بسم الله الرحمن الرحيم ..
كيف حال الزملاء والزميلات .. أرجو أن يكون الجميع بخير ..
كنت قد تقابلت في الفترة الاخيرة مع أحد أصدقائي الاتراك المقيمين بمصر ( في القاهرة ) وهو من جماعة ( طلاب النور ) التركية النشطة التي أسسها العملاق بحق الشيخ سعيد النورسي العالم المجاهد الذي وقف في وجه الالحاد الذي تزعمه كمال أتاتورك , وكانت لدعوة الشيخ أطيب الثمار , ويكفي أن دعوته بدأت تطل على مصر الحبيبة .. حيث أن طلبة النور من أتراك وماليزيين وغيرهم ممن يدرسون في الازهر وممن يعملون في دار ( سوزلر ) للنشر بشارع الامام جعفر الصادق بمدينة نصر , يدرسون يوميا رسائل الشيخ العميقة الغور في الفلسفة والتربية والتصوف الحق المعتدل , وكنت قد زرتهم وجلست معهم فوجدت شبابا كله أخلاق رفيعة وتواضع وكرم ولين جانب ..
فأحبت أن أطرح هنا نبذة عن تاريخ نشأة تلك الجماعة كما ورد بالموسوعة الميسرة الصادرة عن الندوة العالمية للشباب الاسلامي :
[CENTER][SIZE=5]
النورسية:
جماعة دينية إسلامية هي أقرب في تكوينها إلى الطرق الصوفية منها إلى الحركات (*) المنظمة، ركز مؤسسها على الدعوة إلى حقائق الإيمان والعمل على تهذيب النفوس مُحْدِثاً تياراً إسلامياً في محاولة منه للوقوف أمام المد العلماني الماسوني الكمالي الذي اجتاح تركيا عقب سقوط الخلافة (*) العثمانية واستيلاء كمال أتاتورك على دفة الحكم فيها.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• المؤسس هو الشيخ سعيد النورسي 1873ـ 1960م ولد من أبوين كرديين في قرية نورس القريبة من بحيرة وان في مقاطعة هزان بإقليم بتلس شرقي الأناضول، تلقى تعليمه الأولي في بلدته، ولما شبّ ظهرت عليه علامات الذكاء والنجابة حتى لقب بـ(بديع الزمان) و(سعيدي مشهور).
ـ في الثامنة عشر من عمره ألَمَّ بالعلوم الدينية وبجانب كبير من العلوم العقلية، وعرف الرماية والمصارعة وركوب الخيل، فضلاً عن حفظه القرآن الكريم، آخذاً نفسه بالزهد والتقشف.
ـ عمل مدرساً لمدة خمسة عشر عاماً في مدينة وان وهناك بدأ دعوته الإرشادية التربوية.
ـ انتقل إلى استانبول لتأسيس الجامعة الزهراء لتكون على شاكلة الجامع الأزهر بمصر، وصادف أن كان هناك الشيخ بخيت شيخ الجامع الأزهر الذي أبدى إعجابه الشديد ببديع الزمان.
ـ عين عضواً في أعلى مجلس علمي في الدولة العثمانية وهو دار الحكمة الإسلامية.
ـ عندما دخل الحلفاء استانبول محتلين كان في مقدمة المجاهدين ضدهم.
ـ في عام 1908 م بعد الإطاحة بالسلطان عبد الحميد بتآمر من جمعية الاتحاد والترقي التي رفعت شعار (الوحدة ـ الحرية ـ الإصلاحية) لتخفي وراءه دسائسها ومؤامراتها على الإسلام والمسلمين، ألّف بديع الزمان جمعية (الاتحاد المحمدي) واستخدموا نفس شعارات الاتحاديين ولكن بالمفهوم الإسلامي كشفاً لخدعهم التي يتسترون خلفها وتجلية لحقيقتهم الماسونية.
ـ أرسل الماسونيون (قرّه صو) اليهودي لمقابلته، لكنه ما لبث أن خرج من عنده وهو يقول: "لقد كاد هذا الرجل العجيب أن يزجني في الإسلام بحديثه".
ـ في الحرب العالمية الأولى التحق بالجيش التركي ضابطاً فيه، وفي الأمسيات كان يلقي على تلاميذه وعساكره علوماً في القرآن.
ـ قبض عليه الروس ونفوه إلى سيبيريا، لكنه استطاع أن يهرب ويعود إلى استانبول عن طريق ألمانيا فبلغاريا فتركيا.
ـ حينما أعلن مصطفى كمال أتاتورك (1880ـ1938م) العصيان بالأناضول حاول استدراج بديع الزمان إلى جانبه إذ عرض عليه قصراً فخماً ومناصب عليا، لكنه رفض كل ذلك منصرفاً عن السياسة كليًّا جاعلاً شعاره "أعوذ بالله من الشيطان والسياسة" عاكفاً على العبادة والتربية وصقل النفوس.
ـ لقد كان العلمانيون الذين حكموا تركيا بعد زوال الخلافة يخشون من دعوته ويعارضونها أشد المعارضة فما كان منهم إلا أن استغرقوا حياته بالسجن والتعذيب والانتقال من سجن إلى منفى، ومن منفى إلى محاكمة.
ـ أصدرت المحاكم ضده أحكاماً بالإعدام عدة مرات لكنهم كانوا يعدلون عن تنفيذ هذا الحكم خوفاً من ثورة أتباعه وأنصاره.
