{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
].."علبة سجائر برنجي"..
الاعصار غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 213
الانضمام: Sep 2003
مشاركة: #1
].."علبة سجائر برنجي"..
.."علبة سجائر برنجي"..

كنا نبني في القرية، أختي وأنا، تحت شجرة الدار، جمعنا مجموعة كبيرة من علب الكبريت وعلبة سجار "برنجي" يتيمة، ثم جلسنا تحت الشجرة، القرية كلها، وما يحيط بها من أودية، وما تأوي الأدوية من خراف وماعز وخيران، كانت تحت ظل الشجرة، مثل شجر الجنة، تجري الحصين الأصيلة عام كامل تحت ظلها الوارف، كانت علب "الكبريت" تمثل البيوت الصغيرة، المتلاصقة، وكأنها تستمع لحكاية مشوقة، أما الجامع الشامخ وسط القرية، فقد قامت "علبة سجائر البرنجي" بدوره على أكمل وجه...

في الأمطار الغزيرة يدخل الرعب كل البيوت، لم أجد عداوة في الكون، بل اكثر من عداوة العرب واليهود، كالعداء بين الامطار وبيتنا، كنت اتمنى ان يكون بيتنا اجمل من "بيت الله" كي أنوم مطمئن البال وأنا استرق السمع لموسيقى المطر، وليس إلى صراخها، وتهديدها ورعدها..

كنت أخاف الأمطار بشدة، ولي العذر في ذلك، فالبيوت من طين، وأنا اعرف مدى خوف الطين من الماء حين العب به، وكيف يفقد شكله وهويته ويخر كحبوبتي، عاجزا عن النهوض بأرجل رخوتين...

قلت لأمي: (الله بخاف؟)
، فردت بغضب: (لا...).!!
واصلت أسئلتي الجادة (ولم بيته من الطوب والاسمنت؟)!!
نظرت أمي ممتعضة، ولم تجيب على سؤالي التالي أيضاً :
(هل له عيال طواال وكتااار؟)، توقعت ذلك لأن (الجامع طويل جدا وعريض!!)، تركت امي سؤالي يرحل، مثل أغلب طلباتي، كالضوء، إلى هناك، بعيدا عن قريتي، ويتبدد في شعاب الاثير، كالضوء ايضاً، قد تسمعه الملائكة هناك، وتجيب عليه، وقد لا..!!..

كنت اتمنى أن اكون مؤذن القرية، كي أنوم داخل المسجد، وألعب الكرة في ظله طوال الظهيرة، وطوال الليل تحت ضوء الرتينة القوي، وأتسلق المئذنة، كي اقذف كل كلاب القرية، وأكسر "زير الشمة"، وأشاهد من عل، لوري "سعد"، داخل الحوش، وأراقب بطرب كبير صدر سعدية وهي تنكس البرندة كل فجر...

قطع حبل افكاري اخي، وهو يأمرني: (أمشي دكان "طيفور" جيب علبة سجائر بينسون)..

ركضت سعيدا، كي أجلب "الجامع الثاني" لقريتي تحت ظل الشجرة، سأجعله الجامع الآخر في قريتي...

"علبة البرنجي" وضعتها في موقع "جامع الأخوان"، وعلبة البنسون تمثل جامع "الصوفية"، ولم أجد ماء للحفير، والذي تشرب منه الاغنام والكلاب والبقر والبشر، سوى "بول أختي"، أما النهر، والذي يجري غرب قريتي، بكل تعاريجه، فقد كان ينبع من "بولي"، والذي رسم أعقد التعاريج، صورة طبق الأصل..!!.

وبصقت على القرية، بكل فمي، ولساني يصرخ كالرعد، إمطار غزيرة، ففرت الأغنام والمعاز داخل علبة "البرنجي والبنسون"، خوفاً من بصاقي...وظللت ابصق وأبصق، حتى جف لعابي...

