مقال مترجم عن:
The Origin of Life research project
Michael J. Russell & Allan J. Hall
University of Glasgow
January 2000
في ما يلي شرح للكيفية التي ربما ظهرت فيها الحياة، تم كتابة هذا المقال من اجل غير المتخصصين وتم نشر بيان مفصل منه في سنة 1997 في جريدة المجتمع الجيولوجي في لندن Journal of the Geological Society of London وهي الجريدة المناسبة لاننا نظن ان نشوء الحياة كانت عملية جيولوجية بصورة رئيسية حيث التبريد بواسطة الصخور من مياه البحر تحت قاع المحيط لعب دوراً مهماً في نشوء الحياة. وربما تبدو هذه العملية بعيدة عن معرفتنا اليومية للحياة ولكن من المتعارف عليه منذ اكثر من عشرين سنة ان الكائنات الحية الدقيقة الاولية primitive micro-organisms يجب ان تتواجد حية في الينابيع الدافئة في قيعان المحيطات.
التحدي في هذا البحث هو ايضاح كيف يحتمل انه تكوّن كائن حي بسيط نسبياً مشابه لخلية البكتريا.
تقوم الخلية الحية بتمثيل الغذاء، وتستهلك الطاقة، وتولد الفضلات. انها تتكون بصورة رئيسية من مركبات كاربونية (عضوية) وايضاً من الهيدروجين وعناصر اخرى.
الخاصية البنائية المعرفة للخلية الحية هي وعاء مضاد للماء تدعى الغشاء الخلوي. في الداخل، تتكون الخلية من محلول مائي يحوي تركيزاً عالياً من الجزيئات العضوية بالاضافة الى بعض الاملاح اللاعضوية.
الخلية الحية البسيطة لايشترط انها تحوي نواةً ذات مادة جينية مركزة (DNA) ولكنها تتطلب وجود هذا الجزئ الضخم.
يتكون جزئي DNA من سلسلتين جزيئيتين، تتكون كل سلسلة من صف طويل من جزئيات ابسط، ويمكن فصل السلسلتين عن بعضهما كمثل عملية فتح السحاب. وهكذا تصبح كل سلسلة قالباً لتجميع سلسلة جديدة.
لذا فان DNA قادر على اعادة توليد نفسه. التتابع الجزيئي لل DNA يتحكم في البناء النظامي لكل المكونات العضوية للخلية التي يكون معضمها قابل للتجديد، اي انها تتحل بينما يعاد تصنيع القطع الابتنائية للجزيئ.
لذا، فالخلية الحية تقوم باعادة تصنيع الجزيئات العضوية بالاضافة الى انتاجها وتكديسها. فهي قادرة على "اعادة شبابها" وهي صفة مميزة تعطي الخلية حياة اطول. الخلية ممكن ان يزداد حجمها وتتكاثر، على سبيل المثال عن طريق الانقسام الى نصفين، وهكذا فكل خلية تنتج عن الانقسام ستحمل نسخة من DNA الخلية الاصلية.
لقد حدثت الكثير من التغييرات في هيكلية الخلية خلال الزمن عندما تطورت الحياة ضمن قيود تحكم ال DNA. ولكن التغييرات ربما تكون صغيرة مقارنةً بالخطوة الاولى من محاليل كيميائية متولدة بصورة طبيعية الى خلية حية. اننا نقترح ان تكون الخلية الابكر عملت بطريقة مشابهة للخلية الموجدة قي ايامنا الحالية لذا فكل المكونات الاساسية والاليات يجب ان تجتمع في نفس الزمن ونفس المكان.
هذا يقود الى السؤال عن "ما الذي تفعله الحياة" بدلاً من السؤالعن "ما هي الحياة" ولكي نعالج هذا السؤال يجب ان نفهم المصادر الطبيعية للطاقة وما هي انواع الطاقة المتضمنة في العمليات الحياتية.
امعان النظر في الظواهر الطبيعية المتصلة بالطاقة يساعدنا في فهم الحياة واحتياجاتها الاولية.
- ما الذي يفعله الشلال؟
انه يصرّف الماء من علو عالي الى علو منخفض، معطياً الماء مستوى طاقة تثاقلية اقل.
- ما الذي يفعله ينبوع الماء الدافئ؟
انه نظام مجارٍ يقوم بتفريغ drain الدفئ (الطاقة حرارية) من تحت الارض ويبددها على السطح
- ما الذي تفعله الحياة؟
انها نظام كيميائي يقوم بصرف وتبديد الطاقة الكيميائية. وكمثال على ذلك فالحيوانات تكسب طاقة كيميائية من السكر الموجود في الغذاء وتتنفس الاوكسيجين بظاهرة تعرف بالتنفس.
الحياة في ايامنا الحالية تعتمد بصورة عامة على الطاقة الشمسية والتي تدير الانظمة الكيميائية للنباتات الخضراء. النباتات تستخدم الماء وثاني اوكسيد الكاربون من الهواء لتنتج جزيئات عضوية مع طرح الاوكسيجين.
نحن نعتبر ان اول خلية حية تشكلت على قاع المحيط على كوكب الارض منذ مليارات السنين. الحياة انبثقت في مواقع الينابيع المعدنية الدافئة الغاطسة في قاع المحيطات حيث تركزت الطاقة الكيميائية وحيث امتزاج ماء الينبوع بماء البحريمكن ان يؤدي الى ترسب المركبات الكيميائية.
يعرف الان بصورة جيدة ان مثل هذه العمليات ممكن ان تؤدي الى مستودعات غنية بالمعادن غالباً ما تحوي كبريتيد الحديد ولكن بمركبات كيميائية متغيرة جداً.
كيف يمكن ان تكون الخلية الاولى تجمعت في مثل هذه الوضع على الارض او في اي كوكب حجري، رطب، ومشمس؟
ان الترسبات الكيميائية في المحاليل الممزوجة يمكن ان تكون حاجزاً يمنع الترسب والخلط الاضافي.
نحن نتصور تكون ترسب خاص في الينبوع الدافئ لم يؤدي فقط الى تكون جدار فاصل يكبت الخلط ولكنه وفر قالباً لتجميع سلاسل من الجزيئات العضوية، وعمل كمحفز للتفاعلات الكهروكيميائية.
تكون الغشاء الترسبي الاول بصورة رئيسية من مجاميع صغيرة من الحديد والكبريت. مازالت مجاميع الحديد-الكبريت تلعب دوراً تحيفيزياً كهروكيميائياً في كل الخلايا الحية. هذا البحث قد ركز الى حد كبير على مصدر وطبيعة ودور كبريتيد الحديد.
قام الترسب باعتباره جداراً فاصلاً بتركيز الجزيئات العضوية مثل الاحماض الامينية والتي تكونت في عنق المحيط تحت الينبوع حيث تفاعل الماء والمركبات الكيميائية المتحللة مع الصخور المحتوية على الحديد.
كما ركز الجدار مركبات كيميائية اخرى يمكن انها شاركت في التفاعل الكيميائي. ولكن في النهاية فان الجدار تطور بعملية "سيطرة عضوية" 'organic take-over' الى غشاء خلوي متكون من جزيئات عضوية.
ان ترسب كبريتيد الحديد باعتباره قالباً template والمتكون من بلورات صغيرة تتكون كل بلورة من حوالي مئة ذرة استطاع ان يربط كيميائياً –ويجمع تتابعاً من- المكونات الجزيئية لل RNA وهي سلسلة جزيئية شديدة الشبه بال DNA وتلعب دوراً مساعداً في التطور الجيني.
وحالما انتظمت ال RNA على كبريتيد الحديد، فان ال RNA ربما اثرت في طريقة تجمع الاحماض الامينية الى بروتينات وفي تجمع سلاسل RNA اضافية وفي تجمع ال DNA. وفي النهاية فهذه الجزيئات العضوية الكبيرة استطاعت ان تتكاثر من خلال التفاعل بين DNA و RNA والبروتينات من دون الاحتياج الى قالب كبريتيد الحديد.
مجاميع كبريتيد الحديد (والنيكل) باعتبارها محفزاً قد تكون فعّلت جزيئ الهيدروجين (وربما الميثان والذي يتكون من الكاربون والهيدروجين) والذي تكون في الاعماق في الينبوع. ان الهيدروجين جوهري جداّ لتركب الجزيئات العضوية.
الالكترونات المنتجة بصورة ثانوية (والتي تمثل الطاقة المتبددة) تم نقلها الى نوع من الحديد يعرف بالحديد المعدّى ferric iron المختلط مع مياه البحر. الحديد المعدّى تم انتاجه من الحديد ثنائي التكافؤ(الغني بالالكترونات) على سطح المحيط عن طريق ضوء الشمس (الطاقة الشمسية).
نفس هذه العملية سببت احمرار سطح المريخ عندما صدأت المعادن المتضمنة للحديد. وهذه احدى الاسباب التي تجعلنا نظن بان الحياة ربما نشأت على المريخ ايضاً.
كملخص، نرى بان الحياة كانت نتيجة تفاعل الينابيع الكبريتية الساخنة في قاع المحيط للارض الفتية.
احتوى ماء الينبوع على الهيدروجين والجزيئات العضوية المفتاحية التي نتجت في الاعماق من خلال التفاعل بين الماء والغازات المحتوية على الكاربون مثل اول اوكسيد الكاربون و المعادن الغنية بالحديد.
لكي نثبت صحة توليد الجزيئات العضوية في مثل هذه البيئة هو-ربما- الجانب الاكثر صعوبة من هذا البحث. فالبراهين العملية لتركب الجزيئات العضوية في مثل هذه الشروط الخاصة صعبة للغاية.
مياه البحر كانت حامضية نتيجة التركيز العالي لثاني اوكسيد الكاربون واحتوت الحديد المعدّى والحديد ثنائي التكافؤ، الاول من الينابيع الحارة، والاخير من اكسدة الحديد ثنائي التكافؤ بواسطة اشعة الشمس.
احد اهم الترسبات الكيميائية الذي تكون حال المزج بين مياه الينبوع ومياه البحر هو كبريتيد الحديد.
