بقلم حسين ديبان 3/14/2006
بعد هدوء زوبعة الرسومات الكاريكاتيرية بهزيمة المسلمين كالعادة وتأكد العالم أن ماتم نشره من رسوم كاريكاتيرية في الصحيفة الدنماركية إياها ماهو إلا جزء بسيط من حقيقة هذا الدين ونبيه، وبعد أن تجاوزت الدنمارك الهجمة الشرسة بموقف ثابت وجريء وبقوة إرادة يُحسد عليها الدنماركيون، وبعد أن أخطأ المسلمون الحسابات كعادتهم حين توهموا ضعف الدنمارك وحكومتها وشعبها حيال جنونهم وهمجيتهم، فكانت صدمة العالم الإسلامي بهذا الموقف الدنماركي الرائع الذي يسجل للدنمارك حكومة وشعباً حين أكد رئيس وزرائها أن حرية التعبير أهم من الإقتصاد الذي لن يؤثر عليه بالتأكيد مقاطعة المسلمين لبعض المنتجات. بعد هذه الهزيمة الكبرى التي وصفتها بأم الهزائم في مقال سابق، كان لابد للمسلمين من البحث عن هدف آخر ليصوبوا تجاهه سهام حقدهم ودمويتهم، وليعوضوا به الخسارة الكبيرة التي لحقت بهم وبأفكارهم السوداء، فتخيلوا أن الفرصة قد لاحت لهم بعد برنامج قناة الجزيرة "الإتجاه المعاكس" الذي إستضاف فيه الدكتور فيصل قاسم الدكتورة وفاء سلطان إلى جانب واحد من فقهاء الحيض والنفاس والتقية، المدعو إبراهيم الخولي، أحد أساتذة التخلف والهمجية في تجمع الأزهر الغوغائي.
ما أن انتهت الحلقة حتى بدأت التهديدات بالقتل والشتائم البذيئة والسوقية والتي تعبر عنهم خير تعبير فكل إناء بما فيه ينضح والإناء الإسلامي لايوجد فيه إلا الدم والقتل والبذاءة والفحش والإقصاء والإلغاء، تنهال على بريد الدكتورة وفاء وهواتفها ظناً منهم أنهم بهذه الطرق الوحشية سيثنوا الدكتورة عن إكمال مشوارها العظيم في الكشف عن حقائق هذا الدين والأفعال التدميرية والدموية والجرائم التي ارتكبت تحت لواء نصوصه وبمباركة من أهل الحل والعقد فيه، من الشيوخ الأفاقين والدجالين والقتلة، الذين طاب لهم ممارسة التقية كما فعل الخولي عندما لم يجد مايقوله أمام الأحداث الدموية التي ذكرتها الدكتورة وفاء والتي كان سببها الإسلام وفرسانها المسلمون إلا آيات منسوخة لايعتد ولايؤخذ بها فقهياً.
هل من الممكن لك ولغيرك ياخولي أن تلتزم بنص يقول ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى أم بالنص الذي نسخ هذا النص وهو إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه؟
إذا كان جوابكم بأنكم تلتزمون النص الأول فلا بأس ولكن عليكم أن تلغوا النص الثاني وبقية النصوص التي أدت إلى تحريم الخمر حسب فقهكم. أما إذا كان جوابكم بأنكم تلتزمون النص الثاني الذي حرم الخمر بشكل قطعي وهو مافسره شيوخ تفسيركم حين إعتبروا الإجتناب هو أشد حالات التحريم، فعليه أن تتوقف أنت وغيرك عن الكذب العلني والدجل الرسمي والإستغباء العقلي والنفاق التقوي والتفذلك اللغوي. لأن كل ما إنتقيته من نصوص سمحاء أردت بها التدليل على سماحة الإسلام حاله كحال ذلك النص الأول الخاص بالخمر الذي لو إلتزمت وغيرك به وتجاهلتم النص الثاني لاعتُبِرتُم كافرين ومارقين، لأنكم لم تعملوا بما هو معلوم من الدين بالضرورة وأنا أحاكمكم هنا بنصوصكم ومن فمكم أدينكم..
لم تقل وفاء سلطان إلا الحقيقة كما هي بدون تجميل وبدون رتوش. أيزعجكم أنها قالت مايحدث ليس صراع حضارات ولكنه صراع بين زمنين، بين العصور الوسطى والقرن الواحد والعشرين، وصراع الحضارة والعلم مع الهمجية والتخلف وصراع بين حرية المرأة وإنسانيتها وبين إستعباد هذا المخلوق البشري الجميل وتشبيهه بالحيوانات..