قال أخي الاكبر، بأن القرية ستموت، لأن الأمطار لن تنزل، وستموت معزاتنا وخرافنا، ماتت البذور بسبب الجفاف، جفاف حلقي... (غدا، سوف نذهب للمدينة)... هكذا قال أخي، بحزن عظيم..

في المدينة، سنجمع اختي وأنا، كمية كبيرة من علب الكبريت فهناك مجموعة كبيرة من البيوت، البيوت لا تلتصق في المدينة مع بعضها، لأنها لا تستمع لحكاية مشوقة، وسنجمع ايضاً مجموعة كبيرة من السجائر، فما أكثر المساجد والكنائس والمعابد في المدن..

بيوت الكبريت، وعلب السجارة تخاف من بعضها، فلو سربت الرياح شرارة من السجار، لاشتعلت كل الكباريت، المليئة بأعواد ثقاب متفجرة، ومتحفزة، لغريزتها الأولى (الاشتعال)!!!..

كان العداء الغريزي في قمته، بين "علبة البنرنجي" و"البينسون"... والبيوت متلاصقة!! وحلقي جف من اللعاب، كي يطفئ اللهب المجنون المهووس!!..

النهر، من منبعه، وإلى مصبه، كان تحت ظل الشجرة، ستحتار كل اسماكه، برؤية أطول سحابة، تظلله من المهد، وإلى اللحد!!...

(تعالوا يا أولاد، الفطور جاهز!!)، انقضت حكاية، وتاريخ القرية، وللأبد، بنداء أمي هذا!!!....

وعاد لعابي إلى هويته الحقيقية، بعد أن كان مطرا، غزيراً، يهدد بيوت الطين!! تدفق، بقوة، وهو يملأ تجويف فمي، ولقمة (الكسرة والطماطم وزيت السمسم والبصل)، تلامس شفتي!!
10-01-2006, 02:57 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
الاعصار غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 213
الانضمام: Sep 2003
مشاركة: #2
].."علبة سجائر برنجي"..
يتردد هذا (الأذان الخاص)، ثلاث مرات، بل أكثر...

الفطور جاهز
الغداء جاهز
الشاي جاهز...

الأم.. الأم.. الأم... استحضر قصيدة جاك بريفر، الفرنسي الموهوب، وكتناص أحيلها

الام تطبخ
والطفل يلعب
الأم تقطع البصل
والطفل يلطخ سرواله
الأم تتصب عرقا
والطفل يسأل عن الإله، عن الشجر، عن الحياة
الأم تضع اللحمة في الحلة
والطفل يجمع الحصى، ويغني

الام...
والطفل..

حتي يأتي النداء

Quote: تعالوا يا أولاد، الفطور جاهز



وهكذا دواليك..
الأم تغسل الملابس
والطفل يلعب
الأم تكنس الدار
والطفل يلعب
ثم يأتي النداء


Quote: تعالوا يا أولاد، hالشاي جاهز



لا شي يحصر حنان الأم وعظمتها...
10-01-2006, 03:00 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  إسلام بدون محمد " تحدي كاليش للعقل الإسلامي" Gkhawam 1 1,216 05-03-2009, 02:55 PM
آخر رد: Gkhawam
  ببغاء "ثرثارة" تكشف لصاحبها خيانة صديقته الحر 1 1,027 10-08-2008, 04:47 AM
آخر رد: الحر
  لقـــــــاء بالاعلامي " غسان بن جدو " بسام الخوري 1 1,142 03-09-2008, 06:50 PM
آخر رد: بسام الخوري
  "سورتان" من "قرآن" بيرم التّونسي Seta Soujirou 2 1,178 01-18-2008, 02:51 PM
آخر رد: عابد قادري
  مصطلح "الصفوية" وأزمة وعي جديدة قديمة!! د. سليمان الخضاري 1 763 09-09-2007, 10:52 PM
آخر رد: د. سليمان الخضاري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS