معراج النبي محمّد صلى الله عليه وسلم ورؤيا يوحنّا
فيكتور الكك
على ألحان التّرانيم الميلادية صحوت على الحياة! وعليها أَغْفَيْتُ، عارجاً إلى عوالم مسحورة، في كلّ ليلة من ليالي تاسوعاء ميلاد المسيح. وبينما كانت تهدهد غفوتي اليقظةُ، كانت أطياف المجوس تجدّ في إسرائها نافذة من أقطار خيالي إلى النّجم الهادي إلى الطفل العجيب. ولكم استنزلتها إلى ديارنا وقدس أقداس كنيستنا، متنوّراً سجودها للسيّد، فأحسبها تجوس بيننا، تحمل المرّ واللبان من بلاد فارس القصيّة المسحورة! ولم يكن ليوقظني، من إسرائي العارج الهابط، إلا كاهن المذبح وأبيله يجأر بالنقرة الأخيرة من الترنيمة: هلّل، هلّل، هلّلونو!
عندئذ، كنت أدرك أن: “ليس في الدّار غيره ديّار”!
ولكم هبَبْتُ، قبيل ذلك أو بعيده، من مكاني إلى “القُرّاية”، أتلو صفحات من “السنكسار” عن حياة القدّيسين الصالحين، ولم أكن تجاوزت الثامنة. ولم أكن لأتهيب مواجهة جمهور الكنيسة، فعالمي، أيامئذ، كان موزّعاً بينهم وبين عالم المعارج وبساط الهجرة إلى المجهول! وكنت في هنيهات بعض المعارج أو الهوابط أتصور، بيقين، أن الطفل يسوع، وأن عجيباً، يصغي إلى تلاوتي... ولكم ساءلته في سري: لِمَ أتَىَ المجوس إليك من دون الناس؟ ولم قدموا من بلاد فارس لا من سائر البلدان؟ ورغم الإلفة بيننا، بقي سؤالي من دون جواب، إلى أن شببتُ عن الطوق، وكانت هجرتي إلى إيران فتحاً ثقافياًّ مبيناً... وبعد سنوات من التنقيب والبحث كثيرة، صحا عقلي وإنجاب حدْسي عن غمامة اللّغز: أليس المجوس رمزاً لوحدانية عقيدة زرادشت تُنبئ بقدوم المسيح، وتقول بالرسالات القادمة ؟.
إلا أن هجرتي بالجسد والروح إلى إيران سبقتها هجرة بالروح خرجت بي من حمى الطفولة إلى معترك القدر في خضم الحياة. كان ذلك قبل أن أتعالى من حضيض الإيمان المبرمج إلى قمة التوحد بين الأديان في وجداني المطمئن القلق في آن، الناهد إلى جبل القاف، بحثاً عن العنقاء! فبعد المنزل الأول من “منازل السائرين” عبر “عالم السير والسلوك”، قادني الشوق بالحدس من عالم تاسوعاء الميلاد بالقرية إلى عوالم بيروت المدينة حيث انصرفت إلى التحصيل وارتياد مجاهل المعرفة. وخلافاً لرفاقي الذين تبعثرت نفوسهم في تكثر أشياء المدينة، صمدت في وحدانية شرنقة ذاتي وفَيْلجتها أنفذ منها إلى ما أريد من الأشياء والحاجات، فلم تبهرني أضواء المدينة، ولم يستهوني من أصواتها سوى الأصوات الخافتة الخفرة. تلك كانت، وايم الحق، أصوات أمواج اليمّ ترتفع من ميناء بيروت إلى شرفات “الأشرفية”، خلال سكون الليل وسجوه أو صدى النواقيس في غلس الدّجى، أو نداء الأذان يشق سكينة الفجر. أما في وضح النهار، ولا سيما في أيام العطل، فكانت الجذبة إلى واجهات المكتبات. وذات يوم، طرأت جذبة فريدة إلى واجهة مكتبة بجوار سينما كابيتول في ساحة رياض الصلح، اليوم. أبصرت كتاباً مسجى بنبض، تزينه منمنمة فارسية، خط تحتها وتحت “ظلال الوحي” ثلاث كلمات: رباعيات عمر الخيام!
هكذا عبرت إلى المنزل الثاني من “منازل السائرين” في هجرتي الرّوحية إلى موطن المجوس القريب البعيد. ولم يؤلمني أن أنفقت على شراء الرباعيات رصيدي الأسبوعي كاملاً، وإن يكن ذلك ألجأني للعودة إلى المدرسة مشياً على قدميّ! في الطريق، قلّبت صفحات الكتاب بين يديّ كما يقلّب الصائغ الدرّر المنثورة. وقد ارتحت إلى تحويل وديع البستاني رباعيات الخيام سباعيّات في بيان سهل رقراق، فطربت لفاتحته يعلن الرياضي الفلكي الحائر إيمانه بربّه وتوحيده إياه:
ربّ رحمــاك إن أردت الحسابا
إنما قلت ما حسبـــتُ صوابـا
أفألقـى علـى يديــك العقابـا؟
بين من صوّروا الوجود سرابـا،
أنا أجلوك فـي الكؤوس حبابـا
أنا شيخ التوحيـد بين الندامـى
لا أثنّـي إن عــدّدوا الأربابـــا!!
ورغم مضمون الربّاعيات ـ السباعيات الأخرى المشعر بحيرة الخيام وشكّه في بلوغ الحقيقة، فإنه أعادني إلى حكاية المجوس مواطني عمر الخيام وسر اهتدائهم بنجم حقيقة كبرى قصوى قائمة وراء عالمي الصغير. شاركت الخيام عطشه إلى كشف الستر عن المعمّى الأكبر، إلا أن حيرته لم تشوش إبرة بوصلتي المتجهة باستمرار نحو القطب الأعلى. وما أن عرفت أن المجوس شاركوا زرادشت نبيّ إيران العتيقة، دينه مقدّسين النور الفياض من أهورامزدا(1)، حتى أدركت بحدسي أن حقيقة الأديان واحدة وأن السابق يهيئ للاحق. فالتمعت في ذهني آية السيد في عظة الجبل: “أنا نور العالم”(2)، ورفدتها الآية القرآنية “الله نور السماوات والأرض”(3)، وكنت في تلك السنة المدرسية في صف البريفه قد شرعت بمطالعة القرآن...
يومئذ، لم أكن قد اكتشفت ابن عربي ولا حافظاً الشيرازي، لسان الغيب، الذي يقول بالفارسية:
همه كس طالب يارند جه هشيـــار وجــه مســــــت
همه جا خانه ى عشق است جه مسجد جه كنشت(4)
ما أترجمه بالعربيّة شعراً سويّاً هكذا:
كلّ إنس صابـــئ للخِـــلّ صارا، صاحياً أو ذاهلاً مثل السكارى،
كل نـــاحٍ صـــار للحبّ مـزارا: مسجد المسلم أو دير النصارى!
استمرت حكايات المجوس وعقائد الزرادشتية وأساطيرها تشغلني طوال ذلك العام، إلى جانب تأملاتي في الإنجيل والقرآن. إلا أن العام التالي 52 ـ 53 فتح لي أفقاً جديداً على الفلسفة الهندية أو، بعبارة أصح، على الديانات في الهند. وهناك كدت أضيع في متاهاتها وشعابها، في حين كانت هذه المعاناة كلها غائبة عن عقول رفاقي في المدرسة الداخلية، لا يكادون يتجاوزون في قراءاتهم كتبهم المدرسية وبعض المجلات. وجدت بعض الكتب حول ديانات الهند على رفوف مكتبة المدرسة، وكانت ما تزال جديدة لم تقلِّبْ صفحاتِها أصابعُ فضولي مثلي. فأخذت أقطع ملازمها الموصولة الصفحات بشغف وأقرأ منها أسطراً قبل أن أعود إلى الصفحة الأولى لقراءة منهجية. غير أن الكشف الروحي الذي تحصل لي منها كان أهم من كل ما قرأت، إذ تبين لي أن ثمة قوة فِيَّ وفيمن يسلكون الطريق الذي سلكت تتجاوز قوة العقل إلى اللامحدود... وأدركت بعين القلب أن تنمية تلك القوة من شأنها أن توصلني إلى وكر العنقاء! ولما كانت مطالعاتي تلك باللغة الفرنسية فقد حاولت، منذ تلك السن المبكرة، أن أجد نظيرها في العربية، يقيناً مني ـ رغم إتقاني الفرنسية كمثل لغتي الأم ـ أن الإنسان يتسامى، مفكراً أو حادساً، عبر لغته الأم التي لا تنفصم عن عقله أو قلبه.
أفضى بي ذلك التوجّه غير المألوف إلى ارتياد مضامين غير مألوفة في دراسة الشعر العربي في صف البكالوريا الأولى، خلال السنة اللاحقة. فإلى جانب طربي لترداد قصائد بشار بن برد وأبي نواس والبحتري وأبي تمام وغزلياتهم- كنت أشغف بتلك التي تناولوا فيها شؤوناً فكرية أو دينية أو روحية، على ندرتها، بخلاف رفقائي. فمن بشار كان يستوقفني، متأملاً، قوله، مفضلاً إبليس على آدم، والنار على الطين:
إبليس أفضل مــن أبيكـم آدم فتبصروا يا معشر الفجَّــارِ:
النــار عنصــره وآدم طينـة، والطين لا يسمو سمو النـار!
فكان ذلك يعيدني إلى معلوماتي البسيطة حول الزرادشتية والمشوهة أحياناً في كتابات من تناولوه وتناولوا دينه باللغة العربية.
كذلك، رغم شغفي بخمريات أبي نواس التي تستولد المعاني وتستثير المشاعر من عوالم المجاهل، فإن ما كان يستهويني في قصصه الخمري هو “قصة الأمم” ترويها ابنة الكرمة محتبية تتحلق حولها الأقوام، أو إثارته موضوع “طبائع الإنسان الأربعة” وأن الثلج مستودع الأضداد، فهو “بارد حار” في آن. وانطلاقاً من ذلك، كنت أدلف إلى تنور الحقيقة في هذا العالم وأبعد منه، وكنت أسعى إلى هتك أسرار تحملني إلى موطن العنقاء المسحور. وعلى ضوء ذلك، كنت ألجأ باستمرار إلى تأويل ما أقرأ وما أسمع، وما أزال شغفاً بالتأويل، إذ لولاه لما كان من معنى لأي نص، وبدون الأنا بين الموضوع والمحمول لا مسلك نحو الحقيقة. لذلك، لم تكن مبالغة الشعراء، أحياناً، تصدمني. فإذا قرع سمعي قول شاعر “الحكمة” خلال جيل والدي (مراد أبي نادر):
قل لوكر النسور قدست وكـرا كل يوم تهدي إلى الأفق نسرا،
عبقري الجنــاح أقــرب مــر مــا ه إلـــى السماكـين إن أراد مقــرا.
كنت أرى في قوله حافزاً لتحليق روحي في فضاء المغامرة الروحية. ألم يقل السيد: مملكتي ليست من هذا العالم؟ ألم يدعنا للعودة إلى الطفولة، أي إلى الفطرة التي لا يعقلها العقل؟
أما الشاعر الذي رفع جناحي في اتجاه العنقاء فكان المتنبي، خلافاً لما قد يتبادر إلى الذهن. بطبيعة الحال، كنت ورفقائي نطرب لمدائحه في سيف الدولة ولبلاغة أسلوبه تقرع أسماعنا كمثل قعقعة السلاح وملاحم البطولات. إلا أني يممت في دراستي له شطر كتب غير مد رسية تعرفت من خلالها إلى وجه آخر منه هو الروح الذي أدّى به إلى ادعاء النبوة. وهذا الروح النبوي تجلى في بعض قصائده حيث يقول:
يا أيهــا الملــك المصفّـى جوهــراً من ذات ذي الملكوت أسمى من سما
نــور تظــاهـر فيـــك لاهوتيـُّـه فتكاد تعلـم علم مـا لــن يعلمــا
أنـا مبصـر وأظــن أنـــي نائــم من كان يحلـم بالإلـــه فأحلمــا..
كبـر العيــان علـــيّ حتّـى إنــه صـار اليقين من العيــان توهمـا(5)
كان المتنبي معبراً لروحي القلقة المتجهة بوصلتها نحو الغيب، فلما عبرت إلى صف الفلسفة، عادت بي حيرة أبي العلاء وشكه إلى رباعيات الخيام أستذكرها من جديد. ثم شطحت بي فلسفة ابن سينا وقصيدته العينية إلى مجاهل الغيب فيما وراء الطبيعة. فاستخفتني ورقاؤه المتعززة المتمنعة إلى بسط جناحيّ فترة نحو الحقيقة الكبرى. ثم اعترتني حيرة شديدة مع الغزالي، إلى أن شفى نفسي وأبرأ سقمها خروجه منها في “المنقذ من الضلال”، “بنور قذفه الله في الصدر”، فأدركت، قبل أن أتعرف إلى حافظ الشيرازي وكأسه الجمشيدية، أن القلب منا هو مبدأ الحقيقة ومعادها، وأن فيّ انطوى العالم الأكبر! ثم كان طيراني إلى وادي الشوق مع ابن الفارض وابن عربي، فكنت أشعر أني أقترب من المحجة البيضاء، خفقة من جانحيّ بعد خفقة.
إلا أن تتويج تلك المرحلة الثانوية، مدرسياً، وأكثر من ذلك، واقعياً، تجسد في حدث آخر العام المدرسي. فقد حزت جائزة الشرف لتفوقي في دراسة معظم المواد ومسلكي الصالح، وكانت من نصيبي جائزة الفلسفة العربية من يدي رئيس مدرسة الحكمة الأب خليل أبي نادر الذي غدا، فيما بعد، رئيس أساقفة بيروت للطائفة المارونية. وأهداها من مكتبته الخوري لاون مقصود، بتاريخ الأول من حزيران/يونيو 1955م. أما الحدث فيها فهو أنها كانت “الشاهنامه” للفردوسي، شاعر الملحمة الفارسية الأكبر!
أعادتني الشاهنامه بأساطيرها إلى عهد الطفولة وسحر المجوس، ثم ما لبثت أن حملتني على أجنحة حماستها الشعرية إلى ارتياد عالم المجهول الذي كان، باستمرار. محجة الصبوة إليه. نقلتني إلى ماضي إيران البطولي الأسطوري، لكن ذلك الماضي انطوى في ثناياه على رسالة حكيم إيران العتيقة أي زرادشت. استهوتني رسالته وناره المقدسة التي انحدرت من السماء فأودعها مجمر معبده لتبقى مشبوبة إلى الأبد وتطرد بنورها ظلمات أهريمن الشرير.
ثبتت “الشاهنامه” مساري إلى العنقاء، فأوحت إليّ أن رؤيا المجوس واهتداءاتهم بالنجم ومعالم مسيرتي الطويلة المتماسكة العرى كانت بمثابة “منازل السائرين” ممن شغلوا بصقل مرآة القلب من علائق الدنيا، وصبروا على اجتياز الأودية السبعة، كي تتجلى فيها صورة العنقاء! كما أنها ـ بما أثارته في خيالي من شوق إلى عالم ألف ليلة وليلة، بلاد فارس السحرية ـ كانت حافزي لتسجيل نفسي في طليعة الراغبين في دراسة اللغة الفارسية، عام 1956م، ويقيني حدس مبهم بأن سبيلي إلى العنقاء بدأت معالمه تبين. ولقد برّزت في دراستها بحيث تابعت ذلك بعد تخرجي وحزت منحة إلى جامعة طهران، فكان سفري على جناحي طائر الـ“هُما” الأسطوري الذي تسمت به طائرات الأسطول الجوي الإيراني.
وأخيراً تحقق حلمي فوق أرض الواقع. لكنه واقع من نوع خاص، لا حدود فيه بين الحقيقة والخيال، يتقلب بين الظاهر والباطن بيسر. في ديار المجوس هناك، تماهى في وجداني تراثي المسيحي وتراث الإسلام في تجل جديد نوراني احتمله قبس من نار زرادشت إلى أنوار السهروردي الشعشعانية، وشعلة اللمع عند سنائي، وحديث الطيور في مسيرة العطار، وصولاً إلى لهيب مولانا بوجده المشبوب أبداً، واستغراق حافظ الشيرازي في كأس جمشيد، واطمئنان عبد الرحمن الجامي إلى رضاء الخالق اللامحدود...
في ذلك الجو الروحاني العابق بمر المجوس وبخورهم استقطب كياني من جديد ـ في مدار الأفلاك التي اجتزتها ـ رؤيا يوحنا ومعراج محمد، وكانا شغلا عقلي وقلبي خلال دراستي الجامعية الأولى في لبنان، فعدت إليهما من جديد، مستعيناً بالأنوار الشعشعانية التي لم تستطع منائر النفط الإيراني حجبها عني. فبين تواتر الفناء والبقاء، والمحو والصحو، والاحتراق بالشوق، والانخطاف بالقرب، غدت معارفي السابقة هزيلة، إلا أنها تحولت تجارب روحانية نابضة، وأحوالاً صوفية مكوكبة، وأدركت معنى الحديث المكرر على لسان أهل الصفة: حسنات الأبرار سيئات المقربين(6)!
فتح لي هذا الكشف الجديد معمّى رؤيا يوحنا، فأدركت معنى المعارج والمهابط لديه، يتنوّر عبرها أرواح الماضين من قديسي الأرض وأرواح العلويين من الملائكة عارجة هابطة بين الأرض والسماء، ولا غرو، فالطهارة المثلى تسقط الحدود، كما القرب من عنقاء الحقيقة القصوى تسقط الحجب(7)!
من ذلك المقام الروحاني، تمثل لي، حدساً، حضور الغابرين المختارين وأعصرهم الماضية، والتمع في ذهني قول المتنبي العجيب، وإن على صعيد آخر:
ولقيت كلّ الفاضلين كأنما رد الإله نفوسهم والأعصرا(8)
هذه الرؤيا اليوحناوية، وجدت رجع صداها وتصوراً شبيهاً بها في التماعات حافظ الشيرازي الغيبية والمقتضبة كالعادة، في غزليته الصوفية الشهيرة ذات المطلع الآتي:
دوش ديدم كه ملايك در ميخانه زدند... كل آدم بسرشتند وبه بيمانه زدند(9)
وقد ترجمتُ أبياتها شعراً عربياً سوياً بما يلي:
ملائكُ حلَّت ليلَ أمسٍ بحاننا جَبلنَ عجين الآدميّ بجَامنا
هجرن سماوات، عفاف تخلّق وكدَّيْنَ مثلي يحتسين شرابنا
وناءت بحِمْلٍ مِ الأمانةِ قبة، فكان نصيبي واصطفيت لدارنا،
غدوت، أنا المجنون، قرعة فألهم، يريني حباب الراح سراًّ بدا لنا
ألا فاعذر القوم الذين تفرّقوا: أنافوا على السبعين ثنتين بالقنا،
أقاموا حروباً بينهم لعقيـدة وضلوا طريق الحقّ سراً ومعلنا...
فشكراً لربي وطَّد الصلح بيننا، فبالرقص والطاسات قامت لحالنا
جماعة صوف في دُويرات غربة تنادت لشكر بالكؤوس وبَالْغِنَا!
هي النار ليست ما يضاحك شمعنا: بيادرنا التاعت فراشاً بنارنا!
ويا حافظاً، مَن مثلُ شخصِك رافعٌ نقابَ محيَّا الفكرِ يَطرق بابنا؟
فشِعرك أقلام تمشط عقرباً من القول يغدو طيعاً لبياننا...(10)
ذلك الكشف المبين النابع من تراث ابن عربي وابن الفارض وذي النون المصري، والغائرة جذوره في “حديقة الحقيقة” لسنائي، وبستان رابعة المزهر حباًّ، وفضاء الجنيد البغدادي... تمثل تفاصيل مذهلة ودقائق شتى في آثار العطار ومولانا الرومي وسعدي وحافظ وسواهم. وبمجمل هذا التراث الغني المغرق في آرِيَّتِهِ التفصيلية فهمت رموز معراج محمد الذي أُريَ من آيات ربه ما لم تره عين، وسمع من خلالها ما لم تسمع به أذن، وأدرك ما لم يخطر ببال بشر! المعراج كان هجرة رمزية قابلت هجرة الرسول الواقعية من مكة إلى المدينة وهجرة المؤمنين برسالته من مهد الإسلام المهدد يومئذ إلى حمى المسيحيين في الحبشة يستظهرون بهم. ولئن كانت هذه الوشيجة درساً بليغاً لنا في أيامنا هذه التي لم ندرك خلالها مغزاها، رغم انقضاء أربعة عشر قرناً- فإننا لم ندرك باطن الأمر في معنى الإسراء المحمدي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى!
)سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير((11). والرؤية هنا في قولٍ هي محمولة على رؤية الفؤاد، كما فُصِّل في حديث مسلم عن أبي ذر الغفاري. ورؤية الفؤاد أليست هي رؤيا؟ ألم يردد الذاهل عن ذاته:
رأيت ربي بعين قلبي فقال: مَن أنت؟ قلت: أنت!(12)
ومن الآيات التي “رآها” لقاؤه الروحي بالأنبياء في ديار المسجد الأقصى، وجميع ذلك رؤية بالفؤاد. يؤكد ذلك الإسراء أي السير في الظلام والانتقال خارج مسرح النور، فتحول الرؤية عندئذ رؤيا، كما يؤكده التأكيد بالظرف للفعل من غير ما ضرورة إلا ضرورة المعنى (أسرى ـ ليلاً).
وكما أن الملاك جبريل عرج بالرسول من سماء إلى أخرى حتى السابعة، والتقى الأنبياء، وآخرهم في السابعة إبراهيم أبو الأنبياء، قبل أن ينتهي به المطاف إلى سدرة المنتهى التي لا يمكن للملائكة أن يتجاوزوها ـ هكذا، “أرسل يسوع المسيح ملاكه بهبة من الله ليكشف لعباده ما لا بد من حدوثه عاجلاً... ليخبر به عبده يوحنا، فشهد بكلمة الله وشهادة يسوع المسيح في كل ما رآه” وهكذا اختطفه الروح في يوم الرب وسمع خلفه صوتاً قوياً كصوت البوق يقول...”(13). ثم تتوالى مشاهد رؤيا يوحنا فيرى عجائب كلها سبع في سبع ـ وهو الرقم المقدس في تراث الساميين وسواهم ـ وهي تطابق عدد الكنائس السبع التي خاطبها القديس يوحنا مقوياً عزمها وصمودها بما رآه من آيات الله، كما من بعده النبي محمد... والذي يسترعي الانتباه في هذه الرؤيا أنها سلسلة من الرؤى تتدرج في مشاهدها كتدرج “منازل السائرين” وتواتر “أودية السلوك السبعة” و”المقامات السبعة” و”الأحوال السبع”. وأهم من ذلك أنه رأى شؤوناً مضت وشؤوناً قائمة وشؤوناً ستحدث، وهكذا ذاب الماضي والحاضر والمستقبل في اللازمان كما أن الرؤى توالدت في أمكنة مختلفة متكثرة استُحْضِرَتْ ليوحنا في مكان واحد أمام عيني قلبه. فخرج بذلك من قيدي الزمان والمكان. والدليل أن الملاك الذي حمل يوحنا من بين الملائكة السبعة حمله “بالروح إلى جبل عظيم شاهق” وأراه أورشليم الجديدة “نازلة من السماء من عند الله”. كذلك يؤكد أن هيكلهم ليس مادياً فيقول: “وما رأيت هيكلاً في المدينة، لأن الرب الإله القدير والحمل هما هيكلها”(14).
إن حالتي الرؤيَيْن هما حالتان روحيتان، وكذلك الهيكل والعرش عند سدرة المنتهى. وكما الرؤيا لدى يوحنا ومحمد كذلك مرحلة الكشف وظهور العنقاء حيث تسقط الحجب فتحول المعرفة عرفاناً.
هذا المقام الأخير وهذه الحال الأخيرة في سلّم المقامات والأحوال بلغهما مولى العارفين جلال الدين البلخي الرومي، خارجاً من المكان إلى اللامكان ومن الزمان إلى اللازمان. يقول الرومي نفسه:
غربت از اغيار باشد نه ز يار بوستين بهر دى آيد نه بهار!
وترجمتها بالعربيّة: (الحياة) بين الأغيار غربة لا مع الخِلاّن، كما أنّ عباءة الصوف تناسب الشتاء لا الربيع.
فإذا عدنا إلى الرومي ألفيناه يصف تلك الحال التي تحرر فيها من جاذبية المكان وتعاقب آناء الزمان في أربعة أبيات فارسية المحتد نقلتها إلى عربية كريمة النجار هكذا:
من سدرة المنتهـى جــاوزتُ أفلاكــا قرنـــاً بقـــرن طويت الدهـر ذيّاكـا
سوط الرحيم رمانـي في ذرى فـلــك لا تجتليـــه عيـــون الإنس لولاكـا
قـد حـال ناسوتنـا لاهــوت معرفـة، بوركـت من عضــد يمنـاك مرماكــا
فالحــــال منــــّيَ أحــوال مجنَّحة لا النطــق يشرحها أو حـدس مولاكـا(17)
ترجمت هذه الحال العجيبة في لساني الخاص بأبيات من قصيدة طويلة في مولى الروم وشيخ الفرس وآي الرحمن القطب ـ حين قلت:
عرفان اللـه بـك انكشفـا ونقاب الحضرة قد نقبـا
وبيــان الله بك "مثنـى" يتنزَّل شعـراً مـا عَرُبــا:
"قرآن الفرس" و"أحمده" نور لضياء ما اجتُلـبـــا(18)
إن البيان، بطبيعة الحال لعاجز عن وصف هذه الحال، لذلك قال الرومي فيها ينظر: إنها تفوق مضمون الكلام، فهي وراءه، وليس في مقدور القول وصف ما يعتمل فيها:
حال من اكنون برون ازكفتن است آنجه مى كويم نه أحوال من است!(19)
أي بالعربيّة:
حالتي الآن غدت فوق الكلام ترجمان الحال خبط في الظلام
فالفكر الصالح والقول الصالح والعمل الصالح تحول بالمجاهدة وصقل مرآة القلب انعكاساً في المرآة للسرّ الأعظم. تلك هي مسيرة الإنسان الكامل أو الساعي باستمرار إلى الكمال، بنعمة ربه، لا يؤتاها إلا من سعى إليها، إذ طريق الكمال ذات اتجاهين: صعود وهبوط، معراج وتنزيل.
إن الذي أوتي النفاذ إلى أقطار الأرض والسماوات ـ بسلطان ـ إلى ما وراء سدرة المنتهى، متجاوزاً الحدود المرسومة للملائكة، يعاين ويسمع ويتنزل في فؤاده ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر ببال بشر! هي الحواس الباطنة تستبدل بالحواس الظاهرة، فينفذ صاحبها من حيّز المكان ويخرج من دورة الزمان. ألم يقل نبي الإسلام: "زُويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها"؟ وقد صاغ هذه المفاهيم العقلانية وما بعد العقلانية المتجلية في الفؤاد جلال الدين بإيضاح، خلاصته بالعربية:
"إذا رُفع القيد عن إحدى الحواس تبدلت وظائف الحواس الأخرى مجتمعة. فعندما تجوز الأذن حد النفاذ تصبح عيناً. ما أكثر الكلام الذي أُلقي في قلب موسى فأدى إلى اختلاط الرؤية بالكلام!"(20). فالحال الناشئة عن الحواس الباطنة لا تتقيد بمعطيي الزمان والمكان.
قال ابن الفارض:
تحقّقتُ أنـــّا في الحقيقة واحـــد وأثبت صحو الجمع محو التشتتِ،
فكلي لسـان ناظـر، مسمــع، يـد لنطـق، وإدراك، وسمـع، وبطشـةِ،
فعينيَ نـاجت، واللسـان مشاهــد، وينطق مني السمع، واليد أصغــتِ(21)
إن حالة “الخلط ما بين الرؤية والكلام” و”اختراق ما بين الأزل إلى الأبد” هي حال تتجاوز أحوال الحياة المحسوسة والمادية، أي أنها حال ما وراء الأحوال، يمكن تسميتها بلغة الفلسفة “التجرد” وبلغة العرفان “الاستغراق” وما أشبه.
عند هذا الحد أتساءل: هل الإنسان حواس وإدراك حسي وعقل مجرد وحسب؟ أليس للقلب، كما يقول العارفون وأصحاب القلوب، أو لقوة وطاقة أخرى في الإنسان دور في مساعدته على تجاوز وتيرة حياته العادية إلى أحوال لا يجد لها تفسيراً أحياناً بالمنطق المعهود؟
أليس يقوم فينا ـ في مقابل العقل المادي الذي يحاول اختراق مدارات الكواكب بمركباته الفضائية التي ينبغي لها آلاف السنين الضوئية لتبلغ بعض تلك الكواكب ـ مَدٌّ روحاني لا تقيده الحواس ولا المادة، ولا يصدمه مكان، ولا يحده زمان؟ ألسنا نشعر بذلك في أعماقنا، فتحضرنا أحوال غريبة أو نستحضرها أحياناً؟
قال صاحب الفتوحات المكية:
خُصِصْتُ بعلم لم يُخَصَّ بمثله سواي من الرحمن والعرش والكرسي!
وفي الحديث النبوي:56
“إن لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء، لقربهم ومكانهم من الله”(22).
إن هذا القرب من الله لا يتحقق إلا بالإيمان الراسخ، فهو، وحده، يتحدّى سنّة الأشياء وسلسلة الأسباب والنتائج. أليس هذا معنى قول السيد المسيح في إنجيل متى: “لو كان لكم من الإيمان قدر حبة الخردل لقلتم لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هنالك، فينتقل ولما استحال عليكم شيء”(23).
وهذا الإيمان الراسخ الذي يتجاوز الإقرار بالكلام هو أعلى درجات القدرة، والفرق عظيم بين التصديق والإيمان كما جاء في القرآن الكريم: )قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم( (24).
فإذا عدنا إلى الإنسان في بناء كيانه العادي أفادنا العلم أنه لم يطور، بعد، جميع قدراته، ولا هو توصل إلى استعمالها كلها، فهو لا يستخدم سوى قسم من خلايا دماغه، وهو نذر يسير. فكيف نتصور وضعه، بعد تطور طاقاته؟ أليس يمكن أن يغدو، يوماً، قادراً على ما لا يستطيع إليه سبيلاً الآن؟ أليست البشرية تستطيع، اليوم، ما لم تستطعه في الماضي، عبر دهور مديدة؟
لو بعث فينا من الماضي من يعاين، في أيامنا، ما صار، بالنسبة إلى حياتنا اليومية، عادياً مبتذلاً، مثل الهاتف والناسوخ والهاتف الخلوي والبريد الالكتروني وعجائب الحاسوب ـ الكومبيوتر والسيارات والطائرات وأجهزة التحكم من بعيد والمركبات الفضائية وسائر مبتكرات الإنسان... ـ لاعتبر كل هذا من المعجزات!
فلم لا نتبين في قدرات أشخاص تفوّقوا روحياً ـ بتحررهم من معظم ما هو مادّيّ، اصطلاحاً، أي من علائق الحياة التي تعطل الذهن وطيران الروح وتصفية النفس، قبل ذلك، بالرياضات الروحية المستمرة وتحويل أعمالهم اليومية إلى أعمال منفوحة بروح العبادة والنزعة الإنسانية ـ وصفت نفوسهم حتى شفَّت عما لا يستطيع معاينته إلا أصحاب القلوب أو أهل القلوب ـ إمكانات وكشوفاً روحية لا تتيسّر لسواهم من الملايين الذين تسيّرهم معيشتهم اليومية غير متشوفين إلى أبعد من ذلك؟
لقد عاد السيد المسيح في تعاليمه مراراً وتكراراً إلى التشديد على ضرورة التحلي بصفات الطفولة في الإنسان، ومعنى ذلك العودة إلى الصفاء الأول في الإنسان قبل أن تستغرقه الحياة الدنيا. فعندما سأله تلاميذه: “من الأعظم في ملكوت السماوات؟”،
“فدعا يسوع صبياً، وأقامه في وسطهم، وقال: الحق أقول لكم: لن تدخلوا ملكوت السماوات ما لم تعودوا وتصيروا كالصبية...
“خير لمن أزَلَّ أحدَ هؤلاء الصغار، المؤمنين بي، أن يطوَّق عنقه برحى حمار، ويزجّ به في لجّ البحر.
“إن تُزلّك يدك أو رجلك، فاقطعها، واقذف بها عنك! لَدخولك الحياة، وأنت أقطع أو أعرج، خير لك من أن تُلقى في النار الأبدية ولك يداك أو رجلان”(25).
إنّ السيد المسيح في هذه الآيات وفي سواها يشدد على ضرورة عودة الإنسان الذي أزلّته الحياة، أي أسقطته في الزلاّت، إلى صفاء الطفولة وطهارتها، قلباً نقياً، كي تنعكس فيه، بعد صقله، الأنوار الشعشعانية، كما يقول الرومي والعطار وابن عربي وسواهم من بعده. وقد استلهم هؤلاء وسواهم من العارفين الكبار تعاليم التوراة والإنجيل والقرآن ولم يفرّقوا بين الأديان، قال ابن عربي:
وقد صار قلبي قابلاً كل صـــورةٍ فمرعىً لغزلانٍ وديراً لرهبـــانِ
ومسجدَ أوثـانٍ وكعبـــة طائــفٍ وألواحَ توراةٍ ومصحــفَ قـرآنِ
أدين بدينِ الحـبّ أنّــى توجهــت ركائبُه فالحب ديني وإيماني(26)
ثم جاء سعدي الشيرازي وحافظ الشيرازي وروزبهان بقلي الشيرازي وقافلة من العارفين، فأعلوا من شأن المسيح واقتبسوا من أنواره كما من شأن نبيهم وفيوضه، وهكذا فعل من سبقهم في تاريخ الأدب الفارسي. قال حافظ الشيرازي:
همه جا خانهء عشق است جه مسجدجه كنشت(27)
أي بشعر عربيّ من ترجمتي:
كلّ ناحٍ صار للحبِّ مزارا مسجد المسلم أو دير النصارى(28)
وما أكثر ما استلهم سواه المسيح وأنفاسه المحيية سيراً على سنّة سعدي وحافظ. قال الشيخ سعدي في حبيبة خاطبها بصيغة المذكر لأنه كان يصف قدّها الفارع ما ترجمته بالعربية:
قَدُّ سَروٍ وجهــة َالــروضِ جرى خَطوهُ محضُ انسيابٍ، ما جرى!
مــسَّ سطــحَ الأرضِ رفقاً خالهُ ميـــِّـت القبرِ مسيحاً فجـــرى!
هذه الحياة الروحية بمعانيها الإنسانية غير المنسلخة عن معاناة الناس بل المشاركة فيها بقوة هي التي جذبتني إلى بلاد ألف ليلة وليلة، إلى أدب الفارسية الذي يعلي شأن الإنسان ويجعل منه محور الكون، بعد محطات من السير والسلوك كانت بالنسبة إليّ لو أخذت بظاهرها لا بباطنها لحسبتها من صنع القدر، منذ طفولتي، مروراً بصباي وشبابي، عبوراً ـ بعد الزاد الكبير ـ إلى الكهولة والشيخوخة وهي التي عرجت بي على جناحي يوحّنا ومحمّد إلى وكر العنقاء في جبل القاف حيث تلألأت في مرآته اللامتناهية خيالات صورة العنقاء!
(1) خداشناسي زرتشتي، نوشته ى مانك جى نوشيروان جى دهالا، مؤسسة انتشاراتى فرهنكى فروهر، تهران، 1377ه.ش، ص 16 ـ 17.
(2) إنجيل يوحنا، 8/12.
(3) القرآن، سورة النور، 24/34.
(4) ديوان حافظ الشيرازي، نشرروزكار، تهران، ،1381 ص ،166 غزل 80 (سابقه لطف ازل).
(*) الخِلّ أو الخليل هو، في نظري، المعادل الأقرب إلى مفهوم كلمة “يار” الفارسية التي تعني أموراً كثيرة بينها الخلّ والحبيب والمشارك في الإدراك الحدْسي. وهو، مثلاً، في مفهوم جلال الدين الرومي، نقيض “الغير” الغريب عن عالمك الروحاني في قوله: “غربت از اغيار باشد نه زيار”؛ وكذلك في مفهوم حافظ الشيرازي الذي كنى بلفظ “يار” عن الحلاّج الذي كان جرمه أن باح بالسرّ المكنون للحقيقة القصوى.
(5) ديوان المتنبي، ضبطه وعلّق حواشيه المعلّم بطرس البستاني، بيروت، 1860م1276هـ، ص 7 ـ 8.
(6) مجاميع الصوفية.
(7) مجاميع الأحاديث.
(8) ديوان المتنبي، ص 350.
(9) ديوان حافظ شيرازي، باهتمام محمد قزويني وقاسم غني، كتابخانه زوار، تهران، د.ت. ص ،124 غزل 184.
(10) فكتور الكك، مختارات من الشعر الفارسي، منقولة إلى العربية، ملتقى سعدي الشيرازي، طهران، 2000م، ص 110 ـ 111.
(11) سورة الإسراء، 17/1.
(12) أبو سعيد بن أبي الخير، مؤتمر طهران، 2002.
(13) رؤيا يوحنا، 11 ـ ،3 الكتاب المقدس، دار الكتاب المقدّس في الشرق الأوسط، ط،1 بيروت، ،1993 ص 384 ـ 385.
(14) رؤيا يوحنا، 1/10 ـ 22 متفرقاً.
(15) قرآن، سورة البقرة، 2/34.
(16) قرآن، سورة النساء، 4/171.
(17) مثنوي معنوي، دفتر دوم.
(18) فكتور الكك، “جذبة مولانا”، فصلية “الدراسات الأدبية”، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 2003م، ص 218. “مثنى” إشارة إلى المثنوي، منظومته العرفانية الرائعة التي عرفت بقرآن الفُرس أو العجم. فهذا المستوحى من القرآن بمنزلة نور القمر من ضياء الشمس، في نظرنا.
(19) مثنوي.
(20) شرح مثنوي، از دكتر سيّد جعفر شهيدي، ج،6 ص 614.
(21) ديوان ابن الفارض.
المصادر:
(22) ثلاثة مصنفات للحكيم الترمذي، منشورات فرانتس شتاينر، شتوتكارت، ،1992 ص 28 و 84.
(23) إنجيل متى، طبعة جامعة الروج القدس، ص 87.
(24)الحجرات 14/49)
(25) متى 17/،18 1 ـ 8 .
(26) ترجمان الأشواق، قافية ن.
(27) ديوان حافظ.
(28) مختارات من الشعر الفارسيّ، فكتور الكك. الكويت، مؤسسة البابطين، 2001 .
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
/
معراج النبي محمّد صلى الله عليه وسلم ورؤيا يوحنّا