حيث مثل البؤرة المحورية لتطور الجزيئات العضوية المعقدة التي تفاعلت لتولد خلايا مستقلة الوجود وقابلة للتكاثر.
الخلية الاولى الحية ربما عملت ونمت باستخدام الكاربون من اول اوكسيد الكاربون، والميثان ا/و ثاني اوكسيد الكاربون الذائب في ماء البحر. لقد حصلت على الطاقة الكيميائية من ربط جزيئات الهيدروجين المنبعثة من الينبوع الدافئ والحديد المعدّى الذائب في ماء البحر.
المواد المغذية الاخرى مثل الفوسفات والنيتروجين بشكل الامونيا كانت ايضاً متوفرة في نفس البيئة.
التطور الجيني اخيراً مكن الحياة من الهروب من الاعتماد على الطاقة الكيميائية لقاع المحيط ولاحقاً كانت الخطوة الرئيسية هي في الاعتماد على الطاقة الشمسية في ما يسمى بعملية التركيب الضوئي.
كان سطح الارض في ذاك الزمان مختلقاً عما هو عليه الان. الغلاف الغازي والمحيطات وقيعان المحيطات كانت مختلفة كيميائياً وحيث كانت اليابسة القليلة. كل هذا تغير كيميائياً خلال الزمن خصوصاً كنتيجة لوجود الاوكسيجين في الغلاف الغازي والذي تم توليده فقط بعد ان تطورت الية التركيب الضوئي المنتجة للاوكسيجين.
ولذا فمن غير المحتمل ان تكون الحياة مستمرة بالنشوء في الينابيع على قيعان المحيطات.
اننا نستخدم معرفة بالعمليات الجيولوجية التي تؤدي الى توليد مستودعات من المعادن مثل الرصاص والحديد والزنك والذهب لكي نفهم كيف كان شكل الينابيع المعدنية الساخنة تحت المحيطات في الارض المبكرة.
لقد استخدمنا حسابات كيميائية نظرية باستخدام حزم برامجيات معقدة من تلك التي تستخدم لفهم الجريان في المستودعات النفطية وسلوك المخلفات السامة في المياه الجوفية.
وايضاً اعتمدنا على فهمنا لكيفية تطور الكائن الجرثومي microbial organisms وتفاعله مع العمليات الكيميائية الطبيعية خلال الاربع مليارت عام حيث تواجدت الحياة على الارض.
معلومات اضافية وشروحات مفصلة مع الرسوم التوضحية المحدثة باستمرار تجدونها على هذا الرابط:
The Geochemical Origins of Life by Michael J_ Russell & Allan J_ Hall
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعزائي:
المقال الذي ذكرته انفاً لايمثل سوى الملخص Abstract لهذا البحث وانا انصح بمراجعة المصدر الذي ذكرته اعلاه فهو يحوي شروحات مفصلة لكل خطوة من خطوات التطور ومدعمة بالصور ولو لم تكن الصور كبيرة الحجم لقمت بنقلها الى موقعنا كما انه بامكانكم ايضاً انزال نسخ pdf من البحث ومدعمة بالصور وبامثلة توضيحية تحدث باستمرار
ان هذا العمل المتواضع اظنه افضل ما قدمته لشبكة اللادينيين العرب كاجابة على السؤال الذي نسأله دائماً حول كيف ظهرت الحياة ويشكل نقضاً لسؤالين مهمين يطرحان في الفكر الديني
الاول حول الادعاء ان الالحاد لا يملك وعاجز تماماً عن ايجاد الجواب لاصل الحياة
والثاني الزعم بان الالحاد يظن بان الحياة نشات بالصدفة المطلقة واعتبار الامر نادر الحدوث الى درجة يصعب معها حدوثه حيث لاحظتم بان العملية لم تكن عشوائية او يحزنون بل كانت نتيجة لاسباب وظروف طبيعية.
ربما انا اهتم ببيان ذلك لاني "اينشتاني" الهوى اذ لا اميل الى حدوث شيء بلا سبب الا اذا كنا نتحدث عن الماهيات الاولية البسيطة لانها ليست بالحادثة لذا فاني ابحث دائماً عن الاسباب والاليات التي تؤدي الى نتيجة ما ولا اؤمن بالصدفة بمعناها الكلامي لا بمعناها العلمي الاصطلاحي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
عندما كنت اكتب الترجمة الخاصة بامتزاج مياه الينابيع المعدني العذب بالمياه المالحة فاني تذكرت مباشرة الاية القرانية "مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لايبغيان" وهناك ايه ثانية بنفس المعنى لم اعد اذكرها !!! ففكرت ربما سيفاجئنا زغلول الكذاب ودعاة الاعجاز القراني بان القران ذكر الطريقة التي تطورت بها الحياة في هذا الاية ويفسرون البرزخ بانه الغشاء الناتج من كبريتيد الحديد ويمثل الفاصل بين الماء العذب والماء المالح !!!!
على كل هذا غير مستبعد...اليس كذلك؟
ما رايكم ان نرسل له نسخة من البحث؟
تحياتي.
ترجمة : Enki
منتدى الملحدين
مع الملحدين و اللادينيين العرب