اقتباس: Logikal كتب/كتبت
أنا أعلم عن الفكرة التي انتشرت بين بعض العلماء في توفيق وجود اللـه مع نظرية داروين و عشوائية الكون و لا أعلم تفاصيلها كاملة، لكن قرأت كتاب
The Cosmic Blueprint: New Discoveries in Nature's Creative Ability to Order the Universe by P. C. W. Davies
و فيه مواضيع رائعة عن الميول الكامنة في المادة لأن تجتمع عشوائيا في أنظمة معقدة و أيضا عن المعاني المختلفة للمالانهاية.
لكن هذا الكاتب ليس مسيحيا و انما يبدو أنه pantheist و يعتقد أن اللـه موجود في المادة على حسب ما فهمت، مع أنه لا يعتبر "اللـه" قوة عاقلة.
و الموضوع الاخر في الكتاب هو الـ emergent properties التي تظهرها الانظمة و التي لا يمكن تفسيرها بالرجوع الى التركيب الاصلي لهذه الانظمة و هو موضوع صعب الفهم بالنسبة لي.
ربما يكون بول ديفيز أكثر العلماء استشهادا من الجهات الدينية.
وقد حصل على جائزة (تمبلتون) للتقدم الديني قبل بضعة سنوات.
ولكن فكرته الأساسية هي رفض الإله التقليدي لأنه لا يفسر شيئا، وإنما يشرح الغامض بالمجهول.
ولكنه في الوقت نفسه يحاول إعادة إدخال "الغائية" في العلوم الطبيعية.
هو لم يوضح كيف يمكنه فعل ذلك، دون الغرق في التكهن دون أي دليل.
ولكنه يحوص حول مفهوم التوليف الدقيق (fine tuning) للقوانين الكونية لتوليد الحياة ومن ثم الوعي.
أي أنه يعتبر مثلا أن الحياة ممكنة حسب بعض الإحتمالات بسبب استقرار ذرة الكربون.
وهذا الاستقرار يعود إلى عدد من الثوابت الكونية.
ولكن إذا افترضنا أننا نعيش في أحد الأكوان التي تناسب فيها الثوابت الكونية وجود ذرة كربون مستقرة، فالاحتمال كبير أيضا أن يكون ذلك الاستقرار على "حافة" المجال الممكن.
ولكن حسب حساباته فنحن نعيش في "وسط" مجال استقرار الكربون.
أي أن الكون ليس فقط قابلا لإيجاد الحياة، وإنما "داعما" لوجودها.
ومنه يستنتج نوعا من الغائية لإيجاد الحياة في الكون.
(هذه الأفكار من كتابه The Mind of God ).
أما عن الصفات الطارئة (emergent properties)، فالفكرة نفسها بسيطة.
مثلا نعرف أن الغازات تتكون من جزيئات. وحسب نظرية الغاز المثالي فهي تتطاير في الفراغ المتاح لها بفعل حركتها الحرارية، وتتصادم مثل كرات البلياردو.
هذه حركة معقدة جدا تحتاج إلى وصف ملايين الذرات لكي يتم استيعابها.
ولكن إذا نظرنا بشكل أبعد قليلا فسنجد أن هناك صفات جديدة يمكن إلحاقها بالغاز، مثل الضغط.
الذي هو رقم بسيط (كغ/م2).
بذلك فالضغط هو صفة طارئة لتلك الجزيئات.
ومن دراسة جزيء واحد للغاز لا يمكن أن نعرف أنه سيولد ضغطا عندما يتواجد مع جزيئات أخرى.
طبعا اشتهرت الصفات الطارئة ليس بموضوع ضغط الغازات وإنما بموضوع الدورات الطويلة (hyper cycles) لبعض المواد الكيماوية (ستيوارت كاوفمان).
حيث أنها تظهر درجة هائلة من التعقيد والاستقرار في تفاعلاتها، والتي يمكن مع ذلك وصفها بأرقام مبسطة على مستوى آخر.
المشكلة هنا هي في طريقة التفسير المتبعة.
في حالة الغازات يمكن حساب ضغط الغاز عبر الترموديناميك الإحصائي للجزيئات المختلفة.
أي أنه يمكن ربط الصفة الطارئة بالصفات الجزئية.
بينما هذا ليس ممكنا في جميع المجالات (حتى الآن على الأقل).
وهو بذلك سؤال جوهري إن كان الكل أكبر من مجموع أجزاءه..
أو إن كانت الطريقة الاختزالية (reductionism) في المعرفة صالحة لاكتشاف جميع الصفات.
ما علينا، نعود إلى سؤالك الأساسي:
أعتقد أن السؤال عن التطور يمكن طرحه بالنسبة لنشأة الكون.
لماذا احتاج الإله مطلق القدرة (كن فيكون) إلى ستة أيام (14 مليار سنة) ليخلق هذا الكون.
طبعا هناك الجواب اليهودي/المسيحي، لكي يعطينا درسا في الصبر وتنفيذ المشاريع خطوة خطوة، وبأن نستريح يوم السبت.
:what:
لماذا احتاج الله إلى أي وقت لخلق أي شيء؟
وهذا يعيدنا إلى سؤال آخر، وهو لماذا خلق الله الكامل المستغني عن أي نقص، أي شيء على الإطلاق؟
أي لماذا لم يبق وحيدا كاملا مكتملا كما هو.
فهو أيضا كامل المعرفة، وهو بذلك كان يعرف نتيجة خلقه دون أن يقوم به، فلماذا "التعب"؟
وهو أزلي، وقد عاش كل ذلك الأزل دون كوننا. فماذا تغير في حالته في تلك اللحظة السحرية (س)، بحيث أنه اكتشف أنه بحاجة إلى من يؤانسه، ربما على طريقة حديث "أحببت أن أعرف.."، فقرر خلق الكون ليتخلص من ملله.
مع أطيب التحيات