ـ في عام 1327هـ انتقل إلى سوريا وأقام في دمشق وألقى في المسجد الأموي خطبته التي عرفت بالخطبة الشامية وضح فيها أسباب تقدم أوروبا وتخلف المسلمين بما يلي:
1 ـ اليأس الذي بلغ بالمسلمين مبلغه.
2 ـ فساد الأخلاق وفقدان الصدق في الحياة الاجتماعية والسياسية.
3 ـ انتشار العداوة والبغضاء بين صفوف المسلمين.
4 ـ فقدان روابط الحبة والتعاون والتكافل بين المسلمين.
5 ـ الاستبداد المنتشر انتشار الأمراض السارية.
6 ـ تقديم المصالح الشخصية على المصالح العامة.
ـ عاش آخر عمره في إسبارطة منعزلاً عن الناس، وقبل ثلاثة أيام من وفاته اتجه إلى أورفه دون إذن رسمي حيث عاش يومين فقط فكانت وفاته في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1379هـ.
[CENTER]
[/CENTER]
الأفكار والمعتقدات:
• قامت هذه الدعوة لإيقاظ العقيدة الإسلامية في نفوس أتباعها فكان عليها أن تواجه الظروف القاسية بتكتيك يناسب هذه الظروف التي كان مجرد الانتماء إلى الإسلام فيها يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
• كان بديع الزمان متواضعاً زاهداً يتحرز عن مواطن الشبهة، وكان شعاره الدائم ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
• التخلي عن السياسة واعتبرها من وساوس الشيطان وذلك إثر عدة مواجهات ومصادمات بين بديع الزمان ومصطفى كمال الذي كان يحاول استدراج الشيخ إلى صفه حيث غادر سعيد النورسي أنقره عام 1921م إلى (وان) تاركاً السياسة خلف ظهره ووُصِفَ هذا التاريخ بأنه فاصل بين مرحلتين: سعيد القديم وسعيد الجديد.
•
قال بديع الزمان للمحكمة عندما كان مسجوناً في سجن اسكشير: (لقد تساءلتم هل أنا ممن يشتغل بالطرق الصوفية وإنني أقول لكم: إن عصرنا هذا هو عصر حفظ الإيمان لا حفظ الطريقة، وإن كثيرين هم أولئك الذين يدخلون الجنة بغير طريقة ولكن أحداً لا يدخل الجنة بغير إيمان).
•
وقال: "أقسم بالله أنني سأكرس نفسي للقرآن باذلاً حياتي مهما كانت مكائد الوزير البريطاني القذرة". ويقصد به وزير المستعمرات البريطاني غلادستون الذي قال آنذاك: "طالما أن القرآن مع المسلمين فسيبقون في طريقنا ولذلك يجب علينا أن نبعده عن حياتهم".
•
من أقواله: "لو أن لي ألف روح لما ترددت أن أجعلها فداء لحقيقة واحدة من حقائق الإسلام.. إنني لا أعترف إلا على ملة الإسلام.. إنني أقول لكم وأنا أقف أمام البرزخ الذي تسمونه السجن إنني في انتظار القطار الذي يمضي بي إلى الآخرة...".
ـ وله كذلك: "كما أنه لا يناسب الشيخ الوقور أن يلبس لباس الراقصين فكذلك لا يناسب استانبول أن تلبس أخلاق أوروبا".
•
إن التهم الرئيسية التي كانت توجه إلى بديع الزمان في المحاكمات يمكن تلخيصها فيما يلي:
ـ العمل على هدم الدولة العلمانية والثورة(*) الكمالية.
ـ إثارة روح التدين في تركيا.
ـ تأليف جمعية (*) سرية.
ـ التهجم على مصطفى كمال أتاتورك.
لكنه كان يتصدى لهذه التهم بمنطق بليغ من الحجة والبرهان حتى أصبحت هذه المحاكمات مجال دعاية له تزيد في عدد أتباعه.
•
لقد كرس المؤسس نشاطه ودعوته على مقاومة المد العلماني الذي تمثل في:
ـ إلغاء الخلافة(*) العثمانية.
ـ استبدال القوانين الوضعية (*) ـ والقانون السويسري المدني تحديداً ـ بالشريعة الإسلامية (*).
ـ إلغاء التعليم الديني.
ـ منع الكتابة بالحروف العربية وفرضها بالحروف اللاتينية.
ـ تغيير الأذان من الكلمات العربية إلى الكلمات التركية.
ـ فرض النظرية الطورانية (*) "وأن الترك أصل الحضارات".
ـ إلزام الناس بوضع القبعة غطاء للرأس.
ـ جعل يوم الأحد يوم العطلة الرسمية بدلاً من يوم الجمعة.
ـ ارتداء الجبة السوداء والعمامة البيضاء مقصور على رجال الدين.
ـ ترجمة القرآن إلى اللغة التركية وذلك عام 1350هـ/1931م وتوزيعه في المساجد.
ـ تحريم الاحتفال بعيدي الأضحى والفطر وإلغاء التقويم الهجري وإحداث تغييرات في نظام المواريث.
ـ الاتجاه نحو الغرب ومحاكاته في عاداته وتقاليده واهتماماته.
ـ طمس العقيدة الإسلامية في نفوس الناس بعامة والناشئة بخاصة.
• يمتاز شباب هذه الجماعة بالعفة والنظافة، شباب قابض على دينه في عصر شاعت فيه الفتن والإغراءات والانحلال.
انتهى .
في الحلقات القادمة سوف أقوم بنقل مقتطفات من مؤلفات هذا العملاق سعيد النورسي ......جزاه الله خيرا وجعلنا معه في الفردوس الاعلى اللهم آمين .
:redrose: