النقطة الفاصلة THE TIPPING POINT
الزملاء الاعزاء,
ربما يكون المجتمع العربي علي مشارف فوضي عارمة و لكن علينا الا ندعي الاصولية و ايران هما المشكلة و نغسل ايادي حكومات نمت و ترعرعت في رحمها هذه الاصولية و قدمت لها التنازلات بعد التنازلات طوال الربع القرن الاخير!
ان سلبية العرب امام الازمات المتتاليه (امتصاصها علي حد تعبير الزميل اورفاي) للمنطقة هي مغالطة ليست بسيطة, بالنسبة لي العرب تفاعلوا مع هذه الازمات و تعاطوا معها و لكن للاسف اسوأ تعاطي و شارك في صنع هذا التعاطي حكومات اخطأت التقدير و شعوب تلهث وراء شعارات براقة تفتقد لابسط قواعد المنطق.
من حقي ان أسأل كم مرة استخدم مثقفينا و نخبتنا مصتلح "لحظة فارقة", الم تكن 48 لحظة فارقة, الا تستحق 52 هذا اللقب, اليس من الممكن ان ندعي 56 لحظة مماثلة, الم تكن 67 زلزالا بجميع المقاييس, هل كانت 73 اقل شئنا, ماذا عن زيارة القدس و كامب دافيد و سقوط بيروت, هل ننسي سقوط جدار برلين (تأثيراته علي منطقتنا كأحد البؤر صراع اثناء الحرب الباردة), ثم غزو الكويت و اتفاقيات السلام الفلسطينية – الاسرائيلية و 11سبتمبر و انتهاءا بأحتلال العراق!
لقد مر بهذه المنطقة في 60 عاما لحظات فارقة و نقط فاصلة متعددة و عند كل نقطة توقف البعض يكتب و ينظر محاولا ان يفهم تتابع الاحداث, اصاب البعض و اخطأ البعض و لكن المؤكد ان القادة (بحكم امتلاك القرار) قد اخذوا بالتقديرات الخاطئة لكي تصل اوضاعنا الي الضياع الذي تعيشه منطقتنا, اما الشعوب التي يعجبها الصوت العالي و الخطب الحماسية تهرب بها من صدمة النكسات المتتالية و الفشل الملازم, فلم تجد وسيلة سوي الانغماس في المزيد و المزيد من الشعارات و الاحلام البعيدة عن ارض الواقع!
دعونا نقرأ اللحظة الحالية بعيدا عن مفهوم الاصولية, نعم الاصولية خطر محدق بنا و لكن هذه اللحظة هي لحظة اعادة رسم الخرائط و لحظة اقرار توازنات جديدة لقوي المنطقة.
ايران "الاصولية" لا تتعامل في هذه اللحظة بأصولية علي العكس تتعامل كدولة قومية تتحرك نحو مصالحها ببرجماتية و دهاء, ايران تبحث عن حقها (المشروع) في تقاسم النفوذ في الشرق الاوسط مع الاطراف الاخري الفاعلة فيه اما الكارثة فهي لدينا نحن العرب فليس ذنب ايران ان الاطراف الفاعلة الاخري في الشرق الاوسط هي اسرائيل و امريكا!
ايران في صراعها مع امريكا و اسرائيل حول النفوذ في المنطقة تدعم حزب الله "اللبناني الذي يتحرك في فضائه الخاص بعيدا عن حكومته!!" و حماس "الفلسطينية التي جائت إلي حكم السلطة الفلسطينية التي اقرتها اتفاقية اوسلو و لكنها ترفض الاعتراف باوسلو نفسها!!". هذا شيعي و هذا سني و إذا اضفنا إلي الاثنين سوريا التي يحكمها حزب البعث العربي العلماني, يصبح مطلوبا ان يقول لي احد اين اصولية ايران السياسية. ايران لا تدعمهم لانهم اصوليين بل لانهم اداوات هامة لتوطيد نفوذها في المنطقة. اما السؤال لنا نحن العرب, كيف ظهرت هذه النماذج بيننا؟
كل الدول العربية مشغولة بتصدعات داخلية, في المقالة نفسها الكاتب يتحدث عن استعراضات الازهر, هذه نكتة مبكية, فاكبر دولة عربية في لحظة اعادة تشكيل المنطقة مشغولة بأستعراضات طلبة جامعيين تعكس مدي تخبط و فوضي الشارع و حالة تدني "ربما انهيار" لفهوم المواطنة و تصدعات في البناء الاجتماعي و تلاعبات الحكومة في الدستور. مصر تقف مكتوفة مشغولة بالمصائب الداخلية حتي عن الاحداث في فلسطين "حدودها الشرقية المباشرة" و متلاهية عن تطورات الاوضاع في السودان "حدودها الجنوبية معبر النيل إليها".
الدول العربية "المعنية" في حالة رعب, هم يعلمون ان امريكا تبحث عن مصالحها و فقط, و يعلمون جيدا ان امريكا لا تمانع في التفاوض مع ايران في سبيل ذلك. و لكنهم و مع علمهم بذلك لا يستطيعون ان يفعلوا اي شئ!
امريكا و ايران يتصارعان علي مصير الشرق الاوسط و سوف يستخدم الطرفين كل اوراقهم للتقوية مواقفهم, حتي الاصولية و الطائفية التي نشتكي منها و نحسبها لصالح ايران, لا تمانع الامريكا و معسكرها من استخدامها ضد ايران و حلفائها.
الفوضي الاصولية التي يخاف منها الكاتب هي كارثة وشيكة و لكن علينا ان نفصل بين هذه الاصولية و بين لحظة تشكيل حقيقي للمنطقة, الاصولية فيه ليست اكثر من اداة او ورقة في يد اطراف الصراع, نعاني نحن منها "ليس كلنا, فأغلبية شعوبنا يراها منقذا" فقط بحكم ضعف دولتنا المدنية.
لم تصنع ايران هذا الوضع الذي اوصل العالم العربي إلي حافة الهاوية, ان القاء كل مشاكلنا علي كاهل ايران هو خطأ لا يبرره سوي محاولتنا لستر عورات انظمة بائسة تنظر إلي دولها و هي تتأكل من الداخل و تتصدع ركائزها و لا تجد ما تفعله لانقاذها, ببساطة لاهتزاز شرعيتها و تلاشي قدرتها علي تسويق برامجها, مع العلم ان هذه البرامج في اساس متخبطة و اقصي ما تطمح فيه ليس حل المشكلات بل مجرد الا تتجه الاوضاع للاسوأ!!!!
اطيب تحياتي
(f)
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-16-2007, 02:19 AM بواسطة morgen.)
|