما يراهم السنة روافضا خارجين عن الإجماع و أبناء ابن العلقمي الخائن !.
ينكر الأصوليون الجذور الاجتماعية و الاقتصادية للصراع ، فهم يرونه فرديا بين الشر و الخير بين المؤمن و الكافر بين المسلم و الآخر ، فالقبول بالصراع الاجتماعي يخرج الحراك الإنساني خارج دائرة الدين إلى مجالات أخرى لا سيطرة لهم عليها ، إن الخطاب الأصولي يقتضي تجاهل أو تحريف الواقع الاجتماعي ، فالمناقشة الجادة للواقع الاجتماعي ستؤدي إلى نقل الصراع من مجال العقيدة إلى نسق اجتماعي مختلف بمرجعياته و آلياته ، وفي مجال تصويرهم للصراع بين الخير و الشر ينكر الأصوليون إنكارا تاما الحراك الاجتماعي و الصراعات المتولدة عنه و تقسيم الناس إلى أصحاب عمل و عاملين ، و بالرغم أن ذلك يبدوا مستحيل التحقيق إلا أن الأصوليون يصورون الصراع كمسألة فردية سواء في أصوله أو ظواهره ، إذ لا وجود أصلا للجذور الاجتماعية للصراع ،و أنت لا تصادف في الأدبيات الإسلامية ما يشير إلى تلك الصراعات الاجتماعية إلا نادرا و بقصد الشجب و التأثيم .. ينشد العقل الأصولي الإسلامي الخلود قاهرا الفناء و الزمن ، فهو يؤمن بأن هناك جوهر خالد ( الروح ) تستعصي على الفناء ، و أن هناك حياة أخرى سرمدية في عالم الغيب و الشهادة ، هذه الرؤية يشاركه فيها المؤمنون بالديانات الإبراهيمية و كثير غيرها ،و لكن الأصولي ينفرد بنظرة اختزالية للتاريخ فهو لا يعبأ بالوجود الزمني سوى كطريق للآخرة ، و ليست هذه النظرة هي ما يذهب إليها الفكر العلمي التجريبي الذي لا يرى وجود أي شيء ثابت أو جوهر ،و أن الشيء ليس سوى مجموعة من الظواهر المحسوسة .
|
|
05-19-2006, 07:52 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}