تمهيد:

في إطار وحدة "فلسفة الفن" ارتأيت أن أقدم بطاقة قراءة للكتاب المذكور أعلاه، لا لتعلقه بالوحدة مباشرة بل لكونه ينتمي لرافد من روافد فلسفة الفن، و المقصود هنا "النقد الجمالي أو النقد الفني" إذ يصنف الكتاب ضمن الدراسات النقدية ذات البعد الجمالي، رغم أنّ العنوان يشير إلى القرآن الكريم إلاّ أنّ هذا لا يجعله كتاب ذو صبغة دينية يغفل عن الجوانب التي لا تأتي في مقدمة اهتمامات الدين (أي الجوانب الفنية و الجمالية).

فالمطالعة السريعة لفهرس الكتاب تفند هذا الاعتقاد – أي تصنيفه ضمن الكتب ذات الصبغة الدينية الصرفة – بل تظهر المسحة النقدية و الفنية، بتسليطها الضوء على الأبعاد الجمالية و الفنية في القرآن الكريم لاكتشافها و تبيينها و تذوقها.

و منه فالكتاب يطرح الإشكالية التالية:

هل في القرآن الكريم جمال و سحر؟ و ما منبع هذا الجمال؟ و كيف فهم و فسر هذا الجمال؟ و هل هناك جديد لم يتم الكشف عنه؟

الإجابة عن هذه الأسئلة جاءت مبثوثة في فصول الكتاب، سنحاول أن نلخصها و نعرض من خلالها أفكار "سيد قطب"، لكن قبل ذلك علينا أن نعرف بصاحب الكتاب، ثم نبين المرتكزات والمؤهلات التي استند إليها في التصدي لهذا الموضوع، كما نحاول بيان بعض المفاهيم المفاتيح التي تسهل علينا فهم ما ورد في الكتاب من مصطلحات و مفاهيم. لنختم البطاقة بخاتمة نضمنها النتائج التي توصلنا إليها.

ترجمة سيد قطب:

ولد "سيد قطب" يوم 9 أكتوبر 1906. كاتب وأديب ومنظر إسلامي ويعتبر من أكثر الشخصيات تأثيراً على الحركات الإسلامية التي وجدت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وهو من حركة الإخوان المسلمين، له العديد من المؤلفات والكتابات حول الحضارة الإسلامية، والفكر الإسلامي.

حياته العملية:

بدأ "سيد قطب" متأثرا بحزب الوفد وخصوصاً بكاتبه "عباس محمود العقاد" وكتاباته الشيقة فقد تأثر كثيرا باعتقادات العقاد وكان من أشد المدافعين عنه إلا أنّه، وبعد موت العقاد، تغيرت نظرته إلى الجيل الذي يسبقه، وصار ينحي باللائمة عليه في تردي الأوضاع وبدأ بإنشاء منهج حسب ما يعتقده هو. وفي عام 1933، أنهى دراسته من دار العلوم وعُيّن موظفاً و في بداية أربعينيات القرن العشرين، عمل كمفتش للتعليم وزاد شغفه بالأدب العربي ثم تحول إلى الكتابة الإسلامية، فكتب "التصوير الفني في القرآن" الذي لاقى استحساناً واسعاً بين الأدباء وأهل العلم.

الدراسة في أمريكا:

حصل على بعثة للولايات المتحدة في عام 1948 لدراسة التربية وأصول المناهج وفي عام 1951، وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا وينشرها في الجرائد المصرية، ومنها مقال بعنوان "أمريكا التي رأيت" يقول فيه « شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء، بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى، بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك»، ويذكر أيضاً الكثير من الحقائق التي عايشها عن الحياة الأمريكية في مختلف تفاصيلها. ويذكر أنه أيضاً تعرف على حركة الإخوان المسلمين ومؤسسها "حسن البنا" هناك، إذ أنّه عندما تم اغتيال "حسن البنا"، أخذ الأمريكيون بالابتهاج والفرح مما أثر في نفسية "سيد قطب" وأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده. في 23 أغسطس 1952، عاد سيد من الولايات المتحدة إلى مصر للعمل في مكتب وزير المعارف. وقامت الوزارة على نقله أكثر من مرة، الأمر الذي لم يرق له فقدم استقالته من الوزارة في تاريخ 18 أكتوبر 1952. وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، ازدادت الأحوال المعيشية والسياسية سوءاً ولعبت حركة الإخوان المسلمين دوراً بارزاً في عجلة الإصلاح والتوعية. واستقطبت حركة الإخوان الإصلاحية المثقفين وكان لـ"سيد قطب" مشروع إسلامي يعتقد فيه بأنّه لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص، ولذلك بدأ بالتنسيق مع "حزب التحرير" في الأردن، ولكنه سرعان ما اكتشف -حسب ما يروي هو- أنّه لا فائدة ترجى من العمل معهم، فلذلك آثر العمل مع حركة الإخوان المسلمين. بدأت العلاقة بين "سيد قطب" والأخوان المسلمين بعد إصدار كتابه "العدالة الاجتماعية في الإسلام" وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء: « الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ.. يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون»، فهم الإخوان المسلمون أن هذا الإهداء يعنيهم هم، فأصبحوا يهتمون بأمره ويعتبرونه صديقاً لهم، إلى أن انضم فيما بعد إلى الحركة وأصبح مسؤولاً للقسم الدعوي فيها.

المعتقل:

توطّدت علاقته بالإخوان المسلمين وساهم في تشكيل الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان، و في عام 1954 حصلت عملية اغتيال فاشلة لـ"جمال عبد الناصر" في منطقة "المنشية"، واتهم الإخوان بأنهم هم الذين يقفون ورائها، وتم اعتقال الكثيرين منهم وكان "سيد قطب" أحدهم، حيث تم الزج به بالسجن لمدة 15 عاماً معانياً شتى أصناف التعذيب في السجن. وقد تدخل الرئيس العراقي الأسبق المشير "عبد السلام عارف" لدى الرئيس "عبد الناصر" للإفراج عنه في مايو 1964. إلا أنّه ما لبث أن اعتقل ثانيةً بعد حوالي ثمانية أشهر بتهمة التحريض على حرق معامل حلوان لإسقاط الحكومة كما حدث في حريق القاهرة.

عمل "سيد قطب" خلال فترة بقائه في السجن على إكمال أهم كتبه: التفسير الشهير "في ظلال القرآن" وكتابه "معالم في الطريق" و "المستقبل لهذا الدين".

إعدامه:

وفي 30 يوليو 1965، ألقت الشرطة المصرية القبض على "محمد قطب" شقيق "سيد قطب"فأرسل رسالة احتجاج للمباحث العامة في تاريخ 9 أغسطس 1965. أدت تلك الرسالة إلى إلقاء القبض عليه والكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحُكم عليه بالإعدام مع 7 آخرين وتم تنفيذ الحكم في فجر الاثنين 29 أغسطس 1966([1]).

بعض مؤلفاته:

المؤلفات الأدبية:

طفل من القرية (سيرة ذاتية).
أشواك (رواية).
المدينة المسحورة (قصة أسطورية).
النقد الأدبي – أصوله ومناهجه.
التصوير الفني في القرآن.
مشاهد القيامة في القرآن.
المؤلفات الإسلامية:

معالم على الطريق.
المستقبل لهذا الدين.
هذا الدين.
في ظلال القرآن (تفسير).
العدالة الاجتماعية.
تصورات إسلامية (مجموعة مقالات في كتاب).
السلام العالمي و الإسلام.
في التاريخ فكرة و منهاج.
خصائص التصور الإسلام و مقوماته.
بعض قصائده:

الصبح يتنفس (قصيدة)
حدثيني (قصيدة).
هم الحياة (قصيدة).
هتاف الروح (قصيدة).
تسبيح (قصيدة).
مرتكزات "سيد قطب" و مؤهلاته:

لم يكن خوض "سيد قطب" في هذا الموضوع محض صدفة و لا هو فكرة عابرة، بل عمل واعي و جاد بدأه بمقال في مجلة "المقتطف" عام 1939 بعنوان "التصوير الفني في القرآن" تحدث فيه عن قدرة القرآن على التصوير بالألفاظ التي عادة ما توصف بالقصور و العجز سرعان ما تحول المقال إلى مشروع كتاب عرف النور سنة 1945 و هي السنة التي أصدر فيها كتابه الذي أخذ نفس عنوان المقالة، و قد ارتكز على مؤهلات خاصة نجملها فيما يلي:

فـ"سيد قطب" أديب ناقد، حيث أبدع الكثير من القصائد نشرت في المجلات و الصحف، أحصاها "عبد الله عوض الخباص" في دراسة بعنوان "سيد قطب الأديب الناقد" حوالي 127، طبعت في ديوانه الشعري "الشاطئ المجهول"([2]).

بل كتب "سيد قطب" بعض القصص و الروايات نذكر منها: "قصص الأنبياء" و "القطط الضالة" و من "أعماق الوادي" و "الأطياف الأربعة"؛ كما أنّ له ثلاث روايات هي "طفل من القرية" و "المدينة المسحورة" و "أشواك"([3])

أما عن مجال النقد الأدبي فقد كتب العديد من المقالات الأدبية و خاض الكثير من المعارك الفكرية في مجال النقد؛ حيث توج هذا المجهود بعدة كتب منها:

بحث بعنوان "مهمة الشاعر في الحياة و شعر الجيل الحاضر" طبع عام 1932، و قد كان حينها ما يزال على مقاعد الدراسة بدار المعلمين.

كتاب "نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر" الصادر عام 1939 الذي انتقد و ناقش أطروحات للأديب المصري "طه حسين".

كتاب "كتب و شخصيات" الصادر سنة 1946، حيث تناول فيه بعض الرموز الأدبية من خلال بعض مؤلفاتهم.

كتاب "النقد الأدبي: أصوله و مناهجه" الذي صدر عام 1948، و هو عبارة عن مؤلف ذو طابع نظري تنظيري اعتنى فيه ببسط أهم المدارس النقدية في الأدب المصري و أصولها الغربية، كما حاول بيان أهم القيم و المعايير التي تصلح للنقد الأدبي.

يظهر من خلال هذا العرض البسيط أنّ "سيد قطب" يتمتع بذوق أدبي رفيع سمح له بتلمس القيم الجمالية بل إبداعها من خلال القصائد و القصص و الروايات فلا غرابة أن يتذوق جمال القرآن الكريم، و الذوق هنا « خليط من العاطفة و العقل و الحس»([4]).

كما يتمتع "سيد قطب" بخيال فني ساعده على نظم الشعر و تأليف القصص و الروايات، وهذا بدوره دليل على سعة الخيال و رقته و تفتحه، إذ بدونه ما كان لـ"سيد قطب" أن يدرك التصوير الفني في القرآن([5]).

و أخيراً فـ"سيد قطب" يمتلك ملكة النقد التي لا يفهم منها إبراز العيوب والسلبيات فقط، بل من معاني النقد: « التقدير الصحيح لأي أثر فني و بيان قيمته في ذاته و درجته بالنسبة إلى سواه»([6]). فتوجه "سيد قطب" للقرآن الكريم ينطلق من هذه الرؤية ليبرز القيمة الفنية للقرآن و يقدرها حق قدرها.

المفاهيم المفاتيح لكتاب "التصوير الفني":

ليتم إدراك و فهم كتاب "التصوير الفني في القرآن" لابد من ضبط بعض المصطلحات الواردة فيه و التي تردد ذكرها و منها:

التصوير:

من التصور و هو قدرة الفكر على استحضار صور الأشياء بعد إدراكها، أو إنشائها من الخيال...

و التصوير: هو إبراز هذه الصور إلى الخارج بشكل فني بالاعتماد على الفكر و اللسان (اللغة)([7])

أما التصوير في مجال الأدب: فهو التعبير عن التجارب الشعورية، بحيث يخاطب الفنان الذهن والحس و الوجدان، فترتسم أمام القارئ الصور، و أداة التصوير هنا هي الألفاظ و العبارات.

أما التصوير في القرآن الكريم فهو استخدام طريقة التصوير: « فهو يعبر بالصور المتخيلة عن المعنى الذهني، و الحالة النفسية، و عن الحادث المحسوس و المشهد المنظور و عن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية، ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة»([8])

الفني:

الفن لفظة مشتركة تدل على معاني كثيرة منها:

المعنى العام: كل عمل إنساني منظم له غاية محددة يعكس الحذق و المهارة و يشمل الحرف والصناعات.

المعنى الخاص: كل عمل راق مبتكر جميل يحدث في النفس لذة و سروراً. لكنه في القرآن: «هو جمال العرض و تنسيق الأداء و براعة الإخراج...»([9]).

السحر:

له معنيان هما:

الخداع و التمويه و التزوير و التغرير و هذا ما نجده في عمل السحرة.

لطف المدخل و الجاذبية و الروعة كما في البيان و البلاغة. و استخدام "سيد قطب" للفظة يعني بها المدلول الثاني.

التناسق:

لغة: جاء في لسان العرب: ما كان على طريقة و نظام واحد عام في الأشياء.

و التناسق في القرآن يعني: « نظم فصيح، إلى سرد عذب، إلى معنى مترابط، إلى نسق متسلسل، إلى لفظ معبر، إلى تعبير مصور، إلى تصوير مشخص، إلى تخيل مجسم، إلى موسيقى منظمة، إلى اتساق في الإخراج... و بهذا كله يتم الإبداع و يتحقق الإعجاز»([10])

الجرس:

لغة: الصوت المجروس، وقيل الصوت الخفي و قيل الحركة و الصوت من كل ذي صوت.

و يعني الصوت المنغم خفيفاً كان أم عالياً. و جرس الكلمات نغمتها و صوتها و إيقاعها الحاصل بتلاؤم حروفها و توافق أصواتها و حلاوة جرسها. و جرس العبارة يكون في الإيقاع الحاصل من تلاؤم كلماتها و توافق أصواتها و حلاوة جرسها. فالجرس يكون في الحرف و الكلمة و العبارة.



الموسيقى:

يقصد بها النغمات و الأصوات الناتجة عن الألفاظ المستعملة في التعبير حسب شدّة أو ضعف اللفظ أو لينه و قوته أو سرعته و بطئه... بحيث أنّ هذه النغمات تتناسق مع بعضها لينتج عنها إيقاع يناسب الجو الذي يُعَبر عنه([11]). فللألفاظ « أرواحاً و وظيفة التعبير الجيد أن يطلق هذه الأرواح في جوها الملائم لطبيعتها، فتستطيع الإيحاء الكامل و التعبير المثير»([12])

الظل:

ظاهرة طبيعية محسوسة بالأبصار ناتجة عن الضوء الذي يصطدم بالأجسام الكثيفة [غير الشفافة] فيرتسم ظلها.

أما استخدام "سيد قطب" لهذا المصطلح فيقصد منه ما تشيعه الألفاظ من صور و معاني ومشاعر و ما توحيه من جو و هذا لا يدرك إلا بالخيال([13]).

تلخيص محتويات الكتاب:

سنحاول في هذا الفصل الإجابة عن الأسئلة التي طرحناها في التمهيد، ملتزمين بما جاء في الكتاب و فصوله المختلفة، إلاّ أنّنا سنتصرف بطريقة عرضها بحيث نبدأ من التصورات الجزئية ثم تنتقل إلى الأفكار الكلية، لتكتمل الرؤية و يتكون لدينا فكرة عامة عن ما أسماه بعض الدارسين لكتاب "سيد قطب" بنظرية التصوير الفني.

هل في القرآن جمال و سحر؟

لقد أجاب "سيد قطب" عن هذا السؤال في الفصلين الأولين، ففي الفصل الذي عنونه "لقد وجدت القرآن" يذكر لنا تأثير القرآن فيه و هو صبي يافع لم تكتمل مداركه و لم ينضج فهمه، لكنه مع ذلك كان يستمتع بما يسمعه و ما يقرؤه من القرآن، إلاّ أنّ انتقاله إلى المعاهد العلمية و إطلاعه على كتب التفاسير استغرب مما وجده في نفسه فلم يعد يشعر بسحره و حلاوته بل بدا غامضا ممزقاً، لكن هذا لم يطل فقد عاد إلى المنبع الصافي [و هو هنا المصحف الشريف] فعاد له ذلك الشعور و تذوق تلك الحلاوة.

أما في الفصل الثاني الذي عنونه "سحر القرآن" فقد أكد وجود جمال أخاذ و سحر آسر عبّر عنه عرب قريش من آمن منهم و من كفر، حيث يعرض في هذا الفصل سبب إسلام "عمر بن الخطاب"t عند سماعه للقرآن و الأثر الذي أحدثه فيه، بل عتاة الكفار سلموا له بحلاوته و منهم "الوليد بن المغيرة" الذي قال: « إنّ لقوله لحلاوة و إنّ عليه لطلاوة و إنّه ليحطم ما تحته و إنّه ليعلو وما يعلى عله»، فالإيمان و الكفر يدلان على جاذبية القرآن و سحره.

أما عن السؤال الثاني: ما منبع هذا الجمال؟

فقد أفرد له فصل بعنوان "منبع السحر في القرآن"، نبه في بدايته أنّ منبع السحر لا يستشف من إعجازه التشريعي أو الغيبي (النبؤات الغيبية) أو العلمي...(غير منكر لها) بل السر موجود في أسلوبه و بيانه و نسقه الفني الجميل المعجز، و صاغ مثالين من القرآن من خلال سورتي "العلق" و "المزمل".

كيف فهم و فسر هذا الجمال؟

أما الإجابة عن هذا السؤال فنجدها في الفصل الرابع "كيف فهم القرآن" ليعرض لنا "سيد قطب" المراحل التي مرّ بها فهم القرآن و تفسير إبداعه و جاذبيته، حدّدها في ثلاثة مراحل و هي:

المرحلة الأولى: و هي مرحلة التذوق الفطري التي عاصر فيها العرب نزول القرآن فتأثروا به لما يتمتعون به من ملكة فطرية لكنهم لم يعللوا ذلك و لم يفسروه.

المرحلة الثانية: و هي التي حاول فيها المسلمون تبيّن مواضع الجمال في القرآن و جاءت هذه المرحلة على أطوار هي:

الطور الأول: طور الصحابة الذين اكتفوا ببيان ألفاظه و تفسير بعض آياته.

الطور الثاني: انشغال التابعين بتفسير معاني الآيات بشرح ألفاظها.

الطور الثالث: ظهور التفاسير و الغوص في المسائل الفقهية و النحوية و الكلامية و الخلقية.

الطور الرابع: اهتمام علماء البلاغة بالإعجاز البياني، كما فعل "عبد القاهر الجرجاني" لكن أعمالهم جاءت متفرقة و جزئية لم تصل لدرجة الكمال بحيث تعطي تصوراً عاماً متكاملا.

المرحلة الثالثة:

و هي التي تمَّ فيها كشف و إدراك الخصائص العامة و صياغتها في نظرية متناسقة و يعتبر "سيد قطب" أنّه هو صاحب هذه الإنجاز العظيم.

هل هناك جديد لم يتم الكشف عنه؟

أما عن السؤال الأخير فالإجابة عنه نجدها فيما تبقى من فصول، فقد سبق أن ذكرنا في الفصل السابق أنّ المرحلة الثالثة من فهم القرآن توجت بقية المراحل و قدمت نظرية متكاملة أطلق عليها "سيد قطب" "التصوير الفني في القرآن" و لإدراك هذه النظرية نبدأ أولا ببيان قاعدتي التصوير و هما:

التخييل الحسي: و معنى هذه القاعدة أنّ القرآن يصور مختلف المعاني و الحالات النفسية والحوادث... بما يبثه في الخيال من صور حسية و ذلك باستعمال:

أ) التشخيص: أي خلع الحياة على الجماد و على الانفعالات الوجدانية مثال ذلك قوله تعالى: } وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ { [التكوير18]. فكأن الصبح كائن حي يتنفس مفعم بالنشاط.

ب) التخييل بالحركة:

1. الدائمة: في قوله تعالى: } قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً { [الكهف109] فتأمل الآية يجعلك تخيل هذه الحركة المتواصلة لكتابة كلمات الله U.

2. الحركة السريعة: في قوله تعالى: } وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ { [الحج31]، في حركة سريعة تتخيل سقوط هذا الكافر وتخطف الطير له ثم هاهو يهوي في مكان سحيق...

3. منح الحركة للأشياء الساكنة: في قوله تعالى: } وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً... { [مريم4]. فالشيب يبدو في هذه الآية يتحرك بسرعة بحيث يشمل الرأس في زمن قصير، كما تفعل النّار مع الهشيم...

‚التجسيم: و معناه تصيير المعنويات أجساماً عن طريق الاستعارة و التشبيه مثال قوله تعالى: } وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ... { [التوبة 118]. في الآية تحول الضيق المعنوي إلى ضيق مادي بضيق الأرض على هؤلاء ليس هذا فقط بل حتى نفوسهم تضيق و كأنّها وعاء مادي ضاق بما فيه.

1. وصف المعنوي بأوصاف المحسوس مثل قوله تعالى: } َمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ { [إبراهيم17].أو قوله تعالى: } إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً { [الإنسان27].

فينتج عن هاتين القاعدتين ما أطلق عليه "سيد قطب" بالتصوير الفني حيث يلعب التخييل الحسي و التجسيم دورا هاماً في ما يلي:

1. تصوير المعاني الذهنية بالصور الحسية:

فالقرآن الكريم يحول المعاني الذهنية المجردة إلى صور محسوسة نتملاها بالإحساس و الخيال مثال: قوله تعالى: } مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ { [إبراهيم18]، فعمل الكافر يصور بصورة محسوسة و هي الرماد، و لبيان ضياعها و عدم نفعها تذكر الآية الريح العاصف التي تبدد الرماد، فيخيل إليك أنّ هذا الكافر يحاول الإمساك به لكن عبثاً يحاول فقد تفرق.

2. تصوير الحالات النفسية و المعنوية:

فالقرآن يصور المشاعر الإنسانية فينقلها من طابعها المعنوي الخفي لتصير ماثلة للعيان في صورة محسة مثل: قوله تعالى: } قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ { [الأنعام71].فمشاعر الحيرة في الآية تصور في مشهد لشخص يقف وسط فريقين يدعوه كل منهما ليلتحق به فيلتف يمينا و شمالا فلا يعرف لأيهما يتجه و أيهما يجيب.

3. تصوير النموذج الإنساني:

عبّر القرآن عن النماذج الإنسانية بتصوير الطبيعة البشرية مثل: قوله تعالى: } وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ { [الحجر14]. ففي هذه الآية يظهر نموذج الشخص المعاند والمكابر بحيث لا تجدي معه أي حجة و لا برهان.

4. تصوير الحوادث الواقعة:

يشخص القرآن الوقائع و الأحداث و يبرز الانفعالات الخفية و كأنّها ماثلة أمامنا مثل: قوله تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً{9} إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا{10} هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً{11} وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً{12} وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً{13} { [الأحزاب 9-10-11-12-13]. فالآية تصور حركة الأعداء الذين يأتون من كل مكان، ثمّ تحيلنا إلى الأبصار الزائغة و النفوس الضائقة، و تعرض الرجة التي زلزلت نفوس المؤمنين، ثم تصور تخاذل المنافقين فتنبع منهم الفتنّة فيشككون في وعد الله ورسوله، فيختلقون الأعذار ليفروا من المعركة. فالآيات عرضت الحركات الظاهرة و المشاعر الخفية.

5. الأمثال و القصص:

يستخدم القرآن الكريم التصوير ليحيل الأمثال إلى صور حسية ترسخ المعاني و تزيد في تأثيرها الوجداني مثل: قوله تعالى: } وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ { [الحج11]، فالآية تصور فساد الاعتقاد القائم فقط على جلب المصالح العاجلة و المنافع الآنية، إذ سرعان ما ينقلب مثل هؤلاء مرتدين عندما لا يجدون ما كانوا يطمحون إليه و بذلك يخسرون آخرتهم، و لتقريب هذا المعنى يصور شخصاً يعبد الله على حرف و المقصود به هنا المكان العالي الرفيع الذي لا يمكن للواقف عليه أن يحافظ على توازنه فسرعان ما يسقط و ينقلب.

أما عن القصص يضرب مثالا بقوله تعالى: } وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{128} رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ{129} { [البقرة127 - 129]. ففي الآية انتقال عجيب من الخبر إلى الدعاء، و بهذه الكيفية تمّ إحياء المشهد بحذف كلمة (يقولان) فمن الخير } و إذ يرفع ...{ إلى الدعاء الطويل و كأن الستار رفع ليظهر المشهد: البيت، "إبراهيم" u و "إسماعيل" u يدعوان.

ƒالتناسق الفني:

في هذا الفصل يحاول "سيد قطب" الذهاب بفكرته إلى أبعد مدى من خلال إبراز التكامل والانسجام في نسق القرآن و أدائه الفني، فيضيف "سيد قطب" أنواعاً أخرى من التناسق لم يذكرها البلاغيون من قبله و منها:

1. تناسق التعبير مع الحالة المراد تصويرها: مثل قوله تعالى: } إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ { [الأنفال22]. فالحالة المراد تصويرها غفلة بعض النّاس و كأنّهم حيوانات تدب على الأرض لا تفهم و لا تعقل فجاءت كلمة "الدواب" و "صم" و "بكم" و "لا يعقلون" تصور لنا هذه الحالة.

2. استقلا لفظة واحدة برسم صورة شاخصة لحالة ما، إما بجرسها أو بظلها أو بهما معناً وتفصيل ذلك كما يلي:

أ) بالجرس مثل قوله تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ { [التوبة38]. فلفظة "اثاقلتم" تجسم تثاقل هؤلاء، لثقل نطقها حتى على اللسان، فلو قال "تثاقلتم" لخف جرسها و لما أدت الغرض المقصود رسمه و تصويره.

ب) بالظل: مثل قوله تعالى: } وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ { [الأعراف175]. فكلمة "انسلخ" ترسم صورة عنيفة للتملص من آيات الله لأنّ فيها حركة عنيفة و قوية.

ج) أما اشتراك الجرس و الظل معاً: ففي قوله تعالى: } يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً { [الطور13]. فلفظة دعًّا تصور الحالة بجرسها و ظلها معاً، فدفع الإنسان من ظهره بعنف يحدث صوت "أع" و جرسها قريب من "دعاً" كما أنّ الخيال يرسم صورة الدفع العنيف القوي.

3. التناسق الدقيق بين صور مختلفة في تعبير واحد: مثل قوله تعالى: } وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ { [الشورى 29]. فصورة بث الدواب و جمعها تلتقيان في سطر واحد، بينما تصورهما يستغرق الخيال مدّة أطول، مرّة وهي تبث و أخرى و هي تجمع.

4. التناسق بين صور حاضرة و أخرى ماضية: مثل قوله تعالى: } خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ { [النحل4]. فالصورة الحاضرة الإنسان الخصيم، و الصورة الماضية النطفة التي لا حول لها و لا قوة، فبين الصورتين مسافة و مفارقة واضحة ليتخيل السامع هذا التباين و يدرك هذه المكابرة و هذا التمرد.

5. التناسق بين الإيقاع الموسيقي الداخلي للآية و الوظيفة التي تؤديها: مثل ما جاء في سورة "النجم" فالإيقاع الموسيقي متوسط مسترسل الروي، و يتناسب هذا مع الجو القصصي. أما في سورة "النّازعات" فالإيقاع سريع الحركة قصير الطول قوي المبنى، يناسب جواً مكهرباً متوتراً مرتجفاً. أما الآيات التي تحتوي على الدعاء فجاء الإيقاع فيها واني الحركة رخي و طويل الموجة يناسب جو الخشوع و الضراعة.

6. التناسق بين الصورة و المشاهد في الآية:

لاحظ "سيد قطب" أنّ الآية ترسم صوراً تتميز بتناسق الأجزاء في وحدة متكاملة و توزع فيها بنسب متساوية تغطي رقعة اللوحة و لا تزاحم بعضها بعضا، بالإضافة إلى مراعاة اللون و تدرج الظلال ليحدث الاتساق بين الفكرة و الموضوع. و يضرب على ذلك مثال سورة "الفلق" حيث ينظر إليها كلوحة مرسومة توحي بجو الغموض و الرهبة؛ فاختار لوناً واحداً يتمثل في أشياء غامضة مرهوبة بلفها الظلام (الفلق، الغاسق، النفثات، الحاسد) و هي موزعة بشكل متقابل منسجم: مشهدان من الطبيعة (الفلق) (الغاسق) و مخلوقان آدميان (النفثات) (الحاسد)، فالفلق و الغاسق متقابلان من حيث الزمان والنفثات و الحاسد متقابلان من البشر. فالجو الذي ترسمه السورة كله ظلام و رهبة و خفاء و غموض.

7. التناسق بين الصورة و الإطار:

يضع القرآن الصور التي يرسمها في إطار يناسبها من خلال الإيقاع الموسيقي الذي يطلقه حولها مثال: سورة "العاديات" فالإيقاع الموسيقي عنيف خشن فيه دمدمة و فرقعة، يناسب الأصوات الصاخبة الناتجة عن بعثرة القبور و تحصيل ما في الصدور، و تحقق ذلك من خلال اختيار صوت الخيول الصاخب الناتج عن حوافرها المثيرة للغبار...

8. التناسق في الإخراج:

في هذا الفصل يحاول "سيد قطب" بيان ذروة التناسق من خلال إظهار الانسجام بين المشهد والصورة و الموسيقى بحيث تعرض مجتمعة على أكمل وجه عن طريق:

أ) عرض بعض المشاهد بسرعة خاطفة لتؤدي الغرض المراد تبليغه مثال: قوله تعالى: }وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً { [الكهف45]. و هكذا في مشهد سريع تعرض الحياة في جمل قصيرة بفاء التعقيب لتذكر السامع بقصر الحياة.

ب) عرض بعض المشاهد على مهل و تؤدة لتستغرق الخيال و الوقت معاً: مثل قوله تعالى: } اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ { [الروم48]

فوصول الماء إلى الأرض يأخذ كل هذا الوقت و يعرض في مراحل و الغرض من ذلك تأمل قدرة الله U و بديع صنعه.

„القصة في القرآن:

يحاول في هذا الفصل بيان عدم تعارض الغرض الديني مع القيمة الفنية للقصة في القرآن الكريم، بل يجدها – أي القصة - قد استوفت معايير الجمال و الفنية و منها:

1. تنوع طرق العرض:

لاحظ "سيد قطب" وجود أربع طرائق لبدأ القصة هي:

أ) ذكر ملخص لها يسبقها ثم عرض التفصيلات كما جاء في قصة أصحاب الكهف في سورة "الكهف".

ب) ذكر عاقبة القصة و مغزاها ثمّ البدأ في عرضها كقصة "موسى" u في سورة "القصص".

ج) ذكر القصة مباشرة بلا تقديم و لا تلخيص، كقصة "مريم" u و ميلاد "عيسى" u في سورة "مريم".

د) تحويل القصة تمثيلية بذكر ألفاظ توحي ببداية العرض ثم ترك القصة تتحدث عن نفسها بواسطة أبطالها مثل مشهد "إبراهيم" u و "إسماعيل" و هما يرفعان قواعد البيت و يدعوان.

2. تنوع طرق المفاجأة:

من فنيات القصة التي استوعبها القصص القرآني طريقة المفاجأة حيث رصد "سيد قطب" ما يلي:

أ) كتم سر المفاجأة عن البطل و النظارة حتى يكشف لهما معاً، كقصة "موسى" u مع "الخضر" t. في سورة "الكهف".

ب) كشف بعض السر للنظارة و إخفاءه عن البطل في موضع و عن النظارة و البطل معاً. مثال قصة "بلقيس" و "سليمان" u (فالعرش معروف للنظارة و خاف عن "بلقيس"، أما الصرح الممرد خافٍ عن النظارة و "بلقيس" معاً).

ج) مفاجأة البطل و النظارة معاً كما جاء في قصة "مريم" في سورة "مريم".

د) عرض القصة و ترك فجوات بين المشاهد لترك مجال للخيال ليملأ الفجوات و يستمتع بذلك مثال: عرض قصة أصحاب "الكهف" عن طريق المشاهد التالية:

المشهد الأول: تشاور الفتية في أمرهم.

المشهد الثاني: نومهم داخل الكهف و وصف القرآن لهم.

المشهد الثالث: استيقاظهم و تساؤلهم عن المدّة التي قضوها في نومهم و إرسال أحدهم لجلب الطعام.

المشهد الرابع: اكتشاف أهل القرية لأمرهم.

المشهد الخامس: مشهد أهل القرية و هم يتشاورون في أمرهم.

المشهد السادس: تجادل النّاس في عددهم و المدّة التي قضوها في الكهف و هم نيام.

3. التصوير في القصة:

في هذا المبحث يتناول الخاصية الرابعة للخصائص الفنية للقصة في القرآن الكريم و هي أشد الخصائص ارتباطاً بالتصوير الفني، حيث أنّ التعبير القرآني يحيل القصة حادثاً يقع و مشهداً يجري لا مجرد قصة تروى و تتجلى هذه الخصائص فيما يلي:

أ) قوة العرض و الإحياء:

فالقرآن بألفاظه و طريقة عرضه يحي القصة فترتسم أمام القارئ المشاهد و تجري أمامه الأحداث و تدب الحياة في أبطالها بالحركة و الحوار، و مثال ذلك قصة أهل الكهف.

ب) تصوير العواطف و الانفعالات و إبرازها:

القصة في القرآن اعتنت بكشف العواطف و رسم الانفعالات مثال ذلك قصة "مريم" u من خلال رسم الهزات التي تعرضت لها و هي:

الهزة الأولى: مفاجأة رجل غريب لها في خلوتها.

الهزة الثانية: إخبار الرجل بغرضه من وجوده (ليهب لها ولداً)، فيزداد فزعها و استنكارها لهذا الطلب.

الهزة الثالثة: حمل "مريم" و ما نتج عنه من قلق و عذاب و تمني الموت.

الهزة الرابعة: مناداة الطفل لها من تحتها و مواساته لها.

الهزة الخامسة: انتقالها لقومها و مواجهتها لهم و تعجبهم و سخريتهم منها عندما أشارت إلى الطفل عندما سئلت عن هذا الفعل الشنيع في نظر قومها، ثم ها هو الطفل يتكلم يجيب بدلا عنها.

4. رسم الشخصيات في القصة:

اعتنت القصة برسم شخصيات الأبطال فنياً بإظهار الملامح و السمات البارزة بل الغوص في أعماقها و إجلاء كوامنها مثال:

رسم شخصية "إبراهيم" u من خلال كل القصص التي وردت عنه في القرآن، حيث تبرز سمة الهدوء و التسامح و الحلم و الصبر و الشجاعة...

…النماذج الإنسانية:

يعتبر هذا الفصل توسيعاً لما جاء في فصل التصوير الفني حيث اهتم القرآن برسم النماذج البشرية من خلال ما يلي:

1. النماذج الإنسانية التي تصور الجنس البشري ككل: مثال قوله تعالى: } وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ { [يونس12]. في الآية صورة للإنسان الذي تلجئه الحاجة وقلة الحيلة و ضعف القوة إلى التضرع لله، لكن بعد أن يكشف ضره و تتدفق القوة و الحيوية في عروقه و تزول عنه الحواجز يندفع غير ملتفت ناسٍ ما كان منه من دعاء و مسكنة. فالتناسق الفني في الآية يظهر في إطالة صورة الدعوة عند الضر و الإسراع في إظهار حالته بعد كشف الضر.

2. النماذج الخاصة بفرد: كما في قوله تعالى: } َإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ{48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ{49} { [النور 48-49]. في الآية بيان لنموذج الإنسان الذي يذعن للحق عندما يخدم مصلحته فقط.

†المنطق الوجداني:

يحاول في هذا الفصل تلمس طريقة التصور الفني في جدال القرآن للكفار و أهل الكتاب وغيرهم. ذلك أنّ العقيدة موطنها الضمير و أقرب الطرق إليه الوجدان و الحس، لذلك يسلك القرآن طريقة البداهة و إيقاظ الإحساس؛ و مادة هذا المنطق المشاهد المحسوسة و الحوادث المشخصة، و طرقته لذلك كانت بالتخييل و التجسييم و هما قاعدتي التصوير الفني كما مرّ معنا في السابق. و يبيّن ذلك من الأمثلة التالية:

} مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ { [المؤمنون91], فالغرض من الآية إنكار تعدد الآلهة و إثبات وحدانية الله U، عن طريق مخاطبة البداهة ببساطة من خلال عبارة تصويرية ترسم تعدد الآلهة في صورة مضحكة يتخيلها السامع فلو كان هناك آلهة لذهب كل إله بما خلق و انحاز كل فريق من المخلوقات إلى إله.

‡طريقة القرآن:

في هذا الفصل يحاول "سيد قطب" تقييم طريقة القرآن في التصور الفني و بيان مدى فنيتها؛ حيث انتهى إلى أنّ القيمة الفنيّة للتصوير في القرآن تتجلى في التخييل و التجسيم، فلو قارنا المعاني المعروضة بهاتين الطريقتين بغيرها من الطرق لظهر الفرق، فمثلا مخاطبة العقل بالعبارة العقلية المجردة تجعل المعنى باردا و ساكنا بل أحياناً تعقده و تزيد من غموضه؛ لكن عن طريق التصوير الفني يتم إشراك العقل و الحواس و الخيال لتثير الانفعال و الإحساس فتصل المعاني إلى الألباب و القلوب و الأسماع والأبصار مجتمعة.

ˆهذا الكتاب:

هذا الفصل أضيف بمناسبة الطبعة الثالثة لكتاب "التصوير الفني في القرآن" يشيد فيه "سيد قطب" بالنجاح و القبول الذي لقيه في الأوساط العلمية و الأدبية و الدينية. و فيه يؤكد على أنّ التصوير الفني أسلوب القرآن و قاعدته لأنّه يمثل ثلاثة أرباع القرآن. كما يدافع عن عنوان الكتاب "التصوير الفني" فالفن كلمة يساء فهمها مستنكراً اعتباره « التلفيق و الخيال البعيد عن الصدق» فلا تعارض بين الفن و الحقيقة، إذ يمكن عرض الحقائق فنياً بحيث لا يتناقض ذلك مع واقعيتها و صدقها. وهو في هذا الصدد يرد على الدكتور "محمد أحمد خلف الله" الذي ذهب في كتابه "الفن القصصي في القرآن" إلى أنّ القصص القرآني لا يتصف بالصدق التاريخي بل هي أساطير([14])



الخاتمة:

بعد هذا العرض المقتضب لفصول الكتاب نختم بطاقة القراءة المتواضعة بأهم النتائج التي توصلنا إليها و نجملها في النقاط التالية:

1. يعتبر الكتاب قراءة نقدية فنية للقرآن سلكت منهجا انطباعيا اعتمد فيه "سيد قطب" على الحس الذوقي و التذوق الجمالي الذين يتمتع بهما.

2. أبدع "سيد قطب" مصطلحات فنية من ألفاظ لا توحي في البداية بذلك، منها الظل، التجسيم، الجرس...

3. كما يبدو أنّه يتذوق النص من خلال إسقاط فنون عصره من موسيقى و تصوير ومسرح و قصة... دون مغالاة و لا انغلاق إذ يعبر ذلك عن قناعة فكرية لا تقابل و تناقض الدين والفن، بل تستوعب البواعث الجمالية الكامنة في الإنسان و تعتبر جمالية النّص و فنيته متوجهة إلى الطبيعة البشرية الرقيقة الراقية لتستفد منها و ترسخ العقائد الإسلامية.

4. كما نخلص من ما عرض في الكتاب إلى تأكيد جمالية اللغة و قدرتها على أن تكون أداة فنية للإبداع أولا و للتذوق ثانياً فكثيراً ما كان يختم ما كشفه من صور فنية بقوله إنّ الإعجاز في القرآن يكمن في أنّه يرسم الصورة و يشخص الحالة أو المشهد أو الحادثة بالمفردات و الألفاظ،، بل أحياناً يحكم بعجز الطرق الأخرى عن فعل ذلك [مثال: أضواء المسرح لا يمكنها أن تحي المشهد كما أحيته الألفاظ في قصة أهل الكهف].

5. أكد و أثبت أنّ الغرض الديني لا يلغي و لا يقضي على القيمة الجمالية للقرآن الكريم وهذه إشارة لإمكانية قيام فن إسلامي يلتقي فيه الفن و الجمال و الدين [و هذه الفكرة وسعها "محمد قطب" في كتابه "منهج الفن الإسلامي"، و "محمد عمارة" في كتابه "الإسلام و الفنون الجميلة"].

6. و أخيراً أخلص إلى أنّ جمالية القرآن الكريم بالإضافة إلى كونه كلام الله U، فقد عُرِض وفق مقاييس فنية و ذوقية تسمح لكل ذواقة بالتمتع به و تلمس قيمته.

المصادر و المراجع:

سيد قطب:

1. التصوير الفني في القرآن، دار الشروق، ط 8، 1983.

2. النقد الأدبي أصوله و مناهجه، دار الشروق، ط 6، سنة 1980.

3. مشاهد يوم القامة، دار الشروق، د ت ط.

المراجع:

1. عبد الله عوض الخباص:

سيد قطب الأديب الناقد، دار الشهاب للنشر و التوزيع، الجزائر، د ت ط.

2. صلاح عبد الفتاح الخالدي:

نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، دار الشهاب، باتنة، الجزائر، سنة 1988.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] )- عبد الله عوض الخباص، سيد قطب الأديب الناقد، دار الشهاب للنشر و التوزيع، الجزائر، من ص 69 إلى 108.

[2] )- عبد الله عوض الخباص، سيد قطب الأديب الناقد، ص 130.

[3] )- المرجع السابق، ص 278- 280-281-292.

[4] )- صلاح عبد الفتاح الخالدي، نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، دار الشهاب، باتنة، الجزائر، 1988، ص 63.

[5] )- نفس المرجع، ص 62.

[6] )- المرجع السابق ص 67. نقلا عن: أحمد الشايب، أصول النقد الأدبي.، ص 116.

[7] )- المرجع السابق، ص 74.

[8] )- سيد قطب: التصوير الفني في القرآن، ص 32.

[9] )- سيد قطب، مشاهد يوم القيامة، ص 229.

[10] )- سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، ص 142.

[11] )- صلاح عبد الفتاح الخالدي، نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، ص 94.

[12] )- سيد قطب، النقد الأدبي أصوله و مناهجه، ص 55.

[13] )- عبد الفتاح الخالدي، نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، ص 99.

[14] )- صلاح عبد الفتاح الخالدي، نظرية التصوير الفني عند سيد قطب، ص 80-81.

يا باول :
أولا : مرحبا بك شرفتنا بالنادى واتمنى لك ان تتعلم وتعلم الكثير

ثانيا : هذا ثانى موضوع ادخله لك وللأسف اجده طويل جدا حتى لكأنك تعتبر القارىء متفرغ فقط لموضوعك يا باول يا حبيبى نصيحة لك اختصر قدر المستطاع وأغلب الموجودون بالنادى قرأوا معظم الكتب التى تتحدث عنها ولا يريدون اعادة سردية لها وإغراق الشريط بها ولكن يريدون النقاط التى تريد التحدث من خلالها وإذا كان الموضوع طويلا فيمكنك تقسيمه حتى ترى ردود الأفعال ومن ثم تكمل جزء بجزء حسبما يسير بنا الموضوع

الكتاب قيم وانا قراته من زمن وأقول :
Arrayتوطّدت علاقته بالإخوان المسلمين وساهم في تشكيل الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان،[/quote]
اعتقد انه اهدى للإخوان كتابا وهو فى امريكا ولا اعتقد انه حتى ذلك الوقت كانت له علاقة تنظيمية بالإخوان

Arrayولد "سيد قطب" يوم 9 أكتوبر 1906. كاتب وأديب ومنظر إسلامي [/quote]
نعم بقرية موشى بأسيوط

Arrayبدأ "سيد قطب" متأثرا بحزب الوفد وخصوصاً بكاتبه "عباس محمود العقاد" وكتاباته الشيقة فقد تأثر كثيرا باعتقادات العقاد[/quote]
وكان ينتمى لجماعة ابولو الأدبية

المهم الموضوع بتاعك محتاج عشرات الصفحات ولم تضع فيه نقاط للمناقشة وربما تنتبه فى المرات القادمة لهذا واعذرنى على توجيهى لك فأنا تعلمت من الأعضاء القدامى مثل تلك الضوابط واردت ان انقلها لك
------------------------------------------------------------------------------------------------------
النقطة الأهم فى نظرى هو تبرؤ التيار التجديدى داخل الإخوان من فكر سيد قطب فى جزئيا ت معينة وتمسك الحرس القديم فكره كاملا مكملا .......... هذه مثلا نقطه هامة للمناقشة
لك التحية:97:

كنت عارف اني هلاقيك هنا:10: يا ( حبيبي بني آدم ) أكيد .

أضحكتنى يا ابن العم عامر حتى استلقيت على قفايا
قبح الله الذكاء .......... انت دائما تكشفنى بسهولة ويبدو ان حاسة الشم بالنادى أصبحت تخيف الكثيرين فنسمة طالما تباهت بحاسة الشم لديها وانت عامر تطورت لديك تلك الحاسة

وأكيد أكيد شممت رائحتى وانت فى الواجهة الرئيسية للنادى
حسنا يا عامر سأغير معرفى ليصبح " بنى آدم تانى "
لك التحية ويا ريت كنت تدلى بدلوك وانا متأكد ان لديك الكثير من المشاغبات حول تلك الموضوعات

للجميع محبتى :45:

جزاكم الله خيرا

Arrayهل في القرآن جمال و سحر؟

لقد أجاب "سيد قطب" عن هذا السؤال في الفصلين الأولين، ففي الفصل الذي عنونه "لقد وجدت القرآن" يذكر لنا تأثير القرآن فيه و هو صبي يافع لم تكتمل مداركه و لم ينضج فهمه، لكنه مع ذلك كان يستمتع بما يسمعه و ما يقرؤه من القرآن، إلاّ أنّ انتقاله إلى المعاهد العلمية و إطلاعه على كتب التفاسير استغرب مما وجده في نفسه فلم يعد يشعر بسحره و حلاوته بل بدا غامضا ممزقاً، لكن هذا لم يطل فقد عاد إلى المنبع الصافي [و هو هنا المصحف الشريف] فعاد له ذلك الشعور و تذوق تلك الحلاوة.
[/quote]


ه1ا هو محور الكتاب بشكل مختصر .

ولسيد رحمه الله كتابات فائقة ، وفي بعض كتبها مزالق ، وجل من لا يخطيء

Arrayولسيد رحمه الله كتابات فائقة ، وفي بعض كتبها مزالق ، وجل من لا يخطيء[/quote]

تمام يا بندق كده تعجبنى ولكن سيد قطب مثل الميزان بمعنى انه يمكنك ان تعرف توجه الشخص بمجرد ذكره فالبعض يراه وسطيا معتدلا وأنموذجا اسلاميا سليما والآخرون يرونه متشددا ويميل للفكر الجهادى واتجاه ثالث يرى ان له مزالق كما ذكرت حضرتك
ورابع يضع الإسلاميين كلهم فى سلة واحدة ..

لذا ففكر سيد قطب من الافضل أن يقرأ فى سياق ظروفه الخاصة والتاريخ الذى كتب به .. وبالتأكيد له بعض الفوائد
لك تحياتى:97:

مرحبا بالجميع
شكرا لك أخي الكريم على تقديمك للكتاب
وأنا اريد فقط أن أضيف شيئا، وهو أن هذا الكتاب يعد من أروع ما كتب سيد قطب دون أن ننسى بطبيعة الحال كتابه المهم العدالة الاجتماعية في الإسلام وهذا الأمر يعترف به خصومه قبل مؤيديه...
دمتم بود

سيد قطب احبه جدا كأديب

تجد في كلامه عذوبة وسلاسة رائعين .

يتمتع بذوق عال في كتاباته يجعل من خلالها القاريء يتسائل ويرد يتسائل ويرد .

القراءة في كتبه كانها محاورات وليست مجرد قراءة صماء .


بالطبع هذا من الناحية الفنية وليست الشرعية أو السياسية .