عزيزي خوليو ..
قرأتك مداخلتك باهتمام شديد، وصدقني لا اختلف معك في المجمل، بل أجد نفسي متفقا معك تمام الاتفاق، خصوصا في فكرة لطاما رددتها في هذا المنتدى، وآمنت بها على الصعيد الشخصي، واتهمت بسببها بالزحفطة والخيانة والعمالة للنظام السوري ! .. والفكرة التي اعنيها هي:
Arrayفالمجتمع هو الذي يخلق المستبد .. والمستبد هو الذي يخلق ثقافة المجتمع .. هذه الجدلية الفلسفية القديمة (جدلية تأثير الفرد بالمجتمع وتأثّره به) تنعرض أمامنا بأوضح صورها .. وكلّ يجد طريقته بالتغيير وبإمساك أحد أطراف الجدلية .. وطريقي هي ألا أعوّل على حركة سياسية "معارضة" .. بل أعوّل على الأهميّة الثقافيّة لوجودها وتضافرها مع عوامل أخرى في عملية التغيير الثقافي[/quote]
برجاء انظر هذا الرابط بكافة تداعياته:
http://www.nadyelfikr.net/index.php?showtopic=43292&st=0
وحوارت كثيرة لي مع الصديق العزيز اللدود اسماعيل الاحمد (الناطق باسم المعارض الشريف البيانوني) ..
اتفق معك في ناقط اخرى كثيرة وهي:
Arrayشخصياً .. احترم كل إنسان يدفع ولو يوماً من عمره ثمناً لكلمة يقولها أو حريّة ينشدها .. لكنني أجد أنّ هذه المعارضة ليست سوى صوت ضروري وجوده .. لكنّها لمّا ولن تلعب دوراً مؤثّراً في الحياة السياسية في الداخل .. وستبقى الهوّة كبيرة بينها وبين الجماهير .. فزمن الثورات قد ولّى .. والجماهير ماتت ولم تعد تنبض بالحياة .. ولا تهتمّ إلا بقوت يومها .. والنهضة لكي تبدأ عليها أن تبدأ بفكر شعبي نهضوي ذو رسالة ما .. لا بغنم يتبع الراعي .. وإلا كانت النتائج لا تحمد عقباها .. !! أوروبا قطعت أشواطاً من النهضة الفلسفية والفكرية وانتشار الوعي على المستوى الشعبي ومن ثمّ دفعت أرواح العديد من الشهداء حتّى وصلت إلى ما وصلت له الآن[/quote]
لا Arrayأؤمن كثيراً بنظريّة الأفراد الذين يغيّرون التاريخ .. ولا أنتظر مسيحاً ليقلب حركة المجتمع أو أن يقوم رياض الترك إن ترك الإخوان والمستقبل وابتعد عن كلّ ما تمقته الجماهير وراح يصلّي الصبح جماعة معهم .. أقول لا أنتظر منه أن يقوم بقلب الجماهير لصفّه أو إحداث تغيير ما .. بل أرى أنّ حركة التغيير تتسع أفقياً لتشمل مستويات اجتماعية كبرى .. تنعكس "أوّلاً" على صعيد الحياة والمعيشة والثقافة والتفاعل الاجتماعي .. ومن ثمّ إلى مجال الدولة والحكم .. فالدولة انعكاس المجتمع حتّى بأشد درجاتها استبداديّة .. كما أؤمن أنّ "السياسة" مصطلح حديث يعنى بممارسة حقوق المواطنة في ظلّ جوّ من الحريّة .. فإن لم تكن "المواطنة" موجودة .. فعن أيّ سياسة نتحدّث وعن أيّ سياسي نطالبه بأن تكون خطاباته ومواقفه موزونة على الدوزان .. !!
أذكر مقوله لأحد الفلاسفة ربّما، تعني بأنّ الدولة أو "الحكومة" تطبع دوماً المعارضة بطابعها .. فإن كانت مستبدّة تميّزت المعارضة بذات الطابع .. وهنا أجد ربّما أنّ النزاع يتحوّل إلى نزاع عصابات أو جماعات .. وحروب رجال لا حروب مجتمعات .. فالمجتمع يتوقّف نبضه إن خنقه الاستبداد .. ويصبح الحلّ السياسي حلاً استبدادياً أيضاً .. وينتقل الحكم من مستبدّ لمستبد
[/quote]
وحتى قولك :
Arrayعلى كلّ .. لو كان كلامك موجّه للعقلية التي تحملها المعارضة بشكل عام لحنيت لك رأسي بالإيجاب .. لكن وبما أنّه يتوجّه لشخص رياض الترك بشكل خاص فقد كان لي فيه رأي مختلف .. وبالنهاية لجميع هذه الشخصيات السياسية المعارضة أهميّة ما .. لذا نرجو استمرارها دوماً رغم اعتراضاتنا الكثيرة على سياساتهم [/quote]
اتفق معك فيه، فأنا بطبيعة الحال لا اختزل المعارضة بشخص رياض الترك، وانما انحصر تعليقي على الترك لخصوصية الموضوع المكرس لشخص الترك وحده، ولطالما كتبت منتقدا عقلية المعارضة التي لا اجد كبير فرق بينها وبين عقلية النظام سواء من حيث آلية التقييم، أو تخوين الآخر المختلف، أو الاقصاء، أو أدبيات التخاطب ، أو الاعدام المعنوي للآخر المختلف ..
فيما عدا ذلك .. اسمح لي أن اختلف معك في نقاط:
تقديري الشخصي لرياض الترك الذي سجلته في مداخلتي لم يكن موقف مجاملة للرجل، ولا توطئة لذمه ! على الاطلاق .. بيد أن التقدير شيء، ووصنع هالة مفرطة من القداسة المثالية شيء آخر مختلف ..
من حقك أن ترى للترك ولغيره الحق في منح صكوك الوطنية لهذا وذاك، وحرمان هذا وذاك من نعمة الوطنية ! .. بيد أني اختلف معك على طول الخط في هذا المسلك، فلا يحق لأحد أن يقييم الآخرين، ويتخذ من نفسه محكا معياريا لوطنية هذا وخيانة ذاك ..
كلنا نجتهد في حب الوطن .. فمنا من يصيب .. ومنا من يخطئ .. ولكن من الخطورة أن نتعامل مع اختلاف وجهات النظر السياسية بمسميات (خيانة .. وطنية .. عمالة ) التي أراها التعبير العلماني لمسيات (كافر، مؤمن ! ) في الخطاب الاسلامي .. مع التشديد أننا نتحدث عن علاقة افراد بنظام، ولا اتحدث عن علاقة افراد بأنظمة خارجية معادية أو موالية ! حتى لا يخرج علينا الآن من يدير اسطوانة (هل اصبحت الخيانة والتطبيع مع اسرائيل وجهة نظر !! ) فكلامي لا علاقة له باسرائيل، وانما ينحصر بعلاقة المعارضة بالنظام الحاكم ..
بماذا يختلف تقييم رياض الترك للآخرين عن تقييم النظام للترك نفسه ولباقي جماعة المعارضة ؟ .. الترك يرى من حقه أن يمنح هذا المغفرة بمسمى الوطنية الشريفة، ويطرد هذا من جنة الشرف والوطنية بتهمة الخيانة والعمالة .. حسنا .. انت ترى ان هذا حقه، ولكن لماذا اذن نعيب على النظام وصم هذا بالخيانة، وذاك بالعمالة، وهؤلاء بالتأمر على مصير الشعب ونرى في ذلك مسلكا مستهجنا ومرفوضا !؟...
قد تحتج على كلامي بالقول أن معايير الترك تختلف عن معايير النظام، فالرجل (يستند في تقييماته على معايير معيّنة تضع الوعي الديمقراطي ضمن أولويّاته) في حين ان معايير النظام هي : من معي ومن ضدي ! والسؤال: الا يزعم النظام ذاته أنه يستند في تقييماته على معايير الديمقراطية والوفاء لمصلحة الشعب والقضايا المصيرية العليا ايضا !؟ .. فما الفرق بينهما ؟ ..
ثم .. إذا كان الرجل (يستند في تقييماته على معايير معيّنة تضع الوعي الديمقراطي ضمن أولويّاته) فهل ينطبق هذا المعيار حقا على البيانوني الذي أصبح فجأة مثال الوطنية الصادقة المخلصة !!! أم أن وراء الأكمة ما وراءها في هذا التقييم ؟ .. وهل يفتقر خدام لمعيار الدمقراطية الذي يجعل من صاحبه معارضا شريفا ؟ .. والاحجة الغريبة التي لم نفهمها بعد هذا التقييم العجيب هو: كيف يفسر لنا الترك تحالف معارض شريف من وجهة نظره (هو البيانوني) مع خائن عميل من وجهة نظره (هو خدام) !؟ ..
بخصوص ايمان الترك بالتغيير والدماء الشابة، وتفرده المثالي في تقديم المصلحة العامة على المصالح الذاتية والأنا الشخصية فكنت قد احلتك الى رأي شريكه ورفيق دربه في النضال: عبد الله الهوشة، واسمح لي أن انقل لك مقتفطات من مقال كتبه الهوشة في الرد على تفسير الترك لاستقالة هوشة، ويومها استرسل هوشة في الحديث عن فردية الترك واستبداده الشخصي ومحالة فرض رؤاه على الآخرين ناقلا صورة مختلفة تماما عن الصورة التي رسمها العزيز خوليو ..
استمع اليه يقول (والكلام لهوشة بالحرف) :
Array
لقد كنت مصرا على الاستقالة طوال أكثر من عام ونصف ما لم يحدث تغيير في البداية ، ويأسا من إمكانية التغيير فيما بعد ، ما دام الأمين الأول التاريخي مصرا على أسلوبه في العمل ، وعلى إخضاع اللجنة المركزية لآليات عمل مخالفة لروح المؤتمر السادس ولوثائقه التي حملت طموحا كبيرا لتجديد الحزب بكل المعاني ، الفكرية والسياسية والتنظيمية ، ولتحويله إلى مؤسسة لا تتحكم فيها شخصية واحدة أو فرد واحد ، أيا كانت تلك الشخصية ومن كان هذا الفرد[/quote]
وكتب ردا على قول الترك (شخصيا أظن أنه استقال لأنه لم يستطع التأقلم مع الأعضاء الجدد والدماء الجديدة ولا تنس أنه لم يبق من القدماء في اللجنة المركزية إلا ثلاثة أنا وجورج صبرا ووفيق عبد الله):
رد هوشة:
Arrayهذا غير صحيح بالمطلق . وهو محاولة بدائية لإغراء عقول الرفاق وتعاطفهم . . معروف جيدا أن التناقض هو مع الدماء الأكثر قدما – للأسف – التي تفرز بانتظام أفعالا شخصية ومقولات مشخصنة في الفكر والسياسة والتنظيم ( انظر في هذا الصدد مجمل المقابلة التي أدلى بها إلى موقع المرصد في التاريخ المشار إليه ) . لكن ، ما يثلج الصدر هنا أن الرفيق العزيز وضع كلامه هذا في مجال الظن . لا بأس : " إن بعض الظن إثم " [/quote]
ولعل أفضل رد على كلام العزيز خوليو :
Arrayومجلّة "الرأي" التي يصدرها الحزب ترى فيها من التنوّع والاختلاف ما يلفت النظر فعلاً مع أنّها المجلّة الناطقة باسم الحزب[/quote]
هو رد عبد الله هوشة نفسه اذ يقول:
Arrayالرفيق يعلم جيدا – إلا إذا كان يتمتع بفضيلة النسيان ! – أن الرسالة الأولى التي وجهتها إلى اللجنة المركزية بعد انفجار الأزمة منذ أكثر من عام ونصف العام ، طلبت نشرها في جريدة الحزب الرسمية وفي موقعه على شبكة الإنترنت . لكن ، ولسبب أجهله ، لكوني انكفأت عن العمل في حينه ، لم يجر نشر تلك الرسالة . وهذه مسألة غير مسبوقة في حياة الأحزاب ، أي أن يحال بين الأمين الأول وبين التعبير عن رأيه في إعلام الحزب الرسمي ؟ ! طبعا لم أرغب بنشرها في مكان آخر ![/quote]
قد يقول قائل: عبد الله هوشة محكوم بأغرض شخصية وتصفية حسابات خاصة ! .. وهنا نقول : عجبا ! كيف أصبح هوشة هو الجاني والترك هو الضحية ؟ كيف وعلى اي اساس !؟ ..
عزيزي .. اعيد التأكيد على ما بدأت به تعليقي الأول، ومداخلتي هنا:
لا نملك سوى أن نحترم معاناة وتضحية رياض الترك .. ولكننا بذات الوقت لا نملك سوى أن نتعرف بالحقيقة المرة وهي أن عقلية الترك المثقلة بالآنا وتضخم الذات وحق الارث التاريخي .. والحق في تقييم الآخرين والحكم على وطنيتهم ! (التي هي بطبعة الحال عقلية قطاعات كبيرة من المعارضة) لا تختلف عن عقلية النظام ..
عزيزي .. النظام لم يهبط علينا من المريخ .. النظام هو نتاج هذا المجتمع بحلوه ومره .. بقبحه وجماله .. بعجره وبجره ! .. والمجتمع الذي انتج هذا النظام هو ذاته الذي ينتج المعارضة ..
عزيزي .. من يعجز عن ممارسة الديمقراطية الحقة وهو في صفوف المعارضة يعجز حتما عن ممارستها سياسية بعد أن يصل الى كرسي الحكم.
مع خالص التحية .
شهاب الدمشقي.