لا شيء مما قالته وفاء سلطان إلا الحقيقة وأنتم من يعبر عن ما قالت بجرائمكم الدموية وأفعالكم الهمجية التي عانى منها كل من وقع في قبضتكم وحيث وصلت الأجساد العفنة المفخخة. لستم أسياد العالم معرفة وعلماً حتى يزعجكم وصفها لكم بالمتخلفين، فأنتم عالة على البشرية تعيشون على ماينتج الغير الذي تكفرونه وتنتظرون منه كل لوازم حياتكم حتى العمامات لا تلبسونها إن لم تكن "جوخا إنكليزيا"
آسف فقد نسيت أن كل ماوصل إليه الغرب الكافر من علم ومعرفة وَرُقِيْ قد أخذه من قرآنكم وسنة نبيكم، هكذا تقولون وهكذا يكرر على مسامعي يومياً شخص أعرفه، وحين سألته لماذا لا يقوم المسلمون بهذه المهمة وهم أكثر معرفة بنصوصهم من غيرهم ويبادروا إلى إستنباط العلوم من بين دفتي القرآن والسنة النبوية؟ أجاب: لايمكن ذلك لأننا غير ملتزمين بتعاليم قرآننا وسنة نبينا.
قلت: هذا ينطبق على عوام المسلمين أمثالك، ولكن مارأيك بعلمائكم الأفاضل القرضاوي والطنطاوي والغنوشي والبوطي وآل الشيخ وغيرهم من كبار علمائكم؟.. أليسوا ملتزمون بالقرآن وسنة النبي؟
قال: نعم
قلت: لو جمعنا كل هؤلاء العلماء ومع كل واحد منهم نسخة من أفخر نسخ القرآن ونسخة من سيرة النبي وكذا من صحيح البخاري ووضعناهم في مصنع إلكتروني مع كل التسهيلات الممكنة فهل سيكونوا قادرين على تصنيع مجرد شريحة هاتف نقال SIM CARD
أصابته الدهشة والتلعثم ووفرت عليه عناء وصعوبة نطق الجواب بالنسبة له وتركته مغادرا.
أيزعجكم قولها أن اليهود قد استفادوا من الهولوكست والجرائم الوحشية التي تعرضوا لها ليثبتوا وجودهم من خلال علمهم ومعارفهم وأفادوا أنفسهم وعموم البشرية معهم والدليل يسري في أجسادكم وهو لقاح شلل الأطفال الذي صنعه عالم وطبيب يهودي. إن ماوصل إليه اليهود اليوم وفي أقل من ستين عاما لم يصله المسلمون في ألف وأربعمائة عام ولن يستطيعوا الوصول إليه في ألف وأربعمائة عام أخرى إذا لم يخرجوا من شرنقة كتابهم وسنة نبيهم التي حشروا أنفسهم وعقولهم بها..
أليس صحيحاً أن مافعله شارون لدولة إسرائيل وشعبها من إنجازات في بضع سنوات لم يستطع فعله حكام العرب والمسلمون في مئات السنين.
لقد كانت الدكتورة وفاء سلطان سلطانة حقا بمنطقها وسلطانة بجرأتها وسلطانة بإرادتها وهي التي فقدت شقيقتها حيث توفيت قبل بث البرنامج بساعات، ومع ذلك أصرت وفاء سلطان على أن تكون موجودة لتؤكد للخولي ولأمثاله أن سياسة الإقصاء والإلغاء لم يعد لها مكانا في عالم اليوم، وأن الجرائم التي يرتكبها هؤلاء سترتد على نحورهم طال الزمان أم قصر، وأن المرأة ليست ناقصة عقل أو عشر عورات فإن تزوجت فقد ستر الزوج عورة واحدة وإن ماتت ستر القبر باقي عوراتها..
من نال شرف التعرف شخصيا على الدكتورة وفاء سلطان يعلم كم هذه السيدة مزيج من العقل والوعي والحنان والمحبة، فهي سيدة العقل في ميدان العقل ومنتهى الحنان الإنساني في ميدانه وهي أم عظيمة في ميدان الأمومة، وفي كل ذلك كان الى جانبها رجلٌ يحمل من معاني الرجولة الحقيقية مالم أرهُ في كثير من أشباه الرجال في الجغرافيا العربية والإسلامية..
امضي أيتها السيدة حيث الحقيقة التي لا يمكن أن يحجبها ظلام ولا أن يلغيها سيف ولا أن تـُزورها فتوى ولا تقية.. امضي والكثيرون من الباحثين عن الحقيقة وعن مستقبل أفضل وغد آمن وحياة كريمة معك يحيون فيك جرأتك ويقفون إلى جانبك. ذلك لأنهم وجدوا أخيرا عنوانهم الذي كانوا عنه يبحثون.
الاصل
http://www.annaqed.com/article.aspx?article=